على خط المواجهة مع الروس.. الكلمة العليا لـالخداع والمكر والتفاؤل يسود القوات الأوكرانية
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
خلال 18 شهرا من الحرب، استطاعت روسيا احتلال مساحات واسعة من الأراضي الأوكرانية، وفي المقابل نجحت أوكرانيا في تحرير أجزاء كبيرة من أراضيها، بينما أبدى قادة قوات كييف على الجبهة "تفاؤلهم واستعدادهم" لإنجاح الهجوم المضاد، وفقا لتقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".
وبعد مرور 10 أسابيع من هجوم أوكرانيا المضاد، تكبدت قوات كييف خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، ما أثار التساؤلات حول ما إذا كان بإمكان القوات الأوكرانية اختراق الخطوط الروسية، حسبما ذكرت الصحيفة.
على الرغم من القتال الشرس، تتحرك القوات الأوكرانية على طول الجبهة البالغ طولها 600 ميل (965 كيلومترا) إلى الأمام، ويقول القادة والجنود القدامى إنهم في وضع أفضل الآن مما كان عليه قبل ستة أو 12 شهرا.
ومن خط المواجهة، قال قائد لواء 128 الأوكراني، الكولونيل دميترو ليسيوك، "إذا كنا قبل عام نقوم بعمليات دفاعية وكان لدينا مهمة صد العدو، فلدينا الآن القدرة على الهجوم".
ورغم تباطؤ هجوم القوات الأوكرانية بسبب حقول الألغام الروسية الكثيفة والقوة النارية المستمرة، فإن الضباط الأوكرانيين "متفائلون" لأن الفترات السابقة كانت أصعب من الوضع الحالي.
لكن يبدو أن الحرب قد تستمر لعامين آخرين على الأقل، حتى أن بعض القادة يتحدثون عن "حالة صراع دائمة".
لكن ليسيوك وقادة آخرين، يؤكدون أن "وحداتهم مدربة ومجهزة بشكل أفضل من أي وقت مضى"، بفضل مليارات الدولارات من المساعدات الغربية.
ومن جانبه قال رئيس وحدة الطائرات بدون طيار في جيش المتطوعين الأوكراني، الملازم أشوت أروتيونيان، إن قوات موسكو لا يمكنها التقدم، لأنه سيتم تدميرهم.
ولذلك لجأت روسيا إلى طرق أخرى، بتكثيف هجماتها الجوية وضرباتها الصاروخية، وفقا لحديثه لـ"نيويورك تايمز".
وحتى لو لم تستعد أوكرانيا السيطرة على الأراضي بسرعة، فإن الهجوم المضاد يشير إلى تحول في منظور المقاتلين الأوكرانيين.
لأكثر من عام، صدرت أوامر لوحدات مثل لواء الهجوم 128 بالدفاع عن خطوطه على طول جبهة زابوريجيا، لكن في يونيو، لعبت قواته "دورا هجوميا" في الأسابيع الأولى من الهجوم المضاد لأوكرانيا.
واستعادت تلك القوات عدة قرى في منطقة استراتيجية بالقرب من نهر دنيبرو وتقاطع يؤدي جنوبا إلى البحر الأسود، وغربا إلى محطة زابوريجيا للطاقة النووية.
ورفض الكولونيل ليسيوك الإفصاح عن مهامه الرئيسية في ذلك الوقت، لكنه أكد أن اللواء أنجزها جميعا، وقال "سأخبرك بعد الحرب".
حرب "الحيل والخداع"لعدة أشهر من العام الماضي، تحدثت أوكرانيا عن هجومها المضاد في منطقة خيرسون الجنوبية، ثم فاجأت العالم، والعديد من قواتها، بخرق مفاجئ للخطوط الروسية في منطقة خاركيف الشمالية الشرقية، حسبما ذكرت "نيويورك تايمز".
وخلال هجوم خيرسون المضاد، سعت أوكرانيا لتدمير طرق الإمداد الروسية، الأمر الذي أجبر الروس في النهاية على التراجع بعيدا عن الأراضي الواقعة غرب دنيبرو.
أعطت الحملتان الناجحتان العديد من الجنود والضباط الأوكرانيين على الجبهة الثقة في خطة جنرالات أوكرانيا.
وفي ذلك السياق، قال تايسن، وهو نائب قائد كتيبة من اللواء الثمانين المحمول جوا والذي يقاتل على الجبهة الشرقية، "من الناحية التكتيكية تخترق القوات المسلحة الأوكرانية دفاعات الروس، وبطريقة ماكرة"، مشيرا إلى أن "النجاح مسألة وقت فقط".
وأكد تايسن وقادة آخرون أن القوات الروسية التي رأوها بدت في حالة أضعف من القوات الأوكرانية.
وبالمقارنة مع بداية الحرب، فإن معدات الروس وقواتهم، في حال يرثى لها للغاية، وفقا لحديث تايسن.
ومن جانبه، قال نائب قائد كتيبة من لواء الدفاع الإقليمي 129، ويطلق على نفسه لقب "خيرسون"، إن "التكتيكات مهمة للغاية".
و"خيرسون"، هو مسؤول حكومي سابق يبلغ من العمر 41 عاما، قد جند بعد الغزو الروسي العام الماضي، وقاد وحدته في هجوم مشترك على قرية نسكوتشني في بداية الهجوم المضاد.
وأكد أن رجاله حصلوا على موطئ قدم في القرية وقاتلوا من مسافة قريبة لمدة ثلاثة أيام متتالية.
وقال إن الروس حاولوا شن هجمات مضادة، وطرد قوات كييف أو تطويقها، لكن "الكلمة العليا كانت لنيران المدفعية الأوكرانية في النهاية".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: القوات الأوکرانیة الهجوم المضاد
إقرأ أيضاً:
وزارة الدفاع الروسية تنشر وثائق عن اقتحام الجيش الأحمر لبرلين
روسيا – نشرت وزارة الدفاع الروسية وثائق أرشيفية رفعت عنها السرية تتعلق بعملية الهجوم الاستراتيجي والبطولي الذي شنته القوات السوفيتية على عاصمة ألمانيا النازية قبل 80 عاما.
في مشروع الوسائط المتعددة الجديد “الهجوم الأخير قبل النصر” على الموقع الإلكتروني لوزارة الدفاع الروسية، تم نشر توجيهات وأوامر مقر القيادة العليا، والتقارير العملياتية، وملخصات المعلومات، والبرقيات المشفرة، وسجلات القتال، والصور التاريخية، والرسوم البيانية والخطط المعدة لعملية الهجوم الاستراتيجي في برلين وغيرها من الوثائق التي لم يتم تقديمها من قبل لعامة الناس.
وقد استسلمت برلين للقوات السوفيتية في الثاني من مايو 1945، خلال قتال عنيف، وسجل هذا اليوم في التاريخ باعتباره رمزا لانهيار الرايخ الثالث، وبلغت العملية ذروتها برفع راية النصر فوق مبنى الرايخستاغ.
لم يحرم سقوط برلين النازيين من مركزهم السياسي فحسب، بل سرّع أيضا من استسلام ألمانيا، وظلت راية النصر فوق الرايخستاغ حاضرة في ذاكرة البشرية كصورة مرئية لنهاية أكثر الحروب دموية في التاريخ. وقد أبرزت هذه الحادثة الدور الحاسم للاتحاد السوفيتي في هزيمة النازية، وفقا لوزارة الدفاع الروسية.
وبفضل الشجاعة والبسالة التي أظهروها في أثناء اقتحامهم لبرلين، حصل مئات المشاركين في المعركة على لقب بطل الاتحاد السوفييتي – أعلى وسام وجائزة للدولة، مما يؤكد الطبيعة الاستثنائية لهذا الإنجاز، وكان من بينهم ليس فقط المحاربان ميخائيل ييغوروف وميليتون كانتاريا، اللذان رفعا راية النصر فوق الرايخستاغ، بل أيضا العشرات من القادة والمهندسين والمدفعيين والمشاة، الذين قررت أفعالهم نتيجة المعركة.
* الطريق إلى النصر
كانت عملية الهجوم الاستراتيجي في برلين، التي بدأت في 16 أبريل 1945، واحدة من أكبر الحملات وأكثرها تعقيدا في الحرب الوطنية العظمى. لقد تطلب الأمر قدرا هائلا من الجهد والمهارة التكتيكية والتضحيات المذهلة، وخلال العملية، خططت القيادة السوفيتية لهزيمة القوات الرئيسية لمجموعات الجيوش الألمانية فيستولا والمركز، والاستيلاء على عاصمة الرايخ الثالث، والوصول إلى نهر إلبه.
تضمنت خطة عملية برلين شن هجوم متزامن من قبل قوات الجبهتين البيلاروسية الأولى والأوكرانية الأولى في صباح يوم 16 أبريل 1945. وكان من المقرر أن تبدأ الجبهة البيلاروسية الثانية، بالتزامن مع إعادة تجميع قواتها الرئيسية القادمة، هجوما في 20 أبريل.
أنشأ الفيرماخت منطقة برلين الدفاعية، التي تتألف من ثلاثة محيطات دفاعية: المحيط الخارجي، والمحيط الداخلي، والمدينة نفسها.
وفي صباح يوم 16 أبريل، وقبل ساعتين من الفجر، بدأت الاستعدادات المدفعية في منطقة الجبهة البيلاروسية الأولى، وأطلقت تسعة آلاف مدفع وقذيفة هاون، بالإضافة إلى أكثر من 1.5 ألف نظام صاروخي من طراز BM-13 وBM-31، النار على خط الدفاع الأول الألماني في منطقة الاختراق التي يبلغ طولها 27 كيلومترا لمدة 25 دقيقة.
ومع بدء الهجوم، تم نقل نيران المدفعية إلى عمق الدفاع، وتم تشغيل حوالي 150 من الأضواء الكاشفة في مناطق الاختراق، وحجب الضوء رؤية العدو، وفي الوقت نفسه أضاء الطريق للوحدات المتقدمة.
ونصبت الأضواء الكاشفة على بعد 150-200 متر بعضها من بعض على طول خطوط قواتنا الأمامية، وعلى بعد 400-600 متر من خط المواجهة في الاتجاهات الرئيسية. وفي الساعة 4:30 من يوم 16 أبريل 1945، أطلقت المدفعية وابلا من النيران على التحصينات الألمانية. وبدأ استعداد مدفعي غير مسبوق للهجوم الحاسم للجبهة البيلاروسية الأولى على مركز العدوان الألماني – برلين. وغطى الدخان والغبار المواقع الألمانية جراء الانفجارات المتواصلة، حسبما ذكرت وزارة الدفاع الروسية.
في الساعة الخامسة صباحا، امتدت نيران المدفعية إلى عمق دفاعات العدو. في تلك اللحظة، ورد أمر ببدء إنارة خط الدفاع الأمامي، الذي كانت قواتنا المشاة والدبابات تتقدم لاختراقه.
وأكدت وزارة الدفاع الروسية أن “الهجوم الليلي حقق فعالية حقيقية بفضل الضوء على خط الدفاع الرئيسي للعدو المقاوم بشدة، وتركت العملية بصمة لا تمحى في تاريخ الفن العسكري للجيش السوفيتي خلال الحرب الوطنية العظمى”.
في 30 أبريل، بدأ الفيلق 79 التابع للجبهة البيلاروسية الأولى القتال من أجل الرايخستاغ. في ليلة الأول من مايو اندلعت معركة شرسة داخل الرايخستاغ. وقد جرت معارك في كل طابق، مع وقوع قتال بالأيدي على السلالم وفي الممرات. قام المقاتلون المهاجمون بتطهير المبنى من الفاشيين، مترا تلو الآخر، وغرفة تلو الأخرى.
بحلول بداية هجوم الجيش الأحمر، كان الألمان قد أقاموا العديد من الحواجز والهياكل الخرسانية في برلين، وقاموا بتركيب حواجز مضادة للدبابات، وعززوا نوافذ المباني السكنية بأكياس الرمل وحولوها إلى ثغرات لإطلاق النار. وطالبت هيئة الدفاع السكان بالمشاركة في المعارك ضد القوات السوفيتية في الشوارع، وفي المنازل.
بالإضافة إلى ذلك، تم تشكيل وحدات قتالية من ممثلي منظمة الشباب “شباب هتلر”، وكان معظمهم من المراهقين، لمحاربة الدبابات السوفيتية. تم نشر الطلاب وأفراد الخدمة من جميع المدارس العسكرية وتم تشكيل ما يقرب من 200 كتيبة من سكان المدينة، وإجراء تعبئة عامة لسكان المدينة الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و65 عاما، فيما بلغ عدد أفراد حامية برلين أكثر من 200 ألف شخص.
وتركزت الوحدات وقوات الأمن الخاصة في المدينة. ومن أجل تعزيز الانضباط، بدأت فرق قوات الأمن الخاصة في القيام بدوريات في أحياء المدينة، وإذا ما عثروا على أي متهربين، أطلقوا النار عليهم دون إجراء الكثير من التحقيقات.
في 20 أبريل، عند الساعة 13:50، كانت المدفعية البعيدة المدى التابعة لفيلق البنادق التاسع والسبعين التابع للجبهة البيلاروسية الأولى هي أول من فتح النار على برلين، إيذانا ببدء الهجوم على عاصمة الرايخ الثالث.
كانت القذائف التي استخدمها رجال المدفعية لقصف برلين تحمل النقوش التالية: “من أجل هتلر!”، “من أجل الفاشيين في برلين!”، “من أجل ستالينغراد، ودونباس، وأوكرانيا، والأيتام والأرامل. من أجل دموع الأمهات!”، “من أجل موسكو ولينينغراد!”.
* راية النصر فوق الرايخستاغ
كان اقتحام الرايخستاغ الحدث الأخير في معركة برلين. وبينما كانت المعارك العنيفة تدور في المبنى المحترق، أقدم زعيم الرايخ الثالث، أدولف هتلر، على الانتحار في مخبئه تحت الأرض.
وأبلغ رئيس الأركان العامة للقوات البرية الألمانية، الجنرال كريبس، القيادة السوفييتية بأن هتلر لم يعد على قيد الحياة، وطلب هدنة بينما تتولى الحكومة الألمانية الجديدة مهامها، وأعلنت القيادة السوفييتية موقفها: الخيار الوحيد هو الاستسلام غير المشروط.
بحلول الساعة 3:00 مساء في الثاني من مايو، توقفت المقاومة الألمانية في برلين بشكل كامل، استسلمت بقايا حامية برلين (135 ألف رجل)، بقيادة قائدها الجنرال هيلموت فايدلينغ، قائد المدفعية. وألقى حوالي 70 ألف جندي من الفيرماخت (الجيش) أسلحتهم. في المجمل، خسر الألمان في عملية برلين ما يصل إلى 380 ألف قتيل من الجنود والضباط، وتم أسر 400 ألف.
* إنقاذ برلين
بعد أسبوعين من القتال العنيف، تحولت برلين إلى أنقاض: حيث أدى ذلك إلى ترك المدينة بدون ماء أو كهرباء أو تدفئة، وتحولت العديد من المباني، بما في ذلك المستشفيات والمدارس، إلى أكوام من الأنقاض. كان مئات الآلاف من الناس على حافة المجاعة والمرض، ويحتاجون إلى مساعدات عاجلة.
وكان الجنود السوفييت الذين اقتحموا الرايخستاغ بالأمس هم أول من مد يد العون، حيث نظّم جنود الجيش الأحمر نقاطا لتوزيع الخبز، وأعادوا تأهيل عدة مستشفيات للجرحى والمدنيين، وبدأت وحدات الهندسة بإزالة الأنقاض وإصلاح شبكات المياه. وهكذا، تدريجيا، لم يهزم الجيش الأحمر العدو فحسب، بل أصبح مثابة جسر بين الحرب والسلام، كما تشير وزارة الدفاع الروسية.
بعد انتهاء عملية الهجوم على برلين، أصدرت القيادة العليا توجيها بشأن تغيير الموقف تجاه أسرى الحرب الألمان والسكان المدنيين، وتم إبلاغ محتواه وشرحه لجميع أفراد الجيش الأحمر. وقد فرضت على الضباط متطلبات صارمة فيما يتعلق بتثقيف الأفراد ومنع حالات الإجراءات التعسفية ضد الجنود والضباط الألمان الأسرى، فضلا عن السكان المدنيين في ألمانيا.
وفي ذلك الوقت، أنقذ الجيش الأحمر برلين من الموت جوعا، وفقا للإدارة العسكرية الروسية. ومباشرة بعد الاستيلاء على الرايخستاغ، تم إنشاء مطابخ ميدانية إضافية في الشوارع للمواطنين وأسرى الحرب.
وبحسب وثائق نشرتها وزارة الدفاع الروسية، كان كل مواطن من برلين يحصل أسبوعيا على ما يصل إلى ثلاثة كيلوغرامات من الخبز، و500 غرام من اللحوم، و1.5 كيلوغرام من السكر، والقهوة الطبيعية، والخضروات ومنتجات الألبان.
وبفضل جهود الجيش الأحمر، تم إطلاق وسائل النقل العام في برلين بحلول نهاية شهر يونيو. وبدأ المترو بالعمل، وعاد الترام إلى شوارع المدينة، تمت استعادة إمدادات الكهرباء في المدينة بشكل كامل، وإرجاع الكهرباء إلى 33 ألف مبنى سكني و50 محطة صرف صحي ومحطة مياه.
وفي 16 مايو 1945، بدأ البنك المركزي في ممارسة عمله في برلين، الأمر الذي شكل خطوة مهمة في اعادة إحياء الاقتصاد. وفي الوقت نفسه، وبفضل المشاركة الفعالة للجيش الأحمر، انتعشت الحياة الثقافية في المدينة: إذ تم افتتاح المسرح الغربي مع عروض الباليه ومسرح النهضة الذي قدم عروضا كوميدية لعشاق الفن، واستأنفت أوركسترا المدينة الفيلهارمونية أنشطتها الموسيقية، ودعت الجمهور إلى العروض التي تقدمها الأوركسترا السيمفونية.
المصدر: RT