توفيق عطيفي – شيشاوة 
اعتبر الدكتور محمد الغالي، عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بقلعة السراغنة، أن صيرورة الإصلاحات والمراجعات الدستورية في المغرب، وخاصة دستور 2011، اعترفت بكل المكونات الثقافية القبائلية كعناصر أساسية في النسيج المجتمعي المغربي، لتكون بذلك القبيلة مكونا سياسيا بارزا في ظل الدولة الأمة التي تشكل المواطنة فيها نظاما للحقوق والواجبات المشتركة بين الجميع، فقوة الدولة في المغرب تستمد من قدرتها على تحقيق ادماج كل المكونات، حيث قال بهذا الخصوص: “والدليل ان موسم الولي الصالح سيدي المختار يحظى رسميا بعناية الدولة وترعاه مختلف السلطات”، مشددا أن هذا الاعتراف الدستوري يعكس مرة أخرى النبوغ المغربي لمجابهة كل المخاطر الداخلية والخارجية وتوحيد الجهود لصالح الوحدة الترابية والتنمية.


الدكتور الغالي أكد في ندوة وطنية حول: “الديبلوماسية الافريقية والقبيلة في خدمة القضية الوطنية”، وذلك في إطار فعاليات موسم الولي الصالح سيدي المختار السباعي احتفالا بعيد الشباب وثورة الملك والشعب والمنظم تحت شعار: “الموسم الديني والثقافي دعامة أساسية لربط أواصر صلة الرحم بين القبائل الصحراوية”، (أكد)، أن هذا التوجه الدستوري المعترف بكل مكونات الهوية المغربية يعكس حقيقيا بأهمية التحولات التي يعرفها العالم، وأن قبيلة ابي السباع هي جزء من المكونات الدستورية للمملكة، بالنظر لعمقها التاريخي في الصحراء المغربية وأنه رغم المسافات القائمة بين سيدي المختار كمجال جغرافيا والصحراء المغربية لا زالت هناك أواصر صلة الرحم والعمومة مستمرة الى اليوم، وقال بهذا الخصوص:” في مقابل ذلك لا بد للقبيلة أن تلعب الأدوار التكوينية والتنشئوية في ظل مستجدات العصر، والذكاء الاصطناعي لا يمكنه ان يحل محل آلية القبيلة، لعجزه عن انتاج الوشائج الروحية والانسانية والهوياتية التي تشكلها القبيلة وتتناقلها جيلا عن جيل وهي أبعاد غير قابلة للقياس المادي، الذكاء الاصطناعي لا يستطيع مدنا بالحب والوشائج الإنسانية المفعمة بالمودة والرحمة.
وعلاقة بهذه القراءة السياسية والدستورية للقبيلة، شدد الدكتور الغالي، أن قوة الجبهة الداخلية المغربية والتي تعكسها الخطب الملكية السامية خاصة في شقها الموجه للفاعلين الدوليين المؤثرين في علاقتهم بملف الصحراء المغربية، جعلت الملك باعتباره رئيسا للدولة يتبنى خطاب الصراحة والجرأة والمبدئية والوضوح، من قبيل اعتبار ملف الصحراء نظارات المغرب في العلاقات مع دول العالم، وأن هذا الخيار بالنسبة للديبلوماسية الرسمية للدولة المغربية أبان عن وجاهته وصدقيته من خلال مراجعة قوى إقليمية وكبريات الدول لموقفها وفي مقدمتها الجارة الشمالية اسبانيا أحد أطراف هذا النزاع المفتعل سابقا، والولايات المتحدة الأمريكية والتي اقرت للمغرب بسيادته على الأقاليم الجنوبية من الصحراء الغربية المغربية، وكذا المانيا الفيدرالية والتي حاولت كعضو في مجلس الأمن ثني امريكا عن اعترافها بمغربية الصحراء، وكيف تراجعت عن مساعيها المناقضة لمصالح المغرب الاستراتيجية بعد خطاب الملك واعترفت هي الأخرى في النهاية بجدية مبادرة الحكم الذاتي من خلال رسالة رئيس المانيا للملك وربط هذا الموقف بحجم التحولات والإصلاحات التي تعرفها بلادنا يقول ذات المتحدث.
وأردف عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية والمحلل في مجموعة من قنوات القطب العمومي المغربي وكذا المحطات التلفزية الدولية، بأن المراجعات الجارية في المواقف الدولية تجاه قضية الوحدة الترابية المغربية، تحتاج منا الوعي بدينامية تحولات وصراع القوى الكبرى في العلاقات الدولية، خاصة وأن هذه القوى قادرة على قيادة حروب سيبريانية، واستدرك بالإشارة الى الحرب السيبرانية القائمة حتى وان لكم تكن مادية. مبرزا أن الربيع العربي اعطانا كأمة إشارة وجعلنا أمام تساؤل:” لماذا المملكة حافظت على قوتها وصلابة أمتها؟ وهو السؤال الذي أجاب عنه عزمي بشارة، المستشار الفعلي والرئيسي لأمير دولة قطر وهو من المفكرين والاستراتيجيين الكبار في العالم، حيث قال في احدى ندوات 2012 أن النظام الذي لا خوف عليه في العالم العربي هو الملكية في المغرب والأردن نسبيا، لما يتمتع به المغرب من لحمة وبيعة مكتوبة تحدد الحقوق والواجبات.
ورجوعا الى دور قبيلة ابي السباع في وحدة النسيج المجتمعي المغربي، كشف الدكتور الغالي، أن الباحث في قضايا القبيلة عامة وابي السباع خاصة، سيجد معالم كبرى ودروسا خالدة فيما قدمته لجعل المملكة المغربية محصنة ضد كل الدسائس، وأن الملكية باعتبارها مؤسسة المؤسسات في المغرب إضافة الى وضوحها وصراحتها وصرامتها، فإن علمها بعمق الروابط التي تجمع الشعب بالملك والملك بالشعب وبالقبائل المكونة لهذا الأخير زاد من هذه الخواص الديبلوماسية وفي حجم الثقة.

المصدر: مراكش الان

كلمات دلالية: الصحراء المغربیة فی المغرب

إقرأ أيضاً:

جنرال إسرائيلي: نتائج حرب غزة ستجعلنا أمام تسونامي سياسي يتحول إلى كارثة حقيقية

لم تعد هناك شكوك كثيرة لدى الإسرائيليين بأنهم يواجهون فعليا "تسونامي قضائي" ضد قادتهم وجنودهم بسبب جرائم الحرب التي ارتكبوها ضد الفلسطينيين، وهي التي باتت تلاحقهم في المحافل الدولية والمطارات العالمية، وهو ما يعود في الأساس إلى تمسك الاحتلال بمفاهيم السيطرة واضطهاد أصحاب الأرض الأصليين لصالح المستوطنين.

وأكد الجنرال يديديا يعاري القائد الأسبق لسلاح البحرية، والرئيس التنفيذي لشركة "رافائيل" للصناعات العسكرية، أن "ما تواجهه إسرائيل حول العالم من حالة رفض عامة تجتاح مختلف العواصم سببه انحياز الدولة إلى مفاهيم الجماعات الاستيطانية المتطرفة التي بدأت مع ظهور "غوش إيمونيم" عقب حرب 1973 وصولا إلى "العصبة اليهودية" في 2022، وبينهما عشرات المجموعات التي تدعي أن اليهود لهم الحق في كل هذه الأرض، بكل مناطقها المحددة في التوراة".

وأضاف يعاري في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وترجمته "عربي21" أن "أحد جنود الاحتياط في غزة لخّص هذا الأمر بشكل مقتضب أمام الكاميرا بقوله: إننا لن نتوقف حتى نكمل المهمة التي أوكلت إلينا وهي الاحتلال، والطرد، والاستيطان، وكأننا دخلنا الآن مرحلة جديدة وفصلا جديدا من الصراع مع الفلسطينيين".


وأوضح أنه "رغم ما حققه الجيش من إنجازات عسكرية، لكنه أوجد مشكلة حقيقية له في المستقبل، ومن المحبط أن ذلك الإنجاز عمل على تضخيم ملحمة المعاناة والبطولة الفلسطينية لأبعاد عالمية، والمقاتلون الجدد الذين تجندهم حماس وحزب الله الآن سيكبرون على هذا النحو، وإن مجالاً كاملاً من الأدب والسينما في العالم سينمو على أساس هذه الملحمة، ويغيّر المشاعر التاريخية، ويلقي اللوم على الصهيونية، ويمجّد عدالة النضال الفلسطيني، وتتبناها الحركات السياسية، وفي الشوارع والجامعات يهتفون: من النهر إلى البحر". 

وأشار أن "مجندي حماس وحزب الله الجدد سيسمّون "مقاتلون من أجل الحرية"، وهكذا لا تزال الحرب قائمة حتى لو انتهت من خلال اتفاق لوقف إطلاق النار، لأنها باتت بمثابة رواية موازية للنكبة الفلسطينية 1948، وانتقلت نحو فصول جديدة إلى صدارة الصراع، وفي المحصلة فإننا عدنا للوراء 77 عاما، وبات المحتلون والمستوطنون جوهر القصة الفلسطينية، والدليل القاطع على ذنب الصهيونية في هذه الملحمة". 

وحذر من "التعاطي مع مخططات المستوطنين القاضية بتمهيد الطريق نحو "الهجرة الطوعية" للفلسطينيين في غزة، التي بدأت بالفعل بتحديد عناوينها القادمة في مصر وتركيا وأمستردام وبرلين، مع أنه عندما يتعلق الأمر بـ"الترحيل أو الهجرة الطوعية أو القسرية"، سيتم إعادة القصتين، الصهيونية والفلسطينية، مباشرة إلى عام 1948، والروايات المختلفة بشأن إخلاء القرى العربية، وبالتالي فإن هذا يعد بنكبة ثانية".


وأشار أن "التسونامي السياسي ما زال أمامنا، وتبدو غزة الفلسطينية من الجو مثل هيروشيما اليابانية بعد القنبلة أواخر الحرب العالمية الثانية، لقد أصبحت مرة أخرى أكبر مخيم للاجئين في العالم، والعالم لم يستوعب بعد حجم الدمار الذي خلفته الكارثة، وعندما تهدأ الأمور فإن المقارنات ستنشأ بشكل طبيعي، فيما هجوم حماس في السابع من أكتوبر لن تبقى في ذاكرة العالم بعد الآن، لن يهتم أحد بقتلى المستوطنين في غلاف غزة، والمختطفين الذين ماتوا في الأسر، ولا حتى في الدمار مستوطنات كريات شمونة والمطلة بالشمال".

وختم بالقول إننا "لن نرى في الفضاء العالمي سوى الحطام في غزة، وقوافل النازحين والأطفال الجوعى، وسيقع اللوم فقط على إسرائيل، ولذلك فقد بدأت القصة في لاهاي للتوّ، وفي مواجهة هذا التسونامي، فإن العمى السياسي المصابة به الدولة قد يتحول في نهاية المطاف إلى كارثة سياسية، والنصر الكامل سيجلب لنا في النهاية الهزيمة الكاملة".

مقالات مشابهة

  • فشل الغرب في الحرب التي شغلت العالم
  • بنيعيش : العلاقات المغربية الإسبانية تقوم على الإحترام المتبادل والمصالح الاستراتيجية المشتركة
  • البنك الدولي يتوقع نمواً مهما للاقتصاد المغربي في 2025
  • الدريوش تبحث تعزيز التعاون المغربي العماني في مجال الصيد البحري
  • جمهورية كوت ديفوار تجدد موقفها الداعم للوحدة الترابية والسيادة المغربية
  • العيون عاصمة الدبلوماسية الأفريقية تحتضن أشغال اللجنة المشتركة المغرب ليبيريا
  • جنرال إسرائيلي: نتائج حرب غزة ستجعلنا أمام تسونامي سياسي يتحول إلى كارثة حقيقية
  • بعد جدل واسع.. ماذا قرّرت الحكومة المغربية بخصوص قانون الأسرة؟
  • تصريحات كبار المسؤولين الأمريكيين ووزير الخارجية الروسي عن الصحراء تكشف “صراع العروش” لكسب ود المغرب
  • سياسي سعودي: سيشهد العالم تحول اليمن إلى نموذج جديد ومشرق