وثائق بريطانية تكشف سعي رفعت الأسد للإطاحة بشقيقه حافظ.. من دعمه من العرب؟
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
عرضت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" تفاصيل وثائق للخارجية البريطانية، بشأن محاولات رفعت الأسد ، للإطاحة بشقيقه الراحل الرئيس السوري حافظ الأسد عام 1986.
ورفضت لندن حينئذ طلب رفعت الإقامة في المملكة المتحدة، أو التدخل لدى دولة أخرى لمنحه جنسيتها والعيش فيها بشكل دائم، وفقا للوثائق.
وبحسب الوثائق، فإن محاولات رفعت للحصول على دعم بريطاني، ضمن سعيه للإطاحة بأخيه، بدأت منتصف عام 1986، بعد عامين من اختياره العيش
وتكشف الوثائق أن محاولات رفعت للتواصل مع بريطانيا بشأن سعيه لإسقاط نظام دمشق بدأ في منتصف عام 1986، أي بعد عامين من اختيار رفعت، شقيق حافظ الأصغر، وعم الرئيس الحالي بشار الأسد، العيش في المنفى بعد فشل محاولته الانقلاب عسكريا على النظام.
في هذا الوقت كانت العلاقات بين لندن ودمشق تمر بمرحلة وصفها البريطانيون بأنها حساسة. ووضعت الحكومة البريطانية "نظاما صارما يصعِّب إجراءات منح السوريين تأشيرات دخول" إلى بريطانيا.
غير أنه في شهر يوليو/تموز عام 1986، فوجئت الخارجية البريطانية بأن رفعت وصل إلى لندن بجواز سفر مغربي، حسبما تكشف الوثائق.
وجاء في وثائق الخارجية أن باتريك نيكسون، رئيس إدارة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، علم بوجود رفعت في لندن بعد أن اتصل به عضو مجلس العموم جوليان إيميري ليتشاور معه بشأن طلب شقيق الرئيس السوري لقاءه. وأبلغ نيكسون البرلماني البريطاني طلب وزير الخارجية "بأن ينقل إلى رفعت قلق بريطانيا من الطريقة التي جاء بها إلى لندن".
وكان رفعت لا يزال، رسميا، نائبا لرئيس الجمهورية لشؤون الأمن القومي وعضو القيادة القطرية لحزب البعث وقائد سرايا الدفاع.
وبناء على ما سبق، نصح النائب بأن "نطلب منه أن يعود في زيارة قصيرة. وطالما أنه لا يزال نائبا للرئيس، فإن هذا يمكن أن يحدث دون إحراج لعلاقاتنا مع دمشق. ولو كان قد جُرد من وظيفته، لكان طلبنا منه زيارة لندن أكثر إحراجا".
لم يكتف النائب البريطاني بهذا. فقد اتصل، كما جاء في تقريره، بالشيخ عبد العزيز التويجري، مستشار الأمير عبد الله، الذي "كان رد فعله الفوري عما قاله رفعت هو أن الرئيس حافظ ونائب الرئيس رفعت اتفقا فيما بينهما على اتخاذ مواقف تبدو ظاهريا متعارضة، ولكنهما في الواقع متحدان بشكل وثيق".
غير أن وزير الخارجية رد بأنه "سيكون من غير الملائم أن نقبل اقتراح إيميري بأن ندعو رفعت إلى العودة إلى لندن للقاء الوزراء، خاصة عندما تكون علاقاتنا مع سوريا في مرحلة تتسم بحساسية خاصة"، ومثل هذه الزيارة "سوف يساء فهمها في دمشق".
وأضاف "لا أستبعد رفعت كخليفة محتمل لشقيقه" و"وزارة الخارجية السورية أوضحت لنا أيضا أن الحكومة السورية لا تقبل أي مسؤولية عن أفعاله".
وفي لقاء مع إيوان فرجسون، وكيل وزارة الخارجية البريطانية الدائم، كشف السفير المغربي حينذاك مهدي بن عبد الجليل عن أن الجواز أعطي لرفعت "لكونه مصدرا مفيدا بشكل خاص للاستخبارات بشأن ما يحدث داخل سوريا".
كما أبلغ السفير البريطانيين بأن "مسؤولا مغربيا استخباراتيا كبيرا زار لندن للاجتماع مع الأسد خلال زيارته الخاصة الأخيرة إلى بريطانيا".
وقال إن المغاربة يرونه "رئيسا بديلا محتملا لسوريا"، وإن "اثنين من أبنائه مستشاران للملك الحسن، ما يؤكد أهمية العلاقة" معه، وبعد شهرين تقريبا، دعا رفعت إيميري لزيارته في مدينة ماربيلا الساحلية، جنوبي إسبانيا.
وفي تقرير للخارجية البريطانية، لخص النائب ما قاله رفعت بالقول، إن خلافه من النظام خلاف حقيقي فعلا، ومقتنع بأن حافظ الأسد لا يريد سلامتي في حال عدت إلى سوريا.
وقال إنه حريص أن يرى بريطانيا، مشاركة بشكل أكبر وأكثر تأثيرا في الشرق الأوسط، لأن البريطانيين، أنجزوا عملا عظيما بتحقيق استقلال سوريا، عن فرنسا، وهذا شيء لا يمكن أن ينساه أي سوري وطني أبدا.
وكشف أن السوفييت يسيطرون بشكل تام تقريبا على الاقتصاد السوري، والقوات المسلحة السوري، والسيطرة تتم عبر مستشارين ماليين وتقنيين عسكريين واستخباراتيين، والقليل للغاية يمكن فعله بدون تعاونهم.
ولفت إلى أن أسباب قطيعته مع النظام البعثي تعود إلى أن مبادئ الوحدة العربية والاشتراكية والحرية، أثبتت التجربة أنها تتعارض مع بعضها، خاصة أن العالم العربي، مؤلف من أنظمة راديكالية ومحافظة.
وأشار إلى أن الشيوعيين والسوفييت شنوا حملة عليه، وواصلوها لكي يجعلوا موقفه صعبا، ثم أكد رفعت أنه "بدون دعم السعوديين، لا يمكن أن يبقى النظام السوري على قيد الحياة".
كما قال إن وليا العهد الأردني، الأمير الحسن، والسعودي الأمير عبد الله يعتبرانني خليفة محتملا لرئاسة سوريا.
ورفضت بريطانيا، التعامل مع رفعت خوفا من تأثر العلاقة مع النظام السوري في حينه، ونقل إيميري عنه أنه مصمم على تحرير بلاده من الهيمنة السوفيتية الحالية، وهو ما يعني الإطاحة بحافظ.
ووفقا للوثائق، عبر رفعت عن "أمله واعتقاده بأنه يمكنه الاعتماد على الدعم السعودي، وخاصة من الأمير عبد الله"، وتوقع أن "الدعم المعنوي الغربي سيصنع بالطبع كل الفرق".
واستبعد رفعت طلب مساعدة الأمريكيين، حسب إيميري، وقال إنه "كان حذرا بشأن التوجه نحو الولايات المتحدة"، وهو "لم يكن لديه أبدا الكثير من الثقة في تفكيرهم، وقال إن "الأحداث الأخيرة بشأن مفاوضاتهم مع إيران توحي بتأكيد وجهة النظر هذه".
وهنا تحدث رفعت عن "ترحيب بصلة غير رسمية مع بريطانيا" و "إمكانية القدوم إليها والحصول على إقامة فيها".
فأبلغه إيميري بأن "حجم استثماراته في بريطانيا سوف تؤهل حالته بالتأكيد لأن تدرس بعناية بالغة".
غير أنه نبهه إلى العواقب السياسية المحتملة ورد فعل الحكومة والرأي العام في سوريا على مثل هذا التحرك إن تم، خاصة في ظل قطع العلاقات البريطانية السورية.
فرد رفعت قائلا إن الحكومة السورية "سوف ترى بالطبع مثل هذه الخطوة عدائية للغاية". وأضاف أنه "ليس متأكدا من كيفية تفسير الجمهور في سوريا لها، وأنه لا يزال يدرس الأمر".
وتستعرض الوثائق نقاشا دار داخل الخارجية البريطانية، وآخر داخل الاستخبارات، حول ما هو موقع رفعت عندما يموت الأسد؟، وهل يجب علينا أن نشجع رفعت؟".
وبعد نقاش شارك فيه تيم رينتون، السكرتير الشخصي لوزير الخارجية، اتفق على أن رفعت يشارك في التخطيط مع أصدقاء لإعادة بناء فرصه في خلافة الأسد في الرئاسة.
وقال المشاركون في النقاش: "لكننا نقدر أنه من غير المرجح أن تكون له فرصة كبيرة، بينما يقيم في أوروبا، لبناء التحالفات الضرورية التي يمكن أن تجعله خليفة مقبولا للرئيس الأسد".
وقالت لجنة الاستخبارات المشتركة التي خلصت في تشرين أول/أكتوبر 1986، إلى أنه في حالة وفاة الأسد مبكرا، يبدو أن رفعت ستكون لديه فرصة ضئيلة لتولي السلطة. غير أنه إذا عاش الأسد فترة أطول، وأعاده إلى سوريا، كما تتوقع الشائعات في دمشق دائما، فإنه سوف يعتبر عندئذ منافسا.
وأشاروا إلى أنه ستكون هناك ضرورة لبذل جهد كبير لإعادة تأهيله، فرفعت لديه الكثير من الأعداء الأقوياء داخل القيادة العلوية وخارجها، ورغم انفتاحه النسبي الواضح على الغرب، فهو يُعتبر من جانب الكثيرين في سوريا جزارا شاذ الطباع مفرطا في القتل، ويمكن أن تقرِّب عودتُه سوريا من الحرب الأهلية.
وقالت اللجنة إن هناك حسابات في إسرائيل، بشأن رفعت، ويحتمل أن يكون أكثر خطورة على سوريا، من شقيقه البراغماتي الأكثر قدرة على حساب الحسابات، فضلا عن علامات استفهما بشأن تقلباته المزاجية، والترف والملذات وغرابة الأطوار التي يمكن أن يعاني منها.
وانتهى النقاش البريطاني الداخلي إلى أنه "بينما ينبغي علينا، بالتأكيد، ألا نكون أفظاظا تجاه رفعت، فإن علينا توخي الحذر من أن نرعى رسميا حكومة في المنفى.
وبناء على نقاش اللجنة، قررت الخارجية البريطانية، رفض إقامة رفعت في بريطانيا، لأن مشكلات جدية يمكن أن تحدث للجميع. كما رفضت بريطانيا، مساعدته في السعي للحصول على جنسية دولة أنتيغوا شرقي البحر الكاريبي، التي كانت توصف بأنها ممر بريطانيا إلى الكاريبي.
في الوقت نفسه، نأت بريطانيا بنفسها عن خطة رفعت البديلة الساعية إلى الحصول على جنسية دولة أنتيغوا، الواقعة في منطقة شرقي البحر الكاريبي، التي كانت توصف بأنها "ممر بريطانيا إلى الكاريبي".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات رفعت الأسد بريطانيا سوريا سوريا بريطانيا رفعت الأسد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الخارجیة البریطانیة یمکن أن وقال إن غیر أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
أنس خطاب.. من ظل الاستخبارات إلى واجهة داخلية سوريا (بروفايل)
وسط مشهد سياسي وأمني مضطرب، برز أنس خطاب بين الشخصيات المؤثرة في الحكومة السورية الجديدة، بعد أن تدرّج في العمل العسكري والاستخباراتي ليصل إلى منصب وزير الداخلية في التشكيلة المعلنة السبت.
رجل عُرف بعمله في الظلّ خلال سنوات الثورة على نظام بشار الأسد، لكنه اليوم في الواجهة، ليقود واحدة من أكثر الوزارات حساسية في سوريا ما بعد النظام البائد.
من مسؤول استخباراتي في هيئة تحرير الشام إلى رأس المؤسسة الأمنية للدولة الجديدة، يواجه خطاب تحديات كبرى، تتراوح بين إعادة بناء الأجهزة الأمنية، وفرض النظام والقانون، والتعامل مع فلول النظام السابق.
وبينما يتطلع السوريون إلى عهد جديد يقطع إرث القمع والبطش، يتعيّن على خطاب أن يثبت أن وزارة الداخلية يمكن أن تتحول من أداة ترهيب إلى ركيزة للأمن والعدالة.
وشهدت سوريا، مساء السبت، تشكيل أول حكومة رسمية في البلاد بعد الاعلان الدستوري الجديد والإطاحة بنظام بشار الأسد، حيث اختير أنس خطاب لمنصب وزير الداخلية بعد أن كان يشغل منصب رئيس الاستخبارات في الحكومة الانتقالية التي تشكلت أواخر 2024، عقب الإطاحة بنظام الأسد.
وجرى الاعلان عن التشكيلة ضمن مراسم رسمية جرت في قصر الشعب بدمشق، بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع، وفق مراسل الأناضول.
وضمت الحكومة 23 وزيرا، بينهم سيدة واحدة و5 منهم من الحكومة الانتقالية التي تشكلت في العاشر من ديسمبر/ كانون أول الماضي لتسيير أمور البلاد.
مناصب قيادية
وُلد خطاب في مدينة جيرود بريف دمشق جنوبي البلاد عام 1987، وشغل منصب نائب القائد العام، ثم عضو مجلس الشورى ومسؤول الجهاز الأمني في هيئة تحرير الشام.
التحق خطاب بجامعة دمشق لدراسة هندسة العمارة، لكنه لم يكمل تعليمه إثر مغادرته إلى العراق في 2008.
عاد إلى سوريا للمشاركة مع الفصائل السورية المسلحة بعد اندلاع الثورة في آذار 2011، وقمع نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد ضد المتظاهرين في عدة محافظات بالبلاد.
وأسّس خطاب جهاز استخبارات "هيئة تحرير الشام"، وجهاز الأمن العام التابع للهيئة في محافظة إدلب شمالي البلاد وأداره، وهو جهاز توسع نفوذه ليشمل أغلب المحافظات الخاضعة لسيطرة "هيئة تحرير الشام".
وبعد سقوط نظام الأسد أعلنت القيادة العامة في حكومة تصريف الأعمال السورية تعيين خطاب يوم 26 كانون الأول/ديسمبر 2024 رئيسا لجهاز الاستخبارات العامة بالبلاد.
تحديات صعبة
وتواجه وزارة الداخلية بقيادة خطاب مهمات صعبة، أبرزها إعادة تأهيل المؤسسة الأمنية التي كانت خاضعة لفكر نظام البعث البائد، وتمّ حلّها بشكل كامل بعد إسقاط نظام الأسد.
كما يُطلب من الوزارة الجديدة تقديم خدمات عاجلة للمؤسسات المدنية، لا سيما الشؤون المدنية التي ما تزال تعاني من تبعات الفساد الذي انتهجه نظام الأسد.
أما التحدي الثالث البارز الذي تواجهه وزارة خطاب، فهو ضبط الأمن وملاحقة فلول النظام البائد في عدة محافظات، بعد رفضهم الاندماج في الدولة الجديدة، وإصرارهم على حمل السلاح وبث الفوضى.
وفي كلمته بعد تكليفه بالوزارة، قال خطاب: "ارتبطت صورة وزارة الداخلية في عهد النظام البائد بالبطش والظلم والطغيان، وهذا ما أورثنا مهمة ثقيلة لتعديل هذا المفهوم"، وفق وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا".
وأضاف: "سنسعى لبناء مؤسسات أمنية نقية تحفظ كرامة السوريين وتعينهم على كسب أرزاقهم".
وأشار إلى أن الوزارة "ستعمل على إرساء مؤسسات أمنية يفتخر بها كل سوري شريف ويرسل أبناءه للعمل ضمن صفوفها".
وتعهد خطاب "بالعمل على تطوير عمل الشؤون المدنية من خلال تطوير عمل قاعدة البيانات المدنية، وتفعيل أنظمة الأتمتة والتحول الرقمي لضمان تقديم المزيد من الخدمات مع دقة في الأداء وسهولة في الوصول".
وخلال الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة، قال الشرع في كلمة: "في لحظة فارقة من تاريخ أمتنا تتطلب مننا التلاحم والوحدة أقف أمامكم اليوم متوجها إلى كل فرد منكم حاملا آمال كل واحد منكم ونحن نشهد ميلاد مرحلة جديدة".
وأضاف: "نشهد ميلاد مرحلة جديدة في مسيرتنا الوطنية، وتشكيل حكومة جديدة اليوم هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة".
وتابع: "هذه الحكومة ستسعى إلى فتح آفاق جديدة في التعليم والصحة، ولن نسمح للفساد بالتسلل إلى مؤسساتنا".
وفي 8 كانون الأول/ديسمبر الماضي، بسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق بعد أيام من السيطرة على مدن أخرى، لينتهي بذلك 61 عاما من حكم نظام حزب البعث الدموي و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وأعلنت الإدارة السورية في 29 كانون الثاني/يناير 2025 الشرع رئيسا للبلاد بالمرحلة الانتقالية، بجانب إلغاء العمل بالدستور، وحل الفصائل المسلحة والأجهزة الأمنية، ومجلس الشعب (البرلمان)، وحزب البعث.
وفي 13 آذار/ مارس الجاري، وقَّع الشرع إعلانا دستوريا يحدد المرحلة الانتقالية في البلاد بمدة خمس سنوات.
وقالت لجنة الخبراء المكلفة بصياغة الإعلان الدستوري في مؤتمر صحفي حينها، إنها اعتمدت في صياغة الإعلان الدستوري على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني في شباط/فبراير 2025.