كتب أحمد حسام العربي

للمرة الأولى منذ سقوط عائلة الأسد في كانون الأول/ديسمبر، شهدت سوريا وصول وفد روسي رفيع المستوى إلى العاصمة دمشق. وقد شمل الوفد ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي والممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط وإفريقيا، والمبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتيف، إلى جانب ممثلين عن وزارة الخارجية ووزارة الدفاع والقطاع الاقتصادي في روسيا، كما نقلت الأنباء.

تأتي هذه الزيارة في ظل حركة دبلوماسية متصاعدة في دمشق، في إطار جهود الإدارة الجديدة التي تمكنت من استعادة السلطة، لتعزيز مساعي إعادة الإعمار والاستقرار. وذلك بعد 61 عامًا من حكم نظام حزب البعث و53 عامًا من حكم عائلة الأسد. وذلك بعد فترة طويلة من الانغلاق التي عانت منها البلاد.

أفادت وكالة الأنباء السورية "سانا" أن المحادثات مع الجانب الروسي في دمشق تركزت على قضايا رئيسية، منها احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها. وأكدت "سانا" أن موسكو قد أعربت عن دعمها للتغييرات الإيجابية الجارية حالياً في سوريا. كما أشارت إلى أن الحوار قد سلط الضوء على دور روسيا في إعادة بناء الثقة مع الشعب السوري من خلال اتخاذ تدابير ملموسة مثل إعادة الإعمار، وتحقيق العدالة لضحايا الحرب الوحشية التي شنها نظام الرئيس الراحل بشار الأسد.

وصرح نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف خلال زيارته إلى دمشق أن وفدًا روسيًا قد أجرى محادثات مع قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع. وأشار إلى أن المحادثات، التي استمرت لأكثر من ثلاث ساعات، كانت "بناءة". كما ذكر بوغدانوف أن الجانب الروسي شدد على أهمية حل القضايا في سوريا من خلال "حوار سياسي شامل"، معبرًا عن أن هذه الزيارة تأتي في "لحظة حاسمة" للعلاقات الروسية السورية.

ووصف نائب وزير الخارجية الروسي المحادثات مع أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني بأنها كانت جيدة. وأعرب بوغدانوف للجانب السوري عن استعداد روسيا للمساعدة في استقرار الأوضاع في سوريا، من خلال التوصل إلى حلول ملائمة للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية عبر الحوار البناء والمباشر بين القوى السياسية المختلفة والفئات الاجتماعية. كما أوضح أن روسيا ترحب بوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في موسكو.

تأتي هذه الزيارة عقب التصريحات الإيجابية التي أدلى بها الزعيم السوري الجديد أحمد الشرع، خلال مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي". أكد فيها على أهمية الحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا، مُعرباً عن رغبته في إعادة بناء العلاقات مع موسكو. كما أشار إلى أن الروس سيواصلون العمل في قواعدهم العسكرية المتواجدة في سوريا. وأوضح أن الإدارة السورية تتعامل بحذر بالغ مع مسألة القواعد العسكرية الروسية، إذ أن الحكومة السورية الجديدة تدرك أن الوجود الروسي المحدود في البلاد سيكون ضماناً لتحقيق التوازن السياسي في المرحلة الانتقالية المقبلة.

ويعتقد الخبير السياسي أحمد مصطفى إلى أن الزيارة الروسية إلى دمشق تشير إلى مستقبل واعد لعلاقات البلدين. كما تدل على وجود رغبة مشتركة من الجانبين في تعزيز العلاقات على أسس التعاون والتفاهم والمصلحة المشتركة، بعيدًا عن الماضي، وأضاف مصطفى أن هناك مصالح استراتيجية عميقة تربط الطرفين، مُشيراً إلى أن روسيا تُعد حليفاً موثوقاً يُمكن التعاون معه والاستفادة منه، على عكس الدول الغربية التي تربط ملف العقوبات وفقاً لمصالحها الخاصة، على الرغم من زوال الأسباب التي أدت إلى فرض هذه العقوبات. وأشار أيضاً إلى استمرار دعم تلك الدول للقوات الكردية الانفصالية بدلاً من تعزيز الوحدة الوطنية في البلاد.

وذكر أحمد المصطفى إلى أن الجانب السوري سيستفيد بشكل كبير من الدعم العسكري الروسي، نظرًا للخبرات الروسية الواسعة في إعادة بناء الجيش السوري وفي صفقات السلاح. إذ إن معظم الأسلحة المستخدمة من قبل الجيش السوري هي روسية، بالإضافة إلى أن العديد من محطات الطاقة تُدار بخبرات روسية. كما أن الكثير من المعدات والأنظمة الدفاعية التي كان يعتمد عليها الجيش السوري، تعود حاليًا إما لإنتاج الاتحاد السوفييتي أو روسيا.

وشدد الخبير السياسي أن تصريحات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والتي أشار فيها إلى أن "روسيا ملتزمة بإيجاد حل شامل للأوضاع في سوريا، وأن القرارات المستقبلية تعود للسوريين أنفسهم"، كما أشار إلى أن "روسيا مستعدة لتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية حتى تعود الأوضاع إلى طبيعتها بالكامل"، لعبت دورًا كبيرًا في تحقيق هذا اللقاء الذي يُعتبر الأول من نوعه بعد سقوط الأسد.

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: فی سوریا إلى أن

إقرأ أيضاً:

أمير قطر يدعو من دمشق لتشكيل حكومة جامعة في سوريا

يمن مونيتور/ رويترز

شدّد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على “الحاجة الماسة” لتشكيل حكومة جامعة في سوريا خلال زيارة له إلى دمشق الخميس، هي الأولى لرئيس دولة بعد حوالى شهرين من الإطاحة بالأسد، وناقش خلالها الطرفان أيضا مسألة إعادة الإعمار.

وتأتي هذه الزيارة غداة إعلان تولي أحمد الشرع الرئاسة في المرحلة الانتقالية في سوريا في إطار سلسلة قرارات اتخذتها السلطات الجديدة التي أطاحت الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر.

وهنّأ أمير قطر الشرع الخميس “بمناسبة انتصار الثورة السورية واختياره رئيسا للمرحلة الانتقالية” خلال لقاء جمعهما في قصر الشعب في دمشق، بحسب بيان صادر عن الديوان الأميري القطري.

وشدّد في الوقت نفسه على “الحاجة الماسة لتشكيل حكومة تمثل جميع أطياف الشعب السوري لتوطيد الاستقرار والمضي قدما في مشاريع إعادة الإعمار والتنمية والازدهار”.

وتشمل القرارات التي اتخذتها السلطات الجديدة الأربعاء حلّ كل الفصائل المسلحة ومن بينها هيئة تحرير الشام التي كان يتزعمها الشرع، إضافة الى الجيش والأجهزة الأمنية القائمة في العهد السابق، وإلغاء العمل بالدستور وحلّ مجلس الشعب وحزب البعث الذي حكم البلاد على مدى عقود.

إعادة إعمار

وفضلا عن الاجراءات السياسية التي تعهّدت بها السلطات، تأمل الإدارة الجديدة أيضا بالحصول على دعم الدول الخليجية في إعمار سوريا التي دمّر اقتصادها وبنيتها التحتية بسبب نزاع استمر أكثر من 13 عاما.

وناقشت الدوحة ودمشق الخميس “إطارا شاملا” لإعادة إعمار سوريا، كما أعلن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني.

وقال الشيباني خلال مؤتمر صحافي مع وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي “ناقشنا في اجتماعات اليوم إطارا شاملا للتعاون الثنائي فيما يتعلق بإعادة الإعمار”.

وأضاف “غطت مناقشاتنا قطاعات حيوية بما في ذلك البنية التحتية وضمان استعادة أسس المجتمع والاستثمار والخدمات المصرفية وتمهيد الطريق للتعافي الاقتصادي والصحة والتعليم”.

وأعلن الوزير القطري من جهته أن بلاده سوف تستمر “في تقديم الدعم المطلوب على كافة الصعد الإنسانية والخدمية وأيضا فيما يتعلق بالبنية التحتية والكهرباء”.

وأضاف “مشاريعنا كثيرة وما تحدث به سمو الأمير مع فخامة الرئيس هي مجالات كثيرة: ما هو متصل بالجانب الإنساني وما هو متصل أيضا بالجانب التنموي والشراكة الثنائية الاقتصادية بين البلدين”.

ورحّب الوزير القطري كذلك بالاجراءات السياسية الجديدة. وقال “نشكركم على الإعلان الذي قمتم به البارحة بانتهاء مرحلة الثورة والانتقال إلى مرحلة تأسيس الدولة”.

دعم اقتصادي

وكان رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني الذي زار دمشق منتصف كانون الثاني/يناير، أعلن أن بلاده ستقدّم الدعم الفني اللازم “لإعادة تشغيل البنى التحتية اللازمة” في سوريا.

وقال إن قطر ستوفّر لسوريا 200 ميغاواط من الكهرباء على أن تزيد الإنتاج تدريجا.

وبحسب مصدر دبلوماسي في الدوحة، فإن قطر تدرس خططا مع دمشق لتوفير أموال لزيادة أجور القطاع العام في سوريا.

وإثر وصول السلطة الجديدة الى دمشق بقيادة أحمد الشرع بعد الإطاحة بالأسد، كانت قطر ثاني دولة بعد تركيا أعادت فتح سفارتها في دمشق.

وأغلقت الدوحة بعثتها الدبلوماسية في دمشق واستدعت سفيرها في تموز/يوليو 2011، بعد أشهر من اندلاع حركة احتجاجية ضد الأسد تحوّلت إلى نزاع دامٍ بعدما واجهتها السلطات بالقمع. وشكلت قطر داعما رئيسا للمعارضة السياسية والعسكرية في سوريا.

على العكس من دول عربية أخرى، لم تستأنف قطر العلاقات الدبلوماسية مع سوريا في عهد الأسد الذي عاد للحاضنة العربية وشارك في القمة العربية في مدينة جدة في أيار/مايو 2023.

وأجرى وزير الخارجية السوري الجديد أسعد الشيباني زيارة إلى الدوحة مطلع كانون الثاني/يناير التقى خلالها رئيس الوزراء القطري.

ويعدّ أمير قطر أرفع مسؤول يزور دمشق منذ وصول السلطة الجديدة إلى الحكم. لكن دمشق شهدت حركة دبلوماسية نشطة في الأسابيع الأخيرة، حيث توالت الزيارات من موفدين غربيين، مثل وزير الخارجية الفرنسي والتركي ووزيرة الخارجية الألمانية، إضافة إلى موفدين عرب للقاء الشرع.

واستقبل الشرع هذا الأسبوع وفدا من موسكو التي كانت حليفا وثيقا للأسد. واستأنفت الخطوط الجوية القطرية في وقت سابق من كانون الثاني/يناير أولى رحلاتها الى مطار دمشق.

وكانت قطر عرضت المساعدة “لاستئناف” مطار دمشق عملياته و”ضمان صيانته خلال المرحلة الانتقالية”، وفق ما أفاد مسؤول قطري وكالة فرانس برس الشهر الماضي.

إلى ذلك، هنأ العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان الخميس الشرع غداة تعيينه رئيسا انتقاليا.

وأوردت وكالة الأنباء السعودية (واس) أنّ العاهل السعودي وولي عهده بعثا “برقية تهنئة، لفخامة الرئيس أحمد الشرع، رئيس الجمهورية العربية السورية الشقيقة، بمناسبة توليه رئاسة الجمهورية العربية السورية في المرحلة الانتقالية”.

وتمنى الملك سلمان للشرع “التوفيق والنجاح في قيادة بلدكم الشقيق نحو مستقبل مزدهر يحقق تطلعات الشعب السوري”.

وأجرى وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان الأسبوع الماضي زيارة إلى سوريا دعا خلالها إلى رفع العقوبات الغربية عن دمشق “بأسرع وقت”.

 

مقالات مشابهة

  • أمير قطر يدعو من دمشق لتشكيل حكومة جامعة في سوريا
  • وزير الخارجية أسعد الشيباني خلال مؤتمر صحفي مع نظيره القطري سمو الأمير محمد بن عبد العزيز الخليفي: كانت دولة قطر حليفاً ثابتاً للشعب السوري، وستظل سوريا تتذكر الدعم القطري الثابت للشعب وقضاياه
  • بالأسماء.. الفصائل المسلحة التي «حلّت نفسها» وشاركت بـ«مؤتمر النصر» في سوريا
  • الوفد الروسي أكد دعمه لسيادة سوريا وسلامة أراضيها
  • سوريا.. أحمد الشرع يطالب روسيا بتسليم الأسد
  • وفد روسي برئاسة بوغدانوف يزور دمشق.. المناقشات تركزت على احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها
  • رئيس الوزراء الفلسطيني: ندعم استقرار سوريا ووحدة أراضيها
  • وفد من الخارجية الروسية يصل دمشق للقاء أحمد الشرع
  • الخارجية: تعليق الاتحاد الأوروبي للعقوبات المفروضة على القطاعات الرئيسة في حكومة الجمهورية العربية السورية خطوة إيجابية نرحب بها ترحيباً حاراً