يتعارض الموقفان الأمريكي والفرنسي من الصراع في النيجر، فكل منهما تستخدم نبرة مختلفة عن الأخرى لوصف الأوضاع في المنطقة، منذ حدوث الانقلاب في 26 يوليو(تموز) الماضي.

وبدأت الأحداث تتصاعد مؤخراً، خاصة مع تعنت الانقلابيين ورفضهم تسليم السلطة والعودة إلى الحكم الديمقراطي، فضلاً عن التهديدات التي تشنها مجموعة "إيكواس" واقتراب تدخلها العسكري، ما ينذر بمستقبل غامض للقارة الإفريقية خلال الأيام المقبلة.

  

انقلابيو النيجر يلعبون على الانقسام بين واشنطن وباريس https://t.co/8sXg34cOTn pic.twitter.com/8RkyGfFDOc

— 24.ae (@20fourMedia) August 16, 2023 أخطاء فرنسية.. وتنافس غربي

يقول اللواء محمد عبد الواحد المتخصص في الأمن القومي والجماعات الإرهابية والشؤون الإفريقية والاستراتيجية: "نلاحظ تنافساً أمريكياً - فرنسياً في منطقة الساحل، حيث أن الأخطاء الفرنسية ساهمت في بناء التواجد الغربي وخاصة الولايات المتحدة".

وأضاف "فرنسا لديها أخطاء كثيرة في القارة الإفريقية، حيث أنها تتعامل مع مستعمراتها بسياسة قديمة ولا تدرك أن هناك تغيرات كثيرة حدثت، فضلاً عن وجود منافسين جدد ظهروا في المنطقة مؤخراً مثل أمريكا والصين وروسيا وإسرائيل وتركيا والهند".

وأوضح اللواء عبد الواحد أن "الخطاب السياسي المعادي لفرنسا أصبح جذاباً رغم كونه قديماً لدى الشارع الإفريقي، كونه يدعو إلى التحرر ضد فرنسا، كما أنه لقي قبولاً شديداً ودعماً لدى القوى المنافسة، وباريس تتعامل مع الأفارقة ببراغماتية شديدة، فمصلحتها تأتي أولاً قبل كل شيء، كما أن أطماعها في الثروات والموارد الإفريقية واضحة جداً، إذ تريد الاستحواذ عليها بأقل الأسعار بفضل حكام المنطقة الموالين لها".

وتابع "تظهر براغماتية فرنسا أيضاً، في أن كافة المساعدات المقدمة للقارة الإفريقية كلها مشروطة بشروط سياسية، تتعلق بالتدخل في الشأن الداخلي، المشاركة في العمليات الانتخابية، بالإضافة إلى دعمها للانقلابات ضد أطراف مناوئة لها".

رفض الوجود الفرنسي

يذكر اللواء عبد الواحد أن "هناك تباين في الرؤى بين باريس وواشنطن، فالانقلابات التي شهدتها المنطقة والخطابات الشعبوية كانت كلها موجهة ضد فرنسا، وتعبر عن الرفض الصارم للتواجد الفرنسي في المنطقة".

وكشف أن "التحديات الجديدة أيضاً التي تواجهها فرنسا، هو وجود شباب جدد تصل أعمارهم إلى أقل من 35 سنة، يتبنّون خطابات شديدة اللهجة ضد باريس، وينشرون شعارات مناهضة على وسائل التواصل الاجتماعي مثل (إفريقيا بدون فرنسا أفضل) و(إفريقيا للأفارقة)، مضيفاً "بالتالي، فإن طرد فرنسا من المنطقة نابع من أخطاء كثيرة، ومنافسين جدد يعززون لغة هذا الخطاب".

مصالح أمريكية

يشير اللواء عبد الواحد إلى أن "الولايات المتحدة متواجدة في المنطقة انطلاقاً من مصالحها الجيوستراتيجية، وهناك مصلحة أخرى تتعلق بمكافحة الإرهاب، واقتصادية أيضاً لدعم شركاتها العاملة، فضلاً عن مراقبة مناجم اليورانيوم خوفاً من وصول إيران إليها"، مضيفاً "عندما وجدت واشنطن هذه الانقلابات التي أدت إلى طرد فرنسا، رأت أن من مصلحتها الانفراد وإقامة علاقات مع الأفارقة الجدد، لتعزيز مصالحها".

ولفت إلى أن "مصالح واشنطن في النيجر، تتمثل في امتلاكها قاعدتين عسكريتين للطائرات من دون طيار، واحدة منها تقع في منطقة أغاديز شمال البلاد، تقوم من خلالها بعمليات استطلاع شاملة للمنطقة، وتعتبر مركزاً مهماً للمعلومات".

وأردف قائلاً: "من الصعب أن تتخلى واشنطن عن مصالحها، أو أن تتخذ موقفاً مناوئاً للانقلابيين، فهي ترغب في حمايتها حتى ولو كان ذلك ضد المصالح الفرنسية، لذلك تحاول اللجوء إلى الحل الدبلوماسي وفتح قنوات اتصال مع المجلس العسكري لوقف الأزمة".

هل تتحول #النيجر إلى بؤرة جديدة للفوضى؟ https://t.co/rVdfziydRK pic.twitter.com/a7zrfudxgr

— 24.ae (@20fourMedia) August 21, 2023 مواقف مختلفة  

وأكد اللواء عبد الواحد، أن "الموقف الأمريكي تجلى في الزيارات التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن والتي التقى خلالها الرئيس المخلوع محمد بازوم، بالإضافة إلى زيارة لمساعد وزير الخارجية الأمريكي، ومؤخراً وصول السفيرة الأمريكية إلى نيامي كاثلين فيتزجيبونس، وتعتبر هذه الزيارات نادرة إذ لم تحصل منذ عقد من الزمان".

وأضاف "كما نلاحظ أنه عقب الانقلاب، كان هناك موقف لين وهادئ في لغة الخطاب الأمريكي، حيث أن واشنطن لم تصف الأحداث على أنها (انقلاب) في عديد المناسبات".

وأوضح أن "واشنطن تمارس ضغطاً على دول الجوار والمجتمع الدولي، من أجل عدم استخدام الحل العسكري"، وقال: "في رأيي، فرنسا خسرت هذه المعركة، لأنها فشلت سواء في حشد رأي عام دولي أو إقليمي ضد التدخل العسكري".

بين مؤيد ومعارض

يقول اللواء عبد الواحد: "في تقديري الشخصي، أن العمل العسكري بعيد المنال لأسباب كثيرة منها، الموقف الأمريكي غير الواضح من الصراع، لأن دولة بحجم الولايات المتحدة تستطيع أن تؤثر أو ترفض هذا الانقلاب وتحشد رأياً عاماً وإقليمياً ودولياً ضده".

وأضاف "ثانياً، أن العمل العسكري سيؤدي إلى حالة من الفوضى في المنطقة بالكامل، وبالتالي سنشهد موجات نزوح جماعي من النيجر إلى دول الجوار، فضلاً عن زيادة في معدلات الفقر"، مشيراً إلى أن هناك "انقسامات في الإقليم بين رافض ومؤيد للعمليات العسكرية، أو أن تتم على أراضيه، مثل تشاد والجزائر ومالي وبوركينا فاسو، في حين أن النيجر وبنين تدعمان هذا الخيار".

ويختم اللواء عبدالواحد حديثه بالقول: "هناك أيضاً خلافات دولية بعد فشل فرنسا، أصبح هناك دول أوروبية أخرى تميل إلى الموقف الأمريكي المتمثل في اللجوء إلى العملية الدبلوماسية، وهناك نقطة مهمة أيضاً، أن مجلس السلم والأمن الإفريقي، سيرفض أي تدخل عسكري على النيجر، لعلمه أن ذلك سيؤدي إلى تعريض الأمن والسلم في إفريقيا للخطر".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني النيجر فرنسا أمريكا فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يرسل سكرتيره العسكري إلى موسكو لبحث تعزيز التواجد الروسي في سوريا

ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، اليوم السبت، أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أرسل سكرتيره العسكري إلى موسكو في زيارة لمناقشة ضمان بقاء الوجود العسكري الروسي في سوريا. 

ووفقا للصحيفة تهدف هذه الخطوة إلى مواجهة النفوذ التركي المتزايد في المنطقة، والتأكد من استمرار الدور الروسي الفاعل في الصراع السوري.

وبحسب الصحيفة، فإن المباحثات التي جرت مع المسؤولين الروس تناولت التحديات العسكرية والسياسية في سوريا، في وقت تتزايد فيه التحركات التركية شمال البلاد، بالإضافة إلى التنسيق بين روسيا وإسرائيل.

وأصدر مكتب نتنياهو أنه صدرت تعليمات لجيش الاحتلال الإسرائيلي بحماية سكان منطقة جرمانا، الواقعة جنوب دمشق.

وقال مكتب نتنياهو في بيان رسمي "لن نسمح للنظام الإسلامي المتطرف في سوريا بالمساس بالدروز في جرمانا"، وأضاف "إسرائيل ستتخذ إجراءات صارمة ضد أي محاولة من قبل النظام السوري للتهديد أو المساس بالأمن الشخصي لسكان المنطقة."

كما أكدت المصادر الإسرائيلية أن “إسرائيل ستضرب النظام السوري مباشرة في حال مساسه بالدروز في جرمانا.”

مقالات مشابهة

  • “أكسيوس”: ترامب يعقد اجتماعا اليوم لمناقشة الأزمة الأوكرانية بما في ذلك تعليق الدعم العسكري لكييف
  • واشنطن تمنع سفر مواطنيها إلى اليمن بينما تعزز وجودها العسكري غير المشروع
  • تقرير يتحدث عن هشاشة سلاح الجو الفرنسي..الرافال لا تكفي
  • حماس: إسرائيل تُعرقل تنفيذ اتفاق غزة وتختبئ وراء الموقف الأمريكي
  • جنبلاط: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف تفتيت سوريا عبر الطوائف
  • مصرع 11 جنديًا إثر هجوم مسلح شمال النيجر
  • اليمن ضمن نطاق التصعيد العسكري الأمريكي بعد قرار ترامب تخفيف قيود الضربات الجوية خارج مناطق الحرب
  • نتنياهو يرسل سكرتيره العسكري إلى موسكو لبحث تعزيز التواجد الروسي في سوريا
  • الاتحاد الأوروبي يحذر من التصعيد العسكري الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية
  • نجل «الأسطورة» زيدان يحلم بالدوري الفرنسي!