هزم ترامب سياسيًّا وإنسانيًّا
تاريخ النشر: 30th, January 2025 GMT
فى المعركة المحتدمة بين الرئيسين الأمريكى دونالد ترامب، والكولومبى جوستافو بيترو على خلفية ترحيل المهاجرين الكولومبيين لبلادهم سجل الرئيس بيترو مواقف وطنية وإنسانية ودروسًا للآخرين، احترم مواطنيه وعراقة بلده وحضارتها «كيمبايا، ومشيخات تيرونا» التى تعود تاريخها إلى 500 قبل الميلاد حتى 600 بعد الميلاد، قبل رحلة المستكشف الإيطالى كريستوفر كولومبوس للأمريكتين، والغزو الإسبانى لكولومبيا.
لم ينحنِ بيترو للعاصفة الترامبية كما تُسوق بعض الأبواق الإعلامية المنتمية للإدارة الأمريكية إيدلوجيا وسياسيا، بل على العكس كان ندًّا أمام شطط وغرور ترامب، موقف بيترو كان واضحا منذ البداية فهو ليس ضد عودة المهاجرين لوطنهم بقرار من ترامب، فلا يمكن إجبار أشخاص على البقاء فى دولة لا ترغب فى وجودهم، واعتراضه على التعامل غير الآدمى مع المهاجرين وذهابهم للمطار مقيدى الأيدى كأنهم مجرمون، وهو ماجعله يرفض استقبالهم وعودتهم لكولومبيا، وجاء رد فعل ترامب صداميا وتصعيديا ورفع الرسوم الجمركية بين البلدين إلى 25 %.
فى وقت تعتمد كولومبيا على السوق الأمريكية لصادراتها من القهوة والزهور، ويعمل ما يزيد على نصف مليون مزارع فى صناعة القهوة، وآلاف العمال خاصة النساء بقطاع الزهور، وتراجع الطلب الأمريكى، وارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض البيزو الكولومبى بنسبة 3% بعد تصاعد الأزمة، وإعادة تقييم المستثمرين الأمريكيين لاستثماراتهم فى كولومبيا، المقدرة بـ 7.2 مليارات دولار سنويا.
رغم كل ذلك وقف بيترو صلبا وحارب غريمه بنفس السلاح- رغم الفارق فى القوة والفاعلية–إذ فرض رسومًا جمركية على الواردات الأمريكية بنفس النسبة، واحتراما لحرية الإنسان وآدميته طالب آلاف الأمريكيين بالأراضى الكولومبية بتوفيق أوضاعهم وخاطبهم بود: لن أحرق أبدًا علم الولايات المتحدة أو أطلق حملة لإعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة مقيدى الأيدى.
وخصص الرئيس الكولومبى طائرات تابعة لخطوط بلاده «الوطنية» لإعادة المُرحلين من الولايات المتحدة من دون أصفاد!
فكسب تعاطف واحترام شعبه والأمريكيين أنفسهم، وظنى أن ترامب نفسه يحسد بيترو على موقفه الذى لم يتوقعه وهو ما دفعه إلى التراجع عن فرض عقوبات على كولومبيا وإلا لاستمر فى عناده حتى مع عودة المهاجرين لبلادهم عقابا لموقف بيترو العنيد.
بيترو يخطط حاليا لتنويع الشركاء التجاريين وتعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبى والصين وروسيا لتقليل الاعتماد على أمريكا بفعل تهور واندفاع الرئيس الأمريكى.
بيترو كان له مواقف إنسانية نبيلة مع بدء الهجوم الإسرائيلى على غزة فقطع العلاقات معها ومنع شراء أسلحة إسرائيلية لما وصفه بمذابح وإبادة جماعية تشبه «الهولوكوست»، ومنع تصدير الفحم إلى تل أبيب، وقال كلمته المشهورة، إن إسرائيل تستخدم الفحم لصنع قنابل تقتل بها أطفال غزة.
بيترو كتب رسالة مطولة نارية ومؤثرة لترامب وسط لهيب الأزمة أشبه بطلقات رصاص اختتمها بقوله: إذا كنت تعرف شخصا عنيدا على وجه الأرض فهو أنا، يمكنكم عبر قوتكم الاقتصادية وغطرستكم أن تحاولوا تنفيذ انقلاب ضدى كما فعلتم مع الرئيس التشيلى السابق سلفادور أليندى، لكننى سأموت على مبدئى، قاومت التعذيب وسأقاومك أيضا.. أسقطنى أيها الرئيس، وسترد عليك الأمريكتان والإنسانية..!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: دونالد ترامب جوستافو بيترو كريستوفر كولومبوس كولومبيا السوق الأمريكية
إقرأ أيضاً:
محلل سياسي: الرئيس السيسي يؤكد رفضه للتهجير ومصر لن تسمح بذلك
قال الدكتور محمد مجاهد الزيات، المحلل السياسي وعضو الهيئة الاستشارية للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، تعليقًا على المكالمة المزعومة من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي زعم فيها ترامب طرح فكرة "تهجير" سكان غزة إلى مصر، وأن المصدر المصري المسؤول كان واضحًا وحاسمًا في نفيه لهذه المزاعم، مما يعكس أنه لا يوجد أي توافق بخصوص ما طرحه ترامب.
شريان الحياة.. مندوب مصر بمجلس الأمن يشيد بدور الأونروا التاريخي مع سكان غزةمستشار حركة حماس: مشهد عودة ألاف الفلسطينيين لمنازلهم بقطاع غزة تاريخي
وأضاف الزيات، خلال مداخلة هاتفية في برنامج "كلمة أخيرة"، الذي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي على شاشة ON، أن الفكرة التي طرحها ترامب غير قابلة للتحقيق، ومع ذلك يتوقع موافقة مصر عليها. وأردف: "ترامب يروج لفكرة غير قابلة للتطبيق، ولو كان هناك أي اتصال مع الرئيس السيسي، لكان قد تم الإعلان عنه رسميًا. والرئيس السيسي أكد في مناسبات عدة رفضه التام لفكرة التهجير."
وأشار الزيات إلى أن نقل الفلسطينيين فكرة تعود إلى مشروع صهيوني قديم، ومصر لن تسمح بتحقيقها. وأضاف: "التلويح بفكرة المساعدات غير قابل للتنفيذ، حيث إن المساعدات الأمريكية جزء من اتفاقية السلام. الضغوط الاقتصادية تمارس على مصر بشكل يومي، ولم تتوقف، وحتى لو وصلت إلى فرض عقوبات اقتصادية، فإن مصر ستتحملها."
وأكد الزيات على ضرورة وجود موقف عربي استباقي موحد لرفض هذه الفكرة التي يروج لها ترامب، مشددًا على أن "مصر كانت دائمًا حريصة على القضية الفلسطينية."
وأوضح الزيات أن أسلوب ترامب في طرح الصفقات معروف بأنه يرفع السقف بشكل مبالغ فيه دون إدراك منطق التطبيق، قائلاً: "ترامب دائمًا يعلي السقف في الصفقات دون النظر إلى إمكانية تحقيقها على أرض الواقع."
واختتم الزيات تصريحاته بالإشارة إلى أن الفلسطينيين يدركون جيدًا حرص مصر على دعم القضية الفلسطينية والحفاظ على حقوقهم، مما يجعل أي محاولات لفرض حلول غير عادلة أمرًا غير قابل للتنفيذ. قائلاً : " الفلسطينيون أدركوا أن مصر حريصة على القضية الفلسطينية."