حب من العيادة إلى المحكمة.. زوجة تقاضي طبيبها لانشغاله بالعمل
تاريخ النشر: 1st, February 2025 GMT
لم تكن تتخيل سمر، الفتاة الجميلة ذات الـ 23 عامًا، أن طرقها على باب عيادة طبيب الأسنان سيغير حياتها تمامًا، عندما رأت الدكتور سامح لأول مرة، لم يكن مجرد طبيب بالنسبة لها، بل كان فارس الأحلام الذي لن تدعه يفلت من يديها، وبمهارة لا تقل عن مهارة طبيب الأسنان في عمله، نجحت في جذبه إليها، حتى تزوجا في قصة حب ظنت أنها ستستمر بلا عقبات.
لكن بعد أقل من عام، تغير كل شيء. مع حملها بطفلهما الأول، بدأ الوهم يتسلل إلى عقلها، كانت ترى زوجها يغادر المنزل مع شروق الشمس للعمل في المستشفى الحكومي، ثم ينتقل إلى عيادته، ليعود ليلًا منهكًا، فلا تجد منه إلا النوم والإنهاك، شعرت أن حبها بدأ يتلاشى وسط مشاغله، وأنها أصبحت مجرد شخص مهمل في حياته.
حاولت الضغط عليه، طالبته بالتخلي عن العيادة والاكتفاء بوظيفته الحكومية، خاصة أن وضعهما المادي مريح. لكنه رفض، مؤكدًا أن الطب ليس مجرد مهنة، بل رسالة، حاول أن يطمئنها بأن طفلهما القادم سيكون مصدر السعادة لهما معًا، لكن كل محاولاته باءت بالفشل.
تصاعدت الخلافات، حتى قررت سمر رفع دعوى طلاق للضرر أمام محكمة أسرة الزيتون، متهمة زوجها بالهجر والانشغال عنها، ورفضت المحكمة الدعوى، لعدم قدرتها على إثبات الضرر.
وقدمت المدعية دعوى استئناف، وتنتظر فصل المحكمة لمعرفة مصير قضيتها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المستشفى طبيب الأسنان الفتاة عيادة طبيب المزيد
إقرأ أيضاً:
بطالة بثوب الوظيفة
سلطان بن محمد القاسمي
تخيَّل مَعيَّ هذا المشهد: شخص يستيقظُ صباحًا، يرتدي ملابسه الرسمية، يحتسي قهوته، ويتوجه إلى مكتبه؛ حيث يقضي ساعات العمل متنقلًا بين هاتفه الجوال وقراءة الأخبار، وربما يُنجز مهمة أو مُهمتين لا تحتاجان لأكثر من دقائق معدودة، وفي نهاية اليوم، يخرج مبتسمًا لأنه حصل على راتبه مُقابل وقت قضاه دون إنتاج حقيقي!! هذا هو جوهر البطالة المُقنَّعة، تلك الظاهرة التي تجعل من الوظيفة مجرد مسمى دون أن يكون لها تأثير حقيقي على العمل أو المجتمع.
وعندما نتحدث عن البطالة، غالبًا ما يتبادر إلى الذهن صورة شخص يبحث عن وظيفة بلا جدوى، لكن هناك نوعًا آخر أكثر خفاءً وأشد ضررًا، وهو البطالة المُقنَّعة؛ حيث يكون الموظف حاضرًا جسديًا لكنه غائب فعليًا عن منظومة الإنتاج. فقد يكون في مكتب فاخر أو خلف شاشة كمبيوتر، إلّا أنه في الحقيقة لا يضيف أي قيمة تُذكر. هذه الظاهرة ليست مجرد مشكلة فردية؛ بل هي أزمة مجتمعية واقتصادية تهدر الطاقات وتستنزف الموارد دون تحقيق أي مردود حقيقي.
هذه المشكلة ليست وليدة اليوم؛ بل هي نتيجة تراكمات طويلة من التوظيف العشوائي، والتخطيط غير الدقيق، وربما معايير غير موضوعية في التعيينات. كذلك في بعض المؤسسات، تجد أن عدد الموظفين أكثر من المطلوب بكثير، والمهام يتم توزيعها بشكل غير عادل، فتجد موظفًا غارقًا في العمل، وآخر يقتل الوقت بحثًا عن شيء يفعله. هذا الخلل يُنتج بيئة عمل راكدة تفتقر إلى الابتكار؛ حيث يتعود الموظفون على نمطية الأداء دون تطوير أو تقدم.
لكن كيف تؤثر هذه الظاهرة على الاقتصاد؟ ببساطة، عندما تُخصص الرواتب لموظفين لا يقدمون إنتاجًا حقيقيًا، فإن ذلك ينعكس على ميزانية المؤسسات، ويحد من قدرتها على الاستثمار في مجالات أكثر حيوية. كما إن البطالة المُقنَّعة تُضعف من تنافسية الاقتصاد؛ حيث تصبح بيئات العمل متخمة بالروتين والبيروقراطية بدلًا من أن تكون منصات للإبداع والإنتاج. والأسوأ من ذلك أنَّ هذه الظاهرة تؤثر على روح العمل الجماعي، فحين يرى الموظفون المجتهدون أنَّ هناك من يحصل على نفس الامتيازات دون جهد يُذكر، فإنَّ ذلك يولد شعورًا بالإحباط، وقد يدفع البعض إلى تبني نفس سلوك التراخي واللامبالاة.
أما على المستوى الاجتماعي، فالموظف الذي يشعر بعدم جدوى عمله يفقد حماسه ورغبته في التطوير، وقد تتحول الوظيفة إلى عبء نفسي بدلًا من أن تكون مصدرًا للإلهام والإنجاز. ومع الوقت، قد تنتشر ثقافة "الراتب مقابل الحضور"، بدلًا من "الراتب مقابل الإنتاج"، وهو ما يُؤدي إلى تآكل روح العمل والابتكار. والأخطر من ذلك أن هذه الثقافة تمتد إلى الأجيال الجديدة، فينشأ الشباب على قناعة بأن الوظيفة مجرد مكان يُؤتى إليه صباحًا ويُغادر مساءً، دون أن يكون هناك هدف أو معنى حقيقي وراء ذلك.
ولا تقتصر الأضرار على الإنتاجية فحسب؛ بل تمتد إلى التأثير النفسي العميق على الموظفين؛ حيث يشعرون بعدم القيمة والانتماء، مما يؤدي إلى تراجع معنوياتهم وإحساسهم بعدم الجدوى. هذا الإحساس قد يتحول إلى حالة من الإحباط الوظيفي، وربما يؤدي في بعض الحالات إلى اضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب، خاصة عندما يكون الشخص محاطًا بثقافة عمل راكدة لا تحفزه على الإنتاجية أو العطاء.
وعلى المستوى الدولي، هناك تجارب ناجحة تمكنت من تقليص البطالة المُقنَّعة بفعالية. على سبيل المثال: اليابان والتي تشتهر بتطبيق نظام التوظيف القائم على الكفاءة وتطوير المهارات؛ حيث يُعاد تأهيل الموظفين باستمرار لضمان مساهمتهم الحقيقية في الاقتصاد. وفي الدول الإسكندنافية، يُعتمد على قياس الإنتاجية الفعلية بدلًا من التركيز على عدد ساعات العمل، مما يخلق بيئة وظيفية قائمة على الأداء والابتكار.
أما في عالمنا العربي، فإنَّ هذه الظاهرة أكثر انتشارًا في القطاع الحكومي مقارنة بالقطاع الخاص؛ إذ إن المؤسسات الحكومية غالبًا ما تكون مُشبَّعة بالموظفين الذين لا يمتلكون أدوارًا واضحة أو إنتاجية حقيقية. وفي المقابل، يميل القطاع الخاص إلى قياس الأداء بناءً على النتائج لا الحضور، مما يحد من انتشار البطالة المُقنَّعة فيه. لكن المشكلة الكبرى تكمن في أن ثقافة "الوظيفة المريحة" ما زالت سائدة؛ حيث يبحث الكثيرون عن وظائف تضمن لهم راتبًا ثابتًا دون النظر إلى مدى إنتاجيتهم الفعلية.
ومما يزيد الأمر تعقيدًا، هو أن هذه الظاهرة تؤثر على حس المواطنة والانتماء الوطني؛ حيث يشعر بعض الموظفين بأنَّ هناك غيابًا للعدالة الوظيفية عندما يرون أن الأداء لا ينعكس على الامتيازات، فيصبح العمل مجرد روتين لا يحمل أي قيمة حقيقية. وهذا بدوره يقلل من ثقة الأفراد بمؤسساتهم، ويخلق بيئة عمل غير صحية تؤثر سلبًا على الاقتصاد ككل.
ولمواجهة هذه المشكلة، لا بُد من إعادة النظر في سياسات التوظيف والتقييم الوظيفي، بحيث يتم قياس الأداء بناءً على النتائج الفعلية لا مجرد الوجود في المكتب، وإن كان هذا يوجد في بعض الدول والمؤسسات إلا أنه ينبغي أن يكون سياقًا مستمرًا في استراتيجية وخطة أية مؤسسة. كما إن الاستثمار في التدريب المستمر وتطوير مهارات الموظفين يمكن أن يُحسن من إنتاجيتهم، ويجعلهم أكثر ارتباطًا بأعمالهم. أيضًا، يمكن للحكومات والقطاع الخاص تشجيع ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة، مما يفتح المجال أمام الكفاءات الحقيقية لإيجاد فرص عمل تتناسب مع إمكانياتهم.
ويمكن أن يكون التحول الرقمي أحد الحلول الفعالة أيضًا، إذ يساعد على كشف الوظائف الزائدة عن الحاجة، ويوفر أدوات لمراقبة الأداء بطريقة أكثر شفافية. فبعض الدول، مثل إستونيا، نجحت في استخدام التكنولوجيا لتحليل بيانات سوق العمل وتحديد الفجوات الوظيفية، مما أسهم في تقليل البطالة المُقنَّعة وتحسين الكفاءة الإنتاجية. ويمكن أن تستفيد الدول النامية من هذه التجربة من خلال رقمنة الوظائف الإدارية والحد من العمليات الورقية غير الضرورية، مما يُسهم في خلق بيئات عمل أكثر كفاءة وإنتاجية.
وبالحديث عن الحلول الفعّالة، فإنَّ إعادة هيكلة المؤسسات يمكن أن تكون خطوة ضرورية في القضاء على البطالة المُقنَّعة. وقد يبدو الأمر صعبًا في البداية، لكنه حيوي لاستدامة أي اقتصاد. على سبيل المثال، يمكن إعادة توزيع المهام داخل المؤسسات بحيث يكون لكل موظف دور حقيقي ومُؤثر. كما يُمكن تطبيق برامج تحفيزية تربط العلاوات والترقيات بمستوى الإنتاجية والابتكار، لا بعدد سنوات الخدمة فقط.
وفي الختام.. لا بُد من أن نُدرك أنَّ الوظيفة ليست مجرد وسيلة لكسب العيش؛ بل هي أداة لبناء الذات والإسهام في تطور المُجتمع. حين يصبح العمل مرتبطًا بالإبداع والإنتاجية، لا بالحضور الشكلي، حينها فقط يمكننا أن نقول إننا على الطريق الصحيح نحو بيئة عمل أكثر كفاءة واقتصاد أكثر ازدهارًا. وإذا استمررنا في تجاهل المشكلة، فسنظل ندور في دائرة مُغلقة من الجمود الوظيفي؛ حيث تكون الوظائف مجرد أسماء، والرواتب مجرد أرقام، لكن دون أثر حقيقي في مسيرة التنمية.
رابط مختصر