السياسيون الألمان يواجهون اللاجئين السوريين: حان وقت العودة
تاريخ النشر: 1st, February 2025 GMT
في تحول واضح نحو سياسة أكثر تشدداً بشأن المهاجرين، بدأ المشهد السياسي في ألمانيا يشهد دعوات متزايدة لترحيل طالبي اللجوء، في خطوة تعكس سياسات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تجاه المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة، وفقا لتقرير في صحيفة "واشنطن بوست".
ومع اقتراب موعد الانتخابات الشهر المقبل، أصبح ملف المهاجرين - بما في ذلك قرابة مليون لاجئ سوري يعيشون في ألمانيا - القضية الأكثر إلحاحاً بالنسبة للناخبين الألمان.وفي هذا السياق، نجح فريدريش ميرتس، المرشح الأبرز لمنصب المستشار، في تمرير مشروع قرار برلماني يعكس النهج الذي يعتزم اتباعه، رغم كونه غير ملزم قانونياً.
إجراءات مشددة
تتضمن المقترحات المطروحة فرض رقابة دائمة على الحدود مع جميع الدول المجاورة، ومنع دخول أي شخص لا يحمل وثائق صالحة، واحتجاز المهاجرين الذين صدرت بحقهم قرارات ترحيل، بالإضافة إلى تسيير رحلات ترحيل يومية، بما في ذلك عمليات إعادة اللاجئين إلى سوريا.
A sharp turn toward a tougher line on migrants is beginning to play out in Germany, with leading politicians calling for mass returns, echoing President Donald Trump’s plan to expel undocumented migrants from the United States. https://t.co/yORpGha7xi
— The Washington Post (@washingtonpost) January 31, 2025في خطوة غير مسبوقة، تم تمرير القرار بدعم من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) وحليفه الاتحاد الاجتماعي المسيحي (CSU) بالاعتماد على أصوات حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AfD)، اليميني المتطرف، وهو ما أثار انتقادات واسعة، خاصة من المستشارة السابقة أنجيلا ميركل. ورغم ذلك، أظهرت استطلاعات الرأي أن غالبية الألمان يدعمون فرض قيود على دخول المهاجرين.
ورغم أن البرلمان الألماني رفض يوم الجمعة مشروع قانون ملزم يهدف إلى الحد من لمّ شمل العائلات كوسيلة لدخول بعض اللاجئين إلى البلاد، إلا أن المناخ السياسي يشهد تغيراً كبيراً.
قبل عقد من الزمن، فتحت ألمانيا أبوابها أمام اللاجئين السوريين الفارين من الحرب تحت شعار "نحن نستطيع فعل ذلك"، ولكن بعد سقوط الرئيس السوري بشار الأسد الشهر الماضي، أصبحت ألمانيا من بين دول أوروبية عدة أوقفت النظر في طلبات اللجوء الجديدة من السوريين. والآن، تتعالى أصوات تطالب بعودة اللاجئين إلى بلادهم.
يرى الساسة الداعمون لسياسة الترحيل أن المهاجرين باتوا يشكلون عبئاً اقتصادياً وأمنياً على ألمانيا، مشيرين إلى أن ترحيل معظم السوريين سيوفر مليارات اليوروهات من المساعدات الاجتماعية.
لكن المعارضين لهذه السياسات يشككون في قانونيتها، ويؤكدون أن رحيل السوريين سيؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة، خاصة في ظل النقص الحاد الذي تعانيه ألمانيا في العمالة الماهرة.
تضم ألمانيا أكبر جالية سورية خارج الشرق الأوسط، حيث يعيش فيها نحو 972 ألف سوري، من بينهم 712 ألفاً مسجلين كطالبي حماية، وفقاً لمكتب الإحصاء الفيدرالي الألماني. ورغم أن السوريين يمثلون أقل من 1% من القوى العاملة الألمانية، إلا أنهم يساهمون بشكل بارز في قطاعات حيوية.
After the fall of the Assad regime, the situation in Syria remains uncertain.
Politicians in Germany, host to the largest Syrian community in Europe, are trying to decide whether they should allow Syrian refugees to return for a fact-finding mission... https://t.co/DooDDPd5XS
ويحذر الخبراء من أن مغادرة العمال السوريين ستؤدي إلى مشكلات اقتصادية، خاصة في قطاع الرعاية الصحية. فهناك قرابة 6,000 طبيب سوري يعملون في ألمانيا، مما يجعلهم أكبر مجموعة من الأطباء الأجانب في البلاد.
وقالت وزيرة الداخلية نانسي فيزر إن قطاعات الرعاية الصحية ستتضرر بشدة إذا اضطر الأطباء السوريون لمغادرة ألمانيا، مضيفةً أن "بعض المستشفيات ستنهار دونهم".
بينما يطالب حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) بترحيل السوريين "في أسرع وقت ممكن"، تباينت مواقف الأحزاب الأخرى. فقد وزّع أحد فروع الحزب في جنوب غرب ألمانيا 30 ألف منشور على شكل تذاكر طيران تحمل شعار: "الهجرة العكسية وحدها يمكن أن تنقذ ألمانيا"، في إشارة مثيرة للجدل تُذكّر بالدعاية النازية.
من جانبه، صرّح يورغن براون، المتحدث باسم الحزب في ملف حقوق الإنسان، بأن "جميع اللاجئين السوريين تقريباً يجب أن يعودوا"، حتى أولئك الذين حصلوا على حق البقاء عبر لمّ شمل الأسرة. كما ادّعى أن السوريين في ألمانيا "يفتقرون إلى المهارات المطلوبة" وأنهم يعتمدون بشكل أساسي على المساعدات الاجتماعية.
تحاول الأحزاب الألمانية التمييز بين السوريين "الجيدين" الذين يعملون ويندمجون في المجتمع، وأولئك الذين ينبغي إعادتهم. فريدريش ميرتس صرّح بأن "الثلث الذين يعملون ويندمجون يمكنهم البقاء، ولكن الثلثين الذين لا يعملون وأغلبهم من الشباب يجب أن يعودوا إلى سوريا".
لكن الإحصائيات الرسمية تتناقض مع هذه المزاعم. فوفقاً لمعهد أبحاث التوظيف الألماني، فإن 42% من السوريين في سن العمل (15-64 عاماً) لديهم وظائف، وهو معدل طبيعي بالنظر إلى تحديات اللغة والإجراءات البيروقراطية. ومع مرور الوقت، ترتفع نسبة التوظيف، حيث تصل إلى 60% بين السوريين الذين وصلوا عام 2015، وترتفع إلى 68% بين الحاصلين على الجنسية الألمانية.
Wer in Deutschland das "freie Syrien" feiert, bei dem liegt augenscheinlich kein Fluchtgrund mehr vor. Er sollte umgehend nach Syrien zurückkehren. #DeshalbAfD #AfD #Rückkehr https://t.co/9cj0ppKn6b
— Alice Weidel (@Alice_Weidel) December 8, 2024وبحسب معهد الاقتصاد الألماني، فإن 80,000 عامل سوري يشغلون وظائف في قطاعات تعاني من نقص حاد في الكوادر، مثل طب الأسنان والميكانيكا. كما أن السوريين يمثلون أكبر نسبة من الأطباء الأجانب، خاصة في المناطق الريفية التي تعاني من نقص حاد في الأطباء.
الترحيل قد يعيد الأزمة إلى سوريارغم أن بعض السوريين، مثل الطبيب محمد غزال، يأملون في العودة إلى بلادهم للمساهمة في إعادة إعمار القطاع الصحي، إلا أنهم يرفضون التمييز بين من يُسمح لهم بالبقاء ومن يُجبرون على المغادرة.
"لن أسمح لألمانيا بأن تبقي الأطباء فقط وترحل الآخرين الذين يحتاجون إلى المساعدة"، يقول غزال، الذي يعمل أخصائي مسالك بولية في هامبورغ.
في ظل تصاعد الجدل، يبقى مصير اللاجئين السوريين في ألمانيا غير واضح، إذ تتصارع الحاجة إلى العمالة الماهرة مع تصاعد المشاعر المعادية للمهاجرين، ما يجعل الملف أحد أكثر القضايا سخونة في المشهد السياسي الألماني الحالي.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سوريا ألمانيا اللاجئین السوریین فی ألمانیا
إقرأ أيضاً:
وزارة الصحة السودانية تنعي نقيب الأطباء السابق خالد ياجي
نعت وزارة الصحة السودانية نقيب الأطباء السابق وأستاذ واستشاري جراحة التجميل بكلية الطب بجامعة الخرطوم، البروفيسور خالد ياجي.الشرق للأخبار – السودان إنضم لقناة النيلين على واتساب