لقد ولى عصر السلام الأميركي (باكس أميركانا) الذي وُلد مع الهجوم الياباني على الأسطول الأميركي الذي كان راسيا في قاعدته البحرية بميناء بيرل هاربر في جزر هاواي في 7 ديسمبر/كانون الأول 1941.

بهذه الفقرة استهل باحثان أميركيان مقالهما في مجلة فورين أفيرز، والذي ينتقدان فيه أسلوب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لعلاقات بلاده الخارجية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2وول ستريت جورنال: حماس تحوّل إطلاق سراح الرهائن إلى مشهد مهين لإسرائيلlist 2 of 2إعلام إسرائيلي يطالب بـ"إنجاز عسكري" في الضفة ويحذر من هبّة فلسطينيةend of list

ويرى إيفو دالدر الرئيس التنفيذي لمجلس شيكاغو للشؤون العالمية سفير الولايات المتحدة السابق لدى حلف شمال الأطلسي (ناتو) وجيمس ليندسي الزميل الأقدم والمتميز في مجلس العلاقات الخارجية بواشنطن أن النظام الدولي القائم على القواعد قد "مات" مع تنصيب دونالد ترامب رئيسا للمرة الثانية.

ووفق الباحثيْن، لطالما أكد الرئيس الأميركي أن لهذا النظام مساوئ أضرت بالولايات المتحدة من خلال تحميلها عبء مراقبة العالم وتمكين حلفائها من التلاعب بها واستغلال سذاجتها.

سلاح ضد أميركا

وتأكيدا لهذا الاستنتاج ضرب الكاتبان مثلا بتصريح لوزير الخارجية الأميركي الجديد ماركو روبيو قال فيه إن "النظام العالمي لما بعد الحرب العالمية الثانية لم يعد مجرد نظام عفا عليه الزمن، بل أصبح الآن سلاحا يُستخدم ضدنا".

وفي هذا السياق، أشار دالدر وليندسي إلى أن تشكيك ترامب وعدم يقينه في دعم الولايات المتحدة أوكرانيا وتايوان، وحرصه على فرض الرسوم الجمركية، وتهديداته باستعادة قناة بنما وضم كندا والاستحواذ على غرينلاند كلها نوايا توضح أنه يريد العودة إلى سياسات القوة ومجالات الاهتمام التي كانت سائدة في القرن الـ19 حتى لو لم يصغ سياسته الخارجية من خلال تلك المصطلحات.

إعلان استنزاف لأميركا

ويزعم الباحثان في مقالهما أن ترامب لا يرى أن للولايات المتحدة مصالح مهمة كثيرة خارج نصف الكرة الغربي، ويعتبر التحالفات استنزافا للخزانة الأميركية، ويعتقد أن على واشنطن أن تهيمن على دول الجوار.

وهذه نظرة للعالم تستند -كما يقول دالدر وليندسي- إلى قول مؤرخ الحرب البيلوبونيسية الإغريقي ثوكوديدس إن "الأقوياء يفعلون ما يشاؤون، والضعفاء يقاسون بقدر ما يفرض عليهم من معاناة".

ومع إقرارهما بأن حقبة السلام الأميركي حققت إنجازات "غير عادية" مثل ردع الشيوعية والازدهار العالمي غير المسبوق والسلم النسبي فإنها غرست أيضا بذور فنائها حتى قبل صعود نجم ترامب بوقت طويل.

وطبقا للمقال، فقد أدت "الغطرسة" الأميركية إلى حروب مكلفة ومذلة في أفغانستان والعراق، وحطمت الأزمة المالية في عامي 2008 و2009 الثقة بكفاءة الحكومة الأميركية ووصفاتها السياسية.

ساحة غريبة على أميركا

ويقول الباحثان إنه يمكن فهم الأسباب التي تجعل بعض الأميركيين يشعرون أن بلادهم أفضل حالا في عالم مختلف تصنع القوة فيه الحق.

ويضيفان أنه قد يبدو أن للولايات المتحدة يدا طولى في مثل هذا النظام، لأنها تملك أكبر اقتصاد في العالم، وجيشها الأكفأ كما يمكن القول إنها تحتل أقوى وضع جغرافي.

لكنهما يستدركان بأنها تعاني من عيب لا يحظى بالتقدير الكافي، وهو قلة الممارسة، ثم إن سياسة القوة المجردة هي ساحة نشاط غريبة على الولايات المتحدة، لكنها مألوفة لمنافسيها الحاليين.

ولطالما استاء الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين من نظام "باكس أميركانا" لأنه يحد من طموحاتهما الجيوسياسية، وفق المقال الذي يعتقد كاتباه أن هذين الزعيمين تعلما العمل معا لمواجهة النفوذ الأميركي، خاصة في جنوب الكرة الأرضية، كما أنهما لا يخضعان لضوابط وتوازنات مثل ترامب.

سياسة غير مؤكدة النتائج

ويمضي المقال إلى استخلاص العبر من الدروس السابقة، مشيرا إلى أن عودة الولايات المتحدة إلى انتهاج سياسات القوة التي كانت مهيمنة في القرن الـ19 لن تسفر على الأرجح عن الثراء الذي وعد به ترامب.

إعلان

ومع ذلك، فإن دالدر وليندسي يريان أن التخلي عن هذه الميزة سيكلف الولايات المتحدة ثمنا باهظا، إذ لن يقتصر الأمر على أن حلفاءها السابقين لن يسيروا خلف قيادتها فحسب، بل قد يسعى العديد منهم أيضا إلى التماس الأمان من خلال التحالف بشكل أوثق مع روسيا والصين بدلا منها، كما أنها قد تواجه انتكاسات مماثلة على الجبهة التجارية.

لا يفهم غير القوة

وخلص المقال إلى أن الشيء الوحيد الذي يفهمه ترامب هو القوة، وإذا عمل حلفاء الولايات المتحدة معا يمكنهم مواجهته بالكثير من قوتهم، وإذا نجحوا في تعبئة مواردهم بشكل جماعي فقد يتمكنون أيضا من كبح بعض أسوأ اندفاعاته ونزواته في السياسة الخارجية.

ويحذر الباحثان في ختام مقالهما من أن فشل حلفاء الولايات المتحدة في مواجهة ترامب يعني أن "حقبة أكثر قتامة من سياسات القوة المنفلتة تنتظرنا، حقبة أقل ازدهارا وأكثر خطورة على الجميع".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

احتجاجات واسعة ضد سياسات ترامب في الولايات المتحدة ومدن أوروبية

 

الثورة / عواصم / وكالات

تظاهر عشرات الآلاف في واشنطن ومدن أميركية أخرى، بالإضافة إلى مسيرات في عدة عواصم أوروبية، احتجاجاً على سياسات الرئيس دونالد ترامب ومستشاره إيلون ماسك، اللذين يقودان جهود تقليص الميزانيات العامّة. ورفع المتظاهرون لافتات كُتب عليها “ليس رئيسي”، “الفاشية وصلت”، “أوقفوا الشرّ”، مطالبين بوقف هذه السياسات التي أثارت الاستياء العامّ.
وفي أكبر احتجاجات منذ عودة ترامب إلى الرئاسة. قال المتظاهرون في واشنطن إنهم يشعرون بالقلق من محاولات إدارته تفكيك المؤسسات الديمقراطية، مع انتهاك الضوابط والتوازنات التي أُسّست لحماية الحقوق البيئية والشخصية.
وأثار ترامب غضب الكثير من الأمريكيين بسبب تقليص حجم الإدارات الحكومية وضغطه على الدول الصديقة بشأن شروط التجارة، مما أدى إلى هبوط أسواق الأسهم. ووفقاً للمتظاهرين، فإن الحزب الديمقراطي، الذي يعاني من ضعف في الكونغرس، يقف عاجزاً عن مقاومة تحرّكات ترامب العدوانية.
وفي واشنطن، تجمّع أكثر من 5000 شخص على بعد بضعة مبانٍ من البيت الأبيض في متنزّه ناشيونال مول، حيث أكد الناشط غرايلان هاغلر أمام الحشد: “لقد أيقظوا عملاقاً نائماً، ولم يروا شيئاً بعد”. وأضاف: “لن نخضع، ولن نهدأ، ولن نرحل”.
وفي حين نُظّمت التظاهرات في أكثر من ألف بلدة ومدينة في الولايات المتحدة، تجمّع المحتجون أيضاً في عواصم دول أوروبية مثل لندن وبرلين، حيث أعربوا عن قلقهم من تداعيات سياسات ترامب على الاقتصاد العالمي. وقالت ليز تشامبرلين، وهي مواطنة أميركية بريطانية، في لندن: “ما يحدث في أمريكا مشكلة الجميع. إنه جنون اقتصادي… سيدفعنا إلى ركود عالمي”.
وأظهرت استطلاعات رأي حديثة انخفاضاً في نسبة تأييد ترامب، وسط استمراره في فرض تغييرات عدوانية داخل وخارج الولايات المتحدة، ما أثار ردود فعل معارضة شديدة. وفي المقابل، تجاهل البيت الأبيض الاحتجاجات، وأكد الرئيس الأميركي أنّ سياساته “لن تتغيّر أبداً”.

مقالات مشابهة

  • تصاعد التوتر في البحر الأحمر| هل تنجح سياسة ترامب في ردع الحوثيين؟
  • احتجاجات واسعة ضد سياسات ترامب في الولايات المتحدة ومدن أوروبية
  • اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
  • رسالة خاطئة من إدارة ترامب تثير الذعر بين اللاجئين الأوكرانيين في الولايات المتحدة
  • وزير الخارجية الإيراني: لا معنى للمفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة
  • من بينها مصر والسعودية.. الولايات المتحدة تبدأ تحصيل رسوم ترامب الجديدة على واردات من دول عدة
  • وزير الخارجية الأميركي: لن نسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي
  • وزير الخارجية الأميركي يبحث مع نتنياهو ملف غزة والرسوم الجمركية
  • بسبب غرينلاند.. فرنسا باتت تخشى على أقاليمها الخارجية من مطالبات الولايات المتحدة
  • كيف يتعامل ترامب مع تصعيد إسرائيل في غزة؟ باحث يجيب