هو طبعة جديدة من "هولاكو" أحد أشهر سفاحي التاريخ .. و"هولاكو" – قائد المغول في القرن الثالث عشر- كان سفاحاً قاتلاً دموياً متغطرساً حقيراً، وهولاكو العصر عنده ذات الصفات وزاد عليها أنه تافه مختل العقل أهوج أخرق، وضعيف أمام النساء.
سنوات عمره الطويلة وشعره الثلجي الأبيض لم تزده إلا تهوراً وجنونا وضعفاً أمام النساء !
صوَّر له خياله المريض أنه حاكم كوكب الأرض، فتوهم أنه إذا قال شيئاً، فعلى الدنيا السمع والطاعة، وإذا أراد فلا بد أن يستجيب القدر!
هذا السكرير العربيد الراكع بين أفخاذ البغايا راح يقسّم بلاد العرب ويأمر بنقل بعض الشعوب العربية من مكان لآخر، وكأن بلاد العرب قطعة شطرنج يعبث بما شاء من رقعها، وكأن الشعوب العربية مجرد أحجار شطرنجية ينقل ما يشاء منها أينما شاء.
العجوز الخِرب منهوك العقل، والذي لاحقته تهمٌ بالاعتداء الجنسي، والتهرب الضريبي، والتشهير والتآمر لعرقلة إجراءات رسمية والتآمر على الحقوق.. راح يتقمص دور الرجل القوي، ويقول إن على مصر أن تفعل كذا وكذا وعلى الأردن أن تفعل كذا وعلى الفلسلطينيين أن ينتقلوا من هنا إلى هنا.. ولو كان يعلم أو يعقل لما قال مثل هذا الهراء.
فلو كان هذا العجوز قد قرأ صفحة من التاريخ لعرف أن مصر لم تركع أبداً لغير الله، وأنها وقفت ضد كل عتاة التاريخ وأجهضت كل مخططاتهم وقطعت عليهم كل أحلامهم وأنهت تماماً كل هلاوس عقولهم.
لو كان يقرأ أو يعلم لعرف أن رؤوس المصريين لم تنحنِ إلا لله وأنها مرفوعة إلى السماء مهما كان حجم مرارتها وآلامها، وحتى لو كانت مخضبة بالدماء.
ليته يقرأ -فقط- ما فعله المصريون مع رسل شبيهه التاريخي "هولاكو" .. هولاكو الذي كان قبل حوالي 8 قرون قد احتل نصف العالم ، وأراد أن يبتلع مصر ويضمها إلى حظيرة مملكته فبعث بـ4 رسل يحملون رسالة تهديد إلى حاكم مصر -آنذاك- " سيف الدين قطز" يطلب منه التسليم أو القتل وتدمير البلاد.
أتدري أيها العجوز ماذا فعل " قطز" برسل هولاكو؟.. ذبحهم وعلق رؤوسهم على باب زويلة، ثم خرج إلى المصريين وقال خطبته الشهيرة التي يسجلها التاريخ، قال:" يا أهل مصر عندما بايعتموني على السلطة كان ذلك لأن جيش هولاكو قد اقترب منا وأصبحوا على أبواب بلادنا، وإنما دفعكم إلى مبايعتي هو عهدي لكم بحماية الأرض والعِرض، وحماية البلاد والعباد وحماية أمتنا وديننا وكرامتنا ولكن مهما امتلكت من القوة والحكمة، فلن أستطيع أن أردهم وحدي، إنني بحاجة إلى أذرع الرجال تحمل سيوفاً ورماحاً وسهاماً، وبحاجة إلى أذرع النساء ترتفع لنا بالدعاء.. أيها الناس لقد أرسل إلينا هولاكو رسلاً مطالباً إما التسليم أو الهرب خارج البلاد، وأراد أن يزرع خوفاً في قلوبنا لما معه ومن معه، وإذا كان معه الجند والرماح والمنجنيق، فإن معنا ما هو فوق كل هذا معنا الله عز وجل ، وما هذا إلا امتحان من الله -سبحانه تعالى- فإما النصر وإما الشهادة".
وبالمناسبة كانت مصر في ذلك الوقت تعاني فقراً وقلة في الزاد وصعوبة في الحياة، ولكن هذا لم يمنع المصريين من تجهيز جيشهم والخروح لملاقاة التتار وهزموهم شر هزيمة ومزقوهم كل ممزق ، وقتلوا قائد المغول في المعركة.. أتدري أين كانت تلك المعركة؟.. كانت فوق أرض فلسطين.
هذه مجرد صفحة من تاريخ مصر ، وهؤلاء هم المصريون الذين لم تعرفهم حتى الآن.
وإن شئت أن تسمع رسالة واحدة من مصري فاسمع ما قاله ابن شبرا الشاعر عبد الله شمس الدين:
يا هذه الدنيا أطِّلي واسمعي.
جيش الأعادي جاء يبغي مصرعي.
بالحق سوف أرده وبمدفعي.
فإذا فنيت فسوف أفنيه معي.
وتلك هي الخلاصة: "إذا فنيت فسوف أفنيه معي".. والله فوق الغادر المتكبر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كلمات إلا مصر هولاكو كوكب الأرض الشعوب العربية مصر أهل مصر
إقرأ أيضاً:
من العصر القديم إلى الحديث.. رمضان في الشعر العربي.. تجليات روحية وصور أدبية
يحتل شهر رمضان مكانة خاصة في وجدان المسلمين، حيث تتجلى فيه قيم العبادة، والتأمل، والتواصل الروحي، ولم يكن الشعراء بمنأى عن هذا التأثير، فقد تغنوا بجمال الشهر الكريم، ورصدوا أجواءه الروحانية وأثره في النفوس، معبرين عن معاني الصوم والطاعة والصفاء الروحي.
رمضان في الشعر العربي القديمفي العصر العباسي والأندلسي، أبدع الشعراء في وصف رمضان باعتباره شهر العبادة والتقوى. يقول أبو تمام في قصيدة مشهورة: (والصوم مروضة النفوس لفطْرها.. عن لذةِ الإثم الذي هو ملتذ).
ويرى أن الصوم يروض النفس، ويبعدها عن الذنوب والشهوات، ليكون وسيلة للتطهير والتقرب من الله.
أما الشاعر الأندلسي ابن العريف، فقد صور رمضان ببهجة خاصة، واعتبره موسماً للتوبة والمغفرة، حيث يقول: (وشهر الصوم منتصف تجلى
ينادي بالتقى في كل واد).
أما في الشعر الصوفي، فقد تميز رمضان بوصفه فرصة للوصول إلى الصفاء الروحي والانقطاع عن الدنيا للتركيز على الله، وكان جلال الدين الرومي وابن الفارض من أكثر الشعراء الذين مجدوا هذا الشهر بطريقة رمزية، حيث شبهوا الجوع بالصيام عن كل ما يشغل القلب عن الله، يقول ابن الفارض: (إن لم يكن فِي معادي آخِذِي بيدي.. فما صيامي وما صومي وما سنني)، ويعني هنا أن الصوم ليس مجرد الامتناع عن الطعام، بل هو تقرب روحي إلى الله، وتطهير للقلب والنفس.
رمضان في الشعر الحديثفي العصر الحديث، استمر الشعراء في الاحتفاء برمضان، ولكن بأساليب أكثر بساطة وأقرب إلى الحياة اليومية، فقد صور أحمد شوقي رمضان بكونه شهر الخير والرحمة، حيث يقول: (رمضان ولى هاتها يا ساقي.. مشتاقة تسعى إلى مشتاق)، ورغم أن البيت يتحدث عن انقضاء رمضان، إلا أنه يعكس اشتياق الناس لهذا الشهر بكل تفاصيله.
أما محمود حسن إسماعيل، فقد صوّر مشاهد رمضان في الريف المصري، حيث تحدث عن صوت المسحراتي، وعن تجمع الأسر حول موائد الإفطار في أجواء مليئة بالدفء.
ويظل رمضان ملهمًا للشعراء في كل العصور، حيث يجسد معاني الطهر والتأمل والتقرب من الله، وبينما ركز القدماء على الجوانب الروحانية والتعبدية، تناول المحدثون أجواءه الاجتماعية وتأثيره في الناس. ورغم اختلاف الأساليب، يبقى رمضان مصدر إلهام متجدد في الشعر العربي.