تناول تقرير لمجلة "إيكونوميست" البريطانية، تهديدات دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية عقابية على الشركات الأجنبية استنادا إلى سياسات حكوماتها، حيث وصف خبراء الضرائب هذه التهديدات بأنها "جنون مطلق" و"جذرية" و"صاخبة واستفزازية". 

وقالت المجلة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن هذه التصريحات تسلط الضوء على القلق المتزايد من الأضرار الاقتصادية العالمية التي قد تنجم عن عودة ترامب إلى البيت الأبيض والتي قد تتجاوز مجرد قضايا التجارة والتعريفات الجمركية لتشمل نزاعات ضريبية قد تكون أكثر تعقيداً.



وأشارت المجلة إلى أن القضية الجوهرية تكمن في كيفية تعامل الدول مع الشركات الأجنبية، حيث يعاني النظام الضريبي الدولي من مشكلتين مترابطتين: الأولى أن الشركات تسعى لتسجيل أرباحها في دول ذات ضرائب منخفضة، والثانية أن الحكومات تتسابق لتخفيض الضرائب لجذب الاستثمارات.

وأضافت، أنه للتصدي لهذه الظاهرة، تم التوصل إلى اتفاق في سنة 2021 بين 136 دولة تحت رعاية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، ينص على فرض حد أدنى للضريبة بنسبة 15 بالمئة على أرباح الشركات متعددة الجنسيّات.

ترامب يهدّد بتقويض الاتفاق الضريبي العالمي: تصعيد متوقّع في النزاعات الاقتصادية
هدّدت إدارة ترامب بنسف الاتفاق الضريبي العالمي لكن لا يمكن لأمريكا الانسحاب رسمياً منه لأنه يعتمد على تشريعات وطنية لفرض ضرائب إضافية على الشركات التي تدفع أقل من 15 بالمئة، وإذا خفضت بعض الدول الضرائب، يمكن لدول أخرى المطالبة بالفارق الضريبي.

واجهت الولايات المتحدة صعوبة في تمرير هذا التشريع بسبب معارضة الجمهوريين الذين يرون أنه يتعدى على صلاحيات الكونغرس، ومع ذلك، شجعت إدارة بايدن الدول الأخرى على تطبيقه، مما قد يجبر الجميع، بما في ذلك أمريكا، على الامتثال، وإلا ستطالب الحكومات الأجنبية بحصتها من عائدات الشركات "غير الخاضعة للضريبة بشكل كافٍ".

ويسعى ترامب لتقويض الاتفاق الضريبي العالمي عبر تهديدات انتقامية قاسية. وتعتبر إدارته فرض أي دولة لضريبة إضافية على الشركات الأمريكية تجاوزاً غير مقبول.

وفي أوامر تنفيذية خلال يوم تنصيبه، هدد بمضاعفة الضرائب على مواطني وشركات الدول المخالِفة مستغلاً قانوناً لم يُستخدم منذ 90 عاماً. ورغم توقّع المعارضة الأمريكية للاتفاق فإن حدة تهديده فاجأت المراقبين.

ويرى بعض الخبراء أن الاتفاق قد ينهار خاصة أن الضرائب على الشركات في أمريكا تشكل 7 بالمئة فقط من الإيرادات الضريبية، مقارنة بـ 12 بالمئة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

وقد ينخفض المعدل أكثر إذا خفّض ترامب الضرائب كما فعل سابقاً. وبينما يرى معهد كاتو أن التنافس الضريبي إيجابي لأنه يقلل الضرائب المُعوِّقة ويعزز الاستثمارات فإن انهيار الحد الأدنى العالمي للضريبة قد يؤدي إلى فوضى وانتقام بدلاً من المنافسة العادلة، بحسب المجلة.

وقد تبنّت 40 دولة، من بينها بريطانيا وألمانيا واليابان، قوانين ضرائب إضافية، وإذا طبقتها ووفى ترامب بتهديداته، فقد تنشب نزاعات معقدة.

وبينت المجلة، أن تهديد مضاعفة الضرائب يبدو مبالغا فيه لكن الجمهوريين في مجلس النواب اقترحوا بديلاً أكثر واقعية برفع الضرائب على دخل المستثمرين والشركات المستهدفة بمقدار 5 نقاط مئوية سنوياً لمدة تصل إلى أربع سنوات، مما قد يضر بشريحة واسعة من الأجانب، من المصرفيين إلى المحامين.



تصاعد التوترات الضريبية: تأثير السياسات الأمريكية على العلاقات الاقتصادية الدولية
وأشارت المجلة إلى أن الدول الأخرى لن تظل صامتة إذا قررت أمريكا فرض ضرائب أعلى على مواطنيها، حيث فرضت العديد من الدول ضرائب على الخدمات الرقمية، وهو ما اعتبره المسؤولون الأمريكيون استهدافًا غير عادل لعمالقة التكنولوجيا الأمريكيين.

ورغم تعليق تنفيذ هذه الضرائب في انتظار تطبيق الاتفاق الضريبي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، من المحتمل أن تستأنف الدول فرضها إذا استمر ترامب في تطبيق سياساته الضريبية العقابية، مما يفاقم التوترات خاصة في ظل تهديداته الجمركية.

ويرى إيتاي غرينبرغ، كبير المفاوضين الأمريكيين في محادثات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في إدارة بايدن، أن الشركات الأمريكية الكبرى قد تندم على دعمها لتفكيك الإطار الضريبي العالمي، مؤكداً أن زيادة طفيفة في الضرائب أقل تأثيراً من بيئة دولية مستقرة، والتي أصبحت مهددة بفعل تصاعد النزاعات الضريبية.

بدوره قال بات براون من مؤسسة "برايس ووتر هاوس كوبرز"، أنه "لا يختلف النظام الضريبي الأمريكي على الشركات كثيراً عن معايير الاتفاق الدولي، بل إن إصلاحات ترامب الضريبية لسنة 2017 ألهمت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لوضع إطار عالمي، حيث قدمت أمريكا حداً أدنى عالمياً للضريبة بنسبة 10.5 بالمئة من الأرباح".

وأضاف براون، أنه رغم الفروق، مثل تطبيق الحد الأدنى الأمريكي على الأرباح المجمعة مقابل تطبيق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لكل دولة على حدة، فإن هذه التفاصيل قابلة للتفاوض.

ولحل الأزمة يمكن للدول التي أوقفت ضرائبها الرقمية الاستمرار في التعليق انتظاراً للمفاوضات. كما يتضمن الاتفاق بند "الملاذ الآمن"، الذي يؤجل الضرائب الإضافية حتى 2027 في البلدان التي تفرض ضرائب محلية على الشركات بنسبة 20 بالمئة على الأقل، وهو ما ينطبق حالياً على أمريكا، ويمكن تمديده بحسب إيكونوميست.

وتابع، أنه علاوة على ذلك، سيرتفع الحد الأدنى الأمريكي في 2026 إلى أكثر من 13 بالمئة، مما يقلص الفجوة مع بقية الدول.

ويرى ستانلي لانغبين من جامعة ميامي أن الترابط بين النزاعات التجارية والضريبية قد يدفع إدارة ترامب إلى تقديم تنازلات في بعض الجوانب إذا شعرت بأنها حققت مكاسب في أخرى.



هل يمكن تحقيق تسوية؟
وتتمثل المشكلة الرئيسية في هذه التسويات في اعتمادها على استعداد المفاوضين للجلوس معاً والعمل نحو اتفاق، وهو ما يبدو مستبعداً مع النهج المتشدد الذي يتبناه ترامب بشأن الضرائب العالمية.

وفي هذا السياق، يقول أحد الدبلوماسيين: "لن تكون الدول الأخرى مستعدة لإظهار أن سياسة التنمر قد حققت نتائجها".

وخلال فترة ولاية ترامب الأولى، أدرك الرؤساء التنفيذيون والمستثمرون المخاطر المترتبة على التعريفات الجمركية المتبادلة، حيث قوبلت الرسوم الأمريكية بإجراءات انتقامية من دول أخرى. أما في ولايته الثانية، فيتعين عليهم الاستعداد لما يمكن أن يكون حرباً ضريبية انتقامية بالمثل.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية ترامب الضرائب الاقتصادية الولايات المتحدة اقتصاد الولايات المتحدة ضرائب ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة منظمة التعاون الاقتصادی والتنمیة الضریبی العالمی على الشرکات ضرائب على

إقرأ أيضاً:

مستشار ترامب ذو الأصول العربية يحتفظ بخريطة المغرب مبتورة من الصحراء في مكتبه

زنقة 20 | الرباط

ظهرت خريطة المغرب مبتورة من الصحراء داخل مكتب مسعد بولس مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بواشنطن، خلال لقائه مع محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي، وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية.

الصورة التي نشرت في وكالة الانباء القطرية، تظهر خريطة المملكة المغربية مبتورة من الاقاليم الجنوبية، عكس ما أكدته إدارة الرئيس الأمريكي مؤخرا من دعمها لمغربية الصحراء و مقترح الحكم الذاتي.

بولس هو الذي خرج مؤخرا في تصريحات إعلامية كشف فيها أنه سيزور المغرب و الجزائر لبحث مسألة الصحراء.

ونفى المستشار الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشؤون الإفريقية، مسعد بولس وجود غموض في السياسة الأمريكية إزاء نزاع الصحراء.

وقال بولس في مقابلة تلفزيونية إن موقف الإدارة الأمريكية الجديدة من قضية الصحراء “صريح جدا ولا يتخلله أي شك أو أي لبس” على حد قوله.

واضاف في مقابلة مع إذاعة (ميدي 1) “هذا الموقف عبرنا عنه تكرارا بشكل واضح وعبر عنه كاتب الدولة الأميركي، ماركو روبيو، بوضوح الأسبوع الماضي وهو نفسه الموقف الذي عبر عنه الرئيس دونالد ترامب لصاحب الجلالة للملك محمد السادس، بخصوص اعتراف الولايات المتحدة التام والكامل بسيادة المغرب على الصحراء”.

مسعد بولس، هو لبناني الاصل، والد صهر الرئيس دونالد ترامب، حيث أن ابنه مايكل بولس متزوج من ابنة ترامب تيفاني.

مقالات مشابهة

  • ترامب: سنبرم اتفاقا تجاريا عادلا مع الصين
  • مستشار ترامب ذو الأصول العربية يحتفظ بخريطة المغرب مبتورة من الصحراء في مكتبه
  • الضرائب: التيسير الضريبي مشروع وطني لإصلاح العلاقة مع مجتمع الأعمال
  • مصلحة الضرائب: التسهيلات الجديدة نقطة تحول في العلاقة مع المجتمع الضريبي
  • غالبية الشركات الألمانية في الصين تأثرت سلباً بحرب الرسوم
  • القاهرة للدراسات الاقتصادية يوضح تأثير الضريبة الموحدة على الشركات والإيرادات الحكومية
  • ارتفاع أسعار النفط رغم المخاوف الاقتصادية
  • مخاطر الحرب الاقتصادية العالمية الثالثة
  • الحوثي: قدراتنا العسكرية لم تتضرر 1 بالمئة وسنستهدف شركات الأسلحة الأمريكية‎
  • مستشار ترامب قبل زيارته المغرب: الحكم الذاتي هو الحل العادل لنزاع الصحراء