هل اتفاق سلام سعودي إسرائيلي قاب قوسين أو أدنى أم أنه مجرد أمل طويل الأمد؟ حسبما  ذكرت "صحيفة وول ستريت جورنال" أن واشنطن والرياض "اتفقتا على الخطوط العريضة لصفقة" للسعوديين للاعتراف بإسرائيل... ومع ذلك، عندما سُئل المتحدث باسم وزارة الخارجية عن تلك القصة، بدا وكأنه يلقي بالماء البارد عليها، قائلًا إن التطبيع أمامه "طريق طويل لنقطعه بمستقبل غير مؤكد".

ما قد يضيع بين هذه العناوين المتناقضة هو الدرجة التي تضع بها الرياض الأساس للسلام، بحيث عندما يصبح الاختراق الدبلوماسي ممكنًا، يكون للعلاقة الجديدة أساس يمكن أن تستند إليه... التصريحات الدبلوماسية، والتغطية الإعلامية المحلية الإيجابية، والتسامح تجاه التفاعلات بين الناس، والتغييرات في الكتب المدرسية، كلها تعد الجمهور السعودي لصفقة تطبيع محتملة مع الكيان الإسرائيلي.

تقليديا، اتخذت الرياض موقفا غير ودي تجاه إسرائيل بسبب صراعها مع الفلسطينيين...وكان رجال الدين في خطب الجمعة ينتقدون واشنطن والقدس بسبب محنة الفلسطينيين....

كثرت نظريات المؤامرة حول إسرائيل.... في عام 2011، زعمت الصحف السعودية أن نسرًا تم القبض عليه داخل المملكة وهو يتجسس لصالح الموساد الإسرائيلي، وأشار تقرير صدر في مايو 2022 عن "معهد مراقبة السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي"، إلى أنه في حين أن الكتب المدرسية السعودية لا تزال تمحو إسرائيل من الخريطة وتربط الصهيونية بالتهديدات التي تتعرض لها المواقع الدينية الإسلامية... منذ التوقيع على اتفاقيات "إبراهم"، أزيلت فصول كاملة والعديد من الأمثلة على كراهية اليهود.

على مدار العام الماضي، كانت هناك علامات عديدة على ارتفاع درجات الحرارة في الهواء الطلق.... في الخريف الماضي، استضافت الرياض سامر حاج يحيى، رئيس مجلس إدارة بنك لئومي الإسرائيلي، كعضو في منتدى المستثمرين السعوديين، حيث وصف يحيى الفرص "المذهلة" في المملكة الصحراوية... وفي مؤتمر صحفي في يونيو، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إن التطبيع مع إسرائيل "سيحقق فوائد كبيرة" للمنطقة.

من الجانب الآخر، أدلت السفيرة السعودية في الولايات المتحدة بتصريح مماثل في مهرجان "آسبن للأفكار 
"في وقت لاحق من الشهر، معلنة أن مملكتها تريد أن ترى "إسرائيل مزدهرة"،  وفي يوليو، وقعت المملكة العربية السعودية اتفاقية مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة تسمح للدول الأعضاء، بما في ذلك إسرائيل، بحضور اجتماع لجنة التراث العالمي في سبتمبر، والذي سيكون أول حضور إسرائيلي رسمي في المملكة.

وفي وسائل الإعلام التابعة للسعودية أيضًا، لم تعد إسرائيل والتطبيع من المحرمات... عندما تم إطلاق صواريخ من قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس على إسرائيل في يوليو، تجنبت صحيفة الشرق الأوسط السعودية التي تتخذ من لندن مقرًا لها، التسميات التحقيرية للقوات الإسرائيلية مثل "قوات الاحتلال".... واستضافت شبكة الأخبار السعودية العربية الإسرائيليين لتبادل أفكارهم حول قضايا لا علاقة لها بالفلسطينيين وكذلك المعلقين العرب الذين شاركوا وجهات نظر إيجابية حول التطبيع الخليجي مع القدس، بينما طالبوا الفلسطينيين بإعطاء فرصة للسلام.

و نشرت صحيفة عكاظ اليومية ومقرها جدة، هذا الشهر مقالًا لكاتب سوري يحث الفلسطينيين على عقد سلام مع الدولة اليهودية تحت رعاية الأمير محمد بن سلمان.

كما كانت التفاعلات بين الأفراد في ازدياد..... شارك منتخب إسرائيلي في كأس العالم لألعاب الفيديو التي نظمها FIFA في المملكة العربية السعودية، حيث تم عزف النشيد الوطني الإسرائيلي... وحضر النشطاء والمهنيون السعوديون علانية أحداث التطبيع الثقافي وناقشوا مع المواطنين الإسرائيليين اتفاقيات السلام المحتملة بين الحكومتين..... كما اختارت السلطات السعودية رئيس رابطة العالم الإسلامي الشيخ محمد العيسى، المعروف بإيماءاته الودية تجاه اليهود، لإلقاء خطبة عرفات المرموقة في حج عام 2022.

يقف هذا الانفتاح في تناقض صارخ مع المواقف الشعبية بين شركاء السلام العرب القدامى لإسرائيل، (مصر والأردن).... هذا الأسبوع فقط، اشتكى سياح إسرائيليون ويهود من إساءة معاملة لا سامية عند دخولهم المملكة الهاشمية.

لكن الاتجاه العام يسير بقوة لصالح التطبيع. كانت المملكة تمهد الطريق لإعداد سكانها لمثل هذه اللحظة التاريخية بحيث أنه عندما يحل السلام، نأمل أن يكون دافئًا.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: احمد ياسر السعودية اسرائيل محمد بن سلمان نتنياهو

إقرأ أيضاً:

منير أديب يكتب: عندما تغيب أمريكا عن دورها في مواجهة الإرهاب؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

السؤال الذي يطرحه هذا المقال ليس للاستفسار ولكنه للاستنكار، فالولايات المتحدة الأمريكية غابت في ظل إدارة الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترمب، عن القيام بدورها في مواجهة الإرهاب المعولم أو العابر للحدود والقارات.

والحقيقة التي نشهدها منذ وصول الرئيس الأمريكي منذ أيام للبيت البيضاوي، أنه أصدر قرارات من شأنها اشعال فتيل الحروب والصراعات في منطقة الشرق الأوسط ودعم جماعات العنف والتطرف والتمرد.

من الأمثلة على ذلك دعوة ترمب إلى تهجير الشعب الفلسطيني عن أرضة، ليس هذا فحسب ولكن أنّ يتم التهجير على حساب أمن الدول المجاورة، وللمناسبة هو يرى أنّ هذا التهجير لابد أنّ يكون دائمًا ومستمرًا، وهنا يُعطي مساحة أكبر لما يمكن أنّ نسميه بالإرهاب الإسرائيلي.

ومتوقع أنّ تخرج القوات الأمريكية من سوريا، وهو ما يٌساعد داعش في الظهور من جديد، ويبدو أنه لا يرى فرقًا كبيرًا ما بين هيئة تحرير الشام وباقي التنظيمات الإسلاموية الراديكالية ومنها داعش!

صحيح أنه رد على سؤال يتعلق ببقاء القوات الأمريكية من عدمه، يحتمل الوجهين كعادته قائلُا: الولايات المتحدة الأمريكية ليست منخرطه الآن في سوريا! ولكن المؤشرات كلها تذهب في اتجاه عودة داعش.

هذه العودة مرتبطة بصورتين الأولى، أنّ هناك بيئة حاضنة للتنظيمات المتطرفة في الداخل السوري بعد سيطرة الفصائل المسلحة على الحكم، والثانية ترتبط بإحتمالات كثيرة لها علاقة بهروب سجناء داعش من السجون التي تُسيطر عليها قوات شمال شرق سوريا والمعروفة بـ"قسد"، وما يُعزز هذا الاحتمال هو رحيل القوات الأمريكية المتوقع من سوريا.

تهجير الفلسطينين من أرضهم بمثابة إرهاب تمارسة إدارة ترمب، فكيف يتم تهجير شعب من أرضه؟ قرارات لا تتسق مع القانون الدولي والإنساني، الموقف الأمريكي يُعزز الإرهاب في المنطقة، ونحن هنا نفرق بين سلوك حركات المقاومة ورفض الشعب الفلسطيني وما بين سلوك جماعات التطرف، فالأولى من حقها أنّ ترفض القرار بأي صورة تراها، أما الثانية فليس من حقها أنّ تقتل على الهوية لمجرد الخلاف السياسي أو التوجه الأيديولوجي.

وهنا تخلق واشنطن بيئة العنف الجديدة، أو على الأقل توفر عوامل ظهورها، وهنا تخلّت عن دورها في مواجهة الإرهاب حتى قامت بخلق بيئة الإرهاب من خلال قرارات ضد القانون والإنسان والحق.

حالة الشد والجذب التي خلقتها واشنطن سوف تُعيد صورة أمريكا القديمة في العقل العربي أنها رأس الشيطان بعد سياسات خرقاء، وهو ما اضطرها في النهاية لإنشاء عدد من الفضائيات بهدف غسل سمعتها، كأنّ أنشأت شاشة الحرة العراق كي تُخاطب منها الشعب العراقي فقط، بعد احتلال دام لسنوات طويلة.

وقبل هذا وذاك أنشأت قناة الحرة في 14 فبراير من العام 2004 ومقرها الولايات المتحدة الأمريكية، وهي تبث بلغتين الإنجليزية والعربية، وتمولها الحكومة الأمريكية، هدفها الترويج للمواقف الأمريكية في أكثر من 22 بلد عبر الشرق الأوسط. 

دونالد ترامب سوف يُعيد تجربة أمريكا السابقه عندما احتلت عدد من البلدان مثل، أفغانستان في العام 2001 والعراق في العام 2003 ومشاركتها بقوات وقواعد عسكرية في عدد كبير من البلدان العربية وغير العربية، التوجه الأمريكي الحالي هدفه اشعال الحروب وليس اخمادها كما يُروج الرئيس الأمريكي.

ولذلك نتوقع أنّ تعود تنظيمات العنف والتطرف مرة أخرى بواجهة أكثر شراسة مما كانت عليه، بسبب الظروف التي توفرها واشنطن لهذه التنظيمات، سواء كانت تفعل ذلك بقصد أو بدون قصد، فعشوائية ترامب الأخيرة وإصراره على قرارات ضد الشرعيّة والإنسان والقانون الدولي سوف يُدعم هذا التوجه.

تقديري الخاص أنّ واشنطن تقوم بخلق بيئة التطرف دون قصد، وهذا لا يُعفيها عن الاستعانة بهذه التنظيمات في تحقيق مصالحها في الشرق الأوسط، ومن قبل في أفغانستان على خلفية الحرب الأفغانية في العام 1979 والذي أدى إلى إنتاج تنظيم قاعدة الجهاد، ومن رحمه خرج تنظيم داعش.

على كل الأحوال واشنطن أمامها فرصه كبيرة حتى تُصوب مواقفها وقراراتها، وألا تقف أمام حقوق الشعب الفلسطيني وأنّ تتورع عن دعم إسرائيل بالصورة التي أدت إلى قتل وتشريد الفلسطينين والقضاء على قطاع غزة بصورة تامة.

هذه الفرصه لن تنتظرها كثيرًا، حتى لا تكون هناك قاعدة أخرى يكون هدفها الأول هو ضرب المصالح الأمريكية في العالم، لا نتمنى أنّ يقتل بريء أمريكي واحد ولا ندعم سلوك الجماعات المتطرفة، ولكننا نُريد أنّ نقول لواشنطن عليك أنّ تنتبه لخطر الإرهاب القادم من بعيد.

 

مقالات مشابهة

  • عاجل. "واس": الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع يغادر المملكة العربية السعودية
  • أحمد ياسر يكتب: الذكاء الاصطناعي .. سلاح تدمير غزة
  • رئيس الجزائر يعلن شرطا واحدا لـ "التطبيع مع إسرائيل"
  • لماذا تجذبك الأشياء الغالية؟
  • الإحتلال يكشف عن تطورات جديدة في صفقة التطبيع المرتقبة مع السعودية
  • أحمد الشرع في المملكة.. زيارة تعكس دور السعودية المحوري
  • صحيفة: ترامب ونتنياهو سيعلنان عن تقدم في التطبيع بين إسرائيل والسعودية
  • معاريف: اتفاق التطبيع مع السعودية ناضج تقريبا
  • كاريكاتير ياسر أحمد
  • منير أديب يكتب: عندما تغيب أمريكا عن دورها في مواجهة الإرهاب؟