في ذكرى رحيلها الـ50.. باريس تحيي أجمل ليالي أم كلثوم
تاريخ النشر: 31st, January 2025 GMT
بمناسبة الذكرى الـ50 لرحيل كوكب الشرق أم كلثوم، أُقيمت الليلة الماضية أولى الحفلات الموسيقية التي ينظمها مسرح مركز "فيلهارموني باريس" أحد أهم المراكز الثقافية والفنية الفرنسية، للتأكيد على قوة وعظمة الإرث الفني الذي قدمته "أم كلثوم" في حياتها وظل خالدا بعد رحيلها.
وأحيا المؤلف الموسيقي اللبناني ريس بيك وفرقة "غرام وانتقام" ليلة من ليالي سيدة الغناء العربي، على مسرح "فيلهارموني باريس" في "بارك دو لافيليت" شمال شرقي العاصمة الفرنسية، بعرض مميز تحت عنوان "أجمل ليالي"، للإحتفاء بالذكرى الخمسين لرحيل كوكب الشرق أم كلثوم.
وفي مزج فريد من نوعه، قدمت الفرقة عرضا يُعد من الروائع الفنية المبتكرة، حيث أعادت إحياء أشهر أغاني سيدة الغناء العربي ومقاطع من الأفلام السينمائية التي شاركت فيها، مع تحديث التوزيع الموسيقي برؤية حديثة معاصرة تجمع بين العود والموسيقى الإلكترونية، قدمتها فرقة "غرام وانتقام" والتي تشتهر بدمج الموسيقى الإلكترونية مع التراث الموسيقي العربي، ونجحت في تقديم تجربة فنية فريدة تجمع بين الماضي والحاضر.
وخلال عرض "أجمل ليالي"، قدمت الفرقة أشهر مقاطع لأغاني "أم كلثوم" "انت عمري" و"ألف ليلة وليلة" و"أنا في انتظارك"، مع إثراء موسيقاهم الحية بمقاطع مرئية من أفلامها وحفلاتها، نقلت الجمهور إلى زمن الفن الجميل ولكن بشكل مبتكر تفاعل معه الحاضرون بشكل كبير.
وقالت الفرنسية "بولين" لوكالة أنباء الشرق الأوسط: "جئت أنا وصديقتي بالصدفة ولا نعرف الفرقة جيدا، لكن جئنا لسماع أغاني أم كلثوم لأننا سبق أن شاهدنا معرضا آخر لها ولفيروز، لكن الفرقة وموسيقاها جعلتنا في عالم آخر رائع .. ما جعلني أرغب في اكتشاف المزيد".
شاركتها الرأي "جابرييل" التي عبرت عن إعجابها الكبير بالحفل، وقالت "أحببت هذا العرض وأردت سماع موسيقى أم كلثوم، لكن سماع أغانيها مع أجواء هذه الموسيقى الإلكترونية، جعلتني أريد معرفة المزيد عن هذه الأغاني والاستماع أيضا إلى الموسيقى الإلكترونية مع هذه الفرقة التي لم أكن أعرفها من قبل". وأضافت "هذا المزج غريب .. لسنا معتادين على خلط القديم مع الحديث وهذا هو الشيء المبهر في الحفل".
في المقابل، عبرت "روان" من لبنان، عن شعورها بخيبة أمل كبيرة، حيث توقعت الاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية لأم كلثوم، وقالت "أتيت في الأساس من أجل أم كلثوم، ولم يعجبني ذلك المزج من الموسيقى الكلاسيكية والإلكترونية .. كنت أود الاستماع إلى الموسيقى الشرقية الأصيلة لأم كلثوم .. كانت هناك مقاطع بصوت أم كلثوم فقط دون هذا المزج وهذا كان أفضل شيء".
بينما أعجبت "ماري" و"دانييل" بفكرة تكريم سيدة الغناء العربي في ذكرى رحيلها الـ50 بشكل حديث. وقال "دانييل": "هذا المزج من الموسيقى الإلكترونية الأوروبية مع الموسيقى العربية التقليدية .. لم أتوقع ذلك لكنه كان جميلا وخاصة أنه كان مصحوبا بمقاطع مرئية ".
ومن خلال هذا الحفل، سلط المؤلف الموسيقي ريس بيك وفرقة "غرام وانتقام" الضوء على أصالة وعبقرية أم كلثوم ، فبعد 50 عاما على رحيلها، "لا تزال أم كلثوم حاضرة في قلوبنا"، وأكدت الفرقة أن "أجمل ليالي" يعطي حياة جديدة لموسيقى أم كلثوم ومقاطع من أفلامها السينمائية، مع تحديث التوزيع الموسيقي برؤية حديثة تلامس المشاعر وتأخذ الجمهور إلى زمن الفن الجميل ولكن بشكل مبتكر.
وبهذه المناسبة، أعرب المستشار الفني لمركز "فيلهارموني باريس" آلان ويبر، والذي أعد هذا البرنامج الحافل لتكريم أم كلثوم، عن سعادته لإقامة الاحتفالية.
وقال لمراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط بباريس، إنها فرصة عظيمة لإقامة حدث كهذا، تكريما لسيدة الغناء العربي، الصوت الوحيد الذي كان يحتفظ بالإرث الثقافي للأغنية المصرية والعربية.
ويُقام غدا السبت، الحفل الثاني الذي تحييه فرقة "موسيقيو النيل" من خلال العزف على الربابة والمزمار والطبلة، لتقديم روائع من التراث الموسيقي، مع خلق أجواء أمسية احتفالية تعيشها إحدى القرى المصرية لتنقل الجمهور في رحلة عبر الزمن وتذكرنا بالقرية مسقط رأس سيدة الغناء العربي أم كلثوم "طماي الزهايرة" بمحافظة الدقهلية.
ثم تُقام الاحتفالية الكبرى الأحد القادم، على مسرح "فيلهارموني باريس"، بالتعاون مع دار الأوبرا المصرية، حيث يُحيي الحفل أوركسترا الموسيقى العربية بقيادة المايسترو الدكتور علاء عبد السلام، وتشدو خلاله مطربتا الأوبرا رحاب عمر وإيمان عبد الغني، بباقة مختارة من الأعمال الخالدة لسيدة الغناء العربي.
وتُقام هذه الحفلات تكريما ل"نجمة لا تُنسى من نجوم الموسيقى العربية" كما وصفها مركز "فيلهارمونى باريس" على موقعه الالكتروني، مؤكدا أن "أم كلثوم" قادت مسيرة فنية مبهرة امتدت لأكثر من نصف قرن وحتى بعد خمسين عاما على رحيلها، لا تزال تتألق بنفس تألقها وإبداعها حتى يومنا هذا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أم كلثوم سيدة الغناء العربي الموسیقى الإلکترونیة سیدة الغناء العربی أجمل لیالی أم کلثوم
إقرأ أيضاً:
الحب في زمن التوباكو (3)
مُزنة المسافر
جوليتا: كان شجارًا عاديًا، خشيتُ أن تتشاجر عمتي ماتيلدا مع دخان التوباكو مجددًا، علّها تكتشف يومًا أن ما يُصدره التبغ هو هواء ملوث، وأن حياتنا الحلوة قد تكون حلوة دون رماد، ودخان وغليون وعيون مطالبة بالمزيد.
لا يوجد من مزيد، نحن نرقص ونغني لشعب التوباكو ممن يقطنون المكان، يا لهم من سكان، إنهم يدخنون مثل عمتي، ويأتوننا مساءً ليسمعوا غنائي، وإدراكي للقوافي، والمغنى الأصلي.
تقول عمتي إن الفلكلور هو المطلوب، وخلق الحروف الجديدة يربك الجمهور والحضور.
وهل من حضور غير تلك الوجوه المكررة؟ يا إلهي، كم هي مُهدِرة للوقت، جاءوا للتسلية أكثر من الاستماع، وهم وسط مغنانا يشعرون بالضياع. تقول عمتي إن الضياع مطلوب هذه الأيام وسط القصائد الصعبة، وأن الموسيقى لا بُد أن تجد لحنًا سهلًا يسيرًا، وتبتعد عن تلك الألحان التي تأتي بالمتاعب.
وأي تعب يا عمتي، غير التعب الذي أشعرُ به، وأنا أنحتُ على خشبة المسرح خطوطًا عريضة تناسب أي لحن تبتغينه، وقد حرمتني عمتي ماتيلدا من الغناء خلف النافذة، وصارت تخبرني أن الجمهور سيضجر ويمل من صوتي حين يرى أنه صوتٌ يُسمع للعامة في الشارع، ويُسمع كذلك في المسارح.
ما العمل يا ترى؟ وهل من إنسان رأى مجد عمتي ماتيلدا حين ترددُ بأحبالها الصوتية أغنيةً شعبية، وتُلقي بقصائدي في الوحل، لم أشعر بعدها بالوجل منها بتاتًا، وصار انتقامي لعبثها بموهبتي، هو أن أتحدث مع النادل الذي يعزف البوق جيدًا، وطلبت منه أن يتبع رقصي، ورسمي للحركات على المسرح، ومن ثم أبدأ أنا في الغناء، وحينها فقط شعرت بالسناء، ورددت كلمات الحب والاشتياق، والشعور بالانسياق لأي نغمٍ كان.
أفاقها هتاف البوق من قيلولة قصيرة، وجاءت للمسرح وصرخت في وجه العازف، أليس هو بعارف أنها النجمة الوحيدة، وأنني لم ألمع بعد حتى يكون لي عازفٌ خاص.
غرقتْ هي في الغيرة، وغرقتُ أنا في كتابة كلمات جديدة، وصارت فجأة عديدة، وامتدت للسقف، مع حروف راقصة وعاصفة، كان هذا بدايتي ببساطة في النجومية.
وصارت كلماتي أقل عبثية، وصارت تنسجُ العجائبية، وأرى جمهورًا يُردد ما أقول، وصرتُ أصول وأجول في المسرح، وأبدعُ في الميلان، وكأنني لم أعد إنسانًا؛ بل بتُ شيئًا يتحرك كثيرًا، مثل غزالٍ جميل، لا يمكن له أن يضيع وسط غابة مُعتِمة؛ لأن الأنوار كانت تتبعني، وتترصد وجودي وتخترق فؤادي الذي ينادي في مُناه بالغناء والألحان.