رجل حرر دمشق.. أحمد الشرع بعيون جيران طفولته
تاريخ النشر: 30th, January 2025 GMT
في أزقة حي المزة بالعاصمة السورية دمشق، يتذكر جيران الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع (43 عاما) تفاصيل حياته بين طفولته وفتوته.
وقاد الشرع، الذي أُعلن -أمس الأربعاء- توليه رئاسة سوريا في المرحلة الانتقالية، هجوم الفصائل السورية الذي انتهى بالسيطرة على دمشق في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، منهيا بذلك 61 عاما من نظام حزب البعث و53 عاما من حكم عائلة الأسد.
ومنذ اليوم التالي للإطاحة بنظام بشار الأسد (2000-2024)، تدير حكومة برئاسة محمد البشير مرحلة انتقالية، بتكليف من الشرع قائد الإدارة السورية الجديدة آنذاك.
قليل الكلام هادئ الطبعيتذكر محمد العربي، وهو حلاق في حي المزة، الأيام الأولى لعودة الطفل الذي كُتب له فيما بعد أن يقود البلاد في مرحلة مفصلية من تاريخها، فيقول "كان السيد أحمد الشرع طفلا حين عاد من السعودية. كان طالبا في الصف الرابع أو الخامس، ودرس المرحلة الابتدائية في مدرسة عمر بن الخطاب، ثم انتقل إلى مدرسة عمر بن عبد العزيز".
ويضيف "كان يذهب إلى مسجد الشافعي وكوَّن صداقات فيه، وبعد إكماله المدرسة الثانوية، بدأ الدراسة في الجامعة، ولكنه لم يكمل تعليمه".
وقال العربي إن الشرع كان ودودا مؤدبا لطيفا، وكان قليل الكلام هادئ الطبع.
إعلانوتابع "أسرته كانت كريمة معروفة، وكان والده يمتلك مكتب عقارات، وشقيقه يمتلك بقالة، ولديه بضعة إخوة".
وأكد العربي أنه أصيب بالدهشة حين رأى الشرع على شاشة التلفاز، وقال "لم أتوقع أن يصل إلى هذا المنصب، ولكن ما شاء الله، هو قائد حقا. إنه رجل حرر دمشق والحمد لله".
وعن زيارة الشرع لحيه بعد دخوله دمشق، قال العربي "زارنا فجأة، وتجمع الناس حوله، فجاء وسلم عليّ بصدق، وسأل عن حالي وصحتي وأصدقائي وإخوتي".
واستطرد "أنقذنا من الظالم، وكنا سعداء، ولكننا أيضا شعرنا بفرحة عظيمة مع وصول أحمد الشرع".
طلب صورة تذكارية معها.. أحمد الشرع يزور مدرسته الابتدائية في حي المزة بـ #دمشق ويلتقي بالمديرة التي لا تزال تعمل هناك#إرم_نيوز #الجولاني pic.twitter.com/xaiM0Oue5O
— Erem News – إرم نيوز (@EremNews) December 18, 2024
أحبه جيرانه كثيراجار آخر شاهد على طفولة الشرع، يدعى محمد أصفهاني، يدير بقالية في الشارع الذي يقع فيه منزل الشرع بالمزة منذ عام 1996، قال "كان لي شرف فتح بقالية هنا، يوجد هنا مسجد الشافعي، وموظفو المسجد أناس طيبون جدا، أولهم أستاذنا أبو الخير شكري، والأستاذ الشيخ أحمد (الشرع) كان أيضا أحد طلابه".
وأوضح أن الشرع كان يساعد المحتاجين ممَّن يريدون الذهاب إلى العمرة في شبابه بجمع المال لهم.
وأضاف "أي شخص تسأله سيخبرك أنه لم تكن لديه أي مشاكل مع أحد ولم يزعج أحدا".
وأوضح "كان جيرانه يحبونه كثيرا. وأنا شاهد على ذلك"، كما أكد أن الشرع ينتمي لأسرة مثقفة متعلمة.
"سلاحنا تصنيع محلي، ولم يكن أحد يشجعنا على هذه المعركة".. من كلمات أحمد الشرع، خلال زيارته لمسجد الشافعي في دمشق، حيث درس قبل 21 عاما pic.twitter.com/rUxZ8NRzr9
— مجلة ميم.. مِرآتنا (@Meemmag) December 11, 2024
يحب القراءة والتاريخأما إمام مسجد الشافعي في المزة، محمد أبو الخير شكري فقال "أعتقد أن السيد أحمد الشرع جاء إلى مسجدنا عام 1997 أو 1998 في سن مبكرة، وتلقى تعليمه في القرآن الكريم. وأعتقد أنه حفظ جزءا من القرآن هنا".
إعلانواعتبر أن القيادة كانت في فطرة الشرع، وكان يحب قيادة أصدقائه في أنشطتهم خارج المنزل.
وأشار إلى أن الشرع كان يحب القراءة، لا سيما قراءة التاريخ، وكان يقرأ التاريخ القديم والحديث.
وأضاف أن الشرع تلقى العلم منه 4 سنوات تقريبا، وكان من طبعه الوقوف ضد الظلم، لذلك ترك بلده وذهب إلى العراق للدفاع عن أهله هناك.
ولفت شكري إلى أن الشرع أسس حكومة ووزارات خلال وجوده في إدلب شمال غربي سوريا.
وأضاف "في إدلب كان انتقال الشرع من فهمه الثوري إلى فهم الدولة مهما جدا.. انتقل من نظرته الدينية إلى فهم الأمة والدولة".
وأكد إمام مسجد الشافعي في المزة أهمية مراعاة القيم الاجتماعية في البلاد، مشددا على أن السلطات الجديدة يجب ألا تميل إلى شريحة واحدة من سوريا.
وأوضح أن "الشرع اتجه إلى الاعتدال المعروف بالـ(المدرسة الدمشقية) فكريا".
وقال "أعتقد أن أحمد الشرع قائد ناجح، وهو شخص مميز للغاية، لأنه يولي أهمية كبيرة للقراءة والعلم. إنه دبلوماسي جدا، ويدير سياسة ذكية في بناء سوريا الجديدة".
وعندما سئل عما إذا كان الشرع يملك القوة لحكم البلاد، قال شكري "أنا أقول هذا دائما، الحكم لا يمكن أن يقوم به شخص واحد، يجب أن يكون هناك قائد وحاشيته".
وأضاف "إذا لم نسانده لن ينجح، أحضروا سيدنا عمر (بن الخطاب) أو غيره، إذا لم يكن معه أحد سيخفق، على القائد أن يكون معه أصدقاؤه وشعبه، ونحن نرى شعبنا يتجمع حول الشرع".
أحمد الشرع يقبل دعوة حلّاق حارته في حي #المزة وسط #دمشق pic.twitter.com/NZSxeS9qoW
— أحمد العقدة (@alokdehahmad) December 18, 2024
لقاء الشرع بشيخهوعن لقائه بالشرع في دمشق قال شكري "رحب بي ترحيبا حارا حين زرته، وقبّل جبهتي، وتحدثنا عن كيفية بناء سوريا الجديدة، وكيف يمكننا جمع كل أطياف المجتمع".
وأضاف "إذا كانت لدينا أي نصيحة له، فسننقلها إليه. وإذا رأينا خطأ، فمن واجبنا الإبلاغ عنه. خلال زيارتنا الأخيرة، نقلنا له نصيحة فيما يتعلق ببناء سوريا".
إعلانوأكد أن الشرع وحاشيته تسلموا إدارة البلاد بحمل ثقيل، وقال "أعتقد أننا نحتاج إلى الكثير من الوقت. نسأل الله أن يعينه وفريقه. نسأل الله أن يوفقهم في إعادة بناء هذا البلد".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مسجد الشافعی أحمد الشرع أن الشرع
إقرأ أيضاً:
سوريا بين خرائط “برنارد لويس” وحكومة الجولاني
يمانيون/ استطلاع
قاسم العبودي: صمت الجولاني على احتلال الأراضي السورية من قبل الكيان الصهيوني أمر طبيعي جداً، فالجولاني إحدى أدوات العدو الصهيوني وأكثرها إخلاصاً في المنطقة. عبدالعزيز أبو طالب: أدوات العدو الصهيوني في الداخل والإقليم تقوم بالمشاركة في جريمة التقسيم وإدخال سوريا في أتون الصراعات الطائفية والعرقية؛ كما هو مخطط لها في ما تسمى خرائط برنارد لويس.
يُوشك الشهر الرابع على الانتهاء منذ سقوط نظام الأسد وسيطرة جماعة الجولاني على زمام الحكم في سوريا، والوضع القاتم في البلد لا زال سيد الموقف.
لا يعرف السوريون أي مصير ينتظرهم في المستقبل، كل ما يؤملونه هو دولة حقيقية ذات تأثير إيجابي المعروف سابقا بدرة الشام، ناهيك عن دورها العروبي والقومي المعروف منذ عقود طويلة من الزمن.
وبالرغم من الإقرار الدولي السريع للحكومة الجديدة المعبرة عن ما يعرف بـ”تحرير الشام” بقيادة أحمد الشرع الذي سارع لإجراء تغييرات شاملة في غضون فترة وجيزة تصب كلها في خدمة الجماعات التكفيرية، وبالرغم من الزيارات الدولية من وإلى سوريا، غير أن توغل العدو الصهيوني في المحافظات السورية وبالتحديد القنيطرة وبعض من أجزاء محافظة درعا وريف دمشق يضع العديد من الاستفهامات؛ فلماذا الصمت المريب من الجماعات الحاكمة السورية إزاء التوغل الصهيوني!؟
وأمام تمادي العدو الصهيوني في الاعتداء على سوريا، وتعمده استهداف مخازن أسلحة الجيش. لم تتخذ الإدارة الجديدة أي خطوات ملموسة لمواجهة الخطر الداهم على سوريا بالرغم من تحرك تلك الإدارة بشكل نشط ومكثف لتامين الحدود مع لبنان لقطع الإمدادات عن حزب الله، الأمر الذي يكشف حقيقة الدور المناطق بها.
مخططات القضاء على المقاومةفي هذا السياق يؤكد الناشط السياسي عبد العزيز أبو طالب أن إسقاط النظام السوري وتغييره أتى كمخطط صهيوني دولي كبير بهدف القضاء على بيئة المقاومة.
وأوضح أبو طالب أن الأحداث الغوغائية والفوضى التي تحدث في سوريا أتت كجزاء عقابي لموقفها الثابت في دعم المقاومة ورفضها التطبيع مع الكيان الصهيوني.
ويبين أن العدو الصهيوني وحلفاءه أعدوا حربا عالمية على النظام السوري منذ ما يقارب 14عاماً بهدف القضاء على النظام السوري المقاوم، موضحا أن ما يسمى بالجماعات الثورية في سوريا كانت تبعث الرسائل تلو الرسائل التطمينية للكيان الصهيوني والتي تهنئه في مختلف مناسباته.
ما نشرته وسائل الإعلام العبرية وبعض وسائل الإعلام المحسوبة على الفصائل الثورية المعارضة للنظام السوري من مشاهد لتلقّي بعض ما يسمى بالثوار للعلاجات داخل مستشفيات العدو الصهيوني، وزيارة نتنياهو وعدد من مسؤولين صهاينة للجرحى “الثوار” أثناء المعارك السورية حجة دامغة على اندماج ما يسمى بالثوار مع الكيان الصهيوني، وتطبيعهم العلني المسبق معه.
يعزز تلك الأدلة تصريحات المجرم نتنياهو أثناء إعلان وقف إطلاق النار مع لبنان، والتي أقر خلالها أن سقوط نظام بشار بات وشيكا جدا لتتحرك على ضوئها مختلف الجماعات المسلحة بالرغم من جمودها في أمكان سيطرتها لأربعة أعوام من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار.
ويوضح أبو طالب أن رئيس حكومة العدو الصهيوني المجرم نتنياهو أعطى إشارة البدء للجماعات المسلحة بالتحرك صوب دمشق وإسقاط نظام بشار، وهو ما حدث خلال أسبوع فقط.
ويشير إلى أن تصريحات الجولاني أنه لا يعتبر نفسه في عداء مع الكيان الصهيوني ثم بدء العدو باستهداف الجيش والمخازن العسكرية والأهداف الاستراتيجية للقوات السورية دليل قاطع على أن ما يسمى بالجولاني جزء لا يتجزأ من مؤامرة استهداف المقاومة، ولا يستطيع أن يخالف الدور المرسوم له، معتبرا صمت الشرع وحكومته أمام التوغل الصهيوني في الأراضي السورية دليل إضافي على عمالة الحكومة للكيان الصهيوني.
ويلفت إلى أن مخطط تقسيم سوريا يمشي على قدم وساق، وأن أدوات العدو الصهيوني في الداخل والإقليم تقوم بالمشاركة في جريمة التقسيم وإدخال البلاد في أتون الصراعات الطائفية والعرقية؛ كما هو مخطط لها في ما تسمى خرائط برنارد لويس لتقسيم الدول العربية وإضعافها لتتمكن “إسرائيل” من احتلال الأراضي العربية لإقامة ما تسميها “إسرائيل الكبرى”.
التوسع الصهيوني في سوريا
عشية سقوط نظام بشار الأسد قامت “الحكومة” الصهيونية بإصدار قرار ضم الجولان السوري إلى الكيان الصهيوني وإلى الأبد، وهي مؤشرات توحي بأن العدو الصهيوني بات يدرك جيدا تغير الوضع في سوريا، وأن النظام المقاوم الذي طالب طيلة عقود من الزمن بعودة الجولان المحتل تغير، وأصبح نظام اليوم غير الأمس.
وفي هذا السياق يؤكد أستاذ الوعي السياسي بهيئة الحشد الشعبي العراقي قاسم العبودي أن العدو الصهيوني لم يكتفِ بالإعلان الرسمي لضم الجولان السوري وحسب، وإنما وسع احتلاله للأراضي السورية ليشمل مناطق واسعة في السويداء والقنيطرة وجعلها غلافا أمنيا لحدود فلسطين المحتلة.
وقال العبودي أن “الاعتداءات الصهيونية على سوريا تزامنت مع صمت مطبق من قبل ما تسمى بحكومة الشرع، والأنظمة العربية التي دفنت رأسها في رمال الخزي والعار كما دفنتها أيام طوفان الأقصى المبارك”.
ووفق العبودي فإن قيام قوات العدو الصهيوني بتدمير أسلحة الجيش السوري من الدبابات والطائرات المقاتلة الجاثمة في المطارات السورية، وكذلك السفن التجارية الراسية في الموانئ بحجة تهديدها للأمن القومي الصهيوني على مسمع ومرأى من الحكومة الجديدة يعطي دلالات واضحة وجلية عن عمالة الحكومة الجديدة وتواطؤها مع الكيان الصهيوني.
ويؤكد أن إصرار الدول العربية والخليجية على مباركة استلام الجولاني لزمام إدارة الملف الحكومي في سوريا هو وجه آخر من وجوه التطبيع مع الكيان الصهيوني الإرهابي.
ويرى العبودي أن الفشل الكبير بإبرام صفقات التطبيع مع الدول الخليجية والذي قطعها طوفان الأقصى تم إحياؤه بطريقة أخرى عبر تأييد النظام الجديد في سوريا من قبل الأنظمة العربية التي ضغطت واشنطن عليها من أجل مباركة التنظيم الإرهابي لأحمد الشرع في سوريا.
ويعُدُّ العبودي صمت الجولاني على احتلال الأراضي السورية من قبل الكيان الصهيوني أمرا طبيعيا جداً، معتبرا الجولاني إحدى أدوات العدو الصهيوني وأكثرها إخلاصاً في المنطقة.
هروب صهيوني من فشل طوفان الأقصى
في معركة طوفان الأقصى مُني العدو الصهيوني بهزيمة مدوية وتاريخية لم يشهد لها مثيل، وهو ما دفع العدو الصهيوني إلى تعويض هزيمته المدوية وفشله الكبير في سوريا.
وحول هذه الجزئية يقول العبودي “ما عجز عنه الكيان الصهيوني في طوفان الأقصى سيحققهُ لهم الشرع. في قادم الأيام نرى بأن الاستراتيجية الجديدة للكيان الصهيوني تقوم على الاحتواء المبرمج الناعم عبر أدواتها”.
ويضيف “الشرع الآن أهم أداة من هذه الأدوات بعد الأنظمة الخليجية في تطبيق استراتيجية الاحتواء المبرمج. إن دخول الأنظمة الخليجية فضلاً عن واشنطن وأنقرة يمهد الطريق للجولاني بأن يكون عراب التقسيم السوري للأراضي السورية التي كانت -مجازاً- جزءاً من محور المقاومة”.
ويلفت إلى أن الفشل الذي نالته “إسرائيل” من قبل المحور المقاوم اليمني واللبناني والفلسطيني والعراقي جعل “تل أبيب” وواشنطن تغيران من سياستهما بالتعاطي مع المحور، وكان أول هذا التغيير ابتلاع الأراضي السورية ومن ثم تقسيمها إلى أقاليم مرتبطة بأجندات خارجية.
ويختتم العبودي حديثه بالقول ” حدود فلسطين المحتلة ستكون مع العراق وليس مع سوريا، باعتبار أن الجيش الصهيوني سيتمدد باتجاه الحدود العراقية التي ذهب وفدها الرسمي لمباركة الجولاني للأسف الشديد”.
ويضيف “لكن عزاءنا أن هذه الحكومة غير ممثلة للشعب العراقي بالمطلق، وأنها ستتغير عبر صناديق الاقتراع قريباً جداً. أكررها مرة أخرى أن الجولاني أو أحمد الشرع هو جنرال الكيان الصهيوني في دمشق، ولا أستبعد قيام معاهدة تطبيع سوري-إسرائيلي بالمدى القريب.
وأمام المتغيرات في سوريا والتي تخدم بلا شك العدو الصهيوني وتحقق مشروعه المتمثل في ما يسمى بـ”إسرائيل الكبرى” فإن صحوة الشعب السوري وتحركه وفق فصائل مقاومة كفيل بإفشال المخطط الصهيوني، وهو ما يتوقع العديد من السياسيين حدوثه مستقبلا.
نقلا عن موقع أنصار الله