أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي، الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم المسلمين بتقوى الله عز وجل.

وقال إمام وخطيب المسجد النبوي: خَلَقَ اللَّهُ تعالى الخَلْقَ لعبادتِه وحده لا شريكَ له، وأمرهم بتوحيدِه، ونهاهم عن الإشراكِ به، وقَرَّرَ هذا الأمرَ وبرهنَ عليه، وضربَ له الأمثالَ لتقريبِ المعاني للأفهام، وعامَّةُ القرآنِ في تقريرِ هذا الأصلِ العظيمِ؛ الذي هو أصلُ الأصولِ، وأوَّلُ الدِّين وآخرُه، وباطنُه وظاهرُه.

وأضاف إمام وخطيب المسجد النبوي: وقد بَيَّن سبحانَه في كتابِه كمالَ صفاتِه؛ لتُصْرَف العبادةُ له وحدَه؛ إذ العبادةُ لا يَستحِقُّها إلَّا مَنْ كان مُتَّصِفًا بصفاتِ الكمال، وأوَّلُ الرُّسلِ نوحٌ عليه السلام نَفَى هذه الثَّلاثةَ عن نفسِه فقال: ﴿ وَلا أَقُولُ ‌لَكُمْ ‌عِنْدِي ‌خَزائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ﴾، وأمر اللَّهُ نبيَّنا مُحمَّدًا صلى الله عليه وسلم أن يَبْرَأ من دعوى هذه الثَّلاثةِ بقوله: (قُل لَّا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ )وأمَّا اللَّهُ فعِلْمُه سبحانَه مُحِيطٌ بكلِّ شيءٍ، ويَعلَمُ ما في الصُّدورِ، والمخلوقُ لا يَعلَمُ ما سيكون في الغدِ، ولا يَعلَمُ ما غاب عن بصرِه، ولا يَعلَمُ عدد شَعَرَاتِ رأسِه.

وبيّن الشيخ الدكتور عبدالمحسن القاسم أن قدرة الله عزوجل عظيمة فخلقَ كلَّ شيءٍ وحده دونَ كُلِّ آلهةٍ ومَعبودٍ، والخَلْقُ مُتَّفِقون على ذلك، (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) ومن كمالِ قدرتِه: تدبيرُ الأمورِ، فبيدِه سبحانه وحده النفعَ والضرَّ، وهو الذي يَهدِي مَن يشاءُ من عبادِه ويُطعِمُهم ويَسقِيهم، ويَشفيهم ويُمِيتُهم ويُحيِيهم، وله المُلْكُ الكاملُ والتَّصرُّفُ المُطلَقُ في السَّمواتِ والأرضِ، بغيرِ شَريكٍ ولا نَديدٍ، يَفعَلُ فيها ما يشاءُ، ولتمامِ قدرتِه سَجَدَ له مَنْ في السَّمواتِ ومَنْ في الأرضِ طَوْعًا وكَرْهًا.

وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي أن الله الغنيُّ بذاتِه عمَّنْ سواه، العرشُ فما دونَه مُفتَقِرٌ إليه، ومُلْكُه لا يزيدُ بطاعةِ الطائعين، ولا يَنقُصُ بمعصيةِ العاصين ،وبيدِه سبحانه أرزاقَ العبادِ، وكما بَيَّنَ سبحانه كمالَ صفاتِه بَيَّنَ أنَّ الآلهةَ من دونِه لا تَستَحِقُّ العبادةَ؛ إذ ليس فيها من أوصافِ الرُّبوبيَّةِ شيءٌ؛ فهي لا تَخلُقُ ولا تُغَيِّرُ شيئًا ممَّا أرادَه اللَّه، قال إبراهيم للنُّمرود الذي ادَّعى الرُّبوبيَّةَ: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ المَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ﴾.

وأشار إلى أن الآلهةُ من دونِ اللَّه لا تملكُ تفريجَ كروبِ النَّاسِ وقضاءَ حوائجِهم، واللجوءُ إليها كمَنْ يلجأُ إلى أضعفِ بيتٍ وهو بيتِ العنكبوتِ، ومَنْ جعلَ الأمواتَ أو الأولياءَ والصَّالحينَ واسطةً بينه وبين اللَّه في الدُّعاء؛ فقد أضاعَ معنى العبوديَّةِ ومقتضيات الرُّبوبيَّةِ.

وختم إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم مبينًا أن عبادةُ غيرِ اللَّه مبنيَّةٌ على الجهلِ، ﴿ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾، ولا برهانَ على عبادتهم مع اللَّهِ غيرَه، قال سبحانه: ﴿وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ﴾، وإنَّما هو التَّقليد، ﴿قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المسجد النبوي خطبة الجمعة صلاة الجمعة خطيب المسجد النبوي المزيد إمام وخطیب المسجد النبوی ا أ ق ول

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: الطاعة أن تعبد الله كما يريد بعيدا عن العقل والهوى

قال الدكتور علي جمعة، مفتى الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الطاعة أن تعبد الله كما يريد لا كما تريد، وهذه الحقيقة الواضحة يلتف عليها كثير من الناس، في حين أنها هي الأصل في عصيان إبليس الذي قص الله علينا حاله، وأكد لنا الإنكار عليه وعلى ما فعله في كثير من آيات القرآن الكريم.

ونوه عبر صفحته الرسمية على فيس بوك، أن إبليس لم يعترض على عبادة الله في ذاتها، ولم يكفر بوجوده، ولم يُشرك به غيره، بل إنه أراد أن يعبده سبحانه وحده وامتنع عن السجود لآدم، والذي منعه هو الكبر وليس الإنكار.

هل يجوز الكذب خوفا من الحسد .. علي جمعة يوضح الموقف الشرعيعلي جمعة: كيف نبقي أثر شهر رمضان حيًا في حياتنا ؟كيف تكون مسرورا؟.. علي جمعة يصحح مفاهيم خاطئة عن السعادةعلي جمعة يعدد مواطن النفحات الإلهية المخفية خارج شهر رمضان

واشار  الى ان الكبر أحد مكونات الهوى الرئيسية، والهوى يتحول إلى إله مطاعٍ في النفس البشرية، وهنا نصل إلى مرحلة الشرك بالله، فالله أغنى الأغنياء عن الشرك. قال تعالى في هذا الحوار : (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِى مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ * قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ أَنظِرْنِى إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ * قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِى لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ * قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ ) .

ضل فريقان فى مسألة الطاعة

ولفت الى انه في مسألة الطاعة ضل فريقان : فريق أراد الالتزام فزاد على أمر الله وحرّف، وفريق أنكر وفرّط وانحرف.

فالأول أراد أن يعبد الله كما يريد هو؛ فاختزل المعاني وتشدّد وأكمل من هواه ما يريد، وقال: هذا معقول المعنى عندي.

والثاني أراد أن يتفلّت وأن يسير تبع هواه؛ وقال: إن هذا هو المعقول عندي، في حين أنه يريد الشهوات.

وذكر أن ربنا يحدثنا عن كل من الفريقين، وهما يحتجان بالعقل، ولا ندري أي عقل هذا؟ وما هو العقل المرجوع إليه والحاكم في هذا؟ وهما معًا يؤمنان ببعض الكتاب ويكفران ببعض آخر، والقرآن كله كالكلمة الواحدة. قال تعالى : (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِى الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ القِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ العَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)، وقال سبحانه : (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا) وقال سبحانه : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَ لَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ).

أما الذين يدّعون العقل ويتبعون من حولهم من أصحاب الأهواء، ويغترون بكثرتهم، فهم يتبعونهم في الضلال، ولا ينبغي أن يغتر هؤلاء بالكثر؛ فدور العقل هو الفهم وإدراك الواقع ومحاولة الوصل بين أوامر الوحي وبين الحياة، واستنباط المعاني بالعلم ومنهجه، وليس دور العقل إنشاء الأحكام واختراعها؛ فإن هذا من شأن الله سبحانه وحده. قال تعالى : (إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ).

مقالات مشابهة

  • ماذا يفعل المسلم إن أصابه هم أو بلاء؟.. الأزهر للفتوى يجيب
  • ماذا يفعل المسلم إن أصابه هم أو بلاء؟.. اعرف أهم الأدعية والنصائح
  • تعميم لكل خطباء وأئمة المساجد والدعاة في اليمن .. وزارة الأوقاف والإرشاد دعو إلى إحياء سنة القنوت والدعاء لأهل غزة
  • علي جمعة: الطاعة أن تعبد الله كما يريد بعيدا عن العقل والهوى
  • 8 أمور أخفاها الله من يدركها ضمن الجنة واستجابة الدعاء.. علي جمعة يكشف عنها
  • خطيب المسجد الحرام: جميع العبادات بمضمار السباق في رمضان باقية للتنافس
  • مرحلة لن تعود.. خطيب المسجد النبوي يوصي بالمداومة على 6 أعمال بعد رمضان
  • خطيب المسجد الحرام: صيام الست من شوال أفضل الأعمال بعد رمضان
  • خطيب المسجد النبوي: الصيام مشروع في كل الشهور وليس رمضان فقط
  • بوابة انطلاق.. خطيب المسجد الحرام: الفرص متتابعة وأعمال البر لا تنقطع