تتواصل الخلافات الإسرائيلية حول العديد من المسائل الداخلية والخارجية، وآخرها بشأن مستقبل إنشاء حلف دفاعي مع القوة الأمريكية، وسط ظهور آراء مؤيدة ومعارضة، بالتزامن مع نشوب صعوبات على طريق إنجاز الاتفاق، مع العلم أن فكرة "اتفاقية الدفاع" المذكورة يتم الترويج لها من قبل رون ديرمر وزير الشؤون الاستراتيجية المقرب من بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة.



أريئيل كهانا المراسل السياسي لصحيفة "إسرائيل اليوم"، كشف أن "الأسابيع الأخيرة شهدت إجراء مناقشات بين مستشاري نتنياهو، الرسميين وغير الرسميين، حول مسألة دعم أو رفض فكرة التحالف الإسرائيلي الأمريكي، لكنهم انتهوا دون اتفاق. وبدأ دريمر الترويج لمبادرة اتفاق محدود للدفاع المتبادل، منذ أن شغل منصب سفير الاحتلال في واشنطن طوال العقد الماضي، ويعتقد أن مثل هذا الاتفاق سيكمل التحالف الدفاعي، وإرسال رسالة رادعة لأعدائها مفادها أن من يؤذونها يخاطرون بمواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة".

ونقل في تقرير ترجمته "عربي21" عن "مائير بن شبات رئيس المجلس الأمن القومي السابق، وعمل عن كثب مع نتنياهو لإنجاز مسودة اتفاقية الدفاع في عام 2019، واليوم فهو يعتقد من حيث المبدأ أن الفكرة إيجابية، لكن يجب فحص تفاصيل الاقتراح، حيث سيقدمه دريمر عند صياغته، مع العلم أن رأس المنظومة الأمنية العسكرية تشهد خلافات في الرأي حول اتفاقية الدفاع، وفيما دعم الفكرة رئيس الأركان السابق أفيف كوخافي حين تم طرحها في 2019، فإن رئيس الأركان الحالي هآرتسي هاليفي ما زال موقفه غير معروف".



وأضاف أن "دريمر استوحى فكرة اتفاقية التحالف الدفاعي بين اسرائيل والولايات المتحدة من المعهد اليهودي للأمن القومي (JINSA) في واشنطن، ويرأسه مايكل ماكوفسكي، شريك دريمر، الذي أكد أن المقصود هو تحالف دفاعي محدود، ومن وجهة نظر إسرائيل سيتعامل فقط مع المواقف المتطرفة التي تواجهها، فقد تجد نفسها في مواجهة المشاكل الحالية أو العادية، فإطلاق الصواريخ عليها أمر روتيني، واقتراحنا لا يتعامل مع ذلك، لكننا نعتقد أن التوقيع على عقد دفاعي سيبقي الحرب في الشرق الأوسط في مأزق، وهذه المصلحة الأمريكية في مثل هذا العقد".

وتابع: بالنسبة لإسرائيل فمن يريد مواجهتها سيعرف أنهم في الواقع يستفزون الولايات المتحدة أيضًا، التي لن يُلزمها الاتفاق بإرسال جنود أمريكيين لإسرائيل، التي لا تريده بأي حال من الأحوال، لكنها ستضمن، على سبيل المثال، توريد الأسلحة التي ستحتاجها أثناء النزاع، كاشفاً أنه خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب حاولت التوصل لمثل هذا الاتفاق".

وأكد المراسل أن "مقربين آخرين لنتنياهو، ممن يتشاور معهم هذه الأيام، يعتقدون أن مساوئ مثل هذه الاتفاقية أكبر من مزاياها، ومن بين المعارضين البارزين رئيس مجلس الأمن القومي السابق يعكوب ناغال، الذي أكد أن التحالف سيصبح سيفا ذا حدين، ولديه القدرة على إلحاق ضرر جسيم بالردع الإسرائيلي، ويرسل رسالة غير مباشرة مفادها أن إسرائيل لا تثق بقدراتها المستقلة، وتحتاج لدعم الولايات المتحدة، وتفتقر للثقة في قوتها وقدرتها على الدفاع عن نفسها بمفردها". محذرا من أن "رئيسا أمريكيا معاديا قد يستغل التحالف ضد إسرائيل، وهناك طرق عديدة القيام بذلك".



وختم بالقول إنه "بغض النظر عن الصياغة النهائية لوثيقة التحالف، فإنها ستكسر بالتأكيد الفهم التاريخي غير المكتوب بأن إسرائيل لا تطالب بأن يأتي الجنود الأمريكيون لمساعدتها، ويموتوا على أرضها، مع أن كبار المسؤولين الآخرين الذين عملوا مع نتنياهو رفضوا الاقتراح".

وعمليا، فإن مثل هذا التحالف الأمريكي الإسرائيلي، يعتمد على من هوية الرئيس الأمريكي القادم وأولوياته، في ظل تراجع مكانة الاحتلال لدى الإدارة الأمريكية الحالية، والأهم من ذلك أنه سيكون من الخطأ الفادح ربط الاتفاقية المهمة للغاية مع السعودية بتوقيع تحالف دفاعي أمريكي إسرائيلي، وستبدو دولة الاحتلال غريبة للغاية عندما تطلب من الولايات المتحدة اتفاقية حماية، من أجل الحصول على الأشياء التي تريدها بغض النظر عن الاتفاقية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة امريكا فلسطين الاحتلال الإسرائيلي صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة مثل هذا

إقرأ أيضاً:

كيف ستنهزم إسرائيل بفعل الجغرافيا؟

جغرافية إسرائيل وصغر حجمها سلاح ذو حدين، فبالرغم من أنها تمتلك قواعد عسكرية وصواريخ جاهزة للانطلاق في أي لحظة، فإن المواطن الإسرائيلي، حينما تنطلق صفارات الإنذار، ليس لديه سوى من 12 إلى 15 ثانية للاختباء في ملجأ. فإسرائيل بلد تفتقد العمق الإستراتيجي؛ فالصواريخ على بابها.

فالجغرافيا عامل مهيمن في الأمن القومي لإسرائيل، حيث يقيم معظم سكانها والبنى التحتية الحيوية داخل الشريط الضيق من السهل الساحلي، وهذا هو الجزء الأكثر أهمية، الذي أصبح في الحرب الأخيرة يتعرض لتهديد دائم بصواريخ وطائرات مسيرة. وهذا ما شلّ الحياة وألحق أضرارًا بالغة بالمنشآت والاقتصاد الإسرائيلي.

حاولت إسرائيل أن تتكيف مع موقعها بإستراتيجيات الدفاع الجوي، مثل القبة الحديدية ومقلاع داود والحرب الإلكترونية، لكن الطرف الآخر وضع تل أبيب، وحيفا، وعسقلان، وغيرها تحت القصف المستمر.

وهذا ما جعل الشرق الأوسط مع طول أمد الحرب الأخيرة بؤرة ساخنة في منطقة بها تقاطعات معقدة، قد تقود إلى مشكلات طويلة الأمد، أبرزها قلق إسرائيلي مستديم حول مستقبل أمنها في ظل افتقادها العمق الجغرافي الذي لن يصمد أمام التطور السريع للطائرات المسيرة، والصواريخ فائقة السرعة.

تعتمد إسرائيل على التفوق النوعي عسكريًا، وهذا التفوق كفل لها ضمان وجود الدولة إلى الآن، في ظل إستراتيجية قامت على إحباط التهديدات وتأجيلها؛ لخلق فترة طويلة من الهدوء بالتزامن مع الجهود العسكرية والسياسية الاستباقية. لكن ما حدث في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 كسر هذه الإستراتيجية.

والآن، تسعى إسرائيل لمحو قوة حماس العسكرية، وتدمير غزة بصورة غير مسبوقة حتى لا تقوم قائمة للمقاومة مرة أخرى في المدى القريب، بل ستحتاج حماس لعقود للعودة إلى ذات القوة. لذا فإن طول أمد الحرب في غزة هدفه واضح، خلق فترة طويلة من الهدوء.

فواضعو الإستراتيجيات في إسرائيل باتوا على قناعة بأن حماس فكرة، والأفكار لا تموت، ومع تصاعد شعبيتها في الضفة الغربية، فإن إسرائيل تحت تهديد الديمغرافيا الفلسطينية على حدودها وداخلها، مما يجعل الجغرافيا الإسرائيلية مهددة، وعليه، عكست شراسة الحرب الأخيرة هذا التهديد.

كل ما سبق يعتمد على إستراتيجية الأمن القومي المبنية على مفهوم "الجدار الحديدي" لزئيف جابوتنسكي. فإسرائيل ترى أنه لا يمكن تحقيق السلام إلا بعد أن يستنتج أعداؤها أن جهودهم غير فعالة، وأن معاناتهم ستزداد. فمن وجهة نظر إسرائيل، يجب أن يكون أعداؤها مقتنعين بأنهم سيحققون أكثر بكثير من خلال الحوار، مقارنة بما سيحققونه بالعنف، وعليه يجب عليهم قبول ما ستطرحه إسرائيل عليهم.

لذا فإن مواجهة إسرائيل لا بدّ أن تعتمد على ضغط معرفي مستمر حول وجودها، واعتباره شاذًا، وهذا ما ترد عليه بسياسات تكرس يهودية الدولة، وهي تعلم أن هذا مستحيل. في الوقت الذي يبدو فيه قلق إسرائيل من صغر حجمها مستمرًا، فقد كانت تواجه سابقًا جيوشًا تقليدية، لكن الجماعات المسلحة غير الحكومية التي تواجهها حاليًا تجعل إسرائيل تحت ضغط الحوادث المتكررة.

هذا ما يؤدي إلى استنزافها بصورة مستمرة، ويبقى التساؤل: هل وفّر العنف المفرط والمتجاوز لكل ما هو متخيل الأمن للمواطن الإسرائيلي؟

في حقيقة الأمر، بات عمق إسرائيل مهددًا، مما يدفع المواطن الذي يدرك أن إسرائيل دولة وظيفية إلى الهرب، أو الهجرة خارج إسرائيل. بات هذا واقعًا مع الحرب الأخيرة، خاصة من مزدوجي الجنسية، حيث لم تعد إسرائيل بيئة آمنة للاستثمارات، ولأول مرة يتم تجميد استثمارات كانت مقررة في حيفا، وتل أبيب، والمنطقة الساحلية.

تكمن أهمية إسرائيل في كونها تمنع انفراد قوة بشرق المتوسط، والبحر الأحمر، وهو مصدر أهم طرق التجارة الدولية والطاقة والعديد من المواد الأولية. فهي أشبه ببوليصة تأمين توفر متطلبات الهيمنة الغربية على الاقتصاد العالمي، ومقدرات العالم، وتضع المنطقة العربية تحت الضغط المستمر بلا سلام دائم، وتستنزف في شراء السلاح الغربي، وتدخل في حروب مستمرة.

وعلينا أن ندرك أن إيران تعتبر أن أمنها يبدأ من شرق المتوسط، وهذا ما دفع الفرس قديمًا إلى احتلال شرق المتوسط في إطار الصراع مع الإمبراطورية البيزنطية. كما أن انفراد تركيا بشرق المتوسط سيشكل قوة كبرى منافسة، وكذلك الحال مع دول جنوب المتوسط. لذا فإن وظيفة إسرائيل هي الحد من نمو قوة سياسية أو عسكرية أو اقتصادية في شرق المتوسط أو في دائرته.

لكن على الجانب الآخر، فإن وجود روسيا في سوريا، وتغلغل الصين في المنطقة عبر قاعدة عسكرية في جيبوتي، وشراكات اقتصادية، يضعان الغرب في ضائقة إستراتيجية. وهي أزمة لم يُعثر لها على حل إلى الآن، بل إن الحرب الأخيرة جعلت الجغرافيا في مأزق، حيث لم يعد هناك مجال للحلول الجيوسياسية.

فتوسع إسرائيل جغرافيًا لم يعد ممكنًا كما كان سابقًا، في ظل وهن أوروبا واستنزافها في حرب روسيا وأوكرانيا. فضلًا عن أن الدعم الأميركي لن يستمر طويلًا في ظل المعارضة الداخلية في الولايات المتحدة؛ نتيجة تكاليف دعم إسرائيل، ومشاكل الاقتصاد الأميركي.

يبقى السؤال: هل تفقد إسرائيل وظيفتها كحاملة طائرات، أو كـ "فتوّة" يمثل أميركا في المنطقة؟ هذا كله يتوقف على الوعي العربي بأن إسرائيل لديها مشكلة جيوسياسية كبيرة، وأنها إستراتيجيًا باتت مهددة.

ولعلّ هذا ما شكل رؤية غربية مفادها أن إسرائيل ستنتصر في الحرب، لكنها ستُهزم إستراتيجيًا على المدى البعيد.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • واشنطن بوست: إسرائيل تكثف هجماتها على لبنان رغم جهود وقف إطلاق النار
  • الأمم المتحدة تعبر عن أسفها لتعمق الانقسامات داخل مجلس الدولة
  • الولايات المتحدة تعتزم تعزيز تعاونها مع كوريا الجنوبية واليابان في مجال الردع النووي
  • الولايات المتحدة تعتزم تعزيز تعاونها مع كوريا الجنوبية واليابان بمجال الردع النووي
  • الولايات المتحدة تسلّم رئيس مجلس النواب اللبناني مقترح هدنة
  • لبنان يرد على اتفاقية وقف إطلاق النار
  • كيف ستنهزم إسرائيل بفعل الجغرافيا؟
  • أكسيوس: واشنطن عالجت معظم الخلافات مع إسرائيل بشأن لبنان
  • واشنطن ترد على اتهام إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة
  • رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة يزور ميناء الحديدة