قد يُدرج يوليو 2023 في التاريخ البشري على أنه اللحظة التي أدركت فيها البشرية أخيرًا العواقب المروعة لإدماننا على الوقود الأحفوري.

وبينما نستعد للعيش في عالم يتسم بالسخونة مع تزايد الظواهر الجوية الشديدة، قد يكون الوقت قد حان للنظر في التكيفات مثل العيش تحت الأرض، حيث يمكن أن تظل درجات الحرارة أكثر استقرارا دون الحاجة إلى الاعتماد على تكييف الهواء أو التدفئة الكثيفة الاستهلاك للطاقة.

الرجل الأبيض في حفرة

تعرف بلدة كوبر بيدي في جنوب أستراليا، بأنها المكان الذي يعيش فيه الناس تحت الأرض.

ويأتي اسم كوبر بيدي من عبارة السكان الأصليين، kupa piti، والتي تعني "الرجل الأبيض في حفرة".

Gettyimages.ru John W Banagan المتحف الموجود تحت الأرض في كوبر بيدي

خلال فصول الصيف الحارة 52 درجة مئوية، والشتاء المتجمد 2 درجة مئوية، تبقى مخابئهم في درجة حرارة ثابتة تبلغ 23 درجة مئوية.

وبدون هذا المأوى الصخري الطبيعي، سيكون تكييف الهواء في الصيف باهظ التكلفة بالنسبة للكثيرين.

ويجب أن تكون المنازل على مسافة 2.5 متر على الأقل تحت السطح لمنع انهيار السقف. 

وفي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، أحدث السكان المحليون ثقوبا في الأرض باستخدام الفؤوس والمتفجرات. واليوم، يستخدمون أدوات الحفر الصناعية، على الرغم من أن العمل لا يزال يتم يدويا في بعض الأحيان.

مدينة ديرينكويو المفقودة

في عام 1963، اكتشف رجل تركي لم يُذكر اسمه، أن دجاجاته تختفي عبر حفرة في قبو منزله في كابادوكيا. ثم قام بالتحقيق أكثر واكتشف متاهة شاسعة من الأنفاق تحت الأرض. ووجد مدينة ديرينكويو المفقودة.

Gettyimages.ru (maroznc كهف ديرينكويو

تم بناء شبكة أنفاق مكونة من 18 طابقا في وقت مبكر من عام 2000 قبل الميلاد، وتصل إلى 76 مترا تحت السطح، مع 15000 عمود لإضاءة وتهوية متاهة الإسطبلات والمستودعات والمنازل التي تم تشييدها لإيواء ما يصل إلى 20000 شخص.

ويُعتقد أن ديرينكويو تم استخدامها بشكل مستمر تقريبًا لآلاف السنين كمأوى خلال زمن الحرب. لكن تم التخلي عنها فجأة في عشرينيات القرن الماضي.

وبينما تتأرجح درجات الحرارة الخارجية في كابادوكيا بين 0 درجة مئوية في الشتاء و30 درجة مئوية في الصيف، تظل درجة حرارة المدينة تحت الأرض باردة (13 درجة مئوية)، ما يجعلها مثالية لحفظ الفاكهة والخضروات. اليوم، تُستخدم بعض الأنفاق لتخزين صناديق الكمثرى والبطاطس والليمون والبرتقال والتفاح والملفوف والقرنبيط.

إقرأ المزيد عالم يتوقع ظهور "تصحيح سكاني" كبير من أجل الإنسانية!

ملجأ أم جحيم؟

في حين أن معظم الناس على استعداد للذهاب إلى تحت الأرض لفترات وجيزة من الوقت، فإن فكرة العيش تحت الأرض بشكل دائم يصعب على الناس تحملها.

العالم السفلي مرادف للموت في العديد من الثقافات. يمكن أن يؤدي التواجد تحت الأرض في أماكن ضيقة إلى إثارة الخوف من الأماكن المغلقة والمخاوف من سوء التهوية داخل الكهوف.

وقال ويل هانت، مؤلف كتاب "تحت الأرض: تاريخ بشري للعوالم الواقعة تحت أقدامنا": "نحن لا ننتمي إلى هناك. أجسادنا بيولوجيا وفسيولوجيا ليست مصممة للحياة تحت الأرض".

ويحتاج الإنسان الذي يعيش تحت الأرض لفترة طويلة جدا دون التعرض لضوء النهار إلى النوم لمدة تصل إلى 30 ساعة في المرة الواحدة. ويمكن أن تؤدي الاضطرابات في إيقاع الساعة البيولوجية إلى مجموعة من المشكلات الصحية.

وهناك خطر آخر يتأتى من الحياة تحت الأرض وهو الفيضانات المفاجئة، والتي تشكل مصدر قلق خاص لأن تغير المناخ يعد بجلب المزيد من الظواهر الجوية المتطرفة مثل الأعاصير.

ويتطلب البناء تحت الأرض عادة مواد أثقل وأغلى ثمنا يمكنها تحمل الضغوط تحت الأرض.  كما تتأثر درجة الحرارة تحت الأرض أيضا بما يحدث فوق السطح.

ولكي تكون البيئات تحت الأرض مقبولة للناس، يجب أن تكون آمنة وموثوقة، وأن يكون لديها ضوء طبيعي، وتهوية جيدة، وتوفر إحساسًا بالاتصال بالعالم الخارجي.

يذكر أن تغير المناخ تسبب بالفعل في جعل بعض أجزاء من إيران وباكستان والهند شديدة الحرارة بشكل خطير. وإذا استمر الكوكب في الغليان، فربما سننظر في بناء ناطحات أرضية بدلا من ناطحات السحاب.

المصدر: ساينس ألرت

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: كورونا الاحتباس الحراري الارض البيئة التغيرات المناخية المناخ بحوث درجة مئویة تحت الأرض

إقرأ أيضاً:

مسؤولة بمعهد المياه الدولي تؤكد ضرورة التعاون لمواجهة آثار تغير المناخ

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكدت لويس هيجرد المسؤولة بمعهد المياه الدولي، أهمية التعاون لمواجهة الآثار السلبية للتغيرات المناخية، مشددة على ضرورة توفير المنح والتمويل لتحقيق الأهداف المرجوة.

جاء ذلك خلال جلسة بعنوان "العمل من أجل تكيف المياه والمناخ والمرونة"، ضمن فعاليات اليوم الرابع من أسبوع القاهرة السابع للمياه، الذي يُعقد تحت شعار "المياه والمناخ.. بناء مجتمعات مرنة"، ويستمر حتى غدٍ الخميس برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي.

وأشارت هيجرد إلى أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص، موضحة أنه تم إنشاء نموذج هيدرولوجي عالمي تم استخدامه مع شركاء في السنغال، كجزء من حوض النيل، والذي يركز على تصريف المياه وقياس التدفقات على المستويات الشهرية واليومية والسنوية. هذا النموذج يساعد في فهم كمية المياه التي تم تدفقها وتصريفها.

وأضافت أن المشروع أسهم أيضًا في تحسين الوضع في الدنمارك، حيث تم استثمار حوالي 3 ملايين دولار من منظمة الأبحاث والتكنولوجيا، مشيرة إلى الجهود المبذولة لتقديم المساعدات اللازمة لتحقيق هذه الأعمال على أرض الواقع.

وأوضحت هيجرد أن المنحة المقدمة بقيمة 9 ملايين دولار جاءت نتيجة التعاون بين القطاعين العام والخاص، مؤكدة أهمية إقناع المزيد من المنظمات بالمشاركة لتحقيق تأثير أكبر وتعزيز القوة الجماعية.

مقالات مشابهة

  • من النخيل إلى الرمال.. كيف يدمر تغير المناخ اليمن الأخضر
  • مسؤولة بمعهد المياه الدولي تؤكد ضرورة التعاون لمواجهة آثار تغير المناخ
  • خبراء: تغير المناخ يتلف المحاصيل ويفاقم أزمة الغذاء في اليمن
  • 15.6 درجة مئوية أقل درجة حرارة سجلت في الدولة اليوم
  • انخفاض درجات الحرارة اليوم الأربعاء.. العظمى تصل إلى 26 مئوية ببعض المدن
  • تغير المناخ يتلف المحاصيل ويفاقم أزمة الغذاء في اليمن
  •  درجات الحرارة تقترب من 10 درجات مئوية ليلاً وأجواء باردة متوقعة
  • في مؤتمر المناخ.. الاتحاد الأوروبي يدعو إلى الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض
  • تغيرات المناخ تهدد الزراعة المصرية.. تحذيرات من ارتفاع درجات الحرارة والجفاف
  • 40 ْمئوية “مكة المكرّمة” الأعلى بدرجة الحرارة والسودة الأدنى بـ10 درجات