ترشيح فرقة قديمة لنيل جائزة موسيقية بفضل الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 31st, January 2025 GMT
تتضّمن لائحة الترشيحات لنيل جائزة "غرامي" تسجيل العام، نجوما معاصرين من الصف الأول من أمثال بيونسيه وكيندريك لامار، لكن أيضا فرقة البيتلز المنفصلة منذ أكثر من 50 عاما.
وقد بات هذا الترشيح، ممكنا بفضل الذكاء الاصطناعي.
كانت الفرقة البريطانية أصدرت أغنية جديدة بعنوان "ناو أند ذن"، في حين لا يزال عضوان منها فقط على قيد الحياة.
فقد استُخدم الذكاء الاصطناعي ببساطة في نسخة غير مكتملة من الأغنية سُجّلت منذ عقود وتتضمّن ضجيجا، بهدف استخراج صوت جون لينون.
أُضيفت إلى النسخة الأولية الأساسية موسيقى عزفها على غيتار كهربائي وعادي سنة 1995، جورج هاريسون الذي توفي العام 2001. وأنجزت الأغنية خلال العام الفائت في أحد استوديوهات مدينة لوس أنجليس الأميركية، من خلال مزج إيقاعات كل من رينغو ستار على الدرامز وبول مكارتني على البيانو، مع أداء مكارتني وستار.
وشدد بول مكارتني على "عدم وجود أي تفصيل مُبتكر بواسطة الذكاء الاصطناعي" في الأغنية. أخبار ذات صلة ينطلق 4 فبراير.. «عالم الذكاء الاصطناعي» يبحث التغيرات العالمية في القطاع كيف يُساعد الذكاء الاصطناعي في تحسين صناعة الأغذية؟ فرقة البيتلز خلال حفل موسيقي
لكن ترشيح "ناو أند ذن" لجائزتي أفضل تسجيل وأفضل أداء في احتفال توزيع جوائز "غرامي"، الذي سيُقام الأحد في لوس أنجليس، أثار دهشة عدد كبير من محبي الموسيقى.
يُحدث استخدام الذكاء الاصطناعي جدلا كبيرا يتمحور على الأخلاقيات في المجال الموسيقي. وفي العام 2023، وضعت الأكاديمية المانحة لجوائز غرامي قاعدة مفادها أن "المبدعين من البشر فقط هم المؤهلون" للحصول على جوائزها المرموقة.
تشير القاعدة إلى أنّ "أي عمل لم يشارك في إنجازه مبتكر من البشر ليس مؤهلا للفوز في أي فئة".
بمعنى آخر، يتم تلقائيا استبعاد الأغاني التي أُنشئت بالكامل باستخدام الذكاء الاصطناعي. لكن القاعدة تلحظ إمكانية النظر بالأغاني المُبتكرة من بشر لكن التي تم صقلها بواسطة الذكاء الاصطناعي.
ترى ماري براغ، وهي مؤلفة وملحنة ومؤدية متحدرة من ناشفيل في ولاية تينيسي، أنّ الجدل الدائر حول "ناو أند ذن" مبالغ به.
تشكل التكنولوجيا المستخدمة في هذه الأغنية "اكتشافا" في عالم مهندسي الصوت. لكن هذا التطور ليس سوى امتداد طبيعي للتقنيات المستخدمة عادة لإنتاج عمل موسيقي.
تشير براغ إلى أنّ استخدام الذكاء الاصطناعي، ومع أنّه مُحترم في هذا العمل، لا يزال يمثل "منحدرا زلقا"، مضيفة "يصبح الذكاء الاصطناعي بمثابة مشكلة عندما لا يتم الحفاظ على سلامة الفن".
وأثارت هذه التكنولوجيا مخاوف من استخدام الأعمال الفنية بدون الحصول على إذن المعنيين، لتدريب برامج قائمة على الذكاء الاصطناعي أو استخدام أصوات المغنين من دون موافقتهم.
تقول ليندا بلوس باوم، وهي عضو في مجلس إدارة رابطة كتاب الأغاني في أميركا الشمالية، إن هذه المخاوف مشروعة تماما، لكنها لا تنطبق على أغنية البيتلز الجديدة.
وتضيف "قد تكون للذكاء الاصطناعي آثار سلبية كثيرة على الفنانين، لكنّه مثال لشيء جيد بالفعل"، مشيرة إلى أن الأغنية أُعيد ابتكارها بموافقة عائلة جون لينون.
وترى أنّ أغنية "ناو أند ذن" هي "مثال جيد جدا على كيفية استفادة الفنانين من الذكاء الاصطناعي، إذا رغبوا في ذلك".
بعد مرور نصف قرن على انفصال أعضائها، تبرز فرقة البيتلز في السباق لنيل جائزة أفضل تسجيل للمرة الخامسة. ويعود آخر ترشيح لها في هذه الفئة إلى العام 1971، مع أغنية "ليت ات بي".
لم تفز الفرقة قط بهذه الجائزة.
ويتساءل بعض المعجبين والمراقبين عن أهمية تنافس فنانين من عصور مختلفة في الفئة نفسها. فكيف يُختار فائز في حي تفصل سنوات موسيقية عدة بين عوالم المتنافسين؟.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: جوائز غرامي جوائز جرامي الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
حرب الذكاء الاصطناعي.. وأنظمة الغباء الصناعي!
ما إن تسلم دونالد ترامب رئاسة أمريكا للمرة الثانية، بعد حفل تنصيبه، حتى سارع ضمن عاصفة إعلاناته، للحديث عن مشروع ضخم بقيمة 500 مليار دولار لإنشاء بنية تحتية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة بقيادة مجموعة “سوفت بانك” اليابانية وشركتي “أوبن آي” و”تشات جي بي تي” الأمريكيتين"، ضمن شعاره الكبير لـ"جعل أمريكا عظيمة مرة أخرة"، والحفاظ على الهيمنة الأمريكية المعلنة وحتى الاستعراضية، في هذا المجال الحساس.
فمنذ سنوات، تتخذ الحكومة الأمريكية خطوات للحفاظ على ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي الذي تعتبره من قضايا الأمن القومي. واستهدفت واشنطن خاصة الصين، عبر تقيّيد ضوابط على التصدير قدرة الصين على الوصول إلى أكثر الرقائق الالكترونية تطورا، خصوصا تلك التي تنتجها شركة "إنفيديا" العملاقة، التي أصبحت أكبر شركة في العالم بسبب ذلك في فترة، وبلغت قيمتها السوقية حتى 3.4 تريليون دولار. وقد أدت رقائق "إنفيديا" إلى ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي لدى "أوبن إيه آي".
وبسبب هذه الخطوات ظل الخطاب الأمريكي يؤكد، وأحيانا ببعض الاستخفاف والتكبر حتى، أن بكين متأخرة جدا في مجال الذكاء الاصطناعي، عن واشنطن المتقدمة بأشواط عنها.
بالتزامن، وحتى قبل تسلم ترامب السلطة مجددا، و في ما بدا ردا صينيا مدروسا من حيث التوقيت والمحتوى، على ترامب وأمريكا، أطلقت شركة "ديب سيك" الصينية الناشئة، في 10 يناير الجاري، نموذجا جديدا للذكاء الاصطناعي يشبه، بل ويتفوق على "تشات جي بي تي" و"جيميناي" (من شركة غوغل) وغيرهما، ولكن وبتكلفة أقل بمئات الأضعاف عن تلك التي تكبدتها الشركات العملاقة الأمريكية.
ويعتمد نموذج ديب سيك على 2000 رقاقة قديمة فقط من "إنفيديا" بتكلفة بلغت 6.5 مليون دولار ليحقق نفس النتائج التي تحققها نماذج الشركات الأمريكية التي تحتاج إلى 16 ألف رقاقة "إنفيديا" المتطورة بتكلفة تتراوح بين 100 و200 مليون دولار. لتؤكد الشركة الصينية الوليدة (تم انشاؤها في 2023 فقط) أن القيود الأمريكية لم تؤت ثمارها، إذ أشارت شركة "ديب سيك" الصينية إلى أنها استخدمت الرقائق الأقل تطورا من شركة "إنفيديا" (والتي يُسمح باستيرادها) وطرقا مختلفة لتحقيق نتيجة تعادل أفضل النماذج الأمريكية.
الأكيد أن العالم مقبل على "حرب مفتوحة كل الضربات والمعارك فيها مسموحة" بأسلحة "الذكاء الاصطناعي" ولا مكان فيها لأنظمة غبية معادية للذكاء، والأذكياء، بل وللبقاء في السلطة، تجتهد بـ"غباء" للتشجيع على فرض "الغباء" وبحجم صناعي على شعوبها المقهورة، وبالمقارنة فإن تكلفة إدارة "تشات جي بي تي" وصلت في 2024 ما يقارب 7 مليارات دولار، وهو رقم مذهل.
النجاح السريع للشركة الصينية، حيث وصل تطبيق الهاتف المجاني الذي يحمل اسم الشركة نفسها (DeepSeek) إلى صدارة قوائم التنزيل على متجر "آبل"، متفوقا على تطبيق "تشات جي بي تي" من "أوبن إي آي" المدفوع، في ظرف عشرة أيام، كان له مفعول تسونامي. وقد أدى ذلك إلى انهيار في أسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية في وول ستريت في بداية تداولات الأسبوع، يوم الاثنين الماضي، حيث تعرضت شركة “انفيديا” الأمريكية لخسارة تاريخية، حيث فقدت نحو 600 مليار دولار من قيمتها السوقية مع تراجع أسهمها بنحو 17%، ليصبح أكبر هبوط لسهم شركة بيوم واحد في تاريخ سوق الأسهم الأمريكية. وانخفض مؤشر "ناسداك 100"، الخاصة بشركات التكنولوجيا الأمريكية، بنسبة 3 بالمئة، الاثنين الماضي، وهو أكبر انخفاض في 6 أسابيع، مما تركه ثابتًا تقريبًا لهذا العام وقيمته أقل بنحو تريليون دولار عما كانت عليه عند إغلاق البورصة، الجمعة، أي قبلها بيومين.
ترامب يعلق على "الصدمة الكبيرة"
وبعد هذه الصدمة الكبيرة اعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يومها، أن نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني منخفض التكلفة “ديب سيك” هو بمثابة “جرس إنذار” للشركات الأمريكية.
واعتبر ترامب خلال مؤتمر للحزب جمهوري في ميامي، أن هذه الصدمة قد تكون أيضا “إيجابية” بالنسبة للسيليكون فالي لتدفعه إلى الابتكار بتكلفة أقل، مشيرا إلى أنه “بدلا من إنفاق المليارات والمليارات، ستنفق أقل على أمل أن تصل إلى الحل نفسه".
وبحسب بيانات "ديب سيك" الصينية فقد تأسست برأس مال يبلغ 10 ملايين يوان (نحو مليون و400 ألف دولار) عام 2023، وتقدّر تكلفة نموذجها للذكاء الاصطناعي بنحو 5.6 ملايين دولار، وهو رقم أقل بكثير مقارنة بنفقات عملاق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بالولايات المتحدة "إنفيديا"، التي تتراوح بين 100 مليون دولار إلى مليار دولار.
وقد أسس شركة "ديب سيك" ليانغ ونفنغ، البالغ من العمر 39 عاما، وقد تخصص في هندسة الإلكترونيات والاتصالات قبل الحصول على درجة الماجستير في هندسة المعلومات والاتصالات، ومعظم موظفي شركة "ديب سيك" اليوم هم من الخريجين وطلاب الدكتوراه من أفضل الجامعات في الصينية.
وإلى جانب تكلفته الزهيدة فإن تطبيق "ديب سيك"، يقدم كبديل متطور ومجاني للتطبيقات الأمريكية المماثلة المدفوعة مثل "تشات جي بي تي"، كما أنه يقدم محتوى مفتوحا عكس المحتوى المغلق للتطبيقات الأمريكية.
ووصف سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي" (مالكة "تشات جي بي تي")، الإثنين الماضي، نموذج "ديب سيك" بأنه "مذهل، وخاصة فيما يقدمونه مقابل السعر".
بالتزامن، وحتى قبل تسلم ترامب السلطة مجددا، و في ما بدا ردا صينيا مدروسا من حيث التوقيت والمحتوى، على ترامب وأمريكا، أطلقت شركة "ديب سيك" الصينية الناشئة، في 10 يناير الجاري، نموذجا جديدا للذكاء الاصطناعي يشبه، بل ويتفوق على "تشات جي بي تي" و"جيميناي" واستدرك: "لكننا متحمسون بشكل أساسي لمواصلة تنفيذ خريطة الطريق الخاصة بنا بشأن البحث، ونعتقد أن زيادة (القدرة) الحاسوبية باتت أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى حتى ننجح في مهمتنا".
هذا الوعد الذي قطعه ألتمان على نفسه، في سياق مشروع ترامب للتفوق الأمريكي في الذكاء الاصطناعي، يزيد من احتمالات "حرب" غير مسبوقة بين بكين وواشنطن في هذا المجال الحساس بأبعاده الاقتصادية (التريليونية) وحتى السياسية.
لكن اللافت أنه بعد يومين فقط من كلام ألتمان اتهمت شركته "أوبن إيه آي" شركات صينية ( بينها ديب سيك) وغيرها بمحاولة نسخ نموذجها للذكاء الاصطناعي، داعية إلى تعزيز التعاون مع السلطات الأمريكية واتخاذ تدابير أمنية.
ورأت "أوبن إيه آي" أن المنافسين استخدموا عملية تسمى تقطير المعرفة وتشمل نقل المعرفة من نموذج كبير مُدرّب إلى نموذج أصغر، بالطريقة نفسها التي ينقل بها المعلم المعرفة إلى طلابه.
وقال ديفيد ساكس، رئيس قسم الذكاء الاصطناعي في إدارة الرئيس دونالد ترامب، لقناة فوكس نيوز إن "هناك أدلة واضحة جدا على أن ديب سيك استخلصت المعرفة من نماذج أوبن إيه آي".
وتطرح هذه اللغة الأمريكية سيناريوهات مفتوحة على كافة الاحتمالات بين بكين وإدارة ترامب الجديدة، خاصة مع خطاب الأخير الملوح بـ"عصا" العقوبات الاقتصادية ضد الصين.
لكن يبدو أن ما قامت به شركة "ديب سيك"، وإعلان شركة “علي بابا" الصينية هي الأخرى تطبيقا أكثر تطورا للذكاء الاصطناعي يعطي هامشا كبيرا للصين للتحرك في هذا المجال وسط مشهد أمريكي وعالمي متأرجح على وقع تصريحات و"خرجات" ترامب كذلك.
الأكيد أن العالم مقبل على "حرب مفتوحة كل الضربات والمعارك فيها مسموحة" بأسلحة "الذكاء الاصطناعي" ولا مكان فيها لأنظمة غبية معادية للذكاء، والأذكياء، بل وللبقاء في السلطة، تجتهد بـ"غباء" للتشجيع على فرض "الغباء" وبحجم صناعي على شعوبها المقهورة، بتواطؤ وتبرير من نخب، أو بالأحرى "نكب متذاكية"، وتطرد أو تهجر أو تسجن في المقابل الأذكياء فقط لأنهم يقولون لا لحكم الغباء والأغبياء الوبال على البلدان!
*كاتب جزائري مقيم في لندن