حذر برنامج الأغذية العالمي من أن تصاعد القتال والعرقلة التعسفية للقوافل الإنسانية يعيقان حركة المساعدات التي تشتد الحاجة إليها، فيما تحاول الوكالة الأممية توسيع مساعداتها لملايين الأشخاص في جميع أنحاء السودان.

وفي بيان صدر اليوم الخميس، قال البرنامج إنه يهدف إلى مضاعفة عدد الأشخاص الذين يدعمهم في البلاد بمقدار 3 مرات ليصل إلى سبعة ملايين شخص، مضيفا أن أولويته القصوى هي تقديم المساعدة المنقذة للحياة للمواقع "التي تواجه المجاعة أو تتأرجح على شفاها".



ومنذ إطلاق موجة واسعة النطاق من المساعدات الغذائية في أواخر عام 2024، تمكن البرنامج من الوصول إلى المناطق التي يصعب الوصول إليها، بما في ذلك مخيم زمزم في شمال دارفور وجنوب الخرطوم وجبيش في غرب كردفان.

كما وصل البرنامج هذا الشهر إلى ود مدني في ولاية الجزيرة بعد أن أصبحت المدينة آمنة بما يكفي لدخول الشاحنات. وقد تلقى أكثر من 2.5 مليون شخص شهريا مساعدات غذائية وتغذوية في الربع الأخير من عام 2024، بما في ذلك العديد منهم لأول مرة منذ بدء الصراع.

وفي هذا السياق، قال مدير مكتب السودان بالإنابة أليكس ماريانيلي: "حققنا اختراقات كبيرة في توصيل المساعدات إلى المناطق التي صعب الوصول إليها في الأشهر الثلاثة الماضية، لكن لا يمكن أن تكون هذه أحداثا لمرة واحدة. نحن بحاجة ماسة إلى الحصول على تدفق مستمر من المساعدات للأسر في أكثر المناطق تضررا، والتي كانت أيضا الأكثر صعوبة في الوصول إليها".

وأشار البرنامج إلى أن قافلة مكونة من 40 شاحنة تقريبا متجهة إلى مناطق تعاني بالفعل أو معرضة لخطر المجاعة في دارفور استغرقت وقتا أطول بثلاث مرات للوصول إلى وجهتها بسبب تدخلات قوات الدعم السريع - التي احتجزت القافلة لأسابيع مرتين ووضعت متطلبات الحصول على الموافقات والتفتيشات الجديدة ومطالب إضافية.

كما أن أزمة السيولة في السودان أثرت على توزيعات البرنامج النقدية والعينية لأكثر من أربعة ملايين شخص، حيث تأخرت لأكثر من شهر بسبب نقص الأوراق النقدية الكافية لدفع أجور الحمالين لتحميل الشاحنات. وقد أدت الجهود الأخيرة التي بذلها البنك المركزي السوداني ووزارة المالية لتخفيف الأزمة وزيادة توافر النقد إلى استئناف عمليات البرنامج تدريجيا.

ودعا برنامج الأغذية العالمي جميع الأطراف على الأرض في السودان إلى إزالة جميع الحواجز والعقبات غير الضرورية التي تمنع الاستجابة الإنسانية الكاملة لأزمة الجوع المتزايدة في السودان. وشدد على ضرورة احترام حياد واستقلال العاملين في مجال الإغاثة والعمل الإنساني، وضمان المرور الآمن للمساعدات الإنسانية إلى المناطق التي يصعب الوصول إليها والتي ضربتها المجاعة.

جدير بالذكر أن السودان يواجه وضعا إنسانيا كارثيا حيث يواجه حوالي 24.6 مليون شخص - ما يقرب من نصف سكان البلاد - انعدام الأمن الغذائي الحاد. وهناك 27 منطقة في مختلف أنحاء السودان تعاني من المجاعة أو معرضة لخطر المجاعة، في حين يعاني أكثر من ثلث الأطفال في المناطق الأكثر تضررا من سوء التغذية الحاد، وهو ما يفوق بكثير عتبة إعلان المجاعة.

الأمم المتحدة:  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الوصول إلیها فی السودان

إقرأ أيضاً:

المجاعة تنهش السودان حيث “لا طعام ولا دواء ولا أي شيء”

 

“شهدت هذه الأمّ البالغة 40 عاما التي لا حول لها كيف انطفأت ابنتها رانيا في ربيعها العاشر قبل أن يهلك منتصر في شهره الثامن في مخيّم زمز”

التغيير: وكالات

في خلال شهرين، دفنت منى ابراهيم اثنين من أولادها قضيا جوعا في مخيّم للاجئين في السودان الذي تنهشه حرب أهلية منذ حوالى سنتين بين الجيش وقوّات الدعم السريع.

ووفقا لـ”فرانس برس” شهدت هذه الأمّ البالغة 40 عاما التي لا حول لها كيف انطفأت ابنتها رانيا في ربيعها العاشر قبل أن يهلك منتصر في شهره الثامن في مخيّم زمزم.

وهي باتت تخشى على حياة ابنتها رشيدة (4 سنوات) التي تعاني من فقر حادّ في الدمّ بلا أيّ رعاية طبّية.

وتتحسّر في تسجيل مصوّر أرسلته عبر “واتساب” لوكالة فرانس برس أمام مأوى بلا سقف قرب الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور التي تحاصرها قوّات الدعم السريع منذ مايو “أنا خائفة جدّا أن تضيع منّي. نحن متروكون”.

وتؤكّد “ليس هناك طعام ولا دواء ولا أي شيء”.

وتروي منى كيف فقدت اثنين من أولادها وهي عاجزة عن مساعدتهما “ما كان لي سوى أن أضمّهما وهما يحتضران”.

وكانت رانيا أوّل من لقي حتفه في المستشفى الوحيد في الفاشر الذي ما زال قيد الخدمة لكنّه يعاني نقصا شديدا في الطواقم والمعدّات الطبية، في نوفمبر بعد ثلاثة أيّام من إدخالها بسبب إسهال حادّ. وبعد بضعة أسابيع، لحقها منتصر بعدما انتفخ جسده الصغير بسبب سوء تغذية حادّ.

هذا كلّ ما لدينا

أُعلنت حالة المجاعة في مخيّم زمزم الشاسع الذي أنشئ سنة 2004 ويضمّ ما بين 500 ألف ومليون شخص، بالاستناد إلى نظام تصنيف مدعوم من منظمات الأمم المتحدة. وانتشرت في مخيّمين آخرين وفي بعض أنحاء جبال النوبة في جنوب البلد.

وأنكرت الحكومة الموالية للجيش حدوث مجاعة في البلد، في حين يعاني ملايين الأشخاص نقصا في التغذية.

في “سلام 56″، إحدى الوحدات الـ48 المكتظّة باللاجئين التي تشكّل مخيّم زمزم، تهزّ أمّهات أطفالهن الذين يعجزون عن المشي من شدّة الإنهاك. وتتشارك عائلات بقايا طبق فول لا طعم له.

وتقرّ راوية علي (35 عاما)، وهي أمّ لخمسة أطفال “هذا كلّ ما لدينا”. وإلى جانبها دلو فيه ماء عكر من خزّان لمياه الأمطار على بعد ثلاثة كيلومترات “تشرب منه الحيوانات ونحن أيضا”.

وتعيش في “سلام 56” أكثر من 700 أسرة نزحت من جرّاء الحرب الطاحنة التي تدور منذ أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوّات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب “حميدتي”.

ويقول المنسّق المشرف على الوحدة آدم محمود عبدالله إنه لم يتلقّ سوى أربع شحنات من المساعدات الغذائية منذ اندلاع الحرب، تعود آخرها إلى سبتمبر مع حوالى عشرة أطنان من الدقيق، و”مذاك، لم يصلنا شيء”.

ويعكس البؤس الذي حلّ بزمزم ضراوة هذه الحرب التي أودت بحياة عشرات الآلاف وهجّرت أكثر من 12 مليون شخص وتسبّبت بـ”أكبر أزمة إنسانية تسجّل على الإطلاق”، بحسب “لجنة الإغاثة الدولية” (آي آر سي).

قرارات تدمي القلوب

وعلى مسافة نحو 700 كيلومتر من جنوب شرقي مخيّم زمزم، ليس الوضع أفضل حالا.

وأمام أحد آخر المطابخ الجماعية قيد العمل في مدينة ديلينغ في جنوب كردفان، تمتدّ طوابير الانتظار إلى ما لا نهاية له، بحسب ما تخبر نازك كابالو التي تدير مجموعة للدفاع عن حقوق النساء.

وفي الصور التي تشاركتها مع وكالة فرانس برس، رجال ونساء وأطفال هزلى منتفخي البطون عظامهم ناتئة يصعب عليهم الوقوف من شدّة الإنهاك.

وبعد أيّام من دون أيّ لقمة تسدّ الرمق، “ينهار البعض منهم… في حين يتقيّأ البعض الآخر عندما يحصل على بعض الطعام”، بحسب كابالو.

وفي كردفان الجنوب التي كانت في ما مضى منطقة زراعية غنيّة، يقتات بعض المزارعين بذورا كان يفترض بهم زرعها أو يغلون أوراق نبات.

وتؤكّد كابالو “بتنا نلحظ الجوع في مناطق لم تشهد سابقا مجاعة”.

وقد حلّ الجوع بهذا البلد الزاخر بالموارد الطبيعية، حتّى على بعد مئات الكيلومترات من المناطق التي ضربتها المجاعة.

وفي القضارف، على بعد 400  كيلومتر من جنوب شرق الخرطوم، حيث يعيش أكثر من مليون نازح، تصل عائلات فارة من المعارك الضارية يائسة ومتضوّرة.

 

وتخبر ماري لوبول مديرة الشؤون الإنسانية في منظمة “أنقذوا الأطفال” غير الحكومية لوكالة فرانس برس أنها رأت “أطفالا شديدي الهزل تسيل أنوفهم ويعانون التهابا في ملتحمة العين. ويتّخذ الأهل قرارات تدمي القلوب ليحدّدوا أيّا من أطفالهم تحتّم عليه الموت”.

تداعيات طويلة الأمد

في جنوب العاصمة الخرطوم، أخبر عمّال في برنامج الأغذية العالمي أنهم رأوا أشخاصا “هم جلد على عظم” يقتاتون عدسا وحبوبا مغلية، بحسب ما نقلت ليني كينزلي المسؤولة عن التواصل في البرنامج لوكالة فرانس برس.

وتؤّكد المنظمات المعنية بالمساعدات الإنسانية أن الحرب تجعل عملها شبه مستحيل.

وتكشف لوبول “لا يمكننا بكلّ بساطة أن نحمّل الإعاشات في شاحنة وننقلها إلى المناطق المتأثّرة بالمجاعة. فحواجز العبور وقرارات الرفض وعمليات النهب من جماعات مسلّحة تحرم من هذه المساعدات من هم بأشدّ الحاجة إليها”.

ومن دون تحرّك سريع، قد تعيث المجاعة خرابا في البلد، بحسب منظمات غير حكومية.

وتحذّر لوبول من أن “أشخاصا يموتون راهنا لكنّ التداعيات الطويلة المدى ستلاحق السودان على مدى أجيال”.

ومع حلول الليل في مخيّم زمزم، تتمدّد ابنة منى ابراهيم على الفراش بلا طاقة ومقطوعة النفس. وتقول والدتها “لا أعلم إلى أي حد يمكننا أن نصبر”.

الوسومالحرب السودانية المجاعة في السودان

مقالات مشابهة

  • «الأغذية العالمي» يحذر من عرقلة الجهود الإنسانية في السودان
  • برنامج الأغذية العالمي يحذّر من تصاعد القتال وعرقلة وصول المساعدات في السودان
  • الأغذية العالمي: تصاعد حدة القتال وعرقلة القوافل الإنسانية يعطلان إيصال المساعدات بالسودان
  • المجاعة تنهش السودان حيث “لا طعام ولا دواء ولا أي شيء”
  • الأغذية العالمي يكثف جهوده لإيصال المساعدات إلى غزة وسوريا ولبنان
  • برنامج الأغذية العالمي يكثف جهوده لإيصال المساعدات إلى غزة وسوريا ولبنان
  • برنامج الأغذية العالمي يقدم مساعدات غذائية لـ 17 ألف لاجئ ونازح في الكاميرون
  • ما الأسرار التي يحاول ترامب كشفها حول اغتيال الرئيس جون كينيدي؟
  • ما البنود الإنسانية التي نص عليها اتفاق وقف إطلاق النار في غزة؟