ندوة بجناح الأزهر للتعريف بـ «الإمام البخاري وصحيحه»
تاريخ النشر: 31st, January 2025 GMT
يقدم جناح الأزهر الشريف، بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 56 لزوَّاره كتاب «الإمام البخاري وصحيحه»، بقلم العالم الأصولي الفقيه الدكتور عبد الغني عبد الخالق رحمه الله المتوفى (1403هـ/ 1983م)، من إصدارات هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.
غدًا.. انطلاق فعاليات المعسكر الشتوي للنانوتكنولوجي بجامعة الأزهر ركن الخط العربي في جناح الأزهر.. نافذة على الإبداع والجمال
إن مكانة الإمام البخاري لا تخفى لمنصف قرأ تاريخ المحدثين الثقات؛ فقد بذل الإمام البخاري جهدًا كبيرًا في خدمة السنة النبوية؛ حيث قام بانتخاب جملة كبيرة من أصح الأحاديث الواردة عن النبي عليه الصلاة والسلام، فأودعها في هذا المصنف البديع، 'الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله ﷺ وسننه وأيامه»، الذي جمع فيه من صنوف الأحاديث الصحيحة أنواعًا، تدل على براعته وتمكنه في علوم الحديث، وكيف لا، وقد أخذت خدمة الحديث الشريف جل وقته، ونفيس عمره، فأقضت مضجعه، وجعلته يسهر الليالي والأيام في تحرير تصانيفه، باحثًا عن مظان السنة الصحيحة، في بطون الأجزاء والكتب وأخذا عن الرواة الثقات من علماء الحديث والأثر في رحلات كثيرة، ومجالس علمية في مختلف البقاع والأصقاع.
وفي هذا الكتابِ يعرضُ المؤلفُ لجهودِ الإمام البخاري، الذي شهدَ له العلماءُ عبرَ العصورِ بالبراعةِ في بابي الرِّوايةِ والدِّرايةِ، وقدْ صدَّرَ المؤلِّفُ كتابَه هذا بالحديثِ عنِ الأدلَّةِ الشَّرعيةِ التي تأتي السُّنَّةُ تاليةً فيه للكتابِ المبين، ثمَّ تحدَّثَ عن حُجَّيَّةِ السُّنَّةِ النَّبويَّةِ، وأنَّها تستقلُّ بالتَّشريعِ، وذلك منْ خلالِ سَوْقِ الأدلَّةِ الواضحةِ، والبراهينِ السَّاطعةِ بالمنقولِ والمعقولِ، ولمْ يغفلِ الشَّيخُ في كتابِه هذا الاستشهادَ بكلامِ علماءِ أصولِ الفقهِ بجانبِ أقوالِ المحدِّثين، فترى تقريراتِ المؤلِّفِ تصلُ الفقهَ بالحديثِ، والرِّوايةَ بالدِّرايةِ، وذلكَ بأسلوبٍ سهلٍ، وعبارةٍ رائقةٍ، ثمَّ عرج الشَّيخُ إلى تلكَ المقولاتِ الظَّالمةِ للسُّنَّةِ، الَّتي أثارَتْ حولَها الشُّبهاتِ، فقامَ بالرَّدِّ على الطَّاعنين في كتابةِ السُّنَّةِ المطهَّرةِ؛ مُبيِّنًا وجهَ الجمعِ بينَ أدلَّةِ المنعِ والإباحةِ، بطريقةٍ علميَّةٍ منهجيَّةٍ بقوَّةِ الطَّرحِ، وإيرادِ الحججِ ، وذَكَرَ المصادرَ المطبوعةَ والمخطوطةَ.
ثم تحدَّثَ المؤلف عن بيتِ القصيدِ -وهو الإمامُ البخاريُّ- فعرَّفَنا بشمائلِه الزَّكيَّةِ، ومسيرتِه العلميَّةِ، واشتملَتْ على عيونٍ منْ فرائدِ النُّقولِ حولَ تكوينِه العلميِّ ورحلاتِه في طلبِ العلمِ وتعليمِه، ثمَّ تحدَّثَ عنْ مزايا الجامعِ الصَّحيحِ، واستنباطاتِ البخاريِّ في جامعِه الصَّحيحِ، ثمَّ تحدَّثَ عنْ عنايةِ العلماءِ بصحيحِ البخاريِّ منْ مؤلَّفاتٍ ومصنَّفاتٍ، وقدْ أسعفَه في ذلك سَعَةُ اطِّلاعِه حيثُ حشدَ مِنَ الكتبِ المطبوعةِ والمخطوطةِ ما لا تجدُه في غيرِه منَ الكتبِ؛ فقد كانَتْ لدى المؤلِّفِ مكتبةٌ شخصيةٌ علميةٌ مرموقةٌ تُعدُّ منْ أفرادِ دورِ العِلْمِ في العالمِ الإسلاميِّ، ساهمَتْ في إثراءِ كتابِه هذا بالنُّقولِ العزيزةِ، والفرائدِ النَّادرةِ، فالكتابُ مَعْلمةٌ بحقٍّ عنِ الإمامِ البخاريِّ، جمعَ صاحبُه فيه بينَ دقائقِ الأصولِ وصحيحِ المنقولِ.
وعن عناية المسلمين بالجامع الصحيح، واهتمامهم به، يذكر المؤلف أنه ليس من المبالغة في شيء إذا قلنا: إنَّ المسلمين - على اختلاف طبقاتهم، وتباين مذاهبهم - لم يعنوا بكتاب بعد كتاب الله عنايتهم بصحيح البخاري من حيث السماع والرواية، والضبط والكتابة، وشرح أحاديثه، وتبيين رجاله، واختصاره وتجريد أسانيده.
ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56 وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبنَّاه طيلة أكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأزهر جناح الأزهر معرض القاهرة الدولي للكتاب بمعرض القاهرة الدول الإمام البخاری
إقرأ أيضاً:
«الأخوة الإنسانية».. قصة وثيقة جسدت الصداقة بين البابا فرانسيس وشيخ الأزهر؟
ضج العالم اليوم الإثنين، بنبأ وفاة بابا الفاتيكان الذي رحل في ذكرى الاحتفال بعيد القيامة المجيد، وودع العالم رمزا من رموز السلام، استثمر حياته في الدعوة إلى الحوار، وتجلى هذا واضا في علاقته بشيخ الأزهر.
ونستعرض خلال السطور التالية بعض المواقف التي جمعته بشيخ الأزهر.
علاقة الإمام الطيب وبابا الفاتيكانلم تكن العلاقة بين الإمام الطيب والبابا فرنسيس مجرد لقاءات بروتوكولية أو عبارات دبلوماسية، بل كانت تجسيدًا حيًا لفكرة الأخوة الإنسانية، التي ترجمها الطرفان إلى مواقف ومبادرات حقيقية، في عالم يموج بالصراعات والكراهية.
بدأت فصول هذه العلاقة في مارس 2013، عندما بادر الإمام الأكبر بتهنئة البابا فرنسيس فور تنصيبه، وهي خطوة كسرت جليدًا دام لسنوات بين الأزهر والفاتيكان، مؤكّدًا أن عودة العلاقات مرهونة باحترام متبادل وتقدير صادق للإسلام والمسلمين، وسرعان ما لقيت هذه الخطوة تجاوبًا من البابا، الذي كان قد صرّح عقب تنصيبه بأيام بأهمية الحوار مع الإسلام، معتبرًا أن لا سلام في العالم دون جسور تواصل بين الأديان.
وبالفعل، أُعيد تفعيل لجنة الحوار بين المؤسستين في 2014، وتم الإعلان رسميًا عن استئناف التعاون بين الجانبين، ثم جاء اللقاء التاريخي الأول في مايو 2016، عندما استقبل البابا فرنسيس الإمام الطيب في الفاتيكان، وهو اللقاء الذي وصفه البابا نفسه بأنه «رسالة في حد ذاته».
ومن هناك بدأت سلسلة لقاءات حافلة بالود والتفاهم العميق، امتدت من القاهرة إلى روما، ومن قاعات المؤتمرات إلى الموائد الخاصة، حيث شارك البابا في مؤتمر الأزهر العالمي للسلام في 2017، وعانق الإمام الطيب أمام أنظار العالم، في مشهد تصدّر عناوين الصحف العالمية.
وثيقة الأخوة الإنسانية من بابا الفاتيكانلم تكن العلاقة بين بابا الفاتيكان والإمام الطيب، مجرد لقاءات، بل شراكة فكرية وروحية حقيقية، أسفرت عن توقيع «وثيقة الأخوة الإنسانية» في أبوظبي عام 2019، والتي مثلت إعلان نوايا عالمي من أجل ترسيخ ثقافة السلام، ومواجهة التطرف والكراهية، والدفاع عن حقوق الإنسان، وخصوصًا الفقراء والمهمشين.
تميز كلا الرمزين بتواضعهما وزهدهما، وبمواقف إنسانية تتجاوز حدود الدين والمذهب، وهو ما جعل العلاقة بينهما تُضرب بها الأمثال، بوصفها نموذجًا نادرًا في التلاقي الفكري والإيماني بين قيادتين دينيتين من أكبر ديانات الأرض.
ورغم اختلاف العقائد والمسارات، إلا أن الإمام الطيب والبابا فرنسيس تقاطعا في لحظة نادرة من تاريخ الإنسانية، لحظة اتفق فيها رمزان دينيان على أن الدين لا يمكن أن يكون أبدًا مصدرًا للكراهية، بل هو جسر للرحمة والعدل، هذا التفاهم لم يكن سهلًا، بل كان ثمرة سنوات من الجهد والإرادة الحقيقية التي قادها الاثنان في مواجهة موجات العنف والتشدد باسم الدين.
البابا فرنسيس، الذي اختار اسمه تيمنًا بالقديس فرانسيس الأسيزي، ظل حتى لحظاته الأخيرة وفيًا لخطّه الإنساني الداعم للفقراء واللاجئين والمستضعفين، مؤمنًا بأن الكنيسة يجب أن تكون ملجأ للجميع، لا منبرًا للفصل والإقصاء. وبهذا النهج، اقترب قلبًا من قلب الإمام الطيب، الذي طالما دعا إلى خطاب ديني عالمي جديد يضع الإنسان أولًا، أيًّا كانت ديانته أو لونه أو ثقافته.
واليوم، وبعد رحيل البابا فرنسيس، يفقد العالم صوتًا عاقلًا كان ينادي بالمحبة والتعايش، وتفقد الإنسانية رجلاً حمل على عاتقه همّ الفقراء والمهمشين، كما يفقد الإمام الطيب “أخًا وصديقًا”، طالما شاركه الحلم بعالم يسوده السلام والرحمة.
اقرأ أيضاً«ليست حربا بل وحشية».. العالم يستذكر بابا الفاتيكان مدافعا عن غزة
بابا الفاتيكان يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة
بابا الفاتيكان يقوم بزيارة مفاجئة لكاتدرائية القديس بطرس بعد استقبال ملك بريطانيا