ما هي خطة ترامب لتدمير الصواريخ النووية بالليزر الفضائي؟
تاريخ النشر: 30th, January 2025 GMT
أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الأسبوع أمراً ببدء العمل على أكثر أنظمة الدفاع الصاروخي طموحاً في تاريخ الولايات المتحدة، وهو نظام مصمم لاعتراض الصواريخ الأسرع من الصوت ومنع حدوث دمار نووي. وقد أطلق ترامب على هذه المبادرة اسم "القبة الحديدية لأمريكا"، في إشارة إلى نظام الدفاع الجوي الشهير الذي تستخدمه إسرائيل.
كما حذر خبراء الأسلحة النووية عبر صحيفة "فايننشال تايمز" من أن هذه المبادرة قد تدفع الصين وروسيا إلى اتخاذ تدابير مضادة تجعل النظام غير فعال.
ولهذا السبب، قررت "نشرة علماء الذرة" تحريك عقارب “ساعة القيامة” ثانية واحدة أقرب إلى منتصف الليل هذا الأسبوع.
ما هي خطة ترامب لإنشاء الدرع الصاروخي؟
وقع ترامب أمراً تنفيذياً يوم الاثنين يوجه وزير الدفاع، بيت هيغسيث، لوضع خطة خلال 60 يوماً لحماية الولايات المتحدة من هجمات الصواريخ الباليستية، والصواريخ الأسرع من الصوت، وصواريخ كروز المتقدمة.
لكن النظام المقترح من قبل ترامب مختلف تماماً عن القبة الحديدية الإسرائيلية، فهو أكثر تعقيداً وأعلى تكلفة بمستويات غير مسبوقة. حيث تعمل القبة الحديدية على اعتراض الصواريخ قصيرة المدى والمنخفضة الارتفاع وغير النووية، بينما يسعى نظام ترامب إلى اعتراض الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، والتي تسير لمسافات تصل إلى 100 ضعف مقارنة بالصواريخ التي تعترضها القبة الحديدية، وبسرعات أعلى بسبع مرات.
Trump’s plan for space lasers to destroy nuclear weapons. US president orders work on defence shield going beyond Reagan’s ‘Star Wars’ program https://t.co/g4FwMvYRTG pic.twitter.com/qRCgb3z153
— Cate Long (@cate_long) January 30, 2025وبدلاً من الأنظمة الأرضية التقليدية، ينص أمر ترامب على نشر "اعتراضات فضائية" – شبكة من الأقمار الصناعية، بعضها مزود بتقنيات ليزر متقدمة. كما يقترح تطوير طبقة إضافية من الدفاعات ذات الارتفاعات المنخفضة في حال فشل الاعتراضات الفضائية. إضافة إلى ذلك، يدعو الأمر إلى تطوير “قدرات لتدمير الصواريخ قبل إطلاقها”، أي استهداف منصات الإطلاق بدلاً من اعتراض الصواريخ فقط.
لكن الخبراء يرون أن بناء درع صاروخي فضائي محكم أمر مستحيل عملياً. يقول توم كاراك، الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) في واشنطن: "لا يوجد غطاء أمني سحري".
لإيقاف الصواريخ النووية الباليستية خلال مرحلة "التعزيز" – وهي الفترة التي تستمر من 3 إلى 5 دقائق قبل دخول الصاروخ إلى المدار – يتطلب الأمر حزماً ليزرية فعالة عبر مئات الكيلومترات، وهي تقنية غير متوفرة حالياً.
إحدى العقبات الكبرى هي ظاهرة "التوهج الحراري"، حيث يؤدي تسخين الهواء المحيط بأشعة الليزر إلى إضعاف قوتها. بينما يكون هذا التأثير ضعيفاً في الفضاء الخارجي، إلا أنه يصبح أكثر وضوحاً عند اختراق أشعة الليزر الغلاف الجوي للأرض.
كما أن تشغيل الأقمار الصناعية التي تطلق أشعة الليزر يتطلب مفاعلات نووية مصغرة أو أنظمة متطورة من الألواح الشمسية، وهي تكنولوجيا تتطلب استثمارات وأبحاث ضخمة لا يمكن إتمامها في المدى القريب.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التكلفة ستكون باهظة جداً. في عام 2012، أصدرت الأكاديمية الوطنية للعلوم تقريراً يشير إلى أن حتى “نظام دفاع فضائي محدود وبإمكانيات متواضعة” سيتطلب نشر 650 قمراً صناعياً بتكلفة 300 مليار دولار. كما أن هذا النظام سيكون عرضة للهجمات المضادة، مثل الأسلحة النووية الفضائية التي طورتها روسيا مؤخراً وفقاً للاستخبارات الأمريكية.
Old Tech vs New: From Drones to Hypersonic Missiles
The industrial wars of the 20th century, like the Ukraine conflict adopts modern tools like drones, precision-guided missiles, enabled by satellite imagery, which allow both sides to execute targeted strikes rather than… pic.twitter.com/jCrcdHQqkz
تقول لورا غريغو، مديرة الأبحاث في برنامج الأمن العالمي باتحاد العلماء المهتمين: "تم التخلي عن أنظمة الدفاع الفضائية مراراً بسبب تكلفتها العالية، وصعوبتها التقنية، وإمكانية هزيمتها بسهولة".
هل يمكن أن يكون النظام الأرضي أكثر عملية؟هناك أنظمة دفاع صاروخي فعالة حالياً، مثل أنظمة باتريوت وثاد الأمريكية وNASAMS الألمانية، التي أثبتت فعاليتها في التصدي للصواريخ الروسية في أوكرانيا.
لكن المشكلة تكمن في التكلفة. تمتلك الولايات المتحدة بالفعل برنامج دفاع صاروخي أرضي بقيمة 60 مليار دولار، يشمل 44 صاروخ اعتراض منتشر في ألاسكا وكاليفورنيا، لكنها مخصصة فقط لإيقاف هجمات من دول مارقة مثل كوريا الشمالية. وبما أن تكلفة كل صاروخ اعتراض تصل إلى 50 مليون دولار، فإن توسيع هذه المنظومة لحماية كامل الأراضي الأمريكية سيكون مكلفاً للغاية.
During President-Elect Donald J. Trump’s last Rally today before tomorrow’s Inauguration, he stated that he would direct the Military to begin construction of an “Iron Dome” Missile Defense Shield for the United States; likely in reference to Israel’s Aerial Defense Array, which… pic.twitter.com/eJ8va5ORfe
— OSINTdefender (@sentdefender) January 20, 2025كما أن بعض الدول، مثل كوريا الشمالية، تمتلك وسائل للتحايل على هذه الأنظمة، مثل استخدام رؤوس نووية مخفية أو تقنيات تبريد تجعلها غير مرئية للصواريخ الاعتراضية الحرارية.
كيف ستتفاعل الدول النووية الأخرى؟في حال نجاح خطة ترامب، فإنها ستؤثر على ميزان القوى النووي العالمي. فإذا تمكنت الولايات المتحدة من حماية نفسها بينما تحتفظ بقدرات هجومية نووية، فقد يدفع ذلك روسيا والصين إلى سباق تسلح متسارع للحفاظ على التوازن النووي.
يقول مانبريت سيتي، رئيس برنامج الأسلحة النووية في مركز دراسات القوى الجوية في نيودلهي: "إذا تمكنت دولة من حماية نفسها بينما تمتلك القدرة على تنفيذ الضربة الأولى، فإن ذلك يعد تهديداً خطيراً للاستقرار الاستراتيجي".
روسيا، على سبيل المثال، يمكنها ببساطة تحميل المزيد من الرؤوس النووية على صواريخها الحالية أو استهداف مناطق ذات دفاعات أضعف، مما يجعل الدرع الصاروخي عديم الجدوى من الناحية الاستراتيجية.
يتطلب الجزء الفضائي من النظام مئات الأقمار الصناعية، وهي سوق تهيمن عليها حالياً شركة سبيس إكس المملوكة لإيلون ماسك.
ورغم أن الحكومة الأمريكية لديها متعاقدون آخرون، إلا أن صواريخ ماسك تتميز بسعة تحميل أعلى وتكلفة أقل وتكرار إطلاق أكبر. ومع ذلك، قد يضطر ماسك إلى تقليل التركيز على مشروع ستارلينك، الذي يعد مصدر دخل رئيسياً لشركته.
لكن كل هذا يعتمد على ما إذا كان الكونغرس سيوافق على المشروع أصلاً، إذ يرى بعض الخبراء أنه أقرب إلى "الخيال العلمي" منه إلى الواقع.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عودة ترامب الولايات المتحدة الولایات المتحدة اعتراض الصواریخ القبة الحدیدیة
إقرأ أيضاً:
خرافة النظام الدولي الليبرالي
عند انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة للمرة الأولى في عام 2016، هبت مؤسسة السياسة الخارجية للدفاع عما يسمى بالنظام الدولي الليبرالي- وهو اختصار لنظام المؤسسات والمعايير والقواعد التي تطورت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ـ خشية أن يدمرها ترامب. وبعد ثماني سنوات يعود ترامب إلى البيت الأبيض. ولكن في هذه المرة لا يبدو أنه قد بقي من النظام الدولي الليبرالي الكثير لكي يدافع عنه أحد. ويرجع هذا إلى أفعال إدارة بايدن بقدر ما يرجع إلى أفعال إدارة ترامب الأولى.
طيلة الوقت، لم تكن ماهية النظام الدولي الليبرالي واضحة بدقة. فقد كانت فيه عناصر مختلفة (نظام أمني ونظام اقتصادي ونظام لحقوق الإنسان)، وكان يعمل بأشكال مختلفة في الأجزاء المختلفة من العالم (فكان، على سبيل المثال، شديد الاختلاف في أوروبا الغربية عما كان عليه في آسيا). كما أنه تطور بمرور الوقت (فعلى وجه الخصوص، كان نظام ما بعد الحرب الباردة مختلفا تمام الاختلاف عن نظام الحرب الباردة). فضلا عن أنه لم يكن من الواضح نهائيا ما الذي يجعل منه «ليبراليا» أو حتى ما يعنيه ذلك.
ومع ذلك، لم يهتم غير عدد قليل من خبراء السياسة الخارجية بهذه التعقيدات. وعمدوا بدلا من الاهتمام بتلك التعقيدات إلى استحضار المصطلح - الذي أطلق عليه منظر العلاقات الدولية الواقعي جراهام أليسون اسم «هلام المفاهيم» - لانتقاد أي خروج تقريبا على استراتيجية السياسة الخارجية الأمريكية بعد الحرب الباردة المتمثلة في الهيمنة الليبرالية. وبدلا من التفكير في كيفية إصلاح النظام الدولي الليبرالي بهدف جعله أكثر شرعية واستدامة، دافعوا عنه دونما نقد.
ومثلما أوضح المؤرخ مايكل كيميج، فقد ظهرت فكرة النظام الدولي الليبرالي، التي نظّر لها أكاديميون من أمثال جون إيكينبيري في جامعة برينستون، بوصفها مبدأ تنظيميا للسياسة الخارجية الأمريكية في أثناء إدارة أوباما. (وقد عمل كيميج نفسه في وزارة الخارجية في أثناء إدارة أوباما). كان ذلك أقرب إلى بديل لفكرة الغرب الحضارية العتيقة، أو «فكرة الغرب التكنوقراطية» ـ على حد وصف كيميج نفسه ـ التي لم تركز على الثقافة بقدر ما ركزت على المؤسسات، برغم أنه لم يكن واضحا أي المؤسسات هو «الليبرالي» وبالتالي يكون جزءا من النظام.
كان مفهوما في كثير من الأحيان أن النظام الدولي الليبرالي «قائم على القواعد»، برغم أن القواعد ـ وخاصة قواعد النظام الاقتصادي بعد الحرب الباردة ـ كانت من إنشاء الغرب الذي «تلاعب بها» بحيث تصب في صالحه. ولكن في أثناء إدارة أوباما، شاع المصطلح بوصفه وسيلة ينتقد بها الدبلوماسيون والخبراء الغربيون قيام القوى غير الغربية ـ وخاصة الصين وروسيا ـ بخرق القواعد.
من بعض الأوجه، انشق الرئيس ترامب عن النظام. ففي الوقت الذي خفض فيه الضرائب وقلل اللوائح، عمد أيضا إلى فرض التعريفات الجمركية في محاولة لدعم التصنيع المحلي، منشقا بذلك عن الليبرالية الاقتصادية للنظام الدولي بعد الحرب الباردة، وهو ما قد نسميه بالليبرالية الجديدة الوطنية. وفي ما يتعلق بالقضايا الأمنية، كان الانشقاق أقل، فبرغم أن ترامب هدد بسحب الولايات المتحدة من حلف شمال الأطلنطي، فإنه لم ينفذ تهديده قط، والواقع أن إدارته قدمت التزامات للحلفاء ـ ولأوكرانيا ـ أكبر مما قدمته إدارة أوباما.
وعندما تولى جو بايدن الرئاسة خلفا لترامب في عام 2020، سعى في البداية إلى أن يجعل الديمقراطية المبدأ الإطاري الجديد للسياسة الخارجية الأمريكية. وسعى-على وجه الخصوص- إلى جمع ديمقراطيات العالم وتوحيد قواها ضد القوى الاستبدادية. وهكذا، فإن الديمقراطيين ـ الذين أصبحوا أكثر من الجمهوريين تشددا تجاه روسيا، وذلك خاصة بسبب التدخل الروسي الملحوظ في انتخابات عام 2016 ـ أعادوا إحياء اتجاه المحافظين الجدد بعد أن أفقدته حرب العراق مصداقيته.
ثم لم يمض على تولي بايدن منصبه إلا ما يزيد قليلا على العام حتى جاء الغزو الروسي لأوكرانيا فأنهى فكرة «مجتمع الديمقراطيات». وبقدر ما تصور كثيرون في أوروبا والولايات المتحدة أن حرب أوكرانيا هي الخط الأمامي في الصراع العالمي بين الديمقراطيات والدول الاستبدادية، سرعان ما تبين أن الديمقراطيات غير الغربية من قبيل البرازيل والهند وجنوب إفريقيا لا ترى الأمر على هذا النحو. فانغلق الغرب على نفسه ـ متحدا، ولكنه معزول.
وهكذا عادت فكرة «الغرب» ـ في انتكاسة إلى التفكير الحضاري السابق لأوباما. ومما يزيد الطين بلة أنه غالبا ما يحدث خلط بين الغرب وبين فكرة الديمقراطية وكأنما ما من ديمقراطيات في العالم إلا في الغرب أو كأنما كل الدول غير الغربية هي دول استبدادية.
ثم جاء السابع من أكتوبر وحرب إسرائيل في غزة، وفي حين أن الحكومات الأمريكية والبريطانية والألمانية استمرت في التعبير عن غضبها من كل ما تفعله روسيا في أوكرانيا ـ من احتلال الأراضي، وقتل المدنيين، وقصف المدارس والمستشفيات، وما إلى ذلك ـ فقد دعمت هذه الحكومات نفسها إسرائيل وهي تفعل مثل ذلك في غزة. وبات واضحا تمام الوضوح أن بعض الأرواح أقل قيمة في نظر صناع السياسات في الغرب من بعضها الآخر.
ولو أن هناك لحظة بعينها تحولت فيها فكرة النظام الدولي الليبرالي إلى مزحة، فلعلها لحظة في الخريف الماضي اجتمع فيها زعماء العالم في الأمم المتحدة في نيويورك، وفي أثناء ذلك قامت إسرائيل ـ وهي لا تزال تنعم بحماية الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في مجلس الأمن شأن ما نعمت بها جنوب إفريقيا في زمن الفصل العنصري ـ بتوسيع نطاق الحرب وقامت بغزو لبنان.
وفي النهاية، يتوقف على رؤيتكم للسياسة الدولية أن تحددوا ما إذا كان النظام الدولي الليبرالي قد مات خلال العام الماضي أم أنه انكشف واتضح أنه محض خدعة. ومنظرو العلاقات الدولية الليبرالية يؤمنون بالتقدم في السياسات الدولية، وبخاصة من خلال إنشاء المؤسسات والمعايير والقواعد التي تقيد الدول. وكان النظام الدولي الليبرالي تعبيرا عن هذا الإيمان.
أما المنظرون الواقعيون ـ من ناحية أخرى ـ فيميلون دوما إلى رؤية هذه المؤسسات والمعايير والقواعد باعتبار أنها إما طوباوية على نحو خطير أو هي محض ساتر دخاني يخفي أكثر مما يبدي. ويؤمنون، في نهاية المطاف، بأن الأقوياء يفعلون ما يحلو لهم ـ وفي الوقت الحالي يبدو أن العالم يؤكد تحليلهم المتشائم.