تمشريط تقليد معزز للتكافل يحافظ عليه الشباب في القرى الجزائرية
تاريخ النشر: 31st, January 2025 GMT
يكرّس شباب القرى الجزائرية وخصوصا في منطقة القبائل، تقليد "تمشريط" القديم الذي يقوم على التكافل والتضامن، من خلال جمع الأموال ثم شراء عجول وذبحها لتوزيع لحومها في احتفال كبير.
واجتمع العشرات من سكان قرية آث عتيق القريبة من بجاية، وعشرات آخرون من مختلف المناطق وحتى من خارجها، في يوم بارد جدا من شهر يناير/كانون الثاني، للاحتفال برأس السنة الأمازيغية أو ما يُعرف بـ"ينّاير" على وقع الموسيقى القبائلية.
وقال دحمان برباشة (41 سنة)، أحد سكان القرية، لوكالة الصحافة الفرنسية "نعمل على تخليد هذه العادة التي يتم الاحتفال بها في المناسبات الثقافية أو الدينية"، ويعود للمشاركة فيها الناس الذين غادروا القرية.
ويرتدي الأطفال في الاحتفال أزياء تقليدية ويرسمون على وجوههم وشوما لرموز أمازيغية.
تقليد التوزيعوأوضح المؤرخ صالح أحمد بارودي لوكالة الصحافة الفرنسية أن تمشريط (ومعناها التوزيع بالأمازيغية) التي ظهرت للمرة الأولى في القرن السابع الهجري (القرن الثالث عشر ميلادي) كانت تمثل دائما "مناسبة دائمة للقاء والتآخي والتصالح والتزاوج بين العائلات".
وأضاف بارودي، أستاذ التاريخ الجزائري المعاصر في تلمسان (غرب)، أن الزردة، أو الوعدة أو الزيارة أو الوزيعة أو تمشريط، كلها أسماء تدل على العادة نفسها في مناطق مختلفة من البلاد.
إعلانكما يُحتفل بها في شهر رمضان المبارك وفي ذكرى المولد النبوي أو في عاشوراء.
وأشار إلى أن تمشريط "غالبا ما كان يُقام في الزوايا القرآنية (مدارس تحفيظ القرآن)، وخصوصا في المناطق الجبلية، لما له من بُعد روحاني، مثل زاوية الميرة في أقصى غرب الجزائر بالقرب من تلمسان والزاوية الرحمانية في صدوق بالقرب من بجاية".
قبل أيام من مناسبة تمشريط، يجمع رجال القرية تبرعات من المال لشراء العجول، ثم يذبحون هذه الحيوانات ويقسمون اللحم بالتساوي بين سكان القرية سواء شاركوا في التبرع أو لا ومهما كانت قيمة الأموال التي دفعها كل ساكن.
كما يتم إعداد وجبة طعام في اليوم نفسه لتمكين جميع السكان والضيوف، مهما كانت مرتبتهم الاجتماعية، من المشاركة فيها، وعادةً ما تكون عبارة عن أكلة "كسكسي" تعده نساء القرية.
وقال رئيس جمعية إيثران الثقافية في آث عتيق، فرحات مدحوس (31 عاما)، "لقد نظمنا أنشطة ثقافية للأطفال، لغرس روح الوعي والتطوع في نفوسهم، وتعليمهم منذ الصغر المشاركة في المهرجان، وتهيئتهم للمستقبل، عندما يكبرون، للحفاظ على هذه التقاليد".
وأوضح أن معظم الأشخاص الذين ينظمون الاحتفال تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عاما.
تراث المسراتويأخذ عمار بن خروف (36 عاما)، المقيم في فرنسا، إجازة كل عام ليحضر مع عائلته إلى قريته كي يشهد هذا التقليد. وقال: "لا يمكنني وصف السعادة التي تغمرني"، فهو مسرور لأنه "يساهم في الحفاظ على هذا التراث".
في منتصف النهار، بدأ المنظمون في تقديم أطباق الكسكسي للناس المتجمعين في الساحة، بينما انشغل آخرون بتوزيع اللحم في حصص حسب عدد أفراد كل عائلة.
خلال حرب التحرير ضد الاستعمار الفرنسي (1954-1962)، كان تقليد تمشريط فرصة لتأكيد الولاء للوطن والتصميم على نيل استقلال البلاد، كما أوضح بارودي.
وفي الجزائر بعد الاستقلال عن الاحتلال الفرنسي، استمرت عادة تمشريط رغم انحسارها بسبب أحداث التسعينيات الدامية (1992-2002)، والتي أودت بحياة 200 ألف شخص رسميا، لكنها "عادت مجددا في مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين"، حسب قوله.
إعلانوأضاف المؤرخ أن تخليد هذا التقليد يتيح اليوم للقرويين حلّ المشاكل وتعزيز التضامن وتشجيع عودة أولئك الذين غابوا لسنوات: "إنه أمر جيد".
وبالنسبة للاحتفالات في السنوات المقبلة، تعتزم جمعية فرحات مدحوس "إعادة النساء تدريجيا للمشاركة في هذه التقاليد الموروثة عن الأجداد".
فقد اعتدن المشاركة في تمشريط "الوقوف في منطقة مختلفة غير بعيدة عن تجمع الرجال، لكن منذ التسعينيات، تراجعت مشاركة النساء في تمشريط بشكل كبير"، على ما لاحظ بأسف رئيس جمعية إيثران.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
كيفية عودة القرية المصرية لقيادة الاقتصاد القومي
ان الريف المصري قادر علي قيادة التنمية الاقتصادية لمصر و تلبية احتياجات المصريين و التصدير للخارج بالعمل في عدة محاور منها تطوير البنية التحتية التي تشمل تحسين شبكات الري و الصرف الزراعي لتقليل الفاقد من المياه و زيادة كفاءة العملية الزراعية و انشاء و تحديث الطرق الزراعية بين القري و المدن لتسهيل نقل المحاصيل الزراعية للأسواق المحلية و الموانئ الجوية و البحرية للتصدير , و توفير القوي الكهربائية و الانترنت لدعم الزراعة الذكية و المشروعات الريفية و تقديم برامج تدريبية للفلاحين علي احدث أساليب الزراعة المستدامة و إدخال التكنولوجيا الزراعية الحديثة مثل الزرعة الدقيقة مثل الاخذ بأحدث أساليب زراعة الانسجة و الشتل و استخدام المسيرات بدون طيار في الري و مقاومة الآفات و تأبير النخيل و تطوير المدارس و المعاهد الزراعية لتخريج أجيال مؤهلة لإدارة الإنتاج الزراعي و التركيز علي المحاصيل الاستراتيجية التي تلبي أولا احتياجات السوق المصري و لها طلب عالمي مثل القطن و الأرز و القمح و الخضراوات و تصدير الفائض للخارج و التحول نحو الزراعة العضوية التي تتمتع بطلب عالمي متزايد و تحقق اعلي الأسعار و الابتكار و تحسين نظم الحرث و البذر و رعاية النبات و الحصاد و التعبئة و التغليف و التخزين و التبريد لتقليل الفاقد من المحاصيل و تقديم دعم حكومي و مؤسسي بقروض ميسرة لصغار الفلاحين و المشروعات الزراعية لشراء المعدات الزراعية و البذور و الأسمدة و إنشاء صناديق تامين ضد المخاطر الزراعية مثل الكوارث الطبيعية و المساعدة في التوسع في الزراعة الافقية و الراسية بإتباع احدث الأساليب العلمية و تعزيز التصنيع الزراعي و الحيواني و إعطاء قيمة مضافة للمنتج الزراعي و الحيواني وذلك بإنشاء مصانع لتحويل المنتجات الزراعية الي منتجات ذات قيمة مضافة مثل تعبئة و تصدير الخضروات و الفواكه و تصنيع منتجات الالبان و الدواجن المجزأة و النصف مقلية و منتجات اللحوم الحمراء و دعم المشروعات الصغيرة و المتوسطة التي تعتمد علي المنتجات الزراعية كمادة خام مثل تجفيف الطماطم و البصل و العنب و تصنيع الرمان و المربات و العصائر و المخللات و تحسين جودة المنتجات الزراعية لتلبية المعايير العالمية و مطابقة الاكواد العالمية و فتح أسواق جديدة للتصدير من خلال الاتفاقيات التجارية و الترويج للمنتجات المصرية و تسهيل إجراءات التصدير و تقديم حوافز للمصدرين و إنشاء منصات إلكترونية لتسويق المنتجات الزراعية و الحيوانية محليا و دوليا و استخدام التكنولوجيا في جمع البيانات و تحليلها لتحسين الإنتاجية و توقع الطلب و نشر الوعي البيئي بأهمية الحفاظ علي التربة و الموارد المائية بعدم الافراط في استخدام الأسمدة الكيماوية و المبيدات الحشرية و تشجيع استخدام الري الحديث لتقليل هدر المياه و دعم مشروعات الطاقة المتجددة في الريف لتقليل الاعتماد علي المازوت و السولار و البنزين و تحسين الخدمات الصحية و التعليمية و البيئية للفلاح لرفع مستوي معيشته و دعم المراءة الريفية و تمكينها من المساهمة في الأنشطة الزراعية و الصناعات الغذائية مثل تربية الدواجن و الحيوانات الصغيرة و تصنيع منتجات الالبان و أنواع الخبز الريفي و إعادة احياء الجمعيات التعاونية الزراعية للعب دور فعال في توفير المدخلات الزراعية و المساعدة في التسويق و الارشاد الزراعي و تشجيع التعاون بين المزارعين لتقليل التكاليف و زيادة الإنتاجية و عمل معارض للمعدات الزراعية للمعدات الزراعية التي يستخدمها الفلاح في الحقل , إذا تم تنفيذ هذه الأفكار بشكل متكامل , يمكن ان يستعيد الريف المصري دوره الريادي في تحقيق الامن الغذائي و توفير فائض للتصدير مما يساهم في دعم الاقتصاد الوطني و زيادة العملة الصعبة