ديب سيك ماذا في جعبة الصين أيضا؟
تاريخ النشر: 31st, January 2025 GMT
وتناولت الحلقة الجديدة من برنامج "بانوراما الجزيرة نت" التداعيات التي أفرزها ظهور التطبيق الصيني، إذ شكلت تكلفة تطوير النسخة الأحدث منه، والتي بلغت 5.6 ملايين دولار فقط، مفاجأة كبرى مقارنة بمليارات الدولارات التي تنفقها الشركات الأميركية المطورة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وشهدت الأسواق المالية العالمية اضطرابا غير مسبوق عقب الصعود المفاجئ للتطبيق الصيني، وخسرت شركات التكنولوجيا الكبرى مجتمعة 94 مليار دولار.
ويمثل دخول "ديب سيك" إلى سباق الذكاء الاصطناعي -وفق وكالة بلومبيرغ- تحديا لرواية وادي السيليكون بأن الإنفاق الرأسمالي الضخم ضروري لتطوير أقوى نماذج التقنية التي تشهد زخما عالميا.
ونشرت الجزيرة نت سلسلة تقارير عن التطبيق الصيني، وكيفية عمله، واختلافه عن منافسيه في الولايات المتحدة، إذ تعتمد الشركات الأميركية في تطوير الذكاء الاصطناعي على صناعة الرقائق الإلكترونية. واستعرضت آراء مختصين في هذا المجال.
وأخذ هذا التنافس أبعادا أمنية، إذ حذرت البحرية الأميركية أعضائها من استخدام "ديب سيك" بسبب ما وصفته بالمخاوف الأمنية والأخلاقية، كما كان التطبيق الصيني موضوعا رئيسا في أوروبا بشأن الأمن والخصوصية والرقابة.
إعلانويبقى الخاسر الأكبر من التطبيق الصيني شركة "أوبن إيه آي"، التي قالت إنها وجدت أدلة على أن شركة "ديب سيك" استخدمت نماذجها الخاصة.
ووضع نجاح "ديب سيك" إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في موقف محرج للغاية، بعدما أعلن في بداية ولايته عن تضافر جهود الحكومة والشركات من أجل تأسيس البنية التحتية للذكاء الاصطناعي الأميركية.
ومع كل هذه التطورات، يظل السؤال الكبير هل سيعيد "ديب سيك" تشكيل خارطة الذكاء الاصطناعي العالمية، وهل ستكون الشركات الغربية قادرة على مواكبة هذا التحدي غير المتوقع؟
31/1/2025-|آخر تحديث: 31/1/202506:51 م (توقيت مكة)المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الذکاء الاصطناعی التطبیق الصینی دیب سیک
إقرأ أيضاً:
“ديب سيك” يشعل أول حروب الذكاء الاصطناعي بين الصين وأمريكا
حيّر تطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني الولايات المتحدة وعمالقة التكنولوجيا فيها، من غوغل إلى إنفيديا رائدة الرقائق الإلكترونية الفائقة، وصولاً إلى الرئيس ترامب، الذي أبدى قلقاً كبيراً، وحذر من التالي، وأمر بالاستعداد لاستعادة هيبة أمريكا التقنية.
وفور إطلاق التطبيق الصيني رسمياً في 10 يناير (كانون الثاني) الجاري، هبّت رياح التغيير القوية نحو الأسواق الأمريكية، فأحدث فيها أكبر هزة، وهوى سهم إنفيديا أمس الإثنين إلى أدنى قاع في تاريخ الشركة، ماسحاً بلمحة بصر أكثر من 600 مليار دولار من قيمتها السوقية، كما تصدر قائمة الأعلى تقييماً على متجر آبل متفوقاً على “شات جي بي تي”، وتالياً تسلل التطبيق إلى حصون الهيمنة الأمريكية على عرش التكنولوجيا وعبث بها ونال من هيبتها بطريقة أثارت ذهول الدولة الأقوى في العالم، وفق تقرير لـ”بي بي سي”.
وأكثر ما يعبر عن مدى الصدمة في أمريكا هو ما قاله المستثمر مارك أندريسن، على منصة إكس، يوم الأحد الماضي: “DeepSeek-R1 هو لحظة سبوتنيك للذكاء الاصطناعي”، في إشارة إلى القمر الصناعي الروسي الذي أعلن سباق الفضاء بين الاتحاد السوفيتي سابقاً والولايات المتحدة.
وأضاف أندريسن أن شركة الذكاء الاصطناعي الصينية الناشئة، التي صعدت إلى الشهرة العالمية بسرعة قياسية، قدمت نموذجاً متميزاً للذكاء الاصطناعي بفضل قدرته العالية مقارنة بتكلفته.
ما هو ديب سيك ومن يقف خلفه؟ تأسست شركة “ديب سيك” في 2023 على يد ليانغ وينفينغ مدير صندوق التحوط “هاي فلاير” الذي يستثمر في الذكاء الاصطناعي. منذ إطلاق الشركة تمكنت من بناء 6 نماذج موسعة لمعالجة اللغات بداية من نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. في 10 يناير (كانون الثاني) الجاري أطلقت الشركة أبرز نماذجها المجانية وهما “ديب سيك في 3″ و”ديب سيك آر1”. يتميز التطبيق عن غيره في قدرته على مراجعة المنطق في توليد الإجابات قبل عرضها على المستخدم. يعتمد على قدر أقل من البيانات في التدريب، مما يجعله أقل تكلفة. يستخدم التطبيق تقنية “التعلم المُعزز” للتعلم الذاتي من التجارب والأخطاء، والتفاعل مع البيئة المحيطة بطريقة تحاكي البشر. بني بـ6 ملايين دولار، أي أقل بـ10 مرات من ما دفعته “ميتا” الأمريكية لبناء أحدث نماذجها. فن متقنقدرت الشركة الصينية على الوصول لهذا الإنجاز التاريخي باتباع استراتيجة الصمت والصبر والاعتماد على الذات بأكبر قدر ممكن، مع الاستفادة من الخبرات الأمريكية، ورقائق إنفيديا النادرة في الصين بسبب العقوبات الأمريكية.
وبدأت رحلة ليانغ وينفينغ لتحقيق حلمه عام 2021، حينما خصص مبالغ كبيرة لشراء آلاف وحدات معالجة الرسوميات من “إنفيديا” لمشروعه الجانبي في مجال الذكاء الاصطناعي في أثناء إدارة صندوق التحوط “هاي فلاير”.
وتقول الشركة إن نموذجها تم تطويره باستخدام التكنولوجيا المحلية جنباً إلى جنب مع برامج مفتوحة المصدر يمكن لأي شخص استخدامها ومشاركتها مجاناً.
وعلى مدار سنوات، كان صندوق التحوط هاي فلاير التابع لليانغ وينفينغ يخزن الرقائق التي تشكل العمود الفقري للذكاء الاصطناعي والمعروفة باسم وحدات معالجة الرسومات. وقالت الشركة إن نماذجها تستخدم رقائق (H800) الأقل تطوراً، التي تصنعها شركة إنفيديا.
وما يجعل الشركة الصينية أكثر تميزاً هو استعدادها لمشاركة اكتشافاتها بدلاً من الاحتفاظ بها لأغراض تجارية.
وتتميز الشركة كذكلك باستقلاليتها المالية رغم الاتهامات الأمريكية، وحسب المعلن فهي قامت بجمع أموال من مصادر خارجية، أو اتخاذ خطوات كبيرة لتحقيق إيرادات من نماذجها.
ووفق أحد المستثمرين الصينيين في مجال الذكاء الاصطناعي، فإن “إدارة ديب سيك تشبه إلى حد كبير الأيام الأولى لـ(ديب مايند) الأمريكية”. وأضاف “إنها تركز بشكل كامل على البحث والهندسة”.
عزا الخبراء الرعب الحاصل في الولايات المتحدة إلى قلة تكلفة التطبيق المشار إليها أعلاه، مقارنة بما تدفعة شركات التكنولوجيا الأمريكية العملاقة لتطوير نماذجها، فعلى سبيل المثال أنفقت شركة “أوبين إيه آي”، 5 مليارات دولار العام الماضي وحده على الذكاء الاصطناعي.
أطبق الصمت على كل أنحاء وادي السيليكون، وعند الاتصال بأولئك الذين يسعدهم عادة التحدث عن كل جديد في عالم التكنولوجيا، بدا العديد من المراقبين والمستثمرين والمحللين مذهولين.
وفي مقابل هذا الصعود الصاروخي يعم الشك وعدم اليقين، فمن وجهة نظر المحلل المخضرم جين مونستر، فإن الحقيقة تكمن تحت جبل الجليد.
وقال مونستر لبي بي سي: “ما زلت أعتقد أن الحقيقة تكمن تحت السطح عندما يتعلق الأمر بما يحدث بالفعل”. وتساءل أيضاً عما إذا كانت الشركة الصينية الناشئة تتلقى دعماً أو ما إذا كانت أرقامها صحيحة.
وقال إن برنامج المحادثة “جيد بشكل مدهش، مما يجعل من الصعب تصديقه”. وبغض النظر عن ذلك، فإن وصول ديب سيك المفاجئ هو “مرونة” من جانب الصين و”وصمة عار في جبين التكنولوجيا الأمريكية”، على حد تعبيره.
وأتت المفاجأة الصينية في خضم انشغال الولايات المتحدة بمشروع “ستارغيت” للذكاء الاصطناعي، المعلن من قبل الرئيس ترامب بحضور سام ألتمان من أوبين إيه آي، ولاري إليسون من أوراكل، بقيمة تتجاوز الـ500 مليار دولار، وقدرة كبيرة لخلق أكثر 100 ألف وظيفة جديدة موعودة.
أيقنت أمريكا في تلك اللحظة، أن وجود مراكز البيانات الوفيرة والسيطرة على الرقائق المتطورة أعطاها تقدماً كبيراً في مجال الذكاء الاصطناعي، على الرغم من هيمنة الصين على المعادن النادرة والمواهب الهندسية، حتى إن البعض اعتبروا أن هيمنة أمريكا على سباق الذكاء الاصطناعي أمر محتوم، على الرغم من بعض التحذيرات البارزة من كبار المسؤولين التنفيذيين الذين قالوا إن مزايا البلاد لا ينبغي اعتبارها أمراً مفروغاً منه.
ويقول الخبراء إن الولايات المتحدة قد تستمر في قيادة القطاع، ولكن هناك شعور بأن ديب سيك هز الغرور وأقلق الذكاء الاصطناعي الأمريكي.