إبراهيم الصديق يكتب: أيها الأسد: شكراً لك
تاريخ النشر: 1st, February 2025 GMT
الفريق اول ركن محمد عثمان الحسين رئيس هيئة اركان القوات المسلحة ، تمثل فيه قول المتنبي:
وقفت وما في الموت شك لواقف..
كأنك فى جفن الردى وهو نائم..
هو وكل هيئة القوات المسلحة والضباط والجنود بالقيادة العامة ، وقفوا فى وجه عواصف من العدوان وموجات من القصف والنيران ، هدمت البنايات ، واخترق الرصاص والقذائف الجدران ، ولكنها لم نهز شعرة من تلك الزمرة وهى تدافع عن ارادة امة وشعب.
كنت فى دارنا فى أمدرمان البعيدة أتابع بقلق النيران المشتعلة حول القيادة العامة والدخان المتصاعد واصوات الانفجارات المدوية، واتابع صور ومقاطع موجات الرعاع بعرباتهم وضجيجهم ساعين لكسر عزيمة الوطن من خلال السيطرة على ذلك الحصن ، واشعر بالضيق مثل كثيرين غيري فإن سقوط تلك القلعة يعنى سقوط وطن وراية ….
واليوم نرى من خلال المقاطع حجم الدمار فى المبنى ، وكل ذلك لم ينل من عزيمة القادة هناك ، أكثر من 90 يوماً كانوا تحت موجات هجمات يومية ، و20 شهراً تحت الحصار ، ومع ذلك تدبروا بتوفيق من الله أمرهم ، وليس ذلك فحسب ، بل أداروا مسرح العمليات العسكرية وحددوا أهدافهم بهدوء وصبر ، ووظفوا كل امكانياتهم لتلك الغاية..
بعد 20 شهراً ، هذا هو الفريق اول ركن محمد عثمان الحسين فى وادي سيدنا بام درمان ، رمزية ثبات وصبر الرجال فى وجه الردى:
نقول لها وقد طارت شعاعاً من الأبطال ويحك لن تراعي..
فإنك لو سألت بقاء يوم على الأجل الذي لك لم تطاعي..
فصبراً فى مجال الموت صبراً ، فما نيل الخلود بمستطاع..
وقد دونوا فى سجلات البطولة كتاباً جديداً ، وحفظوا وطنهم رغم شراسة العدوان وحجم المؤامرة ، وهذا شوط وأمامهم شوط آخر..
ذلك هو الجندى السوداني وهذه بسالته وقوة شكيمته وعلو همته..
حفظ الله البلاد والعباد..
ونقول له و لهم ، شكراً لكم..
إبراهيم الصديق
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
حسين خوجلي يكتب: الوقوف على الأطلال
بعد تحرير الخرطوم هاتفت أحد الأخوة الأفاضل الذي كان يعمل مهندسا بقناة أمدرمان الفضائية أم يذهب لمعاينة دارنا بالطائف وصحيفة ألوان وإذاعة المساء وقناة أمدرمان الفضائية فذهب المهندس مشكورا لكل المواقع وقام بتوثيقها وتصويرها، وقد أرسل لي رسالة فيديو رافقها بالصوت وهو يتفقد الأمكنة ركنا ركنا وقد استوقفني صوته الحزين وهو يردد باستمرار “لا حولا ولا قوة إلا بالله عوضك الله يا أستاذ رضا وأجرا على كل الذي فقدته” منزلكم العامر تمت سرقته بالكامل ولا أريد أن أدخل في التفاصيل فقد سرقوا كل شئ الأجهزة بكل أنواعها والمكتبة واللوحات والتحفيات النادرة وكل الأشياء الصغيرة ببعدها المعنوي وفيض ذكرياتها.
تركوا الأبواب مشرعة وملأوا الحيطان بشعاراتهم الشيطانية، وبكل جرأة وتمهل سرقوا المولد الكهربائي الكبير وكل سيارات الأسرة وظل يردد لا حولا ولا قوة الا بالله.
أما الإذاعة فقد أحرقوها حتى صارت رماداً حرقوا كل المكتبة الصوتية وكل الأجهزة الالكترونية المعينة وحتى عطر انفاس المبدعين.
أما صحيفة ألوان فقد نهبوا كل أجهزة الطباعة والتصميم وأجهزة التصوير وسرقو الأرشيف الورقي للصحيفة وغادروها أنقاضا تمثل حجم الحقد الدفين الذي يحمله هؤلاء لكل معابر التوثيق والاعلام في بلادنا.
أما القناة الفضائية فقد تمت سرقتها ونهبها أو قل استئصالها كليا وجزئياً نهبوا ستديوهات انتاج الفيديو الثلاثة بالكاميرات وأجهزة الصوت والكنترول والاضاءة والاثاث والديكور والإكسسوارات وكل جماليات الشاشة وسرقوا ستديو الصوت بكل اجهزته وسرقوا المكتبة وجهازها الذي احتوى على اكثر من ١٠٠ الف ساعة انتاج فيديو احترافي لا يقدر بثمن وسرقوا مكتبتي الصوتية والمرئية الخاصة وسيارات القناة وسرقوا اكثر من ١٢ كاميرا احترافية و١٢ جهاز أبل ماكنتوش احترافي للتصميم وكل أجهزة الكمبيوتر للعمل الإداري ومن الأحزان الكبيرة سرقتهم لغرفة البث المتقدمة والأجهزة والمعينات الإلكترونية.
باختصار قالها ضاحكا في سخرية حزينة وموحية “فلننتظر يا أستاذ وأنت معنا بعد هذا النهب الممنهج إطلالة قناة أمدرمان الفضائية من الضعين أو بانقي أو أم جرس بتشاد” حيث يقص العميل الخائن بعقيدته وقبيلته ودينه واهله مادبو الشريط التقليدي للافتتاح المنهوب.
قال المبعوث المهندس لم أوفق في زيارة المطبعة ودار النشر نسأل الله أن تكون قد حفظت أو أعمى الله بصيرتهم عنها.
رددت عليه برسالة قصيرة شاكرا جهده المقدر واخلاصه لمؤسساته القديمة التي صارت أثرا بعد عين وطلبت منه اغلاق كل الأبواب بالحديد الغليظ ويختمها بالشمع الأحمر، فإن عدنا سنعيد إن شاء الله ما دمروه، فنحن من شعب وأمة لا تعرف المستحيل، وإن لم نعد فاجعلوها متاحف شاهدة على جرائم عائلة هولاكو الجديدة وخراب التتار بنسختهم المزيدة والمنقحة الموسومة باسم النهب السريع.
وما بين الأمل الفقيد والرجاء الجريح سنظل نردد عبارة التعازي للراحل صلاح للأسف لم يبقى في العمر ما يكفي لبدايات جديدة
كما أرجو من كل قلبي أن تقف أيها الشاهدُ وحيداً بعد إكمال المهمة وتردد بصوت مشحون بلوعة الذكريات والتأسي النبيل على هذا الوطن الذي فقدناه بمواهبنا السالبة في الغفلة والطيبة التي تماثل السذاجة والثقة في الأوغاد، الذين لا يستحقون الحوار ولا الجوار بفطرة فاسدة طبعت على قلوبهم وعلى عقولهم وعلى جوانحهم وهم كالحجارة أو أشد قسوة، فمن الحجارة ما يتفجر منها الندى ويندلق الماء.
نعم قف وحيداً وردد أبيات الراحل ابراهيم ناجي
يا فُؤَادِي رَحِمَ اللّهُ الهَوَى ** كَانَ صَرْحاً مِنْ خَيَالٍ فَهَوَى
اِسْقِني واشْرَبْ عَلَى أَطْلاَلِهِ ** وارْوِ عَنِّي طَالَمَا الدَّمْعُ رَوَى
كَيْفَ ذَاكَ الحُبُّ أَمْسَى خَبَراً ** وَحَدِيْثاً مِنْ أَحَادِيْثِ الجَوَى
حسين خوجلي
إنضم لقناة النيلين على واتساب