تتعرض غزة لمؤامرة كبيرة من قبل المجتمع الدولي، ومن قبل الصهيونية العالمية ومن قبل النظام العالمي، ولا أستبعد حركة الإخوان من الضلوع في تفاصيل المؤامرة بحكم التداخل في تنفيذ المهام التي كشفت عنها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون في مذكراتها، ففكرة الربيع العربي التي حملها الإخوان مطلع العقد الثاني من الألفية الجديدة، كانت بالتواطؤ مع البيت الأبيض أملا في التفرد في حكم المنطقة العربية، ويبدو أن الغباء السياسي سمة لازمة للإخوان فقد انساقوا وراء المطامع دون إدراك لمكر الصهيونية العالمية إلى درجة تكرار التجربة في سوريا .
كتبت في مقالات سابقة عن طموح اليهود في إنشاء قناة بن غوريون وقلت أن ما يحدث في غزة اليوم لا يكاد ينفك عن هذا الطموح الذي تعثر تحقيقه منذ أكثر من نصف قرن من الزمان فقال المتحذلقون الذين خاضوا نقاشا جانبيا معي أنني أجانب الحقيقة وأحوم في عوالم التنظير، وها هي الأيام تقول لهم الحقيقة ناصعة البياض دون لبس أو غموض، فالرئيس الأمريكي ترامب يعلنها بدون زيف أو تضليل بضرورة توطين سكان غزة في مصر وفي الأردن .
فكرة توطين سكان قطاع غزة في سيناء وفي الضفة الغربية مشروع صهيوني معلن ضمن خطط واستراتيجيات صهيونية وأمريكية، وليس فكرة طارئة أملتها نتائج الحرب على قطاع غزة، ولذلك كانت إسرائيل تنتهج فكرة الأرض المحروقة، فقد دمرت كل شيء في غزة ولم تبق ولم تذر، حتى تصبح غزة مكانا غير قابل للعيش، لفناء مقومات الحياة فيها، من مساكن، وخدمات، وغيرها من مقومات الحياة، فقد أصبحت غزة أرضا صفصفا تنعق فيها الغربان، ومؤشرات الواقع السياسي تقول أن اليهود مستمرون في معركتهم حتى بلوغ الأهداف التي رسمتها الاستراتيجيات، ولم يكن ترامب سوى الصوت الذي يقفز إلى النتائج بدون مقدماتها المنطقية التي نقرأ بعض تفاصيلها في المواقف المتباينة من تصريحات ترامب .
مصر سوف تقبل فكرة التهجير تحت وطأة التحديات الاقتصادية، والأردن سوف تقبل توطين سكان غزة في الضفة تحت وطأة التحديات الاقتصادية، ذلك أن مصر والأردن خاضعتين لشروط المساعدات التي تقدمها أمريكا بشكل مستمر للدولتين، وثمة معطيات اقتصادية في واقع الدولتين ينذر بملامح أزمات اجتماعية واقتصادية في مصر والأردن، وستكون الأنظمة خاضعة ذليلة لمقتضيات الحاجة، كما أن فكرة إعمار غزة، وعودة الخدمات فيها لن يتحقق في القريب المنظور، كون الإعمار في غزة يرتبط بالأهداف الاستراتيجية الدولية خاصة مع بزوغ الصين وخوضها غمار المنافسة في محال الذكاء الصناعي وإطلاقها تطبيقا متطورا كبد الشركات الأمريكية خسائر فادحة لم تدر لها في خلد خلال سالف الأيام .
فكرة اتفاق الهدنة في غزة لن يكون سوى استراحة محارب، يتم خلاله تخفيف الضغط واستعادة الأسرى من يد المقاومة، والشروع في ترتيب المرحلة القادمة التي لن تقل عنفا وتوحشا عن المرحلة السابقة، بعد أن استطاعت إسرائيل تحييد الكثير من عوامل الضغط السياسي، والعسكري المقاوم، التي تضمن لها حرية تنفيذ المهام المتبقية بشكل أفضل مما كان عليه الحال قبل الهدنة، حيث تآزرت القوى السياسية والعسكرية وعملت على الحد منها، بعد انطلاق الطوفان وخلاله، ويبدو أن مسرح الأحداث أصبح اليوم أكثر استجابة لمطامع الصهيونية في تحقيق فكرة قناة بن غوريون التي سنرى خلال قابل الأيام الحديث عنها بشكل أكثر وضوحا وبيانا من ذي قبل، فالحلم القديم مازال يتجدد .
ومشروع ابراهام الذي بدأه ترامب عام 2020م وتوقف في زمن الرئيس بايدن سيعود للواجهة خلال قادم الأيام، وتسعى إسرائيل من خلاله “إلى ترتيب علاقتها بمنطقة الشرق الأوسط، بالعموم، والخليج العربي على وجه الخصوص، انطلاقا من مؤشرات عدة لإمكانية القبول بها على أرضية تحقيق سلام شامل فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فقد شكلت مبادرة السلام العربية التي طرحها ولي عهد المملكة العربية السعودية، الأمير عبد الله بن عبد العزيز، في القمة العربية في بيروت آذار/مارس2002، وأقرتها القمة في حينه، مرتكزًا أساسيًا نحو تطلعات الدول العربية في عمومها ودول الخليج العربي بشكل خاص لإمكانية انفتاح العلاقات مع إسرائيل، إذ جاء إعلان المبادرة في حينه ضمن الرؤية العربية القائمة على تحقيق السلام العادل والشامل كخيار استراتيجي للدول العربي .
ففي كتاب بعنوان: “مخطط استراتيجي للساحة الإسرائيلية الفلسطينية” الصادر عن معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، يطرح المؤلفون، المرتكزات التي يقوم عليها مشروع الدولة اليهودية الذي تحاول إسرائيل تثبيته حتى في ظل غياب شريك فلسطيني أو تفاهم فلسطيني إسرائيلي على قضايا الحل النهائي، والمخطط الإسرائيلي، يقوم في بعده الاستراتيجي، على خلق حالة من الهدوء العام لفترة طويلة تصل فيما بعد لشكل من التفاهمات على مستوى دولي وإقليمي وعربي، خصوصا تلك الدول العربية التي يطلق عليها بـ”البراغماتية”. وهو ما قد يفسر شكل وطبيعة التحركات التي عملت عليها إسرائيل في السنوات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط ” . (من بحث لسليمان بشارات منشور في موقع مركز يبوس للدراسات ) .
ويبدو أن إسرائيل ماضية في تحقيق أهدافها، ومازال العرب في غفلة فكهين دون أن يكون لهم موقف مما يحدث في فلسطين وفي غزة إن لم نقل أن بعض الأنظمة البراغماتية تنساق في مشروع التآمر على فلسطين وعلى غزة التي أصبحت بين فكي التخاذل العربي والتآمر الدولي .
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: فی غزة
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء: فكرة البورصة السلعية موجودة بالفعل في مختلف دول العالم
عقب الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، على ما تم طرحه من أسئلة للصحفيين والإعلاميين خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مساء اليوم بعد انتهاء اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي.
وردا على تساؤل حول ملف البورصة السلعية وأهمية تفعيلها لتعظيم الاستفادة منها، أشار رئيس الوزراء، في هذا الصدد، إلى الاجتماع الذي عقده الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية بحضور عدد كبير من المسؤولين والمعنيين بهذا الملف المهم جدا، لافتا إلى أن دور البورصة السلعية هو حوكمة وتنظيم الأسواق وضمان التداول السليم والعادل دون استغلال للسلع الرئيسية الموجودة في الدولة المصرية، موضحا أن لدينا موروث كبير جدا، في هذا الصدد، وهو ما كان يعرف في الماضي باسم بورصة القطن وبعض السلع، والتي تميزت بالنجاح في هذا اليوم.
وأضاف رئيس الوزراء: نعمل من خلال موضوع البورصة السلعية على استعادة مرة أخرى هذه الفكرة، موضحا أننا نعاني في مصر من موجود العديد من الحلقات الوسيطة بين المنتج إلى المستهلك، ونتيجة لذلك يحصل ارتفاع غير مبرر في أسعار السلع، مشيرا إلى أن وجود البورصة السلعية من شأنه أن يكون هو هذا المكان الذي يتم من خلاله تداول هذه السلع الاستراتيجية المهمة، سواء كانت سلعا غذائية، أو منتجات مهمة في الدولة المصرية بطريقة أكثر شفافية تضمن تسعيرا عادلا ومحوكما لهذه السلع، وذلك بدون أن يحدث أي تدخل بإجراءات إدارية.
وأشار رئيس الوزراء إلى توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي، بأهمية اتخاذ ما يلزم من إجراءات لسرعة تنفيذ هذه الآلية على أرض الواقع، موضحا ما تم اتخاذه من خطوات في هذا الصدد، ومؤكدا أن هذه الآلية ستسهم في تحقيق الأمن الغذائي، وتوفير الحماية لصغار المزارعين والمنتجين، وحصولهم على سعر عادل لمنتجاتهم، هذا بالإضافة إلى أن هذه البورصة ستكون نافذة أيضا لاستيراد وتصدير بعض المنتجات المهمة، وتحديدا السلع الغذائية التي تحتاجها الدولة، وذلك سعيا للخفض من تكاليف الفاتورة الاستيرادية، وليس التقليل من الكميات.
وأضاف رئيس الوزراء أن فكرة البورصة السلعية موجودة بالفعل في مختلف دول العالم ودول كثيرة جدا سبقتنا حتى في المنطقة في هذا الأمر، مشيرا إلى ما تم اتخاذه من إجراءات تتعلق بإقامتها، وتزامن ذلك مع فترة انتشار فيروس كورونا، والتحديات والتداعيات المصاحبة لهذه الازمة، منوها إلى توجيه فخامة الرئيس بالإسراع بمعدلات التنفيذ.
وفى رده على سؤال بشأن إمكانية إضافة اسم الأم إلى بطاقة الرقم القومي، لإنهاء معاناة من تتشابه أسماؤهم مع آخرين، أشار رئيس الوزراء إلى أنها فكرة تأخذ في الاعتبار، ويتم الرجوع في ذلك للجهات المعنية، لمناقشة مدي إمكانية تفعيلها وتطبيقها، لافتا إلى أن المنظومة الحالية عند الكشف على الجهاز يظهر مختلف البيانات الخاصة بالشخص.