أكد الدكتور محمد مهنا، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، أن تعدد الطرق الصوفية ليس ظاهرة غريبة أو متناقضة، بل هو أمر طبيعي ويعكس التنوع في الاجتهادات البشرية في فهم وإدراك الحقيقة الإلهية، مثلما يحدث في مذاهب الفقه المختلفة.

 وأوضح الدكتور مهنا أن التصوف يعد علمًا يرتبط بمعرفة الله تعالى، وأن السعي من خلاله هو محاولة للوصل إلى الله عبر التربية الروحية والصدق في التوجه إليه، مشيرًا إلى أن كل مريد يختار الطريق الذي يناسبه للوصول إلى الله وفقًا لتجربته الروحية وإدراكه للحق.

التصوف وفهم الحقيقة الإلهية

وفي حديثه خلال حلقة برنامج «الطريق إلى الله» على قناة "الناس"، أكد الدكتور محمد مهنا أن التصوف يعتمد على مفهوم "الصدق"، الذي يعتبر ثاني أعلى درجات الإيمان بعد النبوة. 

وأشار إلى أن الصدق يتطلب من المسلم حالة من الارتباط القوي بالله سبحانه وتعالى، وهي ليست مجرد عبادة شكلية، بل عبادة تكون عن يقين وثقة في أن الله سبحانه وتعالى يراقب عبده في كل لحظة. وتابع قائلاً: "إن التصوف لا يتعلق فقط بالقوالب الظاهرة للعبادة، بل يكمن في الصدق الداخلي الذي يشعر به المسلم، ويعيش به طوال حياته".

تعدد الطرق الصوفية 

وأشار أستاذ الشريعة إلى أن تنوع الطرق الصوفية هو انعكاس للاختلافات الطبيعية في قدرات الناس على إدراك الحقيقة الإلهية. فكل طريقة صوفية تعكس فهمًا معينًا للحقيقة، بناءً على التجربة الروحية ودرجة التزكية التي مر بها المريد. 

كما أكد أن التصوف لا يسعى لخلق طرق متناقضة، بل يختلف بحسب استعدادات الناس وفهمهم الشخصي، ففي كل طريق يمر الإنسان بتجربة مختلفة تعكس درجة فهمه وتقديره للحقيقة.

مفهوم "مقام الإحسان" في التصوف

وتطرق الدكتور مهنا إلى مبدأ "مقام الإحسان"، الذي يعتبر الأساس في التصوف، والذي فسره النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل، حيث قال: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فاعلم أنه يراك".

 وأوضح أن هذا المفهوم يشير إلى مرحلة عالية من الإيمان، وهي عبادة لله تكون عن يقين كامل، يشعر فيها المسلم بوجود الله في كل لحظة من حياته. وأكد أن بعض الطرق الصوفية ترتكز على "المشاهدة"، حيث يرى المريد الحقيقة بعيون الإيمان، بينما تتسم طرق أخرى بمبدأ "المراقبة"، حيث يراقب المريد الله ويتقرب إليه بالعبادة والتقوى.

تنوع الطرق الصوفية واختلاف استعدادات النفوس

كما أضاف الدكتور محمد مهنا أن الطرق الصوفية تتنوع حسب استعدادات النفوس وميول الأشخاص. فهناك من يميل إلى الزهد ويبحث عن البعد عن متاع الدنيا، بينما يجد آخرون راحتهم في العبادة والعمل الصالح. وأكد أن كل طريقة صوفية تستقطب تلاميذها الذين يتناسبون مع استعداداتهم الروحية. وأوضح أن التنوع في هذه الطرق لا يعني التناقض، بل هو تنوع طبيعي يعكس قدرة الإنسان على فهم الطريق الروحي الذي يناسبه.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الطرق الصوفية الطريق إلى الله أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر المزيد الدکتور محمد مهنا الطرق الصوفیة

إقرأ أيضاً:

رسالة ونداء

 

إلى كل يمني غيور زلت قدماه، أو اجتهد فقدر في لحظة انفعال وحرص، أو لحق أطماعه وما ظن أنه مصلحة أو تحكمت فيه مفاهيم سابقة ولدتها أزمنة غابرة من الاختلافات والتباينات أو فقد شيئا من متاع الدنيا القليل جاها ومالا أو اختلطت عليه المواقف وشبه له أو ساءه تصرف ألحق به ضررا وأذى أو قضت عليه جغرافيا الاغتراب واستحقاقاتها القاسية ..إلى كل هؤلاء وغيرهم:

بلدكم اليمن اليوم يناديكم، يستصرخ فيكم إيمانكم ونخوتكم وشهامتكم، اليمن الذي قام لله وانتصر لمستضعفي غزة وفلسطين حين خذلهم الناس واستجاب لله والرسول حين تقاعس الناس وأعرضوا اليمن الذي قال كلمة الحق في وجه السلطان الأمريكي الصهيوني الجائر حين صمت الناس…السلطان قاتل النساء والأطفال والشيوخ وهادم المساجد والمدارس والمستشفيات وناصب العداوة للإسلام والمسلمين أبدا في طول التاريخ …

بلدكم اليمن يخوض الآن معركة مصحرة لا شبهة فيها ولا لبس ولا ارتياب في مواجهة الطاغوت الذي أمرتم بالكفر به، حيث لا يصح إيمانكم إلا بذلك وأنتم الذين حملكم الله أمانة الإيمان والحكمة ..

إيمانكم وحكمتكم تناديكم وتستنهض فيكم ماضي أجدادكم الأنصار حاضني أول حكومة خالصة لله في الأرض وتربأ بكم أن يراكم الله ورسوله والمؤمنون من أسلافكم وأحفادكم في صف غير صف المؤمنين.

في معركة هي الفرقان وهي المعيار وهي الميزان بين الفئتين فئة الإيمان وفئة الكفر وحاشاكم أن تكونوا مع الفئة الثانية، يأبى الله ورسوله لكم ذلك ويأبى إيمانكم وتأبى أنسابكم وأحسابكم إلا أن تكونوا مع شعبكم.. مع صنعاء عاصمة الجهاد ومأرز الإيمان ومأوى المستضعفين واسألوا أهل فلسطين ينبئونكم عن هذا اليقين …

يا من جمعني بهم اليمن آباء وإخوة وأصدقاء ولو شئت أن أسميهم لطال المقال وهم الآن في زوايا الأرض وفي هذا البلد أو ذاك، حيث العواصم الباردة من الحجارة والحديد تغتالنا كل ساعة.. أعلم يقينا مدى حبكم لفلسطين ولليمن .. فلا يصدنكم عن هذا الحب من لا يؤمن به ومن لا يريد الخير لبلدتكم الطيبة.. وأنتم تعرفونهم كما تعرفون أبناءكم…

هذا زمن التطهر من أدران اتسخنا وتلوثنا بها لسبب أو لآخر..

هذا زمن الإنابة إلى اليمن لندافع معا مع حجارة وديانه وجباله وبحاره عنه ..حيث عدونا جميعا يستهدفنا بلا تمييز ولا تفريق ..وحيث فتح الله للجميع باب التكفير والعفو عما سلف…

أيهنأ لكم عيش وأنتم ترون أهلكم ومدنكم وقراكم وقبائلكم وبلدكم وقد كان لكم دور وإسهام في بنائه وعهدكم به قريب.. تحت النار والدمار والتخريب….!!؟

اليوم يوم بر ووفاء لبلدكم.. اليوم يوم صدق وتسامح وأنتم الألين قلوبا والأرق أفئدة.. اليوم لا مكان للشامتين ولا للمتلائمين ولا للمخذولين والمرجفين ولا للمتاجرين والمزايدين.. ولا للمغامرين الواهمين..

اليوم أنتم على موعد ليكتب التاريخ أنكم ورغم كل ما جرى اخترتم أن تكونوا مع أهلكم في البأساء والضراء وحين البأس.. ليكن هذا اليوم وما بعده لليمن الحر العزيز فحسب…

اعلنوها بملء الفم وبعالي الصوت وبحزم وعزم الموقف حيث أنتم بأنكم منحازون إلى بلدكم والى شعبكم والى أهلكم في مواجهة المعتدين وأنكم في خندق صنعاء والحديدة وحجة وصعدة وعمران وذمار والبيضاء ومارب والجوف وكل اليمن ..

اعلنوها فإن هذا الإعلان والموقف هو صلاة الوقت الوسطى فلا تفوتكم ..وأهلكم ينتظرون ذلك منكم عاجلا غير آجل، فلا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث شرف وعز الدنيا والآخرة…

اعلنوها…فو الله أنها منحة وهبة ونعمة من الله فلا تردوها.. كما أنها امتحان وابتلاء فأتموه تفلحوا….

” والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ”

 

 

مقالات مشابهة

  • الرئيس السيسي للأئمة: ربنا يوفقكم .. ولسه فيه دور يستكمل بيكم
  • محمود مهنا: الرئيس السيسي يستنبط أفكاره من القرآن والسنة
  • محمود مهنا: دعوة الرئيس السيسي لتحويل المساجد لمراكز علمية تجسد سنة النبي محمد
  • الأستاذ الدكتور عمر أبو نواس في ذمة الله
  • رسالة ونداء
  • توضيح تصريحات البابا فرنسيس حول الأديان الأخرى.. الحقيقة كما هي
  • محمد الجبوري: شركات المقاولات العراقية يمكنها التصدي لأكبر المشاريع
  • أحمد الرخ: التصوف ليس مذهبا أو فرقة بل منهج حياة متكامل
  • أسامة فخري: التصوف ليس مجرد موائد بل منهج تربوي
  • لماذا الإشاعة بتعيين الدكتور إيلا