عمان 21 آب – تعرض لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان، يوم غد الثلاثاء، الفيلم الهندي ” صوت أبيه “، للمخرج ” كارثيكيان كيروبهاكاران”، وعلى فترتين في تمام الساعة السادسة والنصف والثامنة مساء، وذلك في مقر المؤسسة بجبل عمان.
وقال عضو لجنة السينما في شومان الناقد السينمائي ناجح حسن، إن السينما الهندية عرفت عبر مسيرتها المديدة، بتلك الاشتغالات الدرامية المتنوعة الصاخبة أحيانا، التي يغلب عليها الإطار الاستعراضي الموسيقي والغنائي والمشاهد الآتية من بطون الجغرافيا المشرعة على تضاريس طبيعية، تعج بالتكوينات الجمالية لجبال وسهول وأشجار وبيوتات وقصور ذات أنماط معمارية فريدة، إلا أن الأمر في فيلم “صوت أبيه” للمخرج كارثيكيان كيروبهاكاران، يبدو مغايرا، فهو أشبه بعمل يخالف قواعد الدراما الهندية المألوفة في السينما الهندية، لكنه يبقى أسير فكرة التزاوج بين الموسيقى والدراما من خلال قصة لافتة، وأداء تمثيلي هادئ وتصوير فطن بتكوينات عوالمه على خلفية أدبيات الموروث الهندي والرقص التقليدي.


وأضاف أن الفيلم يستهل أحداثه، مع (جون) الأمريكي، وبصحبته زوجته وابنهما (كريس)، الذين يعيشون مع أسرة هندية تتكون من زوج وزوجة ومعهم ابنتهما (فالي)، ويقيمون معا داخل مدرسة الموسيقى والرقص في احدى البلدات الهندية. الوالد (جون) هو موسيقي موهوب لديه شغف عميق بالموسيقى الكلاسيكية الهندية، في حين يصبح الفتى والفتاة (كريس وفالي)، لا ينفصلان لأنهما ينغمسان في العالم من حولهما، بينما يتعلمان من الطبيعة ووالديهما. في النهاية، بدأت زوجة جون تشعر بالقلق من تأثير الأسرة الهندية المتزايد في حياة زوجها وابنها، فتركت المدرسة وغادرت مع ابنها كريس إلى موطنها الأصلي في أمريكا، لكن يحدث بعد 12 عاما، أن يعود (كريس) وقد أصبح راقصا شابا، يائسًا من لقاء والده الذي يعقد عليه آمالا عريضة للشفاء من جراحه العميقة طيلة سنوات غيابه، فقد أصبحت رفيقة طفولته راقصة جميلة وموهوبة، فعلى الرغم من استيائه الشديد من والديها، بدأ يكتشف الحل للشفاء بالقدرة على التسامح.
وبين حسن أن تسري أحداث الفيلم مفعمة بتلاوين من الموسيقى والرقصات الهندية الأصيلة المختلفة، يوظفها المخرج بدقة وافتتان بالمكان وعناصر الطبيعة في إيقاع هادئ سلس داخل حكايات حب وفراق وعواطف بين الثقافتين الغربية والشرقية في دلالات بليغة، تحضر فيها براعة التصوير لكاميرا تكشف أكثر مما تبطن علاقات وأوضاع وتبحث عن حلول لمشكلات إنسانية معقدة، ففي الفيلم العديد من أنماط الحياة بين أجيال الشباب والآباء على وقع ترانيم نقية لموسيقى أصلية هادئة ودراما رومانسية تنبض بالحياة، وبشكل أكثر وضوحا في معاني الكلمات المغناة بما يشبه لازمة متكررة في سائر أحداث الفيلم.
وقال إن فيلم “صوت والده” وهو العمل الأول لمخرجه، يغرف حواراته المقتصدة وموسيقاه العذبة بشكل جميل من ثراء الثقافة الهندية، في تركيز على أهمية ودور الأب داخل الأسرة، فعلى الرغم من أن هذا قد يبدو غريبا بالنسبة للجمهور المعتاد على انماط السينما الهندية، إلا أن مخرجه صوَّر أحداثه بشكل عميق يعلي من شأن كرامة واحترام الأب بوصفه عماد الأسرة، عدا عن ذلك، هناك التصوير الفطن لمفردات من التقاليد والعلاقات السائدة في الثقافة الهندية، سعى فيه صنّاع الفيلم إلى تقديم معالجة سمعية بصرية مثيرة بمناخاتها وأحداثها، وحبكة من الحكم والأقوال الهندية المأثورة، تزخر بالكثير من ألوان الغناء والرقص والغناء، أحيانا في ثنائيات كجزء من البروفات لحفل رقص يحاكي ملحمة قديمة عن الشخصيات الهندية الأسطورية، وكانت النتيجة ميلودراما موسيقية روحية رومانسية تتأمل محطات ومواقف ودواخل الذات في العلاقة مع الآخر، على خلاف ذلك الإبهار المجاني في السينما الهندية السائدة.

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

فيلم قطار الطفل.. صوت الموسيقى في مواجهة ضجيج الحرب

على الرغم من عقود طويلة مرت على اشتعال نيران الحرب العالمية الثانية - 1944 وما خلفته من كوارث ومآسٍ، إلا أن القصص الإنسانية والاجتماعية ناهيك عن قصص المعارك الحربية ظلت حاضرة أيضا في المرويات المرتبطة بتلك الحقبة العصيبة.

وخلال ذلك بقيت السينما تنهل من قصص تلك الحرب، فلا يكاد يمر عام من دون أن تظهر أفلام جديدة تحاكي تلك الحرب أو تروي قصصها، وهو ما يمكن النظر إليه من زاوية وجود جمهور لا يزال يجد في قصص تلك الحرب ما يجذبه إليها.

من هنا يمكننا النظر إلى الفيلم الإيطالي "قطار الأطفال" للمخرجة كرستينا كومنتشيني والمأخوذ عن رواية حملت الاسم نفسه للكاتبة الروائية فيونا اردوني، وقد كتب سيناريو الفيلم اثنان من كتاب السيناريو بالإضافة إلى المخرجة وهما جوليا سيليندا وكاميل دوغواي.

ها نحن في عام 1943 وفي مدينة نابولي الإيطالية وحيث حصاد الحرب وتشظيّاتها تضرب بشدة وتلتهم تلك الحرب أبناء الطبقات الفقيرة ومنهم أبناء ذلك الحي الفقير في تلك المدينة، وبسبب خشية العائلات -التي روعتها الحرب- على أطفالها وحفاظا على حياتهم وبمبادرة من الحزب الشيوعي الإيطالي آنذاك يتقرر إرسال الأطفال بواسطة قطار صاعد إلى الشمال لكي تحتضنهم بعض العائلات هناك، فما فحوى تلك الرحلة الغريبة وما أبعادها؟

في البدء لابد من التركيز على أصل الفكرة الواقعية التي انطلق منها الفيلم وهي جزء من حقائق التاريخ ومخلفات تلك الحرب المدمرة وتداعياتها وفي نطاق الصراع من أجل البقاء ولنا أن نتخيل صورة ذلك المجتمع الذي قدمه الفيلم وهو محاصر بالفقر والحرب من جميع الاتجاهات.

على أن انتقال الفتى أميريجو (كريستيان سيرفوني)، إلى تلك البيئة الجديدة البعيدة نوعا ما عن الحرب قد شكل تحولا دراميا ملحوظا خاصة من اندماجه في أجواء تعلم وتطوير مهاراته في عزف الكمان في أحضان معلمته التي احتضنته بكل ود وحنو ليعبر عن مكنونات نفسه ببساطة شديدة من خلال ذلك العزف، ومن جهة أخرى فإنه يجد في كنف ديرنا -الممثلة باربرا رونشي، ما لم يجده في أجواء عائلة أميريجو المزدحمة بالأطفال وبالتالي سوف يشعر أميريجو بالصراع بين الأم الحقيقية التي يفتقدها والأسرة البديلة التي تعتني به في غيابها.

يغطي الفيلم فترة من عدم اليقين الهائل في العالم، وباختصار فإنه يركز على تجربة الطفل في زمن الحرب وهي تجربة لطالما شكلت محورا مهما من محاور وموضوعات سينما الحرب العالمية الثانية من خلال إظهار انعكاسات تلك الحرب على مختلف الفئات الاجتماعية وخاصة فئة الأطفال الذين دفعوا ثمنا باهظا من نتائج تلك الحرب.

على الجهة الأخرى تنجح المخرجة في بناء قصة سينمائية وخطوط سردية تتعلق بمجتمع من مجتمعات الحرب وبذلك أسست لما هو مختلف عما هو سائد ونمطي في ذلك النوع من الأفلام التي شكلت الذاكرة التاريخية الجمعية التي اعتدنا على مشاهدتها في العديد من الأفلام من هذا النوع وكذلك في تأسيس نوع ونمط فيلمي مختلف يواكب أشد الأزمات الإنسانية قتامة وهو ما يمكن النظر إليه من زوايا متعددة، أولها، زاوية المعاناة الإنسانية في ظل الحرب والتي تشمل أشد الفئات هشاشة وهي تلك العائلات التي تضررت من جراء الحرب بشكل مباشر.

من جهة أخرى تم نسج العلاقة بين الطفل ومعلمته التي عاش في كنفها، على أنها علاقة مختلفة، حملت للصبي صورة حياة أخرى أكثر تسامحا وعدلا وأقل وطأة على الذات، فالطفل وقد تحمل ما هو فوق طاقته وقدرته في وسط أسرة فقيرة نجده يتمسك بمعلمته وبالموسيقى ويجد فيهما ملاذا ولهذا حرصت المخرجة على ذلك المسار السردي في تعميق شخصية الطفل لجهة انشداده لحياته الجديدة وذلك النوع من الصراع مع الذات في العودة للأسرة الأصلية التي لم يجد فيها ما وجده مع معلمته وحياته الجديدة.

ولعل الحبكات الثانوية التي رافقت رحلة الطفل هي التي قادتنا إلى محور مهم وهو اكتشاف الطفل لحياة جديدة مختلفة دفعته للتشبث بها، والإمعان في التفاعل مع الحياة الجديدة ولكن من زاوية قد يبدو فيها نوع من الإسراف في استخدام الاستذكار ( فلاش باك)، فالفيلم منذ افتتاحه وهو يمضي مع شخص موسيقار ناجح يقيم حفلته في أحد المسارح الكبرى ثم العودة معه إلى البدايات التي أسهمت في تأسيس موهبته وتطويرها وخاصة تلك الذكرى البعيدة المدى الممتدة ببواكير البدايات وظهور الموهبة.

في النظرة العامة، وبدون المزيد من التفاصيل حول الشخصية الرئيسية، فإن الفيلم، يشبه مزيجًا مختلفا بين حكاية مثيرة للاهتمام ورحلة معاناة طويلة، أكثر من كونه فيلمًا تاريخيا لإمتاع المشاهدين أو لتذكيرهم بحقبة استثنائية شهدت أحداث تلك الحرب.

فعلى صعيد العرض الاجتماعي للأحداث، بدا من الصعب على الأسر التي تعيش في الجنوب الإيطالي أن تتقبل فكرة إرسال الأبناء إلى المجهول، لأنها عملية تبدو وكأنها خدعة وأنها امتداد للعديد من خدع الحرب، لكن العائلات الفقيرة بدت أكثر قناعة بأن أطفالهم سوف يكونون أفضل حالًا في مكان آخر مع أن هنالك من يجذر من أن اقتراب أولئك الأطفال وانغماسهم في بيئة ذات أيديولوجيا شيوعية، سوف يجعل أولئك الأطفال لقمة سائغة للروس.

من جانب آخر، هنالك شخصية موازية لهذه المعادلة وهي تلك الأم العزباء التي ترعى ذلك الطفل المهووس بالأحذية والتي تدرك جيدا أن خياراتها قليلة بينما هي تكافح من أجل البقاء على قيد الحياة، إلا أن الأمر بالنسبة للطفل أميريجو يختصر على الفور في الوعد بالحصول على أحذية بدون ثقوب، وهي قفزة من حالته الحالية حافي القدمين.

وما بين الجانب الخيري والإنساني وبين الخطاب السياسي المرتبط بأحداث الحرب، تراوحت أحداث الفيلم التي بقي فيها الطفل محورا مهما وفاعلا يعكس كل تلك التفاعلات والتي تمثلت في سرد متوازن عكس الواقع كما هو بلا مبالغات أو إسراف، في مقابل رحلة زمنية في حقبة مليئة بفواجع الحرب التي عمدت المخرجة على عدم التركيز عليها وجعل انعكاساتها على حياة الشخصيات أكثر من التفاعل معها بشكل مباشر وهي ميزة أخرى إضافية رسخت أحداث الفيلم وشجعت على المزيد من التحولات المهمة فيه.

..

إخراج/ كرستينا كومنتشيني

عن رواية فيونا اردوني - سيناريو جوليا سيليندا، كرستينا كومنتشيني، كاميل دوغواي

تمثيل/ الام أنطونييتا - الممثلة سيرينا روسي، الطفل أميريجو الممثل كريستيان سيرفوني. ديرنا - معلمة الموسيقى - الممثلة باربرا رونشي

مدير التصوير/ ايتالو بورتيشيوني

موسيقى/ نيكولا بيوفاني

التقييمات/ موقع أي ام بي دي 7.5 من 10، كومين سينس 4.5 من 5

مقالات مشابهة

  • عباس شومان: لغة الضاد تعاني تجاهل أهلها.. جعلوها متأخرة مع أنها في المقدمة
  • عباس شومان: «لا تشريع ولا فقه بدون التبحر في اللغة العربية»
  • برئاسة ولي العهد .. “تنفيذي الشارقة” يصدر قرارين بشأن لجنة التكامل الاقتصادي ودعم متضرري الكوارث الطبيعية
  • بسعر خيالي.. استعادة 3 ساعات مسروقة لـ”جون ويك”
  • “الشورى” يوافق على مقترح مشروع تعديل نظام إنتاج المواد التعليمية المساعدة وتسويقها
  • اليوم.. طرح الإعلان التشويقي لفيلم الهندي Sikandar لـ سلمان خان
  • الدوري الإنجليزي.. كريس وود يقود نوتينجهام لمواجهة إيفرتون
  • فيلم قطار الطفل.. صوت الموسيقى في مواجهة ضجيج الحرب
  • تأجيل نهائي “خليجي 26”
  • كريس ديامانتوبولوس: جمهور The office غاضب لليوم مني بسبب جيم وبام