لا تزال القضية الفلسطينية محورًا رئيسيًا فى معادلة الاستقرار الإقليمي، وتظل مصر فى طليعة الدول التى تتحمل مسئوليتها التاريخية تجاه الشعب الفلسطيني، ومع تصاعد العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، تتزايد الضغوط السياسية والإنسانية، وتطفو على السطح مجددًا محاولات الترويج لحلول كارثية، أبرزها التهجير القسرى للفلسطينيين خارج أراضيهم، وهى التصريحات التى تبناها الساسة الإسرائيليون على مدار الـ 15 شهرا الماضية – منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية الغاشمة على قطاع غزة- ووصلت ذروتها بإطلاق الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب دعوة لمصر والأردن لاستقبال عدد من أهالى قطاع غزة، وهو ما قوبل برفض قاطع، خاصة من الجانب المصرى الذى يدرك خطورة مثل هذه الطروحات وما قد يترتب عليها من تداعيات تمس الأمن القومى والاستقرار الإقليمي.


وفى ظل هذه التحديات، يصبح تماسك الجبهة الداخلية فى مصر ضرورة لا غنى عنها لمواجهة أى محاولات لفرض حلول تتعارض مع المصالح الوطنية، فقد أثبتت التجارب السابقة أن الأزمات الكبرى لا يمكن تجاوزها إلا من خلال موقف شعبى ورسمى موحد، وهو ما يظهر بوضوح فى تعاطى مصر مع القضية الفلسطينية، فلطالما كانت مصر مستهدفة بضغط دولى مكثف، سواء لدفعها نحو قبول مشاريع لا تتماشى مع الثوابت الوطنية، أو للعب دور يتجاوز حدود الوساطة السياسية ليصل إلى تحمل أعباء لا تخصها. ومع ذلك، ظل الموقف المصرى ثابتًا فى مواجهة مثل هذه الضغوط، وهو ما يعكس مدى الوعى الشعبى بأهمية هذه القضية كجزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصري.
إن رفض مصر القاطع لأى محاولات لتهجير الفلسطينيين ليس مجرد موقف سياسي، بل هو التزام استراتيجى يستند إلى قناعة راسخة بأن المساس بالتركيبة السكانية فى فلسطين سيؤدى إلى تداعيات كارثية على المنطقة بأكملها، وهذا ما يجعل مصر فى مقدمة الدول التى تحذر من مغبة اتخاذ مثل هذه الخطوات غير المحسوبة، والحقيقة أن الموقف المصرى لم يكن وليد اللحظة، بل هو امتداد لدور طويل لعبته القاهرة فى الدفاع عن القضية الفلسطينية منذ عام 1948 وحتى اليوم، فرغم تعاقب الإدارات والحكومات، ظل الموقف المصرى ثابتًا فى دعم حقوق الفلسطينيين، سواء من خلال المواقف الدبلوماسية أو الدعم الإنسانى أو الجهود السياسية المستمرة.
وخلال العدوان الإسرائيلى الأخير على غزة، كانت مصر فى صدارة الدول التى تحركت لاحتواء الأزمة، حيث فتحت معبر رفح لاستقبال المصابين، وأرسلت قوافل المساعدات الإنسانية، فضلاً عن دورها فى المفاوضات الرامية إلى وقف إطلاق النار، ولم يقتصر الموقف المصرى على الجانب الإنسانى فقط، بل امتد إلى تحركات سياسية ودبلوماسية مكثفة لوقف العدوان الإسرائيلى ومنع تنفيذ مخطط التهجير القسري.
ويجب على الجميع أن يدرك أن الرفض المصرى لفكرة تهجير الفلسطينيين لا ينبع فقط من اعتبارات سياسية، بل يستند إلى حقائق جيوسياسية واستراتيجية، من بينها خطورة تفريغ القضية من مضمونها، خاصة أن تهجير الفلسطينيين سيحول القضية من صراع سياسى إلى مجرد أزمة لاجئين، وهو ما يخدم الأجندة الإسرائيلية الهادفة إلى القضاء على أى أمل فى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، بالإضافة إلى كونه تهديد صريح للأمن القومى المصرى باعتباره محاولة لفرض واقع جديد على الحدود المصرية وهو ما سيكون له انعكاسات خطيرة على الاستقرار فى سيناء والمنطقة بأكملها، وهو ما ترفضه مصر بشكل قاطع.
ويجب على حلفاء إسرائيل وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية أن يدركوا أن محاولة التهجير القسرى للفلسطينيين ستؤدى إلى زعزعة استقرار المنطقة، وموجة جديدة من التوترات فى الشرق الأوسط، وهو ما سيفتح الباب أمام المزيد من الصراعات التى قد تمتد إلى دول أخرى، لذلك يصبح تماسك الجبهة الداخلية المصرية هو السلاح الأهم لمواجهة الضغوط الخارجية والمخططات التى تهدف إلى فرض حلول غير عادلة للقضية الفلسطينية، فالوعى الشعبى بدقة المرحلة الراهنة، والدعم الذى تحظى به القيادة المصرية فى موقفها الرافض لأى تهجير قسرى للفلسطينيين، يشكلان معًا جدارًا منيعًا أمام أى محاولات لتغيير مسار الأحداث بما يخالف الحقوق الفلسطينية المشروعة.
وختاما.. ستظل مصر، كما كانت دائمًا، داعمًا أساسيًا للقضية الفلسطينية، وستواصل جهودها للحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني، مهما كانت التحديات، فالقضية الفلسطينية هى جزء أصيل من الأمن القومى العربي، ومصر تدرك تماما أن أى تنازل فى هذا الملف يعنى فتح الباب أمام مخاطر أكبر لا يمكن التهاون معها.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الحقوق الفلسطينية المشروعة النائب حازم الجندي القضية الفلسطينية قطاع غزة القضیة الفلسطینیة الموقف المصرى وهو ما

إقرأ أيضاً:

مستشار محافظ القدس: قمة القاهرة رسالة قوية برفض مخططات التهجير

سرايا - تستضيف العاصمة المصرية القاهرة قمة عربية طارئة بشأن تطورات القضية الفلسطينية، يوم الثلاثاء 4 آذار 2025.

ويأتي انعقاد القمة في لحظة فارقة، وسط ظروف في غاية التعقيد، سواء فيما يتعلق بالعدوان المستمر على غزة، أو التهديدات الإسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة بتهجير الفلسطينيين من القطاع، وطرح مشاريع مثل ما يُسمى بـ "ريفييرا الشرق الأوسط" كغطاء لطمس الهوية الفلسطينية وإعادة رسم خارطة المنطقة على حساب الشعب الفلسطيني، وفقا للمستشار الإعلامي لمحافظ القدس، معروف الرفاعي.

"تثبيت وقف إطلاق النار"

وأعرب الرفاعي عن أمله في أن تخرج القمة بموقف عربي موحد وحاسم يضغط على الأطراف الدولية، خاصة الولايات المتحدة، لإجبار إسرائيل على احترام أي اتفاق لوقف إطلاق النار، ومنعها من استخدام التهدئة كفرصة لترتيب أوضاعها الميدانية والاستمرار في قضم الأراضي الفلسطينية. مشيرا إلى أن الهدف هو تثبيت وقف دائم لإطلاق النار، وليس هدنة مؤقتة تستغلها إسرائيل لتصعيد جديد.

"ملف التهجير"

ويرى الرفاعي أن القمة العربية تمثل فرصة تاريخية للعرب لتوجيه رسالة قوية برفض قاطع لأي مخططات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين، سواء من غزة أو الضفة، باعتبار ذلك خطا أحمر وانتهاكا صارخا للقانون الدولي.

وتوقع الرفاعي أن يصيغ القادة العرب موقفا موحدا يرفض بشكل قاطع اقتراحات تهجير الفلسطينيين إلى مصر أو الأردن، والتأكيد أن الحل الوحيد المقبول هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وليس تصدير الأزمة لدول الجوار.

وتوقع الرفاعي أن تخرج القمة العربية المنعقدة في القاهرة بعدد من التوصيات والمخرجات، معتبرا أن الرسالة الأساسية التي ستخرج من القمة هي أن القضية الفلسطينية خط أحمر، والتمسك بالثوابت العربية، ورفض أي حلول تلتف على حقوق الفلسطينيين أو تسعى لطمس هويتهم. كما سيتم التأكيد على أن الأمن والاستقرار في المنطقة لا يمكن تحقيقه إلا بإنهاء الاحتلال، وليس عبر تهجير الفلسطينيين أو إعادة رسم خرائط المنطقة قسرا.

"التوصيات والمخرجات المتوقعة من القمة العربية"

تثبيت وقف إطلاق النار عبر مطالبة المجتمع الدولي، لا سيما الأمم المتحدة، بالتدخل العاجل لمنع انهيار التهدئة، والتشديد على ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية بشكل فوري ودون قيود إلى غزة.

رفض التهجير القسري وإصدار بيان واضح يرفض أي سيناريو لتهجير الفلسطينيين، واعتبار ذلك جريمة حرب تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي.

تعزيز الدعم لغزة والدعوة لتسريع جهود إعادة إعمار القطاع، مع آلية عربية تضمن أن هذا الإعمار يقطع الطريق على أي مشاريع تهدف لتفريغ غزة من سكانها.

التأكيد على حل الدولتين والتمسك بمبدأ حل الدولتين كخيار وحيد لتحقيق سلام دائم، مع دعم قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

التحرك الدولي والعمل على تعبئة موقف دولي داعم، سواء عبر الأمم المتحدة أو العلاقات الثنائية، لتأكيد الحقوق الفلسطينية وفضح مخططات الاحتلال في المحافل العالمية.

مواجهة الدعاية الإسرائيلية وإعداد خطة إعلامية ودبلوماسية عربية لمواجهة الرواية الإسرائيلية وفضح مخططاتها الرامية لتصفية القضية الفلسطينية.

إقرأ أيضاً : الكرملين: السجال بين زيلينسكي وترامب "غير مسبوق"إقرأ أيضاً : غضب عارم في الاحتلال بعد فوز فيلم "لا أرض أخرى" بالأوسكار إقرأ أيضاً : الشرطة الإسرائيلية: تم تحييد منفذ عملية الطعن في حيفا



تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #مصر#المنطقة#الأردن#القاهرة#القدس#القمة#غزة#الاحتلال#الشعب#العاجل#حلول#القطاع



طباعة المشاهدات: 847  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 03-03-2025 01:09 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
"لا نحتفل برمضان" .. رسالة تتسبب باحتجاز رئيس شركة بتركيا قصة الفانوس .. تاريخه وكيف أصبح من طقوس رمضان؟ وفاة 13 شخصاً بحادث مروع في مصر حالة طبية غريبة .. سكتة دماغية تزيد رغبة مريض في العطاء الإعلامي إبراهيم شاهزادة يستغيث: "أرحموا عزيز... بالفيديو .. رحيل الغرايبة يهاجم عثمان الخميس:... وسم " عثمان خميس" يتصدر منصات التواصل... غضب عارم في الاحتلال بعد فوز فيلم "لا أرض... بالفيديو .. وفاتان و3 إصابات في حادث تدهور مركبة... الكرملين: السجال بين زيلينسكي وترامب "غير...غضب عارم في الاحتلال بعد فوز فيلم "لا أرض...الشرطة الإسرائيلية: تم تحييد منفذ عملية الطعن في حيفا إرث سام .. إمبراطورية الأسد نهبت سوريا وتركت الشعب...محاكمة وائل غنيم بتهمة "سب وقذف" تركي آل...رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت: يجب...الاحتلال يكشف تفاصيل مقترح تمديد الهدنة ونتنياهو...قطر تُطالب بتدخل دولي لضمان وصول آمن للمساعدات... الاتحاد الأوروبي يدين منع "إسرائيل" دخول... من فؤاد المهندس لرامز جلال .. أشهر مقالب... "من لا أخلاق له لا قيمة له": فمن تقصد هنا... "أحمد فهمي" يكشف سراً عن طلاقه من هنا... في خطوة تضامنية لافتة .. ممثل شهير يعلق شعار... بعد أن كلمت صورته في مسلسلها .. تامر حسني يوجه... نيمار يواصل الضغط للعودة .. وبرشلونة: مجاناً وبشروطنا شاهد بالفيديو .. 25 "غرزة" في أذن مهاجم كرستال بالاس بعد التدخل المتهور بسبب تعليقه "زينة رمضان" .. محمد صلاح يقلق جماهير ليفربول نيمار يواصل الضغط للعودة .. وبرشلونة: مجاناً وبشروطنا بعد التدخل المتهور .. 25 "غرزة" في أذن مهاجم كرستال بالاس كيف تتجنب فخ التسوق العاطفي في رمضان؟ نصائح للتحكم في قراراتك في أول أيام رمضان .. يقتل والده ويحرق جثته في مصر في مزاد علني كوبي .. بيع مرطب سيجار فاخر بـ4.77 ملايين دولار طالبة تحل مشكلة رياضية عمرها 100 عام أصغر مصاب بالزهايمر في العالم يغير نظرة العلماء للمرض حزام بطل العالم على طاولة ترامب .. هدية زيلينسكي تثير الجدل شابة تركية احتفظت بجثة رضيعتها في حافظة ماء إيلون ماسك يستقبل مولوده الـ14 في أول أيام رمضان .. رجل يقتل والده ويحرق جثته! سفينة فاخرة في مهب الريح

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • مصر .. حائط الصد في الدفاع عن القضية الفلسطينية
  • قبل القمة العربية.. شيخ الأزهر يدعو للخروج بموقف موحد لمواجهة مخططات التهجير
  • حسين الرواشدة: القضية الفلسطينية قيد التصفية بمخططات الاحتلال وأمريكا.. والعرب حائط صد
  • حسين الرواشدة: القضية الفلسطينية قيد التصفية بمخططات الاحتلال وأمريكا.. والعرب يشكلون حائط صد
  • هل تنجح قمة القاهرة في مواجهة مخططات تصفية القضية الفلسطينية؟
  • ختام فعاليات التدريب المصرى الهندى المشترك «إعصار- 3».. صور
  • فتح: إسرائيل تواصل تنفيذ مخططات التهجير ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية
  • مستشار محافظ القدس: قمة القاهرة رسالة قوية برفض مخططات التهجير
  • ختام فعاليات التدريب المصرى الهندي المشترك إعصار- 3
  • أبوالفتوح: جهود الرئيس لدحض مخطط التهجير ودعم القضية الفلسطينية سيسطرها التاريخ