نقيب المهندسين: نقف مع القيادة السياسية ضد التصفية العرقية للشعب الفلسطيني
تاريخ النشر: 1st, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكدت هيئة مكتب النقابة برئاسة المهندس طارق النبراوي، دعمها الكامل لكل الشُعب واللجان بالنقابة.
وأكد المهندس طارق النبراوي- نقيب المهندسين، خلال مشاركته في فعاليات الجمعيات العمومية للشعب الهندسية السبع، عن رفضه القاطع للتصريحات العنجهية للرئيس الأمريكي الخاصة بتهجير شعب غزة إلى مصر، والوقوف مع القيادة السياسية ضد التصفية العرقية للشعب الفلسطيني، قائلا: "كنقابة قمنا بتوضيح رأينا تماما عقب صدور هذه التصريحات، وكان بيان النقابة من أول البيانات في مصر التي ترفض وتشجب هذه التصريحات، وعبرنا عن رأي المهندسين في هذا الموضوع"،مشيرا إلى أن النقابة لا تنخرط في العمل المهني فقط لكن لها رأيها ودورها في العمل العام والوطني والقضايا القومية في مصر.
كما شدد نقيب المهندسين على إصراره الكامل على استكمال قضية أحداث الجمعية العمومية للنقابة يوم 30 مايو الماضي، والتي شهدت تحطيم الصناديق الانتخابية والاعتداء على عدد من المهندسين متابعا: "أصر على استكمال هذه القضية حتى تتم معاقبة كل المتورطين في تدبير وتنفيذ هذه الفعلة الشائنة"، مضيفًا "أتابع هذه القضية بشكل دائم، وهي حاليا لا تزال قيد التحقيق، وفي انتظار التحريات".
وتابع نقيب المهندسين: " يوم 23 فبراير القادم سيشهد نظر19 قضية خاصة بالنقابة..وهناك17 قضية مرفوعة ضد النقابة يطلب أصحابها من الحاصلين على دبلومات فنية قيدهم في النقابة، رغم عدم حصولهم على شهادة معادلة، وفي ذات اليوم سيتم نظر قضيتين رفعتُهما ضد وزير التعليم العالي من أجل عدم قيد خريجي التعليم الفني من غير الحاصلين على شهادة معادلة الثانوية العامة، وعدم السماح لخريجي الشعبة الأدبية بالقيد في النقابة".
وأضاف: "القانون لا يسمح بقيد خريجي الشعبة الأدبية بالنقابة، وإذا لم نتصدى لهذا الأمر حاليا سيزداد انهيار المهنة عامًا بعد آخر".
كما أكد نقيب المهندسين زيادة معاشات المهندسين بداية من يناير الجاري قائلا: "رغم الظروف الاقتصادية التي شهدتها البلاد في الفترة الأخيرة لكننا نجحنا في تحصيل دمغة تزيد عن العام الماضي، والميزانية الكاملة للنقابة وموازنة النقابة سيتم طرحهما أمام الجمعية العمومية المقرر انعقادها في مارس القادم، وبناء على تلك الميزانية والموازنة سيتم تحديد نسبة الزيادة في معاشات المهندسين".
في هذا الصدد قدم المهندس طارق النبراوي الشكر للواء مهندس محمد ناصر- أمين الصندوق السابق لدوره الكبير في زيادة إيرادات وتحصيلات النقابة.
وتابع: "إذا كانت نسبة زيادة المعاشات سيتم تحديدها في الجمعية العمومية القادمة، إلا أنه سيتم تطبيقها بأثر رجعي بداية من يناير 2025".
وأوضح نقيب المهندسين أن التدريب قضية محورية في نقابة المهندسين وفي ظل ضعف التعليم الهندسي لابد من زيادة التدريب، ولهذا تضعه نقابة المهندسين على رأس أولوياتها باعتباره الوسيلة الوحيدة لرفع كفاءة المهندسين ليواكبوا التغيرات السريعة في الهندسة".
وأردف: "خلال العامين الأخيرين شهد التدريب في النقابة قفزة هائلة في مجال التدريب، الذي صار متاحًا في كافة التخصصات بجميع الشعب الهندسية، وهو إما مجاني تماما أو بتكلفة زهيدة للغاية، ولدينا معامل تدريب داخل النقابة، ووقعنا عدد من بروتوكولات التعاون مع جهات تدريبية ذات سمعة طيبة، وفتحنا آفاقًا تدريبة مع جهات عديدة في مصر، وأخر ما تم في هذا الشأن هو توقيع بروتوكول تعاون مع الجمعية الصينية للعلوم والتكنولوجيا لتدريب عدد من المهندسين في الصين خلال 2025، وإقامة مركز تدريب مصري صيني دائم في نقابة المهندسين خلال 2026".
وتابع: أهم عملية تدريب شهدتها النقابة هي ما تشهده النقابة حاليًا من خلال منحة تدريب 10 آلاف مهندس لاجتياز اختبار شهادةP.M.P ، وهي شهادة مهمة ومطلوبة في كل التخصصات، وهذه المنحة متواصلة طوال 2025 .
وأشار نقيب المهندسين إلى أن تدريب 10 ألاف مهندس عمل ضخم لا تقوى على إنجازه أية وزارة في مصر، ولكن نقابة المهندسين تتولى تحقيقه حاليًا ، وهو عمل كبير.
ووجه نقيب المهندسين التحية للمهندس "أحمد السيد" الذي تصدى لهذا المنحة التدريبية الضخمة متطوعًا.
وتطرق نقيب المهندسين إلى تعديل قانون النقابة مشددًا على ضرورة تعديله خلال الدورة البرلمانية الحالية مؤكدا أن قانون النقابة الحالي مر على صدوره 52 عاما، ومنذ سنوات وهناك محاولات لتعديله، ولكن تلك المحاولات تتعرقل".
واستطرد: “مجلس الوزراء قدم مشروع قانون لتعديل قانون النقابة، والنقابة ترحب بهذا الأمر وكل ما تطلبه إدخال تعديلين اثنين على مشروع قانون الحكومة، وهما القيم المالية الخاصة بالدمغات، وشروط القيد بالنقابة ليكون للنقابة بعض السيطرة على من يتم قيدهم في النقابة”.
وشدد النبراوي على أن التعليم الهندسي من القضايا بالغة الأهمية، وأن ما حدث خلال العشرون عاما الماضية هو ما أدى إلى طوابير البطالة بين صفوف المهندسين، وانخفاض دخولهم، مؤكدا على أن النقابة جادة في التصدي لهذا الموضوع بشكل واضح وقوي للحفاظ على مهنة الهندسة وإصرارا من النقابة لعودة المهنة لسابق عهدها، وأنه في هذا الإطار تم اتخاذ العديد من القرارات القوية وتم تنفيذها.
وأوضح نقيب المهندسين أن النقابة لها أدوار متعددة، منها على سبيل المثال لا الحصر ما قامت به النقابة عند حدوث تدمير لبعض المقابر الأثرية فى القاهرة وفي مصر، فكان لها موقف سريع في هذا الأمر من خلال شعبة العمارة، لافتا إلى الدور الذي قامت به النقابة في دعم بعض النقابات المهنية ضد إصدار بعض القوانين تتعلق بالمهنة دون الرجوع إليها لأخذ رأيها، قائلا: "النقابات المهنية ونحن منها، هي الاستشاري الأول للدولة، وبالتالي عند إصدار قانون يتعلق بالمهنة لابد من الاستماع إلى رأي هذه النقابات، لأن ذلك للصالح العام، كون هذه النقابات مخزن للعقول وذخيرة ضخمة جدًا من الخبرات، وهذا مبدأ رئيسي نمارسه مهما كانت التكلفة".
من جانبه دعا الأستاذ الدكتور المهندس هشام سعودي- وكيل النقابة، أن تكون شُعب النقابة جميعها على قلب رجل واحد، مشيرًا إلى وجود شكل جديد من العمل يتسم بالتطوير والتحسين داخل شُعب النقابة، مشيدًا بدور كل الشعب في التواصل مع أعضاء جمعيتها على مستوى النقابات الفرعية، والذي كانت بدايته مع مهندسي نقابة الإسكندرية، وأثنى "سعودي" على التكامل بين شُعب النقابة، والتعاون فيما بينها في إعداد الأنشطة المختلفة.
كما تطرق وكيل النقابة إلى موقف النقابة من معامل التحاليل الطبية الثلاثة، مشيرًا إلى أنه من الطبيعي أن تتميز نقابة الأطباء عن باقي النقابات المهنية كون أعضائها هم من يقومون بتقديم الخدمات الطبية، لافتًا إلى أن هذه المعامل أصبحت تدار بطريقة استثمارية "عربيًا" وبالتالي زادت أسعار الخدمات وكان لابد من اتخاذ موقف تجاه هذه الارتفاعات المبالغ فيها.
وأكد "سعودي" أن الموقف الذي اتخذته النقابة تجاه هذه المعامل هو موقف موحد لثلاث نقابات مهنية، موضحًا أن النقابات المهنية الثلاثة تقوم بإيجاد البديل بمميزات نسبية لأعضائها ومراعاة التوزيع الجغرافي.
وقال الأستاذ الدكتور هشام سعودي: " حالة من الزخم والنشاط شهدتها النقابة العامة والفرعيات خلال الفترة الماضية لتقديم كل ما هو أفضل للمهندسين"، داعيًا جميع أعضاء الجمعية العمومية للنقابة للمساهمة في هذا الزخم من خلال تفاعلهم مع أنشطة الشعب واللجان الهندسية".
وأوضح وكيل النقابة أن المسئولية الملقاة على عاتق هيئة المكتب والمجلس الأعلى ليست سهلة ولن يستطيع أحد القيام بما قام به وقدمه دون مساندة من الأعضاء المنتسبين للنقابة في كافة الشعب الهندسية.
من جانبه أكد المهندس محمود عرفات- الأمين العام للنقابة، أن مشاركة المهندسين في الجمعيات العمومية للشعب الهندسية تمثل ركيزة أساسية في مسيرة النقابة، حيث تتيح هذه اللقاءات الفرصة لمراجعة ما تحقق خلال العام الماضي، وطرح الرؤى والمقترحات التي تسهم في صياغة مستقبل العمل النقابي خلال المرحلة المقبلة.
وأشار إلى أن النقابة تحمل على عاتقها هموم المهندسين منذ أن مرحلة دراستهم الجامعية وحتى بلوغهم سن التقاعد، إذ تسعى جاهدة لضمان حقوقهم وتأمين معاش يتناسب مع التحديات الاقتصادية الراهنة. كما تضع النقابة نصب أعينها دعم شباب المهندسين عبر برامج تدريبية متقدمة وتأهيلهم لسوق العمل، ما يساهم في توفير فرص عمل لائقة، فضلًا عن الارتقاء بمنظومة الخدمات المقدمة لهم، وعلى رأسها الرعاية الصحية. مؤكدا أن مجلس النقابة يعمل بروح الفريق الواحد، متكاتفًا من أجل تحقيق هذه الأهداف.
وفي حديثه عن قضايا التعليم الهندسي، شدد المهندس محمود عرفات على أن هذا الملف يحظى باهتمام بالغ من هيئة مكتب النقابة، نظرًا لدوره الجوهري في الارتقاء بالمهنة، إلى جانب أهمية تنظيم مزاولة المهنة بما يحقق أعلى معايير الجودة والكفاءة.
ودعا جميع المهندسين إلى التفاعل الإيجابي مع مجلس النقابة من خلال تقديم الأفكار والمبادرات التي تدفع عجلة التطوير وتعزز دور النقابة في خدمة أعضائها، مشددًا على أن النقد البناء مرحب به، باعتباره أداة فاعلة لتطوير الأداء وتصحيح المسار والارتقاء بالأداء النقابي نحو الأفضل.
فيما أكد المهندس كريم الكسار- الأمين العام المساعد، أن مشاركة المهندسين في فعاليات جمعياتهم العمومية هي فرصة حقيقية لتبادل الرؤى والأفكار وطرح المقترحات، الأمر الذي من شأنه إثراء العمل النقابي ودفعه للأمام مما يصب في صالح المهنة والمهندسين.
وعبّر "الكسار" عن سعادته بما يشاهده من مشاركة شباب المهندسين فعاليات جمعياتهم العمومية، داعيًا إياهم بالانخراط في العمل النقابي من خلال الاشتراك في فعاليات الشعب واللجان لاكتساب الخبرات، قائلًا: "شباب اليوم هم قادة العمل النقابي في المستقبل القريب، لذا لابد لهم من من الاختلاط المباشر مع الأجيال السابقة لهم لصقل معلوماتهم العلمية والعملية".
وأثني الأمين العام المساعد على ما تقوم به الشعب الهندسية من مجهودات خلال العام الماضي، الأمر الذي يشهد به الجميع، معظمًا من دور رؤساء وأعضاء مجالس الشعب وحرصهم الدائم على تقديم فعاليات دائمة ومستمرة للمهندسين داخل النقابة العامة وعلى مستوى المحافظات.
بدوره دعا الأستاذ الدكتور المهندس معتز طلبة- أمين الصندوق، أعضاء الجمعية العامة للنقابة لدعمهم لمجالس الشعب الهندسية التي تمثلهم، لتحقيق كل ما هو أفضل.
وأوضح "طلبة" أن السياسة العامة للنقابة تستهدف خدمة المهندسين ورفع شأن مهنة الهندسة، مشيرًا إلى أن النقابة تتبنى عدة ملفات بهدف الارتقاء بمهنة الهندسة والعاملين بها ومنها على سبيل المثال لا الحصر "التدريب، ومزاولة المهنة، والرعاية الصحية، والمعاشات"، والقيام بدور ايجابي كبير فيها.
من جانبه أشاد الدكتور المهندس سعد مكرم- أمين الصندوق المساعد، بالتعاون بين مجالس الشعب الهندسية بالنقابة والذي من شأنه الارتقاء بما تقدمه النقابة عمومًا من خدمات مختلفة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: نقيب المهندسين النقابة النقابات المهنیة الجمعیة العمومیة نقابة المهندسین الشعب الهندسیة نقیب المهندسین العمل النقابی المهندسین فی فی النقابة أن النقابة ا إلى أن من خلال على أن فی هذا فی مصر
إقرأ أيضاً:
الانتماء للوطن والولاء للشعب
على جميع السودانيين الاعتراف باخفاقهم في إنجاز حاضر بهي . نفاقٌ ان لم يكن خداعا تغنيهم بماضٍ تليد. على النقيض هم ينسجون حكايا خرافية خيوطها العنف ،الشر ،الفشل والجشع.ذلك نصف المأساة. أما النصف الآخر فهو انهم يفعلون ذلك على نحو تلقائي دون رغبة وبلا غاية. ربما تبدو الحكايا كقصص ماقبل النوم . لكننا لا نحكيها لأ طفالنا بل نطعمهم دمها و رمادها . فقط عوضا عن نهايات سعيدة يغمض الأطفال أعينهم عليها فتتزاحم داخل ألحفتهم ووسائدهم وحوش وأشباح . هكذا تغالب الكوابيس النعاس ويهزم الخوف الطمأنينة. إنها حمى الفشل تسري عبر الأجيال بفعل التوارث ، التنشئة ،العلاقات المفككة والعادات المتناقلة داخل محيط الأسرة ،المدرسة ،القبيلة والوطن.وحدها الأنا المتضخمة المستفحلة داخل الذات السودانية تعبئ الآفاق فتجهض كل الأحلام النبيلة. بورسودان ونيروبي محطتان ضمن بؤرٍ للاصطراع العبثي على ضفتي ذلك(النهر الخالد)
*****
من فرط ذواتنا الضيقة لاتتسع عيوننا -دع عنك عقولنا-حتى نستقطع مشاهد من تاريخنا نرى فيها معاً مايعيننا على الاعتزاز او يحرّضنا على المحاكاة . فنحن دوما على أهبة الاستنفار من أجل الاختلاف والتباين تجاه كل شيء مضى أو مقبل . كثيرا ما نبلغ في ذلك حد الصدام والاشتباك بالاسلحة المتاحة كيفما اقتضى الحال. ربما على علمائنا في الدراسات النفسانية والسيسيولوجية الانكباب ليس فقط من أجل تشخيص هذه الظاهرة المرضية، بل بغية استنباط مايعيننا على كسر هذه (الدائرة الشريرة). فمن حق الأجيال الجديدة أن تنعم بنوم يهيء لها على الأقل أحلاما جميلة إن لم تتوفر لهم يقظة تؤمّن لهم عيشاً سعيداً.
*****
هذه الحرب اللعينة لم تصادر حقوق أطفال وفتية فقط في سرديات ماقبل النوم الكلاسيكية ، بل فتّحت أعينهم على ممارسات القتل ، روائح الموت ،مشاهد الجثث المنسية، أصوات القصف والمدافع وصور الدمار والحرائق. مع ذلك يتوغل المنافقون في التقاتل على وطن مبرّح بالتشقق كما يستغرق الكسبة المتربصون في المساومات على الغنائم .كأنما هذا (الشعب العظيم) لم ينجب من يتملّك إرادة صلبةً ، وعياً نافذاً أو جهدا مخلصا بغية انتشال الأجيال من المعاناة دعك عن الحرمان.أو إنقاذ الشعب من المحن والوطن من التشظي والتجزئة. لأ احد يستبين أننا غادرنا بالفعل مظلة الدولة إلى ظلال دويلات. فقاعدة الدولة إطار إقليمي محدد عليه تنظيم سياسي سيادي يمارس السلطة عبر مؤسسات دائمة. فنحن لا نملك دولة تتمتع برضاء الشعب .كما هي عاجزة عن بسط هيبتها على تراب الوطن.هي عاجزة كذلك على النهوض بنشاطات اقتصادية واجتماعية كالتعليم والتطبيب.
*****
الجغرافية السياسية تؤكد قدرة الأنظمة الديمقراطية على إدارة بلاد واسعة وشعوب ذات أعراق متعددة وثقافات متنوعة. على الضفة المقابلة يؤكد التاريخ فشل الأنظمة ذات البعد الأحادي في فرض إدارة مستقرة على نهج ذلك الطراز من الدول. لا فارق فيما اذا اكتست تلك الأنظمة الفاشلة ثوباً عقائديا أو قوميا أو أمعنت في القمع .كلها لم تصمد طويلا إذ انتهت إلى تفتت. علينا الاعتراف مجددا بأن فشلنا في إدارة التنوع -المعترف به زوراً- ناجمٌ عن فقرنا في الوعي والمعرفة وضيق أخيلتنا السياسية.هذا الثالوث المشين تتضاعف تداعياته السلبية بالارتماء في أحضان النرجسية الجوفاء ، الأنانيةالمفرطة والإدعاءات الزائفة. هذه معايب لا تؤدي بأهلها إلى الاستقرار والرفاه بل تفضي بهم حتما إلى الفقر الماحق على جميع الأصعدة.
*****
السودان عبَرَ منذ الاستقلال نحوا من ستة دورات سياسية سلطوية.لكن العقلية الحاكمة لم يطرأ عليها تغيير .لن نجنح عن الموضوعية إذا ذهبنا إلى الجزم بالتراجع في كل دورة لجهة التدهور ، أو زعمنا بلوغ الإنحطاط. ففي كل دورة طارئة نبكي واقعنا على نحوٍ يحملنا إلى الحنين إلى الدورة السالفة مع أنها عاريةٌ مما يبعث الشوق والاشتياق. لكن الفشل يدفعنا إليهاهربا من واقع العجز المعيش . فحصيلة ما دمرنا من البنى التحتية عند بداية الانقاذ تفوق ما أنجزنا إبان عقودها العجاف ! كذلك لم نحقق خلال دورة ديمقراطية اكتوبر ما راكمته الحقبة العسكرية الأولى رغم تقارب عمريهما. في المشهد الدولي العام نحن أقل سعادةً إن لم نقل أكثر بؤسا من بلاد وشعوب رفعت رايات استقلالها بالتزامن معنا أو بعدنا! مع ذلك نمتشق كبرياءً أجوف ونتغنى زيفا بمآثر (شعب عظيم)
*****
ربما يحاجج انقاذيون بتحسن مستوى حياة شريحة غير ضيقة من الشعب.حسنا لكن المحاججين لن يعترفوا أبداً باتساع قطاع البائسين. هي في النهاية معادلة ظالمة مثلما هي المقارنة بين مستوي حياة تلك الشريحة وذلك القطاع .لكن السمة الشاخصة و الأكثر بؤسا أن الجميع أمسى أكثر جشعاً و أقل إنسانيةً. أكثر من ذلك سوءاً تدني بل وهن روح المواطنة مرمّزة في الإنتماء للوطن والولاء للشعب أولاً.فإيقاع الأداء والكسب الحياتيين ظل تغليب الخاص وتغييب العام.ذلك الإيقاع قيّد حركة التغيير فجر ثورة ديسمبر فقلّم أصابعها ،هشّم أقدمها ثم فرّغ طاقتها حتى انقض عليها في الإنقلاب المشؤم. تغليب الخاص وتغييب العام فجّر بؤر التناقضات الكبيتة داخل معسكر التآمر على الثورة فوقعت الحرب الدنيئة.
*****
الآن صارت الأماني الوطنية أبعد من المدى بين بورسودان ونيروبي .الآن صار السلام أقصى طالما استمر الرهان فقط على البندقية. كم كان من المؤسسات العامة والخاصة ممكناً إنقاذهامن الحريق والتدمير فيما لو تجرّدنا من ذواتنا ومصالحنا الضيقة بموجب جدة ،الدوحة أو في جنيف .؟ كم كان من الأرواح البريئة ممكنا انتشالها من برك الدم ومستنقعات العذاب .؟ كم كان من النساء ممكنا تإمينهن ضد التوحش والاغتصاب؟. كم من اللاجئين ممكن نجاتهم من العذابات والمهانات .كم من القبور ممكن حفرها في تراب الوطن عوضا عن شتات أصحابها في الموت كما في الحياة؟ السؤال الأكثر متى يخرج القتلة والكسبة من ذواتهم الضيقة إلى رحاب الوطن وحضن الشعب العريض بتغليب حقوقه العامة وتغييب مكاسبهم الخاصة؟!
*****
عبد الناصر فاجأ الجميع بقبوله مبادرة روجرز في اغسطس ١٩٧٠ .لكنه استثمرها في إعادة بناء حائط الصواريخ ليطور حرب الاستنزاف إلى مرحلة جديدة انتهت إى العبور .في ٢١ اكتوبر ١٩٧٣ استدعى السادات السفير السوفياتي ليطلب إليه ابلاغ موسكو قبوله وقف اطلاق النار .ذلك الموقف من رئيسٍ منتصرٍ باغت السفير .لكن السادات علل موقفه قائلا استطيع محاربة اسرائيل لكني لا استطيع محاربة اميركا. رغم المساعدات الداعمة من دول عدة بينها أميركا والصين لايران في حرب السنوات الثماني مع العراق و جد الخميني نفسه مكرها على ما أسماه ( تجرع كأس السم ) ، أي قبول قرار مجلس الأمن بوقف النار من أجل انقاذ مايمكن من الأرواح والممتلكات. فالمصالح الوطنية تعلو على كل البطولات الزائفة خاصة في أوقات الأزمات المهددة للشعب والوطن.
نقلا هن العربي الجديد
aloomar@gmail.com