شخصيات مقدسية لـ"صفا": وضع الأقصى مؤلم والاحتلال انتقل لمرحلة متقدمة بتهويده
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
القدس المحتلة- رنا شمعة - صفا
تؤكد شخصيات مقدسية أن المخاطر المحدقة بالمسجد الأقصى المبارك باتت على درجة كبيرة من الخطورة، في ظل تبني حكومة الاحتلال الإسرائيلي المتطرفة ودعمها الرسمي لمشروع "جماعات الهيكل" هدم المسجد والتحضير النهائي لبناء "الهيكل" مكانه.
ويوافق يوم الاثنين، الحادي والعشرين من آب/ أغسطس، الذكرى الــ54 لإحراق المسجد الأقصى المبارك، في وقت تصاعدت فيه الأخطار المحدقة بالمسجد.
مرحلة متقدمة
رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي يقول: إن "المسجد الأقصى يمر هذا العام بواقع مؤلم وأكثر خطورة، ليس لأن الاحتلال استطاع الوصول لمرحلة متقدمة في سيطرته عليه، بل لأننا كفلسطينيين ما زلنا لا نملك خطة استراتيجية ترفع الاعتداء والظلم عن المسجد".
ويضيف الهدمي، في حديث لوكالة "صفا"، أن "هذه الذكرى الأليمة تتجدد كل عام، لتؤكد أن حريق المسجد الأقصى ما زال مستمرًا، فلم يعد الأمر يقتصر على الاقتحامات فقط، بل أصبحنا نشاهد الصلوات التلمودية العلنية وعقود الزواج والنفخ بالبوق، وغيرها".
ويشير إلى أن الاحتلال لم يعد يجعل قضية بناء "هيكل أسطوري" مزعوم مكان الأقصى قضية سرية، بل باتت هي العنصر الأهم لإقناع يهود العالم بالهجرة إلى فلسطين.
ويوضح أن الاحتلال بات يتحدث باستمرار عن بناء "الهيكل" المزعوم، "ونرى خطواته المتلاحقة نحو السيطرة على المسجد المبارك، وإبعاد كل أشكال الرعاية الأردنية والفلسطينية عنه".
ووفقًا للهدمي، فإن "الاحتلال مستمر في مخططه الاستراتيجي، بينما نحن لم نعد أي خطة فاعلة لوقف الهجمة الإسرائيلية على الأقصى وحمايته، وكل ما يجري مجرد ردود فعل على زيادة اقتحام المسجد في الأعياد اليهودية".
ويتابع أن "الاحتلال يُعزز سيطرته على المسجد يوميًا، ويزيد ويُطور من أساليب وأشكال الاعتداء عليه، ونحن ما زلنا ننادي بالرباط فقط، والذي أصبح يفقد قدرته على مواجهة مخططات الاحتلال، وخاصة حين يُغلق مداخل القدس وأبواب البلدة القديمة والأقصى".
ويؤكد الهدمي ضرورة التفكير في تطوير أساليب وطرق لحماية المسجد الأقصى من مخططات الاحتلال، ومحاولته السيطرة عليه، وتقدّمه نحو تحقيق هدفه في بناء "الهيكل" مكانه.
خطر حقيقي
أما الباحث المختص في شؤون القدس أمجد شهاب فيؤكد أن المسجد الأقصى يتعرض لخطر شديد جدًا، في ظل دعم حكومة الاحتلال المتطرفة رسميًا لمخططات "جماعات الهيكل" المزعوم، ومحاولاتها تحقيق أطماعها وأحلامها في بناء "الهيكل" مكان المسجد.
ويوضح في حديث لوكالة "صفا"، أن هذا الخطر يتركز في عدة اتجاهات، منها: استمرار منع ترميم وصيانة المسجد رغم حاجته الماسة لذلك، ومواصلة الحفريات أسفله وفي محيطه، بالإضافة إلى الترويج لفكرة هدمه وقصف قبة الصخرة المشرفة بالصواريخ من جهة جبل الزيتون.
والخطورة تكمن أيضًا، وفق شهاب، في وجود قرار شبه رسمي بغطاء قانوني وسياسي وديني لتقسيم الأقصى مكانيًا وفرض السيادة الاحتلالية الكاملة مباشرة عليه، مع تفريغه من الوصاية الأردنية الهاشمية.
ويشير إلى تصاعد وتيرة الاقتحامات اليومية للمسجد، ما يفرض واقعًا جديدًا عليه، في ظل عدم وجود أي ردود فعل فلسطينية وعربية وإسلامية حقيقية، أو أي تحرك دولي لوقف هذه الاقتحامات، التي يتخللها "صلوات تلمودية واستفزازات وأداء السجود الملحمي ونفخ البوق ورفع علم الاحتلال".
ويسعى الاحتلال، كما يؤكد الباحث المقدسي، إلى استنساخ تجربة المسجد الإبراهيمي في الخليل، على المسجد الأقصى، وتقسيمه بين المسلمين واليهود.
ويضيف أن حكومة الاحتلال تدعم وتتبنى فكرة الجماعات المتطرفة لبناء "الهيكل" مكان الأقصى، "وهذا يرسل رسائل تحذيرية مفادها أن المسجد يمر بمرحلة أكثر خطورة من ذي قبل".
أيام قاسية
أما الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات فيؤكد أن المسجد الأقصى "تنتظره أيام ومناسبات صعبة وقاسية خلال المرحلة القليلة المقبلة، سيكون فيها التصعيد غير مسبوق من الجماعات التلمودية، لتنفيذ أوسع اقتحام، لأجل إحداث نقلة نوعية، تُكرس التقسيم الزماني والمكاني، وتفرض قدسية يهودية على طريق إقامة الهيكل عمليًا".
ويضيف أن "الأقصى يشهد في الآونة الأخيرة، ولاسيما بعد تشكيل حكومة اليمين المتطرف سعيًا محمومًا لتهويده وتكريس وقائع جديدة فيه، تخرجه عبر سياسات الإحلال الديني، من قدسيته الإسلامية الخالصة الى القدسية الدينية المشتركة، بعد استكمال طقوس ما يعرف بإحياء الهيكل المعنوي".
ويشدد على أن الأمر يحتاج الى مواجهة ومجابهة تتجاوز بيانات الشجب والاستنكار الخجولة والمملة ومذكرات الاحتجاج والاستجداء على بوابات البيت الأبيض والمؤسسات الدولية.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: المسجد الأقصى إحراق الأقصى مدينة القدس المسجد الأقصى
إقرأ أيضاً:
قصة تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة في ليلة النصف من شعبان
تحظى ليلة النصف من شهر شعبان بمكانة خاصة في تاريخ الأمة الإسلامية، إذ تشهد ذكرى تحول عظيم في حياة المسلمين، وهو تغيير القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام في مكة المكرمة، التحول الذي كان بمثابة اختبار عظيم لإيمان المسلمين، ليظهر من يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم بصدق ومن يظل على تحيزه لأفكار الجاهلية التي كانت تملأ قلوب بعض الناس.
المسلمون كانوا يتوجهون في صلاتهم نحو المسجد الأقصىوقالت دار الإفتاء المصرية، إن المسلمين كانوا يتوجهون في صلاتهم نحو المسجد الأقصى؛ وذلك لحكمة تربوية، وهي: العمل على تقوية إيمان المؤمنين، وليظهر مَن يتبع الرسول اتباعًا صادقًا عن اقتناع وتسليم، ممن تعلق قلبه بدعاوى الجاهلية ورواسبها؛ مستشهدة بقول الله تعالى عز وجل: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِى كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} [البقرة: 143].
وأكدت «الإفتاء» أن لحظة تحويل القبلة إلى الكعبة حدث عظيم في تاريخ الأمة الإسلامية، ففي تلك اللحظة، كانت هناك حاجة لتأكيد القيم التربوية التي تعلم المسلمين الانقياد المطلق لله تعالى، والتسليم الكامل لأوامره، حيث يعكس التوجه إلى الكعبة طاعة لله واتباعًا لرسوله.
ولفتت الدار إلى أن هذا التوجيه الجديد في الصلاة، الذي جاء في شهر شعبان، من العلامات المضيئة في تاريخ الأمة الإسلامية، فقد كان هذا التوجيه بداية لمرحلة جديدة من الإيمان والتقوى، ويشدد على ضرورة تعظيم شعائر الله، حيث تكون عبادة القبلة دليلاً على استقامة المسلم ورغبته في اتباع الدين الحق، من هنا، كان تحويل القبلة دعوة للمؤمنين للتعلم والتطور في عبادتهم، ما يُقوي الرابط الروحي بينهم وبين الله.
وتشير الأحاديث الواردة حول ليلة النصف من شعبان إلى العديد من الفضائل المرتبطة بهذه الليلة المباركة، حيث تصادف حدثًا مهمًا في تاريخ المسلمين، وهو تحويل القبلة، ما يعكس أهمية هذه الفترة في تعزيز الارتباط الروحي بين المسلم ومعبده، ورغم أن بعض الأحاديث حول فضل ليلة النصف من شعبان قد تكون ضعيفة، إلا أن كثرة طرقها وتعدد روااتها جعلتها محط اهتمام علماء الدين، الذين يرون أنه يمكن العمل بها في فضائل الأعمال.
وفي هذا السياق، يتحدث الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن أهمية هذا التحول، موضحًا أن مسألة استقبال القبلة تُمثل طاعة لله، وتجسد الامتثال التام لأوامره، ويفسر الشيخ أحمد وسام أن هذه الحادثة تشكل دعوة لكل مسلم لتعظيم شعائر الله، كونها الطريق إلى تقوى الله، حيث يكون تعظيم شعائر الله هو السبيل لفتح باب التقوى أمام المسلم.
كان الأنبياء يتوجهون إلى بيت المقدس في البدايةولفت الشيخ أحمد وسام، في لقاء تليفزيوني له، إلى أن مسألة استقبال القبلة لم تكن جديدة على المسلمين فقط، بل كانت موجودة في الشرائع السابقة، حيث كان الأنبياء يتوجهون إلى بيت المقدس في البداية، وفي القرآن الكريم نجد إشارات إلى ذلك في قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ مِنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْأَقْصَىٰ ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِّنُرِيَهُ مِنْ ءَايَٰتِنَا}.