بغداد اليوم -  بغداد

يواجه العراق أزمة طاقة متصاعدة تهدد بانهيار شبكة الكهرباء، مع تحذيرات من توقف إيران عن تزويد البلاد بالغاز بحلول عام 2025، حيث كشف المقرر البرلماني الأسبق محمد عثمان الخالدي لـ"بغداد اليوم" عن هذه المخاطر، مشيرًا إلى أن إيران تعاني من أزمات داخلية وعقوبات دولية أعاقت قدرتها على تلبية احتياجات العراق من الغاز، الذي يعتمد عليه لتشغيل "30%" من محطات توليد الكهرباء.

 

وتأتي هذه التحذيرات في وقت يعاني فيه العراق من انقطاعات كهرباء متكررة، خاصة في بغداد والجنوب، مما يهدد بإشعال غضب شعبي مع اقتراب فصل الصيف.

جذور الأزمة.. بين التبعية والإهمال 

يعتمد العراق بشكل كبير على الغاز الإيراني لتشغيل محطات توليد الكهرباء، حيث يستورد يوميًا نحو "50 مليون متر مكعب" من الغاز، تُستخدم لتشغيل محطات كهربائية حيوية مثل محطة "بسماية" جنوب بغداد، التي كانت تنتج "3,500 ميغاوات" قبل توقفها، ومحطة "الصدر" في العاصمة بقدرة "560 ميغاوات"، ومحطة "المنصورية" في ديالى بإنتاج "770 ميغاوات".  

لكن هذه الإمدادات تواجه تحديات جذرية، أبرزها الأزمة الداخلية في إيران، حيث تعاني طهران من نقص في إنتاج الغاز بسبب ارتفاع الاستهلاك المحلي خلال موجات الحر والبرد، إضافة إلى العقوبات الدولية التي أعاقت تحديث قطاع استخراج الغاز، مما أدى إلى انخفاض إنتاجها بنسبة "40%" خلال العقد الماضي. كما أن البنية التحتية القديمة لأنابيب نقل الغاز تتسبب في تسرب "15%" من الإمدادات قبل وصولها إلى العراق.  

وتتفاقم الأزمة بسبب عوامل داخلية في العراق، مثل أزمة المياه التي قلصت إنتاج سد الموصل من "755 ميغاوات" إلى "375 ميغاوات"، والفساد الإداري الذي أعاق مشاريع استثمار الغاز المحلي، رغم أن العراق يحرق "17 مليار متر مكعب سنويًا" من الغاز المصاحب للنفط، وفقًا لتقديرات البنك الدولي، مما يجعله ثاني أكبر دولة في العالم بعد روسيا في حرق الغاز.

تداعيات ميدانية.. بين الغضب الشعبي والانهيار الاقتصادي

أدت الانقطاعات المتكررة للغاز الإيراني إلى انهيار جزئي لشبكة الكهرباء في العراق، خاصة في بغداد والجنوب، حيث وصلت ساعات الانقطاع إلى "20 ساعة يوميًا" خلال صيف 2023 و2024، مع توقعات بتجاوزها "22 ساعة" في صيف 2025. 

وحذر المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى، في وقت سابق، من أن انقطاع الإمدادات الإيرانية سيتسبب في "كارثة حقيقية"، مشيرًا إلى أن المحطات المذكورة تعتمد كليًا على الغاز القادم من إيران، وأن أي انخفاض في التدفق سيؤدي إلى انهيار إنتاج الكهرباء.  

وتكبد العراق خسائر اقتصادية فادحة بسبب هذه الأزمة، حيث تُكلف استيراد الكهرباء من إيران نحو "4 مليارات دولار سنويًا"، بينما تُقدَّر خسائر القطاع الصناعي بسبب الانقطاعات بنحو 7% من الناتج المحلي الإجمالي. كما تهدد الأزمة بزعزعة استقرار حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، التي تعهدت بتحسين الكهرباء كأولوية، مع مخاوف من عودة احتجاجات 2019 التي اندلعت بسبب تردي الخدمات الأساسية.

استراتيجية الحكومة.. بين الطموح والتحديات

كشف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عن خطة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز عبر استثمار الغاز المصاحب للنفط، الذي يُحرق العراق منه "17 مليار متر مكعب سنويًا". وتشمل الخطة مشاريع مشتركة مع شركات عالمية مثل "شل" في مشروع "باسراك" لالتقاط "700 مليون قدم مكعب يوميًا" من الغاز المحروق بحلول 2025، إضافة إلى التحول إلى الطاقة المتجددة عبر مشروع "المنظومة الشمسية" الذي يهدف لإنتاج "12,000 ميغاوات" بحلول 2030.  

لكن هذه الخطة تواجه عقبات جسيمة، منها معارضة كتل سياسية لشروط العقود مع الشركات الأجنبية، وتأخر إقرار الموازنات الاستثمارية بسبب الخلافات بين بغداد وإقليم كردستان. كما تعمل الوزارة على حلول بديلة، مثل تحويل بعض المحطات للعمل بالنفط الأبيض، رغم أن تكلفته أعلى بنسبة "300%" مقارنة بالغاز، مما يجعله حلًا مؤقتًا غير مستدام.

تحذيرات الخبراء وحلول مُقترحة

حذر الخبراء من تداعيات استمرار الأزمة، حيث أكد محمد عثمان الخالدي أن "العراق أمام خيارين: إما التحرر من التبعية لإيران عبر استثمار غازه، أو الغرق في أزمات لا نهاية لها". من جهته، أشار المتحدث الرسمي بوزارة الكهرباء أحمد موسى إلى أن الوزارة تعمل على حلول بديلة، لكنها مكلفة وغير مستدامة.  

ودعا الخبراء إلى إجراءات عاجلة، مثل توقيع عقود طارئة مع دول خليجية مثل قطر لاستيراد الغاز المسال، وإعادة تأهيل المحطات القديمة لتعمل بالطاقة الشمسية. كما اقترحوا إنشاء "هيئة وطنية للطاقة" للإشراف على ملف الغاز والكهرباء، وتعزيز التعاون الإقليمي مع دول مثل تركيا لزيادة إطلاق المياه نحو سد الموصل، والانضمام إلى "مشروع الربط الكهربائي الخليجي".

اختبار مصيري للحكومة والمواطنين

العراق يقف عند مفترق طرق: إما أن تنجح الحكومة في تحويل خططها الورقية إلى واقع ملموس، أو تواجه انفجارًا اجتماعيًا مع صيف قد تكون ساعات انقطاع الكهرباء فيه أطول من ساعات توفرها. التحديات جسيمة – من الفساد إلى البيروقراطية – لكن الثمن الأعلى سيدفعه المواطن العادي إذا تأخرت الحلول.

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: من الغاز

إقرأ أيضاً:

انقطاع الكهرباء يشل الخدمات العامة في إسبانيا والبرتغال

تشهد إسبانيا والبرتغال، اليوم الإثنين، انقطاعاً واسعاً في التيار الكهربائي تسبب في شلل جزئي بالخدمات العامة، بما في ذلك حركة المرور والسكك الحديدية، وسط تقارير عن خلل في شبكة الكهرباء الأوروبية أثر على أجزاء من القارة.

وأعلنت شركة "ريد إلكتريكا"، المشغلة لشبكة الكهرباء الإسبانية، أنها تتعاون مع شركات أخرى لإعادة التيار الكهربائي بعد انقطاعه عن مناطق واسعة في كلا البلدين. 

وأدى هذا الانقطاع إلى توقف إمدادات الطاقة في مدن رئيسية مثل مدريد، برشلونة، وفالنسيا، بالإضافة إلى تعطل شبكات الاتصالات، مما أثر على خدمات الإنترنت والهواتف المحمولة.

وأكدت تقارير من البرتغال أن جميع أنحاء البلاد تأثرت بالانقطاع، فيما سجلت حالات مشابهة في مناطق مختلفة من إسبانيا، بما في ذلك انقطاع التيار في مطار مدريد الدولي "باراخاس"، وانهيار جزئي في خدمات الاتصال.

ودعت الحكومة الإسبانية إلى اجتماع طارئ لمتابعة تطورات الأزمة من داخل مرافق شركة الكهرباء، بينما أبلغت وسائل إعلام عن انقطاعات محدودة في بعض المناطق الحدودية من فرنسا وإيطاليا.

وتسببت الأزمة في انقطاع إشارات المرور، ما أدى إلى اختناقات مرورية وحوادث في العاصمة مدريد. كما أُخلي مترو الأنفاق في المدينة كإجراء احترازي، وتعمل المرافق الحيوية مثل المستشفيات والمطارات على المولدات الكهربائية.

من جهتها، فعّلت السلطات في مدريد خطة الطوارئ البلدية لتنسيق الاستجابة، في حين أكدت وزارة الصحة الإسبانية أنها تتابع الوضع بالتنسيق مع الحكومات المحلية لضمان استمرارية الخدمات الصحية، مشيرة إلى أن المستشفيات مزودة بأنظمة طوارئ تضمن استمرار الإمدادات.

وفي البرتغال، أعلنت الشرطة أن إشارات المرور تعطلت في جميع أنحاء البلاد، كما أُغلق مترو الأنفاق في لشبونة وبورتو، وتوقفت القطارات عن العمل، في مشهد يعكس عمق الأزمة.

ولا تزال أسباب الانقطاع غير واضحة حتى الآن، لكن وسائل الإعلام ترجح وجود خلل في شبكة الكهرباء الأوروبية أدى إلى تداعيات على الشبكات الوطنية في شبه الجزيرة الإيبيرية.

طباعة شارك إسبانيا إسبانيا والبرتغال انقطاع واسع للكهرباء إسبانيا والبرتغال شبكة الكهرباء الأوروبية مترو مدريد شبه الجزيرة الإيبيرية

مقالات مشابهة

  • الحكومة المصرية: لن نقطع الكهرباء خلال فصل الصيف
  • انقطاع الكهرباء يشل الخدمات العامة في إسبانيا والبرتغال
  • عاجل | شركة كهرباء برتغالية لـ«رويترز»: انقطاع الكهرباء امتد لإسبانيا وأجزاء من فرنسا
  • احتجاجات غاضبة في عدن بسبب انقطاع الكهرباء وتصاعد السخط الشعبي مع اشتداد حرارة الصيف
  • مفاوضات عراقية-أمريكية لحماية الأموال وحسم ملف المصارف
  • فضيحة كهرباء عدن.. "بترومسيلة" تعود للخدمة شكلياً ومدة التشغيل لا تتجاوز ساعتين
  • متحدث البترول: نكرر.. مفيش انقطاع للكهرباء خلال الصيف
  • مجاعة تلوح بالأفق.. مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية يحذر من الأوضاع في غزة
  • مع حرارة الصيف .. أزمة كهرباء خانقة في عدن
  • الكهرباء تختفي في عدن.. 20 ساعة انقطاع وسط غياب الحلول وتفاقم الأزمة