"كنت أبحث عنه في حافلات الأسرى الفلسطينيين في الضفة الغربية المفرج عنهم، فاتصل بي قائلاً أنا في غزة". تذكر رشا زوجة الأسير الفلسطيني زيد العامر، المحرر ضمن الدفعة الثانية من صفقة تبادل الاسرى بين حماس وإسرائيل. وكانت لحظة خبت فيها فرحة العائلة وتهيّأت وتزينت لاستقبال غائبها المعتقل منذ 9 سنوات والمحكوم بالسجن المؤبد.

وورد اسم العامر (35 عاما) ضمن قائمة المحررين العائدين إلى سكنهم في نابلس شمال الضفة. ورغم توقّع العائلة إبعاده بسبب حكمه المؤبد، إلا أن فرحتهم كانت كبيرة بوجود اسمه ضمن المحررين العائدين إلى منازلهم، وبعد تحضرها وتوجهها إلى رام الله لاستقباله، وصل الأسرى المحررون ولم يكن موجوداً معهم.

عرض هذا المنشور على Instagram

‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎عبدالله العطار Abdallah Alattar‎‏ (@‏‎abdallahalattarr‎‏)‎‏

انتظار ثم إبعاد

تقول الزوجة "في البداية جهزت حقائب السفر، ورتّبت أموري، وحضّرت أولادي لاحتمالية سفرنا، في حال إبعاد والدهم. وحين ورد اسمه ضمن المحررين العائدين إلى الضفة، كانت فرحتي كبيرة لأنني لم أكن متشجعة لترك عائلتي وبيتي ونقل أولادي من محيطهم الذي اعتادوه كل هذه السنوات والانتقال لبلدة أخرى. لكني كنت أترقب اجتماعنا مع زيد وهذا المهم".

إعلان

وتضيف "أفرغت الحقائب مرة أخرى وحدثت أبنائي أن والدهم أخيراً سيعود للمنزل وسيكون معنا هنا، وتركتهم ينتظرون وقلت لهم مساء اليوم (الجمعة الماضية موعد تحرر الاسرى ضمن الدفعة الثانية) سيكون والدكم هنا".

واهتمت رشا بأدق التفاصيل، واختارت المطعم الذي سيتناول فيه الأب وأطفاله طعام العشاء بعد استقباله، واشترت لهم الألعاب ليقدمها لهم، وجهّزتهم بملابس جديدة لارتدائها في حفل الاستقبال.

ولم تكن الطريق من نابلس إلى رام الله سهلة بسبب كثرة الحواجز الاسرائيلية، وتعطيلها حركة سير وتنقل الركاب الفلسطينيين عليها.

وبعد ساعات طويلة ومشاعر ترقب وفرحة وخوف من تراجع إسرائيل عن الإفراج عنه، وصل الخبر رشا وبقية العائلة بأنه تم إبعاد العامر إلى قطاع غزة.

وتصف رشا للجزيرة نت الصدمة التي عاشتها حين علمت بوصول زوجها إلى غزة فقد "كنت أسأل عنه كل أسير ينزل من حافلة الصليب، ولم يره أحد. وسألت العاملين في الصليب فقالوا إن اسمه في القائمة لكنه غير موجود بالحافلة، وتوقعت عندها أنه نقل للمستشفى لأنه يعاني من حالة صحية خاصة".

وكانت سيارات الإسعاف تنقل من فترة لأخرى عدداً من الأسرى المحررين بسبب سوء حالتهم الصحية وتعرضهم للضرب والتنكيل حتى قبل الإفراج عنهم بساعات، مما دفع العائلة للسؤال عنه في مراكز الطوارئ بمحيط مكان وصول المحررين.

بعلم الصليب الأحمر

"حين كنت أبحث عنه وأسأل الأسرى الواصلين وموظفي الصليب الأحمر، كانت سيارات الصليب تنقله إلى داخل قطاع غزة" وتقول رشا إن أحد الأسرى "قال لي زيد أُبعد، وسمعنا ضابط المخابرات يخبره بقرار إبعاده، في هذه الأثناء وردنا اتصال من زيد، وقال: وصلت غزة، أبعدوني بالإجبار، أنا الآن في المستشفى الأوروبي".

ولم يكون شعور الخيبة فقط هو ما ألمّ برشا بعد اتصال زوجها، لكنها أحست بالعجز والغضب والخوف من ردة فعل أطفالها. وتقول "بكيت كثيراً، وأحسست أن كل ما حدث معي طوال هذه السنوات عاد أمامي هذه اللحظة: سنوات الانتظار، هدم المنزل، ولادة أطفالي من دون زيد، تحمل المسؤولية وكل شيء".

إعلان

وحاولت العائلة التحدث مع الصليب الأحمر ورفع الأمر للوسطاء المشرفين على الصفقة، فتبين لهم أن إسرائيل أجبرت العامر على الإبعاد لغزة تحديداً، بعد تهديده بعدم الإفراج عنه أولا، ثم تهديده بالتصفية في حال أفرج عنه وعاد للضفة أو أي دولة أخرى.

وأكد العامر لعائلته بعد وصوله غزة أنه طلب من الصليب الأحمر إبلاغهم بأمر إبعاده إلى غزة حتى لا يتكبدوا مشقة الوصول إلى رام الله، لكن الصليب الأحمر لم يتصل بالعائلة.

أطفال العامر هديل وشقيقاها التوأم أسامة ورضا (الجزيرة) تهديد بالقصف

ولم يقتصر الأمر على الإبعاد، فقد اتصلت المخابرات الإسرائيلية بالعائلة أكثر من مرة لتهديدهم ومنعهم من إقامة الاحتفالات بتحرره، أو رفع رايات كتائب القسام أمام المنزل.

ورغم التزام العائلة بعدم إقامة أية مظاهر للاحتفال، فإن ضابط مخابرات إسرائيليا اتصل بشقيق العامر وطالبه بإخلاء القاعة التي فُتحت لاستقبال المهنئين بالإفراج عنه في نابلس، وأبلغه بقرار قصف القاعة إن لم يتم الإخلاء خلال دقائق.

وتعلق زوجته "لم ندعُ الناس ولم نقم أية احتفالية، لكن العادة أن يزور الأهالي الأسرى وتهنئتهم، وكان هناك قرابة 600 مواطن في القاعة لحظة اتصال الضابط الإسرائيلي وتهديدنا بقصفها، فاعتذرنا للكل وأخلينا القاعة كي لا تحصل مجزرة، فالاحتلال لا يردعه شيء".

فلذتا كبد العامر المحرر والمبعد إلى غزة يتهيآن لاستقباله (الجزيرة) اعتقاله

في أبريل/نيسان 2015 اعتقل الاحتلال العامر بعد مرور 37 يوما على زواجه، واتهمه بالمشاركة بتنفيذ "عملية إيتمار" التي أدت لمقتل الحاخام إيتان هنكين وزوجته. وبقي في السجن دون الحكم عليه حتى عام 2023، عندها حكم عليه بالسجن المؤبد مرتين إضافة إلى 30 عاما، وغرامة مالية بحوالي 3 ملايين شيكل، كما هدم الاحتلال منزله.

وعند اعتقاله كانت زوجته حاملا بطفلته الأولى هديل، وبعد 5 سنوات من سجنه رزق العامر بتوأم ذكر "أسامة ورضا" عن طريق النطف المهربة. وأكمل دراسته في السجن وحصل على درجة الماجستير.

إعلان

وحتى الآن لا يعرف العامر إلى أين سينتهي به الأمر، حيث يقبع بالمستشفى الأوروبي في خان يونس، ورغم إبلاغ الوسطاء بإبعاده إلى غزة بعد التهديد والتخويف لكن الاحتلال لم يستجب ولم يبلغ بأي جديد.

وتقول زوجته إنه يحتاج إلى عملية في القلب بشكل عاجل، حيث يعاني منذ سنوات من تسارع ضربات القلب. وتقول رشا إن الأطفال أصيبوا بالصدمة بعد انتظارهم تحرره وعودته إلى البيت "والآن نحاول بطريقة صعبة التحدث معه عبر الهاتف فقط".

عقوبات للمحررين

قال نادي الأسير الفلسطيني -في بيان- إنّ أجهزة الاحتلال الإسرائيلي بمختلف مستوياتها مارست إرهابا ممنهجا بحق المحررين وعائلاتهم، وتضمن ذلك تهديدات وصلت إلى حد القتل والاعتقال، إلى جانب اقتحام منازلهم وتخريبها.

وبحسب نادي الأسير، فإن الاحتلال لم يكتف بالتهديد إنما مارست إدارة السجون أساليب الضرب والتنكيل بحق المحررين. وقال النادي الفلسطيني إنه وثّق شهادات لمحررين في كافة محافظات الضفة بينت أن عمليات التنكيل استمرت لأيام وكانت ظاهرة على أجساد المحررين.

وقد تحرر ضمن الدفعة الثانية من صفقة الأسرى 290 أسيرا وجرى إبعاد 71 منهم إلى خارج الأراضي الفلسطينية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الصلیب الأحمر إلى غزة

إقرأ أيضاً:

فحوص طبية تكشف عن تعرض الأسرى المحررين لاعتداء إسرائيلي وحشي.. فيديو

قال مراسل قناة “الغد” إن إحدى قريبات الأسرى المحررين وكذلك الفحوص الطبية أكدت بأن الأسرى تعرضوا لاعتداء وحشي، وأن بعض الإصابات أصبحت واضحة على رؤوسهم، وأنه لم يخرج جميعهم من المجمع.

وأكد أن هؤلاء الأسرى سيعودون إلى مناطق مختلفة في الضفة الغربية، وسيتعين عليهم قطع مسافات طويلة إلى الخليل وبيت لحم وأريحا والقدس، بالإضافة إلى جنين ونابلس وطولكرم وقلقيلية.

الإفراج عن "أيقونة" فلسطين وبطل واقعة إذلال إسرائيل.. فيديو إبراهيم عيسى: تصريحات الرئيس السيسي حول التهجير حاسمة.. ومصر مفتاح إنقاذ فلسطين

ولفت إلى أن الأصوات والهتافات علت في انتظار خروج الأسرى الفلسطينيين من المجمع، مشدد على أنها ظروفا استثنائية، مليئة بالفرح والحزن، وكذلك بالأمل والألم الذي عاشه الفلسطينيون على مدار السنوات الماضية، خاصة بعد السابع من أكتوبر، حيث تعرضوا لممارسات إبادة جماعية. 

بدأ وصول الأسرى الفلسطينيين المحررين من سجون الاحتلال إلى منازل عوائلهم، حسبما أفادت قناة "القاهرة الإخبارية"، في خبر عاجل.

وأفادت القناة أن الاحتلال أطلق سراح 110 أسرى فلسطينيين ضمن الدفعة الثالثة من صفقة التبادل بالمرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار

وكشف مسؤول إسرائيلي عن صدور أوامر لحافلات الأسرى الفلسطينيين بالعودة إلى السجون، وفي المقابل، أفادت مصادر من حركة حماس بأنهم يتابعون مع الوسطاء عرقلة إسرائيل لعملية الإفراج عن الأسرى.

رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أعرب عن قلقه الشديد إزاء مشاهد إطلاق سراح المحتجزين، مطالبًا بضمان عدم تكرار هذه الأحداث.

وأشارت إذاعة جيش الاحتلال إلى أن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف أكد لأهالي المحتجزين التزامه بإعادة ذويهم ومتابعة المرحلتين الثانية والثالثة من اتفاق وقف إطلاق النار.

من جهة أخرى، وصل وفد من الصليب الأحمر إلى خان يونس لتسلم المحتجزين الإسرائيليين أربيل يهود وجادي موزيس ضمن الدفعة الثالثة من صفقة التبادل، وفقًا لما أفادت به قناة "القاهرة الإخبارية".

ومن المقرر أن تطلق حركة "حماس" اليوم الخميس سراح 3 رهائن إسرائيليين و5 تايلانديين من أمام منزل القائد السابق للحركة يحيى السنوار في خان يونس جنوبي قطاع غزة.

الرهائن الإسرائيليون الذين سيتم إطلاق سراحهم هم المجندة آغام بيرغر (20 عامًا) والمدنيان أربيل يهود (29 عامًا) وغادي موشيه موزيس (80 عامًا). كما أكدت إسرائيل أنه سيتم الإفراج عن الرهائن التايلانديين الخمسة، دون ذكر أسمائهم. ولا يزال هناك ثمانية رهائن تايلانديين في غزة، بالإضافة إلى مواطن نيبالي وآخر تنزاني.

وأعلنت مصلحة السجون الإسرائيلية أنها تستعد "عمليًا ولوجستيًا" لعملية إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين وفق إطار صفقة التبادل، موضحة أنه سيتم نقل المعتقلين من سجن عوفر إلى نقطة الإفراج في الضفة، والبقية إلى معبر كرم أبو سالم.

وتوقعت هيئة البث الإسرائيلية أن تقوم "حماس" بإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والأجانب على ثلاث دفعات، مشيرة إلى أن المجندة بيرغر قد يتم الإفراج عنها عند منصة أقامتها "حماس" في مخيم جباليا.

هذا وقد نشرت وسائل إعلام فلسطينية صورًا وفيديوهات من التحضيرات التي تجريها "حماس" لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، حيث يتواجد عناصر من "كتائب القسام" في موقع تسليم الرهائن وحول منزل السنوار.

كما تم إضافة دفعة إضافية من الرهائن الذين سيتم إطلاق سراحهم اليوم الخميس، بالإضافة إلى ثلاثة آخرين من المقرر الإفراج عنهم يوم السبت، إلى الجدول الزمني بعد حل الخلاف حول عدم تمكن "حماس" من إطلاق سراح الرهينة أربيل يهود في المجموعة السابقة.

مقالات مشابهة

  • مشاهد مثيرة من استقبال الأسرى المحررين ضمن صفقة التبادل (فيديو)
  • فحوص طبية تكشف عن تعرض الأسرى المحررين لاعتداء إسرائيلي وحشي.. فيديو
  • فور وصولهم رام الله.. حشود غفيرة تستقبل الأسرى المحررين من سجون الاحتلال
  • بدء وصول الأسرى الفلسطينيين المحررين من سجون الاحتلال إلى منازل عوائلهم
  • وصول الأسرى الفلسطينيين المحررين من سجون الاحتلال إلى رام الله
  • بدء إطلاق سراح الأسرى المحررين ضمن الدفعة الثالثة من الصفقة (شاهد)
  • جيش الاحتلال يعلن تسلمه الرهائن الـ7 المحررين من الصليب الأحمر
  • زكريا الزبيدي ومحمد أبو وردة.. أبرز الأسرى المحررين في الدفعة الثالثة
  • إعلان أسماء الأسرى الفلسطينيين المحررين من سجون الاحتلال ضمن الدفعة الثالثة من التبادل