حماة تروي أخيرا مأساتها بعد 43 عاما على المجزرة
تاريخ النشر: 31st, January 2025 GMT
كان حيان حديد في الثامنة عشرة من عمره حين دهم بيته عسكريون في شباط/فبراير 1982 واقتادوه بلباس النوم إلى موقع إعدام في مقبرة بمدينة حماة التي شهدت مجزرة في ظلّ حكم حافظ الأسد.
ويقول حيان لوكالة الصحافة الفرنسية "لم أروِ ذلك في حياتي من قبل، كل شيء ظل سرا، فقط عائلتي كانت تعرف". لافتا إلى أنه مع سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد صار الكلام ممكنا.
فمع سقوط نظام الأسد صار بإمكان السوريين الحديث جهرا عما كان محرما فيما مضى، ومن تلك المحرمات الكلام عن مجازر حماة، بعد 43 عاما على حصولها.
وفي ظل صمت إعلامي مطبق، نفّذت أجهزة الأمن بقيادة رفعت الأسد، شقيق حافظ، قصفا على مدينة حماة عام 1982 بلا هوادة، وحاربت تنظيم "الطليعة المقاتلة" المنبثق من الإخوان المسلمين وأجهزت على من صادفته من مدنيين من رجال ونساء وأطفال.
وامتدت المذبحة على 27 يوما، ولم تُعرف قط حصيلتها بشكل رسمي. أما التقديرات فتراوح بين 10 آلاف قتيل و40 ألفا، أو أكثر، فقدوا حياتهم في ذاك الشهر من عام 1982.
يقول حيان إنه لم يكن على أي علاقة بجماعة الإخوان المسلمين، لكن اسم عائلته كان كافيا لجلب الويلات عليه.
فأحد أقارب العائلة هو مروان حديد، صاحب الشهرة الواسعة في تاريخ الجماعات الإسلامية المسلحة، والذي كان قياديا في "الطليعة المقاتلة"، قبل أن يقضي في السجن عام 1976.
إعلان مذهول من النجاةفي فبراير/شباط 1982، وبعد 13 يوما من القتال الضاري، وصلت قوات الأسد إلى الحي الذي يسكن فيه مروان حديد. واعتقلوا فيه قرابة 200 رجل واقتادوهم إلى المدرسة الصناعية، بحسب ما يروي حيان.
مع حلول الليل، استُدعي نحو 40 رجلا منهم، وأيديهم موثوقة بأسلاك هاتف، ونُقلوا في شاحنة.
ويقول حيان "حين وصلنا، أخبرت جاري أنها مقبرة، فأجابني: هذا يعني أنهم سيعدموننا". وبالفعل، أطلق صفّان من الجنود النار على المعتقلين، وشعر حيان حديد بملامسة الرصاص لشعره، لكنه لم يُصب.
ويضيف "سقطت على الأرض، ولم أتحرك، لا أعرف كيف. لم تكن تلك حيلة واعية مني لأنجو من الموت".
بعد ذلك، أطلق الجنود رصاصة على كل شخص للتثبت من وفاته، لكن الجندي الذي اقترب منه لتلك الغاية لم يطلق عليه الرصاصة.
ويقول "كنت أرتدي حينها ملابس نوم حمراء اللون، وربما قال في نفسه إنني ميت". بعد أكثر من أربعة عقود، لا يزال حيان حديد مذهولا من نجاته.
ويروي "لم أستوعب أنني نجوت إلا بعد ساعة. كنت أسمع صوت نباح كلاب وإطلاق نار، ومطر".
فقام ومشى إلى بلدة سريحين المجاورة في ضواحي المدينة، ثم عاد إلى حماة مع ساعات الفجر، وتسلل إلى بيت عمه الذي كان يؤوي 7 عائلات.
في ذلك العام، كانت كاميليا بطرس مسؤولة مكتب القبول في المستشفى الوطني في حماة، وعملت مع موظفيها على مدى 20 يوما على تسجيل أسماء الضحايا المنقولين للمستشفى.
وتقول لوكالة الصحافة الفرنسية "كانت الجثث تصل بالشاحنات، وتلقيها القلابات على باب المشرحة، بدون توقف، بشكل يتجاوز قدرتنا على العمل".
بين الضحايا الذين نقلوا الى المستشفى، من لم يعثر معهم على بطاقة هوية، وآخرون مجهولون لا يعرف عنهم سوى اسم الحي الذي نُقلوا منه. ودفن كثيرون في مقابر جماعية، كما تقول.
إعلانوتضيف "كنّا نتلقى على مدار ساعة اتصالات من القيادة لمعرفة أعداد القتلى الدقيقة، وبحسب الأرقام التي عملت عليها، بلغ عدد المدنيين القتلى 32 ألفا، إضافة إلى الآلاف من الجنود والإخوان المسلمين".
وأبلغت السلطات بهذه الأرقام، قبل أن تُسحَب منها البيانات.
وتروي كاميليا أنها شاهدت من مكتبها "إعدامات على الجدران". ولم توفر هذه الإعدامات العائلات المسيحية من بينهم والد صهرها. وتشدد "لم يُستثنَ أحد من القتل في حماة".
ويروي بسام السرّاج (79 عاما) كيف أُعدم شقيقه مع مجموعة من أبناء الحي على مرأى من زوجته وأطفاله حين سيطرت "سرايا الدفاع"، الميليشيات التابعة لرفعت الأسد، على الحي القاطن فيه.
ويؤكد بسام أن شقيقه هذا لم يكن من الإخوان المسلمين. ويقول "بعد ساعتين أو ثلاث، استدعوني لأستلم جثته". ومنعت قوات الأمن العائلة من تنظيم مراسم الدفن.
كان محمد أمين قطان في السادسة عشر من عمره فقط عندما حمل السلاح ضمن "الطليعة المقاتلة"، لمحاربة حكم حافظ الأسد.
وخلال مجزرة حماة، أوقف وكان ما زال قاصرا، ما أبعد عنه عقوبة الإعدام. لكنه أمضى 12 عاما في سجن تدمر سيء السمعة وسط سوريا، ليطلق سراحه عام 1993، ويصبح صيدلانيا ويدرس التاريخ.
ويقول إن تنظيم "الطليعة المقاتلة" كان في مواجهة مفتوحة مع السلطة على مدى سنوات.
ويضيف "حاول النظام استنساخ النموذج السوفياتي، ما أثار حفيظة رجال الدين المسلمين".
حين بدأت الأحداث في حماة، أُعلن النفير العام في المساجد، ليصل التعميم إلى "كلّ عناصر التنظيم"، وفق قوله.
ويروي أن السلطات حينها قالت إنها اكتشفت وجود مركز رئيسي للإخوان وخطة منسقة للعمل العسكري بين شخصيات من الطليعة بين حلب وحماة.
وكان حي الباروديّة مركز القتال الشرس الذي استمرّ خمسة أيام، "ثم بدأت ذخيرتنا تنفد، وبدأ قادتنا يسقطون في المواقع الأماميّة".
إزاء ذلك، بدأت القوات الحكومية السورية تتقدم في اليوم الثالث أو الرابع، "وتصرفت كمن تلقى أمرا بقتل كل من يصادفه"، لافتا إلى أن "الشوارع كانت مكتظة بجثث المدنيين، ومن بينهم أطفال ونساء وكبار".
إعلانويلخص قطان ما جرى في حماة عام 1982 "كانت جريمة مخططة لتأديب كامل الشعب السوري. ضرب النظام حماة بقوة، وأدّب بها سائر المدن".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
السلطة المحلية بأمانة العاصمة تدين المجزرة الأمريكية في ثقبان بمديرية بني الحارث
الثورة نت/سبأ أدانت السلطة المحلية في أمانة العاصمة، المجزرة الإرهابية التي ارتكبها العدوان الأمريكي في منطقة ثقبان بمديرية بني الحارث، وراح ضحيتها العشرات من المواطنين بينهم نساء وأطفال. وأكدت السلطة المحلية في بيان ، أن هذه المجزرة التي استهدفت عدداً من منازل المواطنين، تكشف بجلاء بشاعة وغطرسة وإفلاس وفشل هذا العدوان النازي الذي يواصل جرائمه الوحشية باستهداف المزيد من المدنيين في الأحياء السكنية والأسواق الشعبية. واستنكرت بشدة هذه المجزرة المروعة التي أدت أيضاً إلى تدمير وتضرر عدد من المنازل، في انتهاك صارخ لكل القوانين والمواثيق الدولية والانسانية التي تحرم وتجرم استهداف المدنيين والأعيان المدنية. وأشار البيان إلى أن هذه المجزرة وغيرها من الجرائم الوحشية، تضاف إلى السجل الدموي والإجرامي للإدارة الأمريكية، وتعد جرائم حرب مكتملة الأركان لن تسقط بالتقادم. وحمل أمريكا والأمم المتحدة والمجتمع الدولي، المسئولية الكاملة إزاء جرائم الحرب والمجازر التي ارتكبها العدوان الأمريكي بحق الشعب اليمني وتدمير مقدراته، مؤكداً أن العدوان الأمريكي لن يزيد اليمنيين إلا ثباتاً وقوة وتحدياً في مواجهة قوى الشر والإرهاب العالمي حتى وقف العدوان وحرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق الأشقاء في غزة ورفع الحصار عنها. وأكد البيان مواصلة الصمود والثبات والتحشيد والتعبئة العامة والاستنفار الشامل والجهوزية العالية لخوض المعركة المقدسة ضد العدوان الصهيوني والأمريكي، واسناد ودعم الشعب الفلسطيني ومقاومة الباسلة حتى تحقيق النصر.