هل يقود سباق الذكاء الاصطناعي إلى حرب بين واشنطن وبكين؟
تاريخ النشر: 31st, January 2025 GMT
يبدو أن المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في مجال الذكاء الاصطناعي قد تتصاعد إلى حد الصراع العسكري إذا لم تتم إدارتها بشكل صحيح.
المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في مجال الذكاء الاصطناعي قد تتصاعد صراع عسكري
ورغم المناقشات حول الانفصال الاقتصادي، تظل الدولتان مترابطتين بعمق، وستلقي أي حرب بظلال كارثية على الدولتين، حسبما أفاد بلال صعب، مدير مكتب تريندز في الولايات المتحدة الأمريكية، وناتاشا أحمد، مستثمرة في تكنولوجيا الدفاع ورئيسة شركة Epirus.
وتناول الكاتبان في مقال مشترك بموقع مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية استراتيجية "السلام من خلال الحافة"، وهي تشبه استراتيجية "السلام من خلال القوة" التي تبناها ريغان، حيث تحافظ الولايات المتحدة على التفوق التكنولوجي مع تعزيز المنافسة المسؤولة.
وأوضح الكاتبان أن التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي يمكن توجيهه من خلال إطارات أساسها السوق تكافئ الإبداع وتعاقب السلوك غير المسؤول. وبدلاً من صراع محصلته صفر، ينبغي لكلا القوتين الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في التعاون لدفع النمو الاقتصادي مع تجنب زعزعة الاستقرار.
ولفت الكاتبان النظر إلى أن الذكاء الاصطناعي يأتي ضمن الصراع الأوسع بينالولايات المتحدةوالصين حول النفوذ العالمي ونماذج الحكم؛ فالنهج الأمريكي مدفوع بالسوق، ويفضل ابتكار القطاع الخاص مع الحد الأدنى من تدخل الحكومة.
أما النموذج الصيني، فتقوده الدولة، ويسيطر عليه الحزب الشيوعي بإحكام، ومع ذلك ما يزال يركز على الابتكار.
تقع أشباه الموصلات في قلب تطوير الذكاء الاصطناعي، وفرضت الولايات المتحدة حظراً على تصدير أدوات تصنيع الرقائق عالية التقنية للحد من قدرة الصين على الوصول إلى أشباه الموصلات المتقدمة.
ومع ذلك، فإن هذه القيود تعطل سلاسل التوريد العالمية وتخلق توترات مع حلفاء الولايات المتحدة في آسيا.
Peace Through Edge https://t.co/PSDmcogeNh via @TheNatlInterest
— Nino Brodin (@Orgetorix) January 30, 2025وتوقع الكاتبان أن تشدد إدارة ترامب الثانية القيود المفروضة على صناعة أشباه الموصلات في الصين.
ومع ذلك، فإن الصين لا تعدم الخيارات البديلة. فبينما تمتك شرائح ذكاء اصطناعي أقل من حيث القدرات والموارد عن مثيلتها لدى شركة إنفيديا الأمريكية، تهيمن الصين على إنتاج أشباه الموصلات القديمة وتستثمر 47 مليار دولار في تصنيع الرقائق المحلية.
بالإضافة إلى ذلك، تتجاوز بكين العقوبات الأمريكية باستخدام خدمات الحوسبة السحابية للذكاء الاصطناعي للوصول إلى الحوسبة عالية الأداء.
سلط الكاتبان الضوء على الطريقة التي يُحدِث بها الذكاء الاصطناعي ثورة في إدارة الحرب، على الرغم من أنه لا يغير الطبيعة الأساسية للحرب نفسها، واشارا إلى أن الذكاء الاصطناعي يساعد على اتخاذ القرار بشكل أسرع، وتحسين تحليل الاستخبارات، والكشف المبكر عن التهديدات.
ويمكن للذكاء الاصطناعي القيام بتجميع صور الأقمار الصناعية، وتقديم ملخصات استخباراتية، وجمع بيانات وسائل التواصل الاجتماعي للتنبؤ بالتهديدات. وهذه القدرات حاسمة في الحرب السيبرانية، حيث تتكيف الأنظمة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي باستمرار مع الهجمات.
كما تعمل محاكاة التدريب العسكري التي تعمل بالذكاء الاصطناعي على إعادة تشكيل جاهزية القتال. تستخدم القوات في جميع أنحاء العالم ألعاب الحرب التي تعمل بالذكاء الاصطناعي للاستعداد لسيناريوهات المعركة المعقدة.
وأشار الكاتبان إلى استخدام أوكرانيا للذكاء الاصطناعي في دفاعها ضد روسيا. فقد ساعدت أنظمة الاستخبارات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي القوات الأوكرانية في تحليل تحركات القوات الروسية وتنسيق الهجمات بكفاءة أكبر.
ويعد الذكاء الاصطناعي عنصراً أساسياً في عمليات مكافحة الإرهاب الإسرائيلية ضد حماس وحزب الله في الشرق الأوسط.
ويستخدم الجيش الإسرائيلي قاعدة بيانات الذكاء الاصطناعي "لافندر" لتحديد عملاء حماس وحزب الله المحتملين، ونظام استهداف الذكاء الاصطناعي "غوسبل" لتحديد البنية التحتية للمتشددين، وطائرات دون طيار مستقلة للقتال الداخلي عن قرب.
في الوقت نفسه، في مجال الأمن البحري، قام الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية بدمج الذكاء الاصطناعي في فرقة العمل 59، التي تستخدم أنظمة مراقبة دون طيار بمساعدة الذكاء الاصطناعي لمراقبة المياه الإقليمية.
وأدت العسكرة السريعة للذكاء الاصطناعي إلى سباق تسلح في هذا المجال، مما أدى إلى زيادة التوترات العالمية. ويخلق كل تقدم في المجال حالة من عدم الاستقرار الاستراتيجي، مما يجبر الدول على مطابقة أو تجاوز قدرات منافسيها.
وللتغلب على هذا الأمر، أكد الكاتبان ضرورة أن تقود الولايات المتحدة عملية إنشاء أطر حوكمة للذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر.
ويجب أن تتسم هذه الأطر بتشجيع المنافسة وتطوير الذكاء الاصطناعي الأخلاقي لمنع إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي للتصعيد العسكري.
في حين قد ينظر البعض بسذاجة إلى إمكانية التعاون في مجال الذكاء الصناعي بين أمريكا والصين، يقول الكاتبان إنها خطوة استراتيجية ذكية، فمن خلال قيادة أطر حوكمة الذكاء الاصطناعي، تستطيع واشنطن الحفاظ على التفوق التكنولوجي على الصين، واستقرار المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي لتجنب التصعيد المتهور، وتأمين الزعامة الغربية في اقتصاد الذكاء الاصطناعي العالمي.
وبدلاً من تقييد وصول الصين إلى الذكاء الاصطناعي ببساطة، ينبغي للولايات المتحدة استخدام "السلام من خلال التفوق" لموازنة المنافسة بالاستقرار، وضمان بقاء الذكاء الاصطناعي قوة للتقدم وليس الصراع.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الذكاء الاصطناعي الولايات المتحدة الصين الذكاء الاصطناعي الصين الولايات المتحدة التی تعمل بالذکاء الاصطناعی فی مجال الذکاء الاصطناعی للذکاء الاصطناعی الولایات المتحدة أشباه الموصلات من خلال
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: الذكاء الاصطناعي يهدد 40% من الوظائف ويزيد الفجوة بين الدول
بينما يتوقع أن تبلغ القيمة السوقية لتقنيات الذكاء الاصطناعي نحو 4.8 تريليون دولار بحلول عام 2033 – أي ما يعادل حجم اقتصاد ألمانيا – يحذر تقرير جديد صادر عن الأمم المتحدة من أن فوائد هذه التكنولوجيا ما زالت محصورة بين عدد محدود من الدول والشركات، مما يهدد بزيادة الفجوة العالمية في الابتكار والتوظيف.
طفرة اقتصادية غير شاملةفي تقرير صدر يوم الخميس، قالت منظمة UNCTAD التابعة للأمم المتحدة إن الذكاء الاصطناعي يوفر فرصًا ضخمة لرفع الإنتاجية وتحفيز التحول الرقمي، لكنه في الوقت ذاته "ليس شاملاً بطبيعته"، حيث تتركز مكاسبه في أيدي فئات محدودة.
وأشار التقرير إلى أن الفوائد تميل لصالح رأس المال أكثر من العمالة، مما قد يعزز من معدلات عدم المساواة ويقوض الميزة التنافسية للعمالة منخفضة التكلفة في الدول النامية.
حذرت UNCTAD من أن الذكاء الاصطناعي قد يؤثر على ما يصل إلى 40% من الوظائف حول العالم، في حين أظهر تقرير سابق للمنتدى الاقتصادي العالمي في يناير أن 41% من أصحاب الأعمال يخططون لتقليص العمالة في القطاعات التي يمكن للأتمتة الذكية أن تحلّ محلها.
ورغم هذه المخاوف، أشار التقرير إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسهم أيضًا في خلق صناعات جديدة وتمكين القوى العاملة، بشرط أن يكون هناك استثمار جاد في التدريب وإعادة التأهيل المهني.
تركّز القوة في أيدي القلّةأظهرت بيانات الأمم المتحدة أن نحو 40% من الإنفاق العالمي على أبحاث وتطوير الذكاء الاصطناعي تتركز في أيدي 100 شركة فقط، معظمها في الولايات المتحدة والصين، وهو ما يزيد من هيمنة شركات مثل Apple وNvidia وMicrosoft، التي أصبحت قيمتها السوقية تقارب الناتج المحلي الإجمالي للقارة الإفريقية بأكملها.
هذا التمركز في القوة التكنولوجية – سواء على مستوى الدول أو الشركات – يهدد بتوسيع الفجوة الرقمية، ويضع الدول الأقل تقدمًا أمام خطر التخلّف عن الركب.
وأشار التقرير إلى أن 118 دولة معظمها من الجنوب العالمي، غائبة عن مناقشات حوكمة الذكاء الاصطناعي على المستوى الدولي، مما يقلّص فرصها في التأثير على مستقبل السياسات التنظيمية العالمية.
دعوات للحوكمة الشاملةلتدارك الفجوة المتزايدة، دعت UNCTAD إلى اعتماد سلسلة من التوصيات لتمكين نمو شامل في مجال الذكاء الاصطناعي، من أبرزها، آلية للإفصاح العام عن تقنيات الذكاء الاصطناعي، و تطوير بنية تحتية مشتركة للذكاء الاصطناعي، بالاضافة إلى الترويج لاستخدام النماذج مفتوحة المصدر
وشدد التقرير على أهمية أن تحظى الدول النامية بمقعد على طاولة المفاوضات العالمية بشأن تنظيم الذكاء الاصطناعي، لضمان تحقيق توازن في الفرص والمخاطر.
فرصة أم فخ؟خلص التقرير إلى أن الذكاء الاصطناعي "يمكن أن يكون محفزًا للتقدم والازدهار المشترك"، لكنه يتطلب حسن توجيه وتعاونًا دوليًا واستثمارات استراتيجية حتى لا يتحول إلى أداة لترسيخ التفاوتات القائمة.