الجزيرة:
2025-03-03@22:11:37 GMT

شاهد إثبات لأغاثا كريستي.. 100 عام من الإثارة

تاريخ النشر: 1st, February 2025 GMT

شاهد إثبات لأغاثا كريستي.. 100 عام من الإثارة

حلت أمس الجمعة الذكرى المئوية لصدور قصة "شاهد إثبات" لأغاثا كريستي، التي تعد حبكة مشوقة لساردة بارعة لم تكتفِ بإعادة تشكيل الرواية البوليسية، بل رفعتها إلى مستوى عالمي لم يسبق له مثيل.

كريستي، التي وُلدت عام 1890 في جنوب إنجلترا، لم تكن مجرد كاتبة غزيرة الإنتاج، بل كانت أيضا مبتكرة في بناء الحبكات وتحريك الشخصيات داخل دوائر من الألغاز المترابطة.

في وقت كانت فيه الرواية البوليسية تعجّ بالمحققين التقليديين وأسرار الجرائم النمطية، جاءت كريستي بشخصيات مثل هيركيول بوارو المحقق البلجيكي ذو الشارب الدقيق، وميس ماربل العجوز الذكية التي تحلل الجرائم بنظرة ثاقبة مستمدة من الحياة اليومية، لتحدث ثورة في هذا اللون الأدبي.

تعتبر "شاهد إثبات" (Witness for the Prosecution) واحدة من أكثر القصص إتقانا وإثارة في مسيرة أغاثا كريستي، إذ تجمع بين التشويق القانوني والالتواءات الدرامية التي تضع القارئ والمشاهد في حيرة مستمرة حتى اللحظة الأخيرة. وما يميز هذه القصة ليس فقط الغموض المحيط بجريمة القتل، بل الطريقة التي تلعب بها كريستي على أوتار الإدراك البشري، حيث يتبدل مسار الحقيقة بلمحة عين، ويتحول البريء إلى مدان، والمجرم إلى ضحية، مما يجعلها واحدة من أعظم القصص التي تناولت المحاكمات القضائية في الأدب.

إعلان

عندما نُشرت لأول مرة عام 1925 تحت عنوان "أيادٍ خائنة" (Traitor Hands)، لم تكن سوى قصة قصيرة ضمن مجموعة أعمالها الأولى، لكن سرعان ما أدرك النقاد والقراء أن هذه القصة تحتوي على مقومات درامية استثنائية، وهو ما دفع كريستي لاحقا إلى إعادة تقديمها في شكل مسرحية عام 1953، ثم اقتُبست إلى السينما بعد 4 سنوات في فيلم أخرجه بيلي وايلدر، ليصبح من أبرز الأفلام الكلاسيكية في تاريخ هوليود.

حبكة مستوحاة من عبقرية الخداع

تكمن عبقرية "شاهد إثبات" في بساطة الفرضية وتعقيد التفاصيل، إذ تدور القصة حول شاب يُدعى ليونارد فاول يُحاكم بتهمة قتل أرملة ثرية، في حين تعتمد براءته بالكامل على شهادة زوجته كريستين، التي من المفترض أن تكون أكبر داعم له، لكنها تتحول إلى أخطر شاهد ضده. وبينما يعتقد الجميع أن الأدلة قاطعة، فإن كريستي، بأسلوبها البارع، تفاجئ القارئ والمنصة القانونية بمفاجآت غير متوقعة، تقلب موازين القضية رأسا على عقب.

هذه القصة لا تُعد مجرد عمل بوليسي، بل هي دراسة عميقة للطبيعة الإنسانية: كيف يمكن للخداع أن يكون وسيلة نجاة؟ وكيف تؤثر العواطف في الحكم على الحقيقة؟ تجسّد القصة صراعا خفيا بين الحب والواجب، بين الولاء والخيانة، وبين القانون والعدالة، لتضع القارئ أمام تساؤل وجودي: هل يمكن للعدالة أن تتحقق فعلا، أم أنها مجرد وهم يعتمد على براعة من يحكي القصة؟

مع نجاح القصة في صورة العمل المسرحي، كان من الطبيعي أن تنتقل إلى الشاشة الفضية، إذ قام المخرج الكبير بيلي وايلدر في عام 1957 بتحويلها إلى تحفة سينمائية، شارك في بطولتها تايرون باور، وتشارلز لوتون، ومارلينه ديتريش. لم يكن الفيلم مجرد اقتباس للقصة الأصلية، بل كان إعادة إبداع لها، إذ أضفى وايلدر لمسات من الإثارة والدراما جعلت المشاهدين يعيشون أجواء المحاكمة بكل توترها وتعقيداتها.

إعلان

ورغم مرور عقود على صدوره، فلا يزال الفيلم يحتفظ بمكانته بوصفه أحد أعظم الأفلام القانونية في تاريخ السينما، إذ يتقاطع فيه الأداء المذهل للممثلين مع الحوار الذكي والسيناريو المشدود، ليُقدَّم نموذجا نادرا للدراما القانونية التي تجمع بين التشويق النفسي والسرد السينمائي الرفيع.

مسرحية لندنية

وما زال عرض مسرحية "شاهد إثبات" من إنتاج لويد مستمرا منذ 8 سنوات في لندن. ولكن بدلا من عرضها في المسرح، يجري تقديمها في قاعة مقاطعة لندن، وهي مبنى حكومي سابق يسمح للجمهور بالجلوس كما لو كانوا في قاعة محكمة.

وقالت لويد "لا يوجد شيء مخيف في الأمر من وجهة نظر الجمهور. كل ما في الأمر أنكم تخوضون التجربة في وضع مختلف".

وأعدت كريستي -كاتبة الروايات البوليسية الأكثر مبيعا في العالم، إذ بيع ما يقدر بنحو ملياري نسخة من رواياتها مترجمة إلى 44 لغة- بنفسها النص لتحويله إلى عمل مسرحي قُدم أول عروضه عام 1953. وبعد بضع سنوات في 1957، تم تحويل النص إلى فيلم من إخراج بيلي وايلدر وبطولة مارلينه ديتريش وتشارلز لوتون وتايرون باور. وحولتها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إلى مسلسل تلفزيوني عام 2016.

وقالت لويد في حديثها عن جاذبية الرواية الدائمة إنها تتطرق إلى بعض الموضوعات الخالدة عن "إصدار البشر أحكاما بعضهم على بعض".

وتوفيت كريستي عام 1976، لكن أعمالها لا تزال حاضرة بقوة.

من المقرر عرض مسرحية "شاهد إثبات" على خشبة المسرح حتى 28 سبتمبر/أيلول 2025.

وزارت أغاثا كريستي كثيرا من المناطق في العالم، مما أثرى تجربتها الروائية، من مصر إلى العراق إلى سوريا والأردن وفلسطين وإيران، وكل هذه الأماكن نجد لها صدى في رواياتها، إذ تحدثت عن مدينة البتراء والمسجد الأقصى وقبة الصخرة وذكرت مدينة بيت لحم ومنطقة الجزيرة السورية وتحدثت عن نهر النيل ومعابد الأقصر وأدمجت حضارة الفراعنة في بعض أعمالها.

إعلان

كما زارت بغداد ومدينة أور الأثرية عاصمة الدولة السومرية، واشتهر بيت شعبي لها في العاصمة العراقية كانت تهوى المكوث فيه، وفيه كتبت بعض نصوصها، وصنفته وزارة الثقافة العراقية ضمن البيوت التراثية التي يمنع هدمها أو التعديل عليها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات شاهد إثبات

إقرأ أيضاً:

احمد شموخ يكتب: مسرحية فكّ الارتباط وخارطة الطريق السياسية!

استدعى الأمر موقف واحد فقط من المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة لكشف كل المسرحية السمجة المُسماة “فكّ الارتباط بين مكوّنات تقدم”، والتي قام بترتيبها ذات المركز الاستخباري الذي يقود الحرب ضد الدولة السودانية، مسرحية هدف منها ذلك المركز توزيع الأدوار بين أذرعه السياسية والجنجويدية والعمسيبية لمرحلة محاولة تفتيت السودان بعد أن فشل في ابتلاعه، تحت يافطة “فك الارتباط”، وعنوان المرحلة “فصل إقليم دارفور” ومن بعده كردفان والنيل الأزرق..الخ.

كشف تصريح الأمين العام للأمم المتحدة على لسان مبعوثه الشخصي للسودان عن دعمه لخارطة الطريق السياسية التي أعلنها رئيس مجلس السيادة، وبعثت بها الخارجية السودانية خطاب رسمي في ٩ فبراير ٢٠٢٥، كشف لنا عن مستوى وحجم الإجماع الحقيقي داخل كل مكونات حلف الاحتلال والاستتباع وهدم السيادة السودانية، رغم محاولاتهم تمويه وتمييع وتحجيب إجماعهم، فكل الأطراف التي انشقّت من قحت تقدم، مع الجنجويد والحلو، مع البعثيين، كلهم أظهروا إجماع منقطع النظير ضد تصريحات السيد رمطان لعمامرة.

والمجموعة الجنجويدية في نيروبي أخذت خطوة أوضح ضد بيانات الدول الشقيقة التي رفضت مؤامرات تقسيم وتفتيت السودان التي عبّرت عن رفضها لمؤامرة نيروبي، وموقف المجموعة الجنجويدية اليوم هو تصعيد واضح من أبوظبي ضد الدول الرافضة لتقسيم السودان في ما يبدو أنه تعبير عن احتدام الصراع الإقليمي كما نراه في الرهانات الإماراتية الملتصقة بالأجندة الإسرائيلية في جنوب سوريا وقطاع غزة والكونغو الديمقراطية وغيرها من محاولات العبث بالأمن القومي للدول والمجتمعات. ومن تجارب سابقة، فإن هذه الدول التي استهدفتها مجموعة نيروبي في بيانها الأخير لديها حساسية عالية ضد المجموعات غير الدولتيّة أو غير الحكومية.

هذا الإجماع الذي تشكّل منذ يوم أمس واليوم بين هذه المجموعات التي ادّعت تنافراً خلال الشهور الماضية، هو إجماع حول أربع قضايا أساسيّة حوتها خارطة الطريق الحكومية:
– إجماع الحلف الجنجويدي يبني سرديته في محاربة الدولة على أن ليس هناك سيادة ولا حكومة، وأن السودان أرض خلاء terranulluis فيها فقط قوتان تتقاتلان، بينما جاءت مطالبة الأمين العام للتعامل مع خارطة الطريق باعتبارها صادرة عن “الحكومة السودانية” وليس الجيش “أحد طرفي النزاع” في سردية الحلف الجنجويدي. مؤخراً صار الحلف الجنجويدي يقول أن هناك أكثر من “طرفا نزاع”.
– إجماع الحلف الجنجويدي يريد بالتعريف أن يمنح رُعاته الإقليميين entry point للعملية السياسية، بينما خارطة الطريق السودانية ترفض التدويل وتقول أن أي عملية سياسية ستكون لاحقة لعملية إنهاء الحرب، وداخل السودان.

– إجماع الحلف الجنجويدي مهمته الأساسية الضغط لتحصل مليشيا أبوظبي الجنجويدية وتتواجد في مستقبل أي عملية تفاوض سياسي، بينما خارطة الطريق الحكومية منطلقة من حقيقة أن لا مستقبل سياسي ولا عسكري للجنجويد.

– إجماع الحلف الجنجويدي يعمل على تحقيق المؤامرات الأجنبية الاستتباعية بممارسة الإرهاب والإبادة بواسطة المليشيات الجنحويدية المحتلة لمختلف المناطق، بينما خارطة الطريق الحكومية تتحدث ابتداءً عن أن عملية تفاوض لإنهاء الحرب سلمياً تبدأ بأن تضع المليشيا السلاح، وتنسحب من المُدن التي تحتلّها حالياً.

هذا التداعي الذي يظهر وكأنه تم بكبسة زر وزّع معه من كبس الزرّ سيناريو واحد، يؤكد ما ذهبنا إليه مع آخرين وذلك بأن فكّ الارتباط أو التمايز بين أذرع مشروع أبوظبي الاستتباعي السياسية، هو مجرد توزيع أدوار، ومسرحية مقصودة كمطلوب للمرحلة الجديدة من المخطط الكولونيالي، وهو ما كشفه بوضوح ردود أفعالهم العالية والمنفعلة ضد المبعوث الشخصي للأمين العام.

احمد شموخ

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • شاهد| معاناة نبي الله إبراهيم عليه السلام من الغربة لحالة الشرك التي وصلت حتى إلى محيطه الأسري
  • وداعا جني مسرحية تخاريف.. من عامل سكك حديدية إلى نجم على خشبة المسرح
  • إثبات تأثير خطير لتدخين السجائر الإلكترونية أثناء الحمل على الأجنة
  • احمد شموخ يكتب: مسرحية فكّ الارتباط وخارطة الطريق السياسية!
  • سحر رامي تروي موقفًا محرجًا مع عادل إمام في مسرحية الزعيم
  • سفينة فاخرة في مهب الريح.. 40 ثانية من الإثارة والرعب تنتهي بإصابة 16 شخصا
  • سفينة فاخرة في مهب الريح.. 40 ثانية من الإثارة والرعب تنتهي بإصابة 16 شخصا / فيديو وصور
  • شاهد بالفيديو.. طيار حربي سوداني يبهر المواطنين الجالسين أمام النهر بمدينة شندي باستعراضه بطائرته التي كادت أن تلامس الماء ومتابعون: (ناس شندي يتابعون فيلم أكشن على الهواء مباشر)
  • مدون أمريكي يكشف معنى الكلمة البذيئة التي تلفظ بها زيلينسكي خلال مشادته مع ترامب / شاهد
  • صور مسربة للسيارة التي قد تنقذ نيسان من الإفلاس| شاهد