تتقدم التطورات الإيجابية في الشرق الأوسط وتمنح الكل فرصة غير مسبوقة لإعادة بلورة سياسات المنطقة فيما بينها وبين العالم. القمم العربية مع الولايات المتحدة والصين وما آلت إليه الانتخابات التركية، وجولة أردوغان الخليجية إضافة إلى الاتفاق السعودي الإيراني كلها نتائج لخطوات استباقية بدأتها دولة الإمارات العربية المتحدة منذ العام 2018، ضمن ما يمكن اصطلاحه بسياسات «مدّ الجسور» وهو المصطلح الذي دأب على تقديمه معالي د.
أمسكت الإمارات بزمام المبادرة السياسية واضعة في اعتباراتها أن حماية الأمن القومي العربي نقطة ارتكاز لا يمكن التنازل عنها وعلى ضوء ذلك عززت من علاقاتها مع دولة الارتكاز العربي عبر الشراكات الاستراتيجية مع القاهرة، وواصلت جهدها في مكافحة الإرهاب باعتباره المهدد الأكثر خطورة على أمن الدول الوطنية، ولذلك كان لا بد للإمارات أن تفتح النافذة على دمشق لتستعيدها في محيطها العربي، كما أن توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية، كان جزءاً من تلكم المنهجية الواسعة المعتمدة على الواقعية السياسية فلا يمكن تجاوز الحقائق الموجودة فلا بدّ من التعامل مع ما هو موجود بالحوار المباشر مع انتهاز الفرص الاقتصادية المتاحة.
للشخصية السياسية الإماراتية خصائصها منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فهذا هو مدخل الفهم والاستيعاب للسياسة الإماراتية، فالصدق والوفاء والشجاعة هي السمات التي منها تنطلق دائماً السياسات في الإمارات، وعلى ذلك، فإن ما ذهب إليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، منذ أن كان ولياً للعهد مع المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، كان امتداداً لحزمة الخصائص مع ما امتلكته الشخصية القيادية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في إدارة واحدة من أكثر محطات العالم العربي والمنطقة اضطراباً عبر تاريخها فلقد أبدى صلابة مشهودة في التعامل الآمن لبلاده والخليج بأقل الأضرار بل إنه كرس فكرة أن صيانة الأمن القومي والدولي أولوية إماراتية منحت أبوظبي مكانتها السياسية.
اعتدنا في الشرق الأوسط على سياسات الاستقطاب الحادة غير أن ما جدّ على المشهد الاستقطاب الدولي وأزمات جائحة كورونا وسلاسل الإمداد والتغيير المناخي، فلم تدر الإمارات ظهرها بل إنها تعمل على خلق فرص نجاح من كل هذه المتغيرات الدولية، فلن يكون مؤتمر المناخ إلا مجرد واحدة من الفرص الممكنة لتخفيف التوترات الدولية، حتى وإنْ كان المؤتمر حول التغيرات المناخية، فإن توافد زعماء العالم سيضع هذه الفرصة التي ستلعب فيها الإمارات دوراً محورياً. التهدئة التي تمنح فرصاً للتعاون والتعايش صنعتها سياسات إماراتية شجاعة، أثمرت بعودة سوريا للجامعة العربية، وتخفيف التوترات بين دول الإقليم، مع مواصلة جهود مكافحة الإرهاب، وتجفيف منابع التمويل المالية التي تتدفق عليه، مما أضعف الجماعات المتطرفة وحدّ من خطرها، هذا ما يؤكد أن المجيء وراء اتجاهات الإمارات سياسياً ومعرفياً واقتصادياً هو الصحيح والطريق الآمن لمن يسير على نهجها. فالنجاحات لم تأتِ من فراغ بل من عمل تراكمي، الثقة الدولية في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، هي التي منها دخلت البلاد نادي الطاقة النووية السلمية واعتبرت مفتاحاً سياسياً للتوازنات السياسية بين الشرق والغرب والشمال والجنوب فبالثقة في الشخصية السياسية الإماراتية تقدمت وارتفعت وها هو ابنها في المحطة الدولية ورجالها ونساؤها على الأرض لهم قوتهم، فالعالم يثق بالإماراتي الصادق الوافي بالوعد الصائن للعهد.
هاني سالم مسهور – كاتب يمني
صحيفة الاتحاد الإماراتية
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الفنون الشعبية.. كرنفالات جوّالة في «مهرجان الشيخ زايد»
تامر عبد الحميد (أبوظبي)
يعيش زوار «مهرجان الشيخ زايد» الذي تقام فعالياته في منطقة الوثبة بأبوظبي، أجواءً مفعمة بالترفيه والموسيقى والعروض الفلكلورية والأهازيج الشعبية التي تقدم بين ساحاته وعلى مسارحه المختلفة. وتقدم فرق الفنون الشعبية باقات من أبرز العروض بأزيائها التقليدية في قالب تفاعلي، مما يرسخ مفهوم التناغم بين الدول المشاركة، ويؤكد على مكانة المهرجان كملتقى للثقافات والحضارات.
حضارات العالم
خصّص المهرجان ضمن أنشطته اليومية مجموعة من العروض الموسيقية والفلكلورية التي تستعرض الإبداعات من أنحاء العالم، وتقدمها أكثر من 10 فرق شعبية على مسارح المهرجان من دول مختلفة. وتتميز الفرق بطابعها الشعبي الأصيل وبالملابس الفلكلورية التي تعبر عن ثقافة كل دولة. ويعزف أعضاؤها بطرق فنية مختلفة تعبر عن حضارات العالم وأهمية الفن الشعبي لإظهار ثقافة الشعوب والتعبير عن مظهرها الحضاري.
الفرق الإماراتية
الفرق الإماراتية للفنون الشعبية من أبرز الفرق جذباً للزوار، من خلال عروضها الجوالة بين ساحات المهرجان أو فقراتها على مسرح «نافورة الإمارات». وتقدم فلكلوراً تراثياً على وقع فنون العيالة والحربية والرزفة، التي تعكس روح الثقافة الإماراتية وموروثها الشعبي، ويستخدم أعضاء الفرق في هذه العروض أدوات موسيقية تقليدية مثل الطبول، مع أداء حركات جماعية منظمة تروي قصصاً من التراث.
حفظ الموروث
وحول مشاركة الفرق الإماراتية في «مهرجان الشيخ زايد»، قال مبارك العتيبة، مسؤول الفنون الشعبية ومؤدي «فن العيالة» في المهرجان: تشكّل فنون الأداء التقليدية المحلية جزءاً من ثقافة وتاريخ دولة الإمارات، وتتخذ الفرق الشعبية من المهرجانات الثقافية والتراثية والفنية، منصة لاستعراض هذه الفنون بين الفلكلور والأهازيج التراثية التي تتمثل في الأداء الشعبي الرصين، وتضيء جزءاً من ملامح الثقافة الإماراتية، بهدف الحفاظ على موروث الأجداد ونقله إلى الأجيال.
إقبال كبير
ومن بين الفرق الاستعراضية العربية التي تنال إقبالاً جماهيرياً كبيراً، فرقة «محظوظ» المصرية للفنون الشعبية التي تؤدي استعراضات فلكلورية مختلفة تحظى بشعبية كبيرة على مسرح الجناح المصري، حيث تجذب الفرقة زوار المهرجان من مختلف الجنسيات والأعمار، لما تقدمه من مزيج خاص يجمع بين الاستعراض والعزف على آلة المزمار، إلى جانب الاستعراضات الشعبية الأصيلة الأخرى من مختلف محافظات مصر، ومنها الزفة المصرية واستعراض التنورة والحصان الراقص.
تبادل ثقافات
وعن مشاركة الفرقة للمرة الأولى في «مهرجان الشيخ زايد»، قال عماد الزين رئيس «محظوظ» للفلكلور المصري: نتشرف بالمشاركة ضمن فعاليات «مهرجان الشيخ زايد»، الذي يجمع فنون العالم في منطقة الوثبة، وأصبح منصة مهمة للالتقاء مع الآخر وتبادل الثقافات واكتساب المعرفة حول فنون الدول الأخرى، بعدما بات حدثاً عالمياً يضم بين أجنحته مختلف الحضارات، مجسداً ثقافات الشعوب عبر مشاركة الدول العربية والعالمية، والتفاعل معها عن قرب.
موشحات أندلسية
أما فرقة «الشموخ» المغربية، فتؤدي على مسرح الجناح المغربي موسيقى مراكشية على أنغام الموشحات الأندلسية، ضمن فقرات فنية واستعراضات فلكورية على وقع الفنون المراكشية والعيساوية والموسيقى الأمازيغية والصحراوية والطقوقطة، برفقة آلات القرع، مثل الدف والطبل، وسط تفاعل كبير وحضور لافت من الزوار. وأعرب منصف بوبل رئيس فرقة «شموخ» للفنون الشعبية عن سعادته للمشاركة في فعاليات «مهرجان الشيخ زايد»، وقال: شرف كبير لنا المشاركة للمرة الأولى في المهرجان الثقافي الأضخم في المنطقة، والذي يجمع حضارات وفنون العالم تحت منصة واحدة، واستطاع من خلال أنشطته المتميزة وفعالياته المتنوعة جمع العائلات في منطقة الوثبة، للاستمتاع بالأجواء التفاعلية والترفيهية والتراثية الرائعة.
فرق دولية
يستقطب «مهرجان الشيخ زايد» فرقاً فنية دولية من مختلف دول العالم، حيث تقدم عروضاً للفنون الشعبية تمثل ثقافاتهم، مثل العروض الأوروبية التقليدية التي تُبرز الرقصات الشعبية الخاصة بكل بلد، منها أميركا والأرجنتين والمكسيك، والفلكلور الآسيوي الذي يشمل رقصات من الصين وتايلند.