خطيب المسجد الحرام: أحبُّ الخلق إلى الله من يشكره على النعم
تاريخ النشر: 31st, January 2025 GMT
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ الدكتور ياسر بن راشد الدوسري، المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه وتجنب مساخطه ومناهيه.
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام، في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام "إِنَّ مِنْ أعظم العبادات وأرجَاهَا، وأجلها وأسماهَا، عِبَادَةَ الشُّكْرِ، فَكم أسبغ الله علينا من نعمة، ومنّ علينا مِنْ مِنَّةٍ، وكشف عنَّا مِنْ كُرَبَةٍ، وَفَرَّجَ عَنَّا مِنْ نِعْمَةٍ، ولو كَشَفَ الله لنا الغطاء عن ألطافه وصنعه بنا لذابت قلوبنا محبة وشكرًا له وشوقًا إليه، فنعمه تترى علينا في كل حين، نتقلب فيها ممسين ومصبحين، {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}، .
وأكد الدوسري، أن أحبُّ خَلْقِ اللهِ إلى الله من اتصف بصفة الشكر وداوم عليها، كما أن أبغض خَلْقِهِ إِليه مَنْ عَطَّلَهَا واتصف بضدها، وقدْ بَلَغَ مِنْ عِظَم منزلة الشكر أنَّ اللهَ تعالى سَمَّى نَفْسَهُ شَاكِرًا وَشَكُورًا، وَسَمَّى به الشَّاكِرِينَ، فَأَعْطَاهُمْ مِنْ وَصْفِهِ، وَسَمَّاهُمْ بِاسْمِهِ، وَحَسْبُكَ بِهَذَا مَحَبَّةٌ لِلشَّاكِرِينَ وَفَضْلًا، فالشكر ثوابه عظيم، وأجره عميم، قال العزيز العليم: { وَسَيَجْزِي الله الشَّاكِرِينَ } ، ولم يذكر الله في الآية جزاء الشكر ليدل ذلك على كثرته وعظمته.
وأشار إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أن الشكر أمان من العقوبات، ونجاة من المكروهات قالَ اللهُ عَزَّ وجلَّ : {مَا يَفْعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا}، فَمَنْ ضَيَّعَ شُكر النعم حلَّتْ بِهِ النقم، ومن لم يُحاسب نفسه قبل يوم القيامة حل به الندم.
وذكر الدكتور الدوسري أن نصوص الوحيين دلت على أن الشكر يكون بالقلب واللسان والجوارح، فيظهر الشكر في القلب إقرارًا بالنعم وإيمانًا، ونسبتها لواهبها تفضلًا منه وإحسانًا، قال تعالى على لسان سليمان عليه السلام: هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي } ، وقال: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ» ، كما ظهر الشكر في اللسان حمدًا وثناء وتحدثًا: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدَّثْ، ويظهر الشكر في الجوارح عبادة وطاعة واستعمالًا، فصرف النعم فيما يُرضي الله هو حقيقة الشكر وبرهانه، ويكون الشكر بتسخير النعم في تحقيق الفضائل، فكذلك يكون في التوفي والحذر من أن تكون النعم مطية للمعاصي والرذائل، فالمعاصي نار النعم تأكلها كما تأكل النارُ الحَطَبَ، وبذلك يعلم أنَّ الشكر الله هو الاعتراف بنعم الله، والتحدث بها، والاستعانة بها على طاعة المنعم دون معصيته، ولا بد أن يقترن هذا بالخضوع للمنعم ومحبته، فبهذه الأركان يكون الشكر تامًا.
وأضاف أن العبد مهما أطاع ربه وشكره، وتقرب إليه بأنواع القربات والطاعات، فلن يقوم بالشكر على الكمال والتمام؛ لأن شكره الله هو محض توفيق من الله، وكلما كان العبد أكثر شكرًا لربه فالله أكثر، وسيجزي الله الشاكرين، فاشكروا ربكم على ما حياكم من النعم، وأولاكم من المنن، ودفع عنكم من النقم، وخصكم بجميل العطايا والكرم، وإن أعظم الشكر هو الإيمان بالله تعالى، والمبادرة إلى عبادته وأداء فرائضه وواجباته، والبعد عن محرماته، قال تعالى: { بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ)، كما أن أعظم كفران النعم هو الكفر بالله، وترك فرائضه وواجباته، وفعل المعاصي.
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام "إن النعم نوعان: مستمرة ومتجددة: فالنعم المستمرة شكرها يكون بالعبادات والطاعات، والنعم المتجددة شرع لها سجود الشكر، شكرًا الله عليها، وخضوعًا له وذلًا واعترافًا بفضله وإحسانه، وإِنَّ مِنَ النعم المتجددة ما يعيده الله تعالى على الأمة من مواسم الخيرات في الشهور والأيام، وها قد أظلكم شهر يغفل عنها كثير من الأنام، وهو شهر شعبان الذي ترفع فيه الأعمال، ومما ينبغي على المسلم في شهر شعبان المبادرة إلى قضاء ما فاته من شهر رمضان، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالت: كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ.
وبين أنَّ مِنَ النعم الكبرى، والمِنَن العظمى التي تستوجب منا الشكر والامتنان، ما أكرم الله به بلادنا من نعمة الإيمان والأمن والأمان، وما نعيشه في ربوعها مِنْ رَغدِ عيش وسعادة واطمئنان، في ظل قيادتنا الرشيدة، فنسأل الله تعالى أن يجزي ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، خير الجزاء وأعظمه وأوفاه، على ما تحققه بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية من نجاحات باهرة، وإنجازات ظاهرة، في جميع الميادين المحلية والإقليمية، والأصعدة الدولية والعالمية، فنسأل الله جل وعلا أن يحفظ على هذه البلاد عقيدتها وإيمانها وولاة أمرها، وأمنها ورخاءها واستقرارها، وأن يجعلها شامخة عزيزة إلى يوم الدين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: خطبة الجمعة خطيب المسجد الحرام المسجد الحرام الدوسري الشكر المزيد
إقرأ أيضاً:
بفضل الله تعالى.. جلالة السلطان يعود إلى أرض الوطن
مسقط- العُمانية
بفضلِ اللهِ تعالى ورعايتِه، عاد حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظهُ اللهُ ورعاهُ- إلى أرض الوطن بعد زيارةِ "دولةٍ" إلى روسيا الاتّحاديّة الصّديقة استغرقت يومين.
وأعرب حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- خلال لقائه بفخامة الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية عن شكره لفخامته، على الدعوة الكريمة لزيارة بلاده، وعلى حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.
وقال جلالته- أعزه الله- إن مباحثاته مع فخامة الرئيس الروسي تركزت على بناء علاقات متينة طيبة بين البلدين خلال الفترة الماضية؛ حيث يكمل البلدان خلال هذه الأيام 40 عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية، ويسعى البلدان في الوقت الراهن على جعل هذه العلاقات متميزة ومفيدة تخدم مصلحة الشعبين الصديقين.
وأشاد جلالةُ السلطان المعظم- حفظه الله ورعاه- بلقائه مجموعة من رجال الأعمال من روسيا الاتحادية، مؤكدًا أنه لمس اهتمامهم بتطوير هذه العلاقة في مجالات الطاقة والزراعة والتجارة، كما باشر العديد منهم تبادل الزيارات وفتح مكاتب تجارية، مُعربًا- أيده الله- عن تطلُع سلطنة عُمان لزيادة استثماراتها في روسيا الاتحادية، وقد باشر جهاز الاستثمار العُماني التواصل مع الجهات المعنية الروسية.
وأعرب جلالته في ختام حديثه عن شكره وتقديره للمسؤولين الروس الذين قاموا بزيارة سلطنة عُمان خلال الفترة الماضية، معبرًا- أعزه الله- عن أمله لمواصلة المسؤولين في سلطنة عُمان زيارة موسكو.
ورحب فخامة الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية بحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- في العاصمة الروسية موسكو، شاكرًا لجلالته قيامه بزيارة "دولة" إلى روسيا الاتحادية.
وأكد فخامته أن جلالة السلطان المعظم قام بعدة زيارات إلى روسيا؛ حيث وقع جلالته في عام 1985 على الاتفاقية الخاصة بإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الصديقين، وفي هذه السنة يحتفي البلدان بالذكرى الأربعين عامًا منذ إقامة العلاقات.
وأضاف فخامته أن البلدين الصديقين يتقاسمان تاريخًا جيدًا وسجلا حافلًا من التواصل المستمر، مؤكدًا بلورة حزمة من الاتفاقيات التي من شأنها تشكيل زخم إضافي لتوطيد الأسس القانونية للعلاقات الثنائية.
وأشار فخامته إلى أن هناك الكثير من العمل لتطوير العلاقات التجارية بين البلدين، في مجال الاستثمارات المتبادلة، والترانزيت والنقل والزراعة، خاصة وأن روسيا تقوم بتصدير المنتجات الزراعية والأغذية إلى سلطنة عُمان.
وأكد فخامته على اهتمام الشركات الروسية لتطوير التعاون في مجالات الطاقة مع سلطنة عُمان، مشيرًا إلى مناقشة المسائل العملية خلال المباحثات أمس.
وأكد فخامة الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية على التعاون الوثيق بين وزارتي الخارجية في البلدين، مضيفًا أن بلاده بصدد تنظيم القمة الروسية العربية الأولى، التي تحظى بتأييد من الأصدقاء في العالم العربي.