قصة مايتا ـ ماريوباراغاس يوسا.. مقاربات مع التاريخ الطهراني للثورات في الأردن
تاريخ النشر: 31st, January 2025 GMT
-1-
يفتتح يوسا روايته العظيمة بمشهد الزبالة في ضواحي ليما، حيث يصور روتين حياته اليومية ككاتب روائي. ويختتمها بنفس المشهد. وفي هذا رمزية واضحة المعالم تتخذ من الواقع المعاش لغة فجة تغلف مقولة الكاتب ووجهات نظره. وكأنه يضع هذه التحفة الروائية كإستعارة بين قوسين يضعان هذه السردية التي يختلط فيها الخيال بالتاريخ أمام تحديات الواقع المعاش/ وقت كتابة الرواية سنة 1982 حيث تبدأ سلسلة من الصراعات المسلحة في بلده البيرو وتمتد لسنة 2000
يجيد هذا الكاتب لعبة التعاطي الخادع مع التاريخ وهو لمن خبر مغامراته الروائية أفضل من ابتدع هذه المحاوره الماكرة مع هذا الصنم المصمت المسمى تاريخا.
لماذا يلجأ روائي مثل يوسا إلى هذه الطريقة في مناقشة قضايا محورية في التاريخ قررت مصائر بلد بأكمله. وبهذه الخفة التي تكاد السخرية تنظم حباتها ويكاد الماضي يطوي صحائفه هل يحاول إعادة صياغة الأحداث بأن يكون جزءا محوريا منها؟
الطهرانية الثورية.. هي جل ما يبحث عنها الكاتب في شخصية مايتا.. هذه الطهرانية التي نتوهم واثقين إمساكها في راحتينا ثم ما تلبث أن تتحول إلى محض سراب غير موجود إلا في خيالاتنا التي تنسج بفطرتها المريضة بالكمال ومع ذلك. فهو ما يلبث إلا أن يضعنا في مقام الحيرة الخابطة.. مسلطاً علينا شمس السؤال الحارقة.. متوازنين من غير يقين ولا تأكيد.
بعد سلسلة من النهايات التي لا تليق ببطل طهراني.. سنظل نتساءل هل كان مايتا مناضلا ثوريا منزوعا من أية نوازع غير ثورية أم أنه مجرد لص سارق يمارس السطو المسلح على البنوك ويقضي فترة حكمه مستكينا هادئا ومتصالحا مع قدره. هل كان ساذجا.. غدره أصدقاؤه أم أنه كان ثائرا حقيقيا.. خذلته الظروف ثم واصل حياته دون أن يرمش له جفن في تذكر ما مضى.. هل المشكلة بالفكرة أم بتداعياتها.
في التاريخ، الحديث للبيرو.. فإن اليخاندرو مايتا قام بتمرد على نطاق ضيق في منطقة خاوخا.. ولم يكن معه سوى أربعة من الرجاال البالغين.. وبضعة تلاميذ من المدرسة المحلية.. كانت مجموعة من التروتسكيين الشيوعيين... وسرعان ما تم القضاء على هذا التمرد بسهولة ويسر وفي ظرف اثني عشر ساعة . تم قتل اثنان من الثوار واعتقال الباقي. هذا التمرد لا يكاد يذكر في تاريخ التمردات في البيرو تلك الفترة. يتتبع يوسا هذا التمرد ويناقش الافكار الشيوعية التي كانت سائده في تلك الاثناء حول الثورة والتغيير.. هذه ببساطة خلطة يوسا الأولية لهذه الرواية والتي تتفرع ويزداد حجمها فتصبح علامة بارزة في مشواره الروائي.. ويتم قراءتها سياسيا من حيث هجاء يوسا لتاريخه وللحركات اليساريه ومشروعها بشكل عام . وهذا ما يدعوه لان يصرح بأكثر من مقابلة بأن هذه الرواية هي أكثر كتاب له ظلم من ناحية القراءة المتعسفة له .
ـ 2 ـ
بتاريخ 22 ـ 4 ـ 1987 وفي قرية صغيرة في الجنوب الأردني اسمها ذات رأس ضمن محافظة الكرك كانت حشود من المناضلين الشيوعيين الأردنيين تجتمع لدفن فتى نهاية العشرينات أسمه حمدان الهواري.. ويبدو أننا سنعرف فيما بعد أن القوم قد دفنوا أحلامهم الأممية ـ آنذاك ـ معه تحت شجرة وارفة كان يتفيأ ظلالها قبر والده المحامي من قبله.
حمدان الهواري.. ولدى البحث عن سيرته سنجد نزرا يسيرا من حياته الحقيقية و الكثير من ظلاله واشعاعه في كتابات من عاصروه.. ويتأكد لدى المتتبع لأخباره إنه من أولئلك الثوريين الطهرانيين الذين عاشو الحلم وربما تجرعو انكساره..
ظلال كثيرة.. وتأثيرات لايمكن لنا تجاوزها.. أدت بشاعر أردني كبير مثل حبيب الزيودي إلى تخليد ذكراه بقصيدتين أولاهما بعد موت حمدان بسنة ( عام 1988) والثانيه قبل موت الشاعر نفسه بأشهر من عام 2012 وما بينهما الكثير من المقالات والأحاديث.
طالب في الجامعة الأردنية في أواخر السبعينات يؤسس حزب العمال الشيوعي الفلسطيني فيحكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات .. ثم في سجنه يغير رفاقه في الحزب البوصلة ويتقربون من حركة فتح .. فيقرر الانتماء للحزب الشيوعي الأردني .. وفي أخر أيامه يصاب بمرض السرطان فيخرج بعفو انساني وينتهي به المطاف مسجى في قريته الصغيرة في جنوب الأردن.
تنتهي به الأحلام الكبرى والجدوى.. خارجا من سجن المحطة.. ويترك رئته الممزقة للريح وللمراثي.. هل خذله الرفاق.. هل وشو به.. هل تركوه نهبا لأفكار تتنازعه حول الجدوى.. أين كان يقف في لحظة خروجه من سجن المحطة. هل تقاسم رفاقه مخصصات وزارة الداخلية في دعمها للأحزاب المرخصة بعد موته بعام في ظل الانفتاح الديمقراطي الذي شهده الأردن . ماذا كان سيقول لو انه شهد تجمع القوى اليسارية المدعوم من الحكومة ؟؟ هل كان لابد له من الموت ببساطة لأن النظام العالمي الجديد بعد 1991 لا يمكن له استيعاب الطهرانيين.. أم أنه كان مجرد طالب جامعي تمور في رأسه كل طواحين الأردن التي ظلت تستجدي الرياح .
ستظل الأسئلة التي طرحها يوسا في روايته تلاحق كل الثوار الطهرانيين.. منذ الحسين عليه السلام وحتى حمدان الهواري.. ولكن من يجرؤعلى هذا الطرح سوى كاتب كبير مثل يوسا.. لا يأبه للتابوهات..
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير أخبار ثقافية الرواية العراق رواية عرض نشر سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
داعية إسلامية تروي قصة «المكيدة التاريخية لإبليس.. أول جريمة قتل في التاريخ» |فيديو
تحدثت الدكتورة نورهان الشيخ، الداعية الإسلامية، عن القصة الأولى لأول جريمة قتل في التاريخ، موضحة أن في فجر الإنسانية، بعد أن خلق الله تعالى آدم عليه السلام وأسكنه الجنة، ثم أمر الملائكة بالسجود له تكريمًا، فسجدوا جميعًا إلا إبليس الذي استكبر ورفض الامتثال لأمر ربه، مما أدى إلى طرده من رحمة الله، بدلاً من التوبة، قرر إبليس الانتقام من آدم وذريته.
وأضافت خلال برنامجها الرمضاني «روح» المذاع على قناة القاهرة والناس، إنه استغل إبليس وجود آدم وحواء في الجنة، فوسوس لهما بالأكل من الشجرة المحرمة، مما أدى إلى خروجهما من الجنة ونزولهما إلى الأرض، لكن تلك الجنة التي نزل منها آدم عليه السلام لم تكن جنة الخُلد وانما هي جنة من جنان الدنيا كما وضح الإمام الشعراوي رحمه الله، وعلى الأرض، تعلم آدم الزراعة والعيش، وأنجب هو وحواء أبناءً وبناتًا، من بينهم قابيل وهابيل.
وتابعت:«كان قابيل يعمل في الزراعة، بينما كان هابيل يرعى الأغنام. ولحل نزاع بينهما حول الزواج، أوحى الله الى آدم عليه السلام أن يقدم كل من أبناءه قربانًا إلى الله، ومن يتقبل قربانه يكون الأحق، وقدم هابيل أفضل خِرافِهِ، بينما قدم قابيل محصولًا من زرعه لم يكن جيدًا بل كان رديئاً. تقبل الله قربان هابيل، مما أثار غيرة وحسد قابيل».
وواصلت:«بدلاً من أن يتعلم من خطأه، استسلم قابيل لوسوسة إبليس، وقرر قتل أخيه هابيل. وهكذا، وقعت أول جريمة قتل في التاريخ، حيث قتل الأخ أخاه بدافع الحسد والغيرة. بعد الجريمة، شعر قابيل بالندم والحيرة، ولم يعرف كيف يدفن جثة أخيه، فبعث الله غرابًا ليعلمه كيفية دفن الموتى، مما زاد من شعوره بالندم».
اقرأ أيضاًمدحت العدل لـ الشاهد: صورنا مسلسل الداعية أثناء حكم الإخوان
رمضان عبد المعز: بناء الإنسان هو أحد الأسس الرئيسية التي تقوم عليها الشريعة الإسلامية
«ذات مهارات متعددة».. الداعية الإسلامية «نادية عمارة» تخطف قلوب المصريين