احتفاء نقدي مصري بنصوص الأديبة السعودية رجاء البوعلي
تاريخ النشر: 1st, February 2025 GMT
استضاف صالون غادة صلاح الدين الثقافي بالقاهرة، ندوة نقدية لمناقشة المجموعة القصصية "عشرة أيام في عين قسيس الإنجيلي" للكاتبة السعودية رجاء البوعلي.
شارك في الندوة من الكتاب والنقاد: مجدي نصار، وصفاء عبد الرحيم، والدكتور أحمد صلاح هاشم، وأدارتها الندوة غادة صلاح الدين، التي توقفت في تقديمها على عتبة الإهداء للمجموعة، مُشيرة لما حمهل الإهداء من رؤية فلسفية كرسالة تبعثها الكاتبة لجمهور قرائها منذ الوهلة الأولى، وتدير أنظارهم نحو لحظية الإنسان ووقتيته ورحيله المحتوم عبر ومضة أدبية إبداعية سلسة العبور.
وفي بداية الندوة، تحدث الناقد والكاتب مجدي نصار، في ورقته النقدية، عن اللوحات الفنية التي تجاور وتحاور قصص المجموعة، وهي لوحات لفنانيين متنوعين لتعبرعن فلسفة النص ومضمونه، حيث تم اختيارها - وفق نصار - بعناية واضحة من مدارس تشكيلية مختلفة كالتعبيرية والتكعيبية والسوريالية.
ورأى "نصار" أن ذلك الأمر دفع بالقارىء لتأمل القصة واللوحة بالتوازي تارة، وأخرى بالتناسج بين المؤثِّر والمتأثر.
واشار إلى أن قصص مجموعة "عشرة أيام في عين قسيس الإنجيلي"، تتحرك القصص وفق جدليات خاصة منها على مستوى المضمون "جدلية الأنا والآخر"، و" جدلية الذاتي والعام "، وعلى المستوى الشكلاني الفني " جدلية الواقعي والأدبي " و " جدلية السردي والشعري " و " جدلية السردي والتحليلي " وأخيرا " جدلية السردي والحواري ". وكما تتبدى سردية الأنا مقابل الآخر في عدة قصص، تتجسد الأنا بصفتيها الذاتية والجمعية، فقصة "عاملتي الإفريقية " تمثل محاولة للبحث عن المعنى الإنساني للوجود، بالخوضفي فضاء بيني ثالث يصنع هجينًا خاصًا يتموضع بين الثقافتين العربية والإفريقية، وتنهيها البوعلي نهاية تتأرجح بين القلبي المتعاطف مع الخادمة والذهني الرافض لخمولها، صانعة بهذه النهاية مفارقة خاصة.
ولفت إلى أن قصص المجموعة جاءت وفق منظومة سردية يتدفق فيها السرد ويتألق فيها الوصف مستعينًا بالشعر، غير أن الحوار يأتي في مواضع ليست قليلة معادلًا للسرد في رصانته.
وأما الكاتب والناقد الدكتور أحمد صلاح هاشم، فقد تناول فقال في قراءته النقدية إن المجموعة تمثل انفتاحًا على صورة المملكة العربية السعودية الحديثة مع ما تحمله من تغيير الصورة النمطية Stereo type لدى المتلقين، عبر التوغُّل في قصص تحمل سرديات من مناطق وطبائع وسلوكيات مختلفة، على أرض بلادها، من وجهة نظر محايدة قدر الإمكان، وإن لم يمكن تخليصها من مشاعر الفخر والوله بالبلاد، انتماء واعترافًا بالجميل.
وأشار إلى أن الكاتبة تبدأ رحلتها السردية بجرأة لافتة، باختيارها لتيارٍ جديد يعتمد على الانزياح الزمني، فلعلها من الثلة الأولى التي اختطت هذا التيار في المسطح السردي حديثًا. ففي حين تُفاجئنا بالمقدمة الفريدة في قصة الخادمة الأفريقية: "على أعشاب ساحل الخليج العربي، ألتفتُّ لأَرَاها مستلقيةً على بطنها"، كمقدمة جاذبة تهدف لتوريط القارئ بها، نجد بداية التعريف بهذه الخادمة الأفريقية في منتصف الأحداث، حيث تستخدم الكاتبة وببراعة سؤال الخادمة عن إمكانية السفر إلى أمها كمُتَّكَأٍ ومدخل لسرد تفاصيل لقائها بها من جديد.هذا الانزياح الزمني ليس تقنية سردية هنا بقدر ما هو حيلة كتابية لتعريف القارئ دون السقوط في فخ المباشرة، ودليل على إمساك الكاتبة بزمام القصة، وقدرتها على تحريك خيوطها ببراعة.
ورأى بأن رجاء البوعلي، تتناول قضايا المرأة بوعي شديد، دون أن تسقط في فخ الخطاب النسوي المباشر. ففي قصة "متعة"، نرى المطلقة التي تسعى للنجاة بنفسها من براثن الطامعين، في صورة تعكس الوجع المشترك بين جميع الإناث في المجتمعات الشرقية، بل والغربية بقدر ما.
كما تطرح مبادئ التمرُّد النسوي المحسوب في قصة "وجه الليل " وهي قادرة على حشد في فقرة واحدة ما يمكن أن يحيل إلى رمزية كبرى تحتاج إلى صفحات متعددة، يبرز في قصة " عطب أمومي ". ومع ذلك فهي لا تستنكف من التصريح بأن المرأة قد تكون متنمرة ومتناقضة ومنافقة، ذلك في قصتي " كوب شاي " و " المشهورة".
وفي القراءة النقدية التي قدمتها حول المجموعة القصصية "عشرة أيام في عين قسيس الإنجيلي" للكاتبة السعودية رجاء البوعلي، أكدت الكاتبة والناقدة صفاء عبد المنعم، على ضرورة إدراك قيمة التأمل اليقظ في العمل عند الدخول إلى عالم النص، فلابد أن يكون القارئ متيقظ لكل كلمة وإشارة ودلالة لتدخلنا إلى أعماق النص، وتكشف تجلياته وجماليته، سواء الظاهرة بدلالة واضحة أو الخفية من خلال الإشارات، وهنا يكون القارئ مشاركًا وليس قارئًا هامشيًا " المتلقي السلبي"، فالنص يفض أسراره للقارئ الموسوعي الباحث عن مواطن الجمال، وليس عن الحكاية فقط، اعتبارًا بالعمق النفسي داخل النص، والبعد الزمني والمكاني، الحدث الذي تشكلت منه الشرارة لبناء النص، الواقع الاجتماعي والثقافي والبيئي، الصدام الدرامي أو المأساة، الصراع بين الموروث الراسخ والوافد الذي جاء مع الحضارة والتقدم. وكملمحٍ آخر مهم تأتي المجموعة القصصية بمحاولة التماس من نص (ألف ليلة وليلة) في طريقة البناء (سرد وشعر).
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: فی قصة
إقرأ أيضاً:
الكاتبة شيماء سليم : خيري بشارة كان متمردا وصاحب تجربة مختلفة لا تشبه أحد
استضاف الإعلامي إبراهيم عيسى في حلقة، اليوم الأربعاء، من «لدي أقوال أخرى» على «نجوم إف.إم» الكاتبة شيماء سليم، للحديث عن كتابها «هي دي الحياة» عن المخرج خيري بشارة.
وقالت الكاتبة شيماء سليم، إن المخرج خيري بشارة حدثت إعادة اكتشاف لأفلامه مؤخرًا وأصبح بعضها أيقونة لأجيال لاحقة على عرض تلك الأفلام، فهو كان متمردا وصاحب تجربة مختلفة لا تشبه أحد.
وأضافت أن «بشارة» حكى لها أنه في أحد العروض، جاءه طالب جامعي وقال له إنه وُلد بعد عرض «آيس كريم في جليم» وأنه بالنسبة له هو فيلمه المفضل.
طفولة خيري بشارةحكت عن طفولة خيري بشارة، قائلة: «هو مولود لعائلة غنية لكن في مراهقته ولأسباب مجهولة بالنسبة له، تحولت العائلة من الرفاهية إلى الحياة البسيطة بعد ضائقة مالية، واكتشف هو السينما بمفرده وقرر دخول هذا العالم السحري».
تابعت: «في الكتاب ركزت على حياة خيري بشارة وليس عن أفلامه، وهو من قرر أن يقول كل شيء عن حياته بكل شجاعة، وقرر أن يحكي قصص قد يستغربها البعض، وطالما قرر هو ذلك فلا يمكن أن أقوم أنا بدور الرقيب».
وأشارت: «منذ أن بدأ في حكي حياته وأنا قررت أن يكون الكتاب في شكل حكايات يسردها خيري بشارة وألا أكون أنا ظاهرة في الكتاب».
وأوضحت: «خيري بشارة كان في عمر 5 سنوات عندما ضرب والده أحد الفلاحين في كفر الشيخ، وهنا تغير إلى معاداة عالم والده والأثرياء والتمرد عليه والانحياز إلى عالم ثورة يوليو، وكان هذا بمثابة إعادة ميلاد له وهنا تغير إلى خيري بشارة الذي نعرفه اليوم».
وحكت الكاتبة شيماء سليم عن رحلة خيري بشارة إلى بولندا والتي غيرت حياته بشكل كبير، قائلة: «تعلم هناك الكثير عن عالم الإخراج، وبعد فترة عاد إلى مصر ولكن لم يتمكن من إخراج أي أفلام مكتفيا بتقديم محاضرات عن السينما، وكان مشروعا رائعا وأفاده جدا، ثم جاء مخرج بولندي وساعده في فيلم قدمه في مصر وظل بجانبه لمدة 4 سنوات يتعاون معه، وقرر السفر إليه بعد ذلك إلى بولندا ولكن هذه التجربة لم تكن جيدة بالنسبة له، وفي أحد الأيام تعرض لضرب مبرح من 3 بولنديين عنصريين ورفضوا تواجده في بلاده، والمخرج الذي كان يتعاون معه قال له أنت هنا مواطن درجة ثانية وهي كلمة أغضبته جدا، ومن وقتها قرر العودة لمصر لكي يثبت نفسه».
الأفلام التسجيليةوأضحت الكاتبة شيماء سليم: «بدأ خيري بشارة عمله في مصر من خلال الأفلام التسجيلية، وقتها كانت حرب 6 أكتوبر حدثت وقرر عمل فيلم (صائد الدبابات) عن أحد أبطال الحرب، ثم قدم فيلم (طبيب في الأرياف)، وفيلم آخر اسمه (تنوير) وهي تجارب حصلت على جوائز وذهبت للعديد من المهرجانات، ثم قدم أفلام طويلة (الأقدار الدامية) و(العوامة 70)، و(الطوق والأسورة)».