تصنيف أمريكا لأنصار الله.. خطوة فاشلة لفرض الهيمنة على اليمن
تاريخ النشر: 1st, February 2025 GMT
علي ظافر
في خطوة تصعيديّة جديدة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تصنيف أنصار الله كـ «منظّمة إرهابية أجنبية»، مبرّراً ذلك بأنّ «الحوثيّين» شنّوا هجمات متكرّرة على السفن الحربية الأمريكية واستهدفوا كيان العدو الإسرائيلي بالصواريخ والمسيّرات، فضلاً عن العمليات الدفاعية ضدّ السعودية والإمارات خلال العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن بقرابة نصف مليون غارة.
هذا التصنيف يحمل في طياته أكثر من مجرّد تحرّكات سياسية كيّدية وربما عسكرية عدوانية؛ فهو يطرح تساؤلات عميقة عن مفهوم «الإرهاب» والممارسات الأمريكية في مناطق عديدة من العالم.
لا شكّ أنّ هذا التصنيف يثير السخرية لدى الكثيرين في اليمن. كيف يُتهم من يساند المظلومين في غزة ويدافع عن أرضه وسيادته بـ «الإرهاب»، بينما «أمّ الارهاب» أمريكا التي مارست أشكالاً متعدّدة من التوحّش والقتل والدمار في فيتنام، العراق، ومؤخّراً في فلسطين، تصف نفسها بأنها «رائدة السلام»؟ هذه التناقضات تُبرز معايير مختلّة في السياسة الأمريكية التي تبرّر عدوانها تحت شعار «الدفاع عن النفس»، بينما تُشهر تهمة « الإرهاب» في وجه من يقاومون الاحتلال والعدوان. اليمن، الذي وقف مع المستضعفين في غزة ورفض الإبادة، يُصنّف بـ «الإرهاب» لمجرّد وقوفه ضدّ العدوان الأمريكي الإسرائيلي.
من يمنح أمريكا الحقّ والشرعيّة في التدخّل السافر في شؤون الدول الأخرى؟ هذا السؤال يتردّد على لسان الكثيرين في المنطقة، وخاصة في اليمن، الذي تعرّض لأكثر من نصف مليون غارة جوية، ممّا أسفر عن استشهاد عشرات الآلاف من اليمنيين وتدمير بنيتهم التحتية.
وهل كان من حقّ أمريكا نشر قطعها الحربية في البحر الأحمر، لحماية ملاحة المجرم الإسرائيليّ ومصالحه، بينما تتجاهل حقّ اليمن في الدفاع عن نفسه، وحقّ أبناء غزة وفي فلسطين في الحياة وفي السيادة على أرضهم المغتصبة؟
التصنيف الأمريكي يأتي في وقت حسّاس، حيث يسعى ترامب إلى فرض مزيد من الضغوط على اليمن، خاصة على الصعيدين المالي والعسكري، بتجميد أصول «أنصار الله» في الولايات المتحدة وحظر أيّ تعاملات تجارية معهم.
لكنّ هذا القرار، بعيداً عن كونه خطوة مستهلكة وغير جديدة، لا يعدو أن يكون امتداداً للسياسات الأمريكية السابقة التي فشلت في التأثير على اليمن. فاليمن اليوم ليس كما كان في الماضي، بل أصبح قوة إقليمية لا يمكن تجاهله، قادر على فرض معادلات جديدة على الساحتين الإقليمية والدولية.
اليمنيون اليوم يدركون أنّ هذا التصنيف عديم الجدوى ولن يردعهم، بل سيزيد من عزيمتهم في الدفاع عن حقوقهم ومساندة قضايا الأمّة وفي المقدّمة فلسطين. فمن يتصوّر أنّ تصنيف اليمنيّين بالإرهاب سيؤدّي إلى تراجعهم عن كفاحهم من أجل السيادة والحرية، هو واهم.
ولن يتوقّف اليمن عن مقاومة العدوان مهما كانت الضغوط ومهما كان حجمها. أضف إلى ذلك، أنّ اليمن قد يمتلك أوراق ضغط اقتصادية وعسكرية في المقابل وستؤثّر بشكل كبير على المصالح الأمريكية، بل على مصالح حلفائها وأدواتها في المنطقة.
في الوقت نفسه، نجد أنّ التصنيف الأمريكي يتزامن مع خطوات أخرى، أبرزها إعلان ولي العهد السعودي استعداده لاستثمار 600 مليار قابلة للزيادة في أمريكا، فهل هذه الاستثمارات الضخمة في الولايات المتحدة ستكون ثمناً لهذا التصنيف؟ ما هو واضح أنّ التحرّكات الأمريكية والسعودية في هذا السياق قد تؤدّي إلى تصعيد جديد قد يعقّد الوضع اليمني والإقليمي بشكل أكبر، وخلافاً لما يخطّطون له، والتجربة خير شاهد.
في نهاية المطاف، يجب أن يعرف كلّ أعداء اليمن أنّ الحلّ الوحيد مع اليمن ليس في استعدائه وتصنيفه أو العدوان العسكري عليه. الحلّ يكمن في الحوار مع اليمن بندّية، على أساس المصالح المشتركة، ومن لا يراعي مصالح اليمن واليمنيين لن يراعي اليمن مصالحه. فعلى ترامب أن يدرك بأنّ هذا التصنيف لن يغيّر في الواقع شيئاً، بل قد يكون حافزاً أكبر لليمنيين للاستمرار في التصدّي أكثر للتدخّلات الخارجية.
إذا كان ترامب يعتقد أنّ هذه الضغوط ستؤدّي إلى إضعاف إرادة اليمنيين، فهو مخطئ. هذا القرار لن يزيدهم إلا إصراراً على الدفاع عن أرضهم وحقوقهم، ولن يغيّر التزامهم بمواصلة جهادهم ونضالهم من أجل الحرية والسيادة والكرامة.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: هذا التصنیف على الیمن الدفاع عن
إقرأ أيضاً:
ما تداعيات قرار واشنطن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية؟.. ناشط يمني من واشنطن يجيب
لا يزال الحديث عن تداعيات قرار الولايات المتحدة بتصنيف "أنصار الله" منظمة إرهابية أجنبية مستمرا، خاصة فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي والخدمي ومدى تأثر المواطن في ظل تراجع قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية وانقطاع المرتبات عن الموظفين العموميين منذ 9 سنوات في مناطق سيطرة الجماعة شمال ووسط البلاد.
وكانت جماعة الحوثي قد حملت في بيان لها، واشنطن تبعات قرارها الأخير على "الشأن الاقتصادي والإنساني في اليمن وعلى جهود السلام التي وصلت إلى مرحلة متقدمة".
عزلة دولية وخنق اقتصادي
وتعليقا على هذا الأمر، قال سيف المثنى، مسؤول المناصرة في مركز واشنطن لحقوق الإنسان بالكونجرس الأمريكي، إن هذا القرار كان متوقعا من قبل ترامب ، وهو نتيجة لسياسة إدارة بايدن الضعيفة نحو ما قام به الحوثي من تهديد الأمن البحري ومهاجمة أصول عسكرية أمريكية.
وأضاف المثنى لـ"عربي21" أنه لاشك، أن لهذا القرار تأثير على الجماعة بعد قرارات سابقة قامت بها وزارة الخزانة الأمريكية، مما يسبب "عزلة دولية واقتصادية وسياسية وقيود دبلوماسية".
وأشار إلى أن قرار إدارة ترامب الأخير من شأنه أن "يخنق الحوثي اقتصاديا أكثر مما قد يسبب لعودة النزاع في اليمن والتوجه لحرب جديدة"، مؤكدا أن هذا القرار قد يدفع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا لاستئناف قرارات البنك المركزي في العاصمة المؤقتة للبلاد، عدن، بنقل مقرات البنوك من مناطق سيطرة الجماعة الحوثية إلى عدن.
وتابع بأنه ذلك، يجعل من التعامل مع البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين من الناحية المالية معقدا جدا وغير قانوني، لافتا إلى أن ذلك يستوجب أيضا، إلى عدم التعامل مع البنك المركزي الواقع تحت سيطرة الحوثيين في صنعاء، وبالتالي إغلاق "نظام السويفت" عليه مما يجعله عديم الجدوى.
كما أن القرار الأمريكي بتصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية، بحسب مسؤول المناصرة بمركز واشنطن لحقوق الإنسان في الكونجرس، يلزم "المنظمات الدولية العاملة في صنعاء بإيقاف أنشطتها ونقل مقراتها إلى عدن، حيث مقر الحكومة المعترف بها دوليا، جنوبي البلاد.
وفي 22 كانون الثاني/ يناير الجاري، أعلن البيت الأبيض، أن الرئيس ترامب قرر إدراج جماعة أنصار الله (الحوثيون) على قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية".
وذكر البيت الأبيض في بيان له، أن "أنشطة الحوثيين تهدد أمن المدنيين والموظفين الأمريكيين في الشرق الأوسط، كما تهدد أقرب شركائنا الإقليميين واستقرار التجارة البحرية العالمية".
وأوضح أن سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة تتمثل في "التعاون مع شركائنا الإقليميين للقضاء على قدرات وعمليات الحوثيين، وحرمانهم من الموارد لإنهاء هجماتهم".
وأكد البيان، أنه سيوجه الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لإنهاء علاقتها مع الكيانات التي قدمت مدفوعات للجماعة.