لقاء غامض مع الأسد في قلب معركة ترشيح رئيسة الاستخبارات الأميركية
تاريخ النشر: 30th, January 2025 GMT
تواجه تولسي غابارد مرشحة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتولي منصب مديرة الاستخبارات الوطنية سيلا من الانتقادات من المشرعين من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وذلك قبيل جلسة الاستماع المقررة الخميس لتأكيد تعيينها.
وأفادت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" نقلا عن وكالة أسوشيتد برس بأن غابارد كانت قد عقدت لقاء سرّيا قبل 8 سنوات مع الرئيس السوري آنذاك بشار الأسد في دمشق الذي كانت واشنطن تعدّه عدوها اللدود وتتهمه بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان، حتى إن أحد أعضاء الكونغرس الجمهوريين وصف الاجتماع بأنه "وصمة عار".
وقد أثار ترشيح ترامب لغابارد، التي انشقت عن الحزب الديمقراطي وانضمت للجمهوريين، تساؤلات بشأن زيارة قامت بها إلى سوريا في يناير/كانون الثاني 2017 حيث التقت الأسد ضمن "مهمة لتقصّي الحقائق" حين كانت عضوة في الكونغرس.
وجاء في تقرير الصحيفة الإسرائيلية أن لقاء غابارد السري مع الأسد يتيح مجالا لمعرفة نظرتها إلى العالم وعدّتها رمزا لنهج غير تقليدي ومتمرد على السياسات التي كانت وراء تحولها من مرشحة تقدمية إلى واحدة من أكثر المدافعين عن ترامب في حملته الانتخابية الأخيرة.
وقال مشرّعون من كلا الحزبين إن لقاء غابارد مع الأسد يثير تساؤلات حول أسلوب تقييمها ورؤيتها للعالم لا سيما أنها اختيرت لتكون مديرة للاستخبارات الوطنية في ولاية ترامب الثانية.
إعلانووفقا للتقرير، فقد أشاد الرئيس ترامب بغابارد ووصفها بأنها "شخص محترم للغاية". وقال في لقاء أجرته معه شبكة "سي إن إن" في ديسمبر/كانون الأول الماضي "التقيتُ (الرئيس الروسي) بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ، كما التقيت الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون مرتين، فهل هذا يعني أنني لا أستطيع أن أكون رئيسا؟".
على أن الصحيفة الإسرائيلية ترى أن الأمر لا يتعلق فقط برحلتها إلى سوريا. فمن بين مواقفها الأكثر إثارة للجدل أنها كانت قد دعت إلى العفو عن المتعاقد الاستخباراتي إدوارد سنودن الذي سرّب العديد من البرامج السرية للغاية في عام 2013، وطالبت بإلغاء برامج استخباراتية رئيسية تعتمد عليها وكالات التجسس.
واتهمها المنتقدون على مر السنين باتخاذ مواقف متعاطفة مع روسيا، كما أنها دافعت طوال أكثر من عقد من الزمن ضد محاكمة مؤسس ويكيليكس جوليان أسانغ أحد ألد أعداء وكالات التجسس الأميركية والذي أدار منظمة وصفها مايك بومبيو مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) السابق إبان ولاية ترامب الأولى بأنها "جهاز استخبارات معادٍ".
وسردت الصحيفة الإسرائيلية جانبا من سيرة غابارد الذاتية وكيف أنها "انجرفت" نحو اليمين بعد أن كانت نجمة صاعدة في الحزب الديمقراطي في وقت من الأوقات، حيث وجدت قضية مشتركة مع ترامب وشخصيات شعبوية أخرى تدور في فلكه السياسي.
وكشفت أن زيارتها لسوريا عام 2017 قبل تولّي ترامب الرئاسة آنذاك تمت بترتيب من صديقين عربيين أميركيين لها هما بسام وإلياس خوام.
ولم تعلن غابارد عن رحلتها قبل مغادرتها وعند عودتها وصفتها بأنها مهمة لتقصّي الحقائق"، كما لم تكشف كثيرا من التفاصيل حول ما ناقشته في اجتماعاتها في لبنان وسوريا. وعند استجوابها من قبل الصحفيين لدى عودتها، اعترفت بأنها جلست مع الأسد.
إعلانوفي لقاء مع شبكة "سي إن إن"، قالت غابارد "عندما سنحت الفرصة للاجتماع معه، فعلت ذلك لأنني شعرت أن من المهم أنه إذا كنا نعلن أننا نولي اهتماما حقيقيا بالشعب السوري ومعاناته، فعلينا أن نكون قادرين على الاجتماع مع أي شخص نحتاج إليه إذا كانت هناك إمكانية لتحقيق السلام".
وبالنسبة إلى مؤيدي غابارد وحلفائها، كانت غابارد تعبّر فقط عن نقد واقعي للسياسة الأميركية المتسرعة في إزاحة الأسد، وهو الصراع الذي تخشى أن يؤدي إلى حرب أخرى طويلة الأمد. لم تكن تدافع بأي حال من الأحوال عن الأسد، فقد وصفته بالدكتاتور الوحشي"، كما قالت أليكسا هينينغ المتحدثة باسم ترامب في المرحلة الانتقالية.
لكن آخرين رأوا في خطابها ترديدا لنقاط الحوار والمواقف السياسية التي يتبناها خصوم أميركا وخاصة روسيا، فقد كان الكرملين من بين أقوى داعمي الأسد من حيث الدعم السياسي والعسكري. وقد وصفتها هيلاري كلينتون "بالعميل الروسي" في عام 2019، وهي تهمة دفعت غابارد إلى رفع دعوى تشهير ضد وزيرة الخارجية السابقة أسقطت لاحقا.
وفي المدة الأخيرة، وصفت نيكي هيلي -المرشحة في انتخابات الحزب الجمهوري التمهيدية لاختيار مرشحه الرئاسي- غابارد بأنها "متعاطفة مع روسيا وإيران وسوريا والصين".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات مع الأسد
إقرأ أيضاً:
كوارث منتظرة والتصعيد مفتوح على كل الاحتمالات معركة عض الأصابع بين ترامب والصين.. من يصرخ أولا؟
على أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدا متحمسا إلى حد كبير تجاه ما أسماها المصالح الأمريكية التجارية التي أفضت إلى فرض رسوم جمركية على السلع الواصلة إلى الأسواق الأمريكية ولا سيما السلع الصينية، إلا أن حدة الحملة تراجعت قليلا في مسار مفاوضات تجارية مع عواصم العالم، سوى الصين التي شرعت بالتصدي للحملة الأمريكية في أول مواجهة بين أقوى اقتصادين في العالم.
تحليل / أبو بكر عبدالله
الحرب التجارية المحتدمة بين واشنطن وبكين تجاوزت الملف التجاري إلى تبادل رسائل الاستعداد لمواجهة عسكرية ولا سيما بعد قرار الصين الانخراط في مواجهة مفتوحة مع الإدارة الأمريكية التي شرعت بما سمته “إجراءات حمائية” تجاه البضائعوسلاسل النقل البحري الصينية، بما جعل البلدين في خضم مواجهة حاسمة قد تغير في تصاعدها شكل العالم وتحالفاته السياسية والاقتصادية.
كانت قرارات ترامب برفع الرسوم الجمركية على السلع الصينية مستفزة لبكين، إذ بدأت صغيرة شأنها شأن الرسوم التي فرضها دول أخرى، ثم تصاعدت إلى 104% مع شروع الصين بفرض رسوم جمركية على السلع الأمريكية كأجراء مماثل، ليأتي الرد الأمريكي برفع الرسوم إلى نحو 125% ثم إلى 245% فيما بد تصعيد خطير من جانب ترامب الذي برر قرارته بأنها جاءت “بناءً على عدم احترام الصين للأسواق العالمية وممارستها الاحتيال”.
لم تكتف إدارة ترامب بفرض رسوم جمركية بل صعدت حربها التجارية بفرض رسوم كبيرة على السفن ذات المنشأ الصيني التي ترسوا في الموانئ الأمريكية وحظر الصناعات الأمريكية في الصين ونقل البني التحتية للعديد من الشركات الصناعية إلى الأراضي الأمريكية، ناهيك عن دعوة دول العالم إلى قطع علاقاتها التجارية مع الصين.
هذه الخطوات المتسارعة كشفت عن مفاعيل أزمة عميقة بين واشنطن وبكين التي سارعت إلى اتخاذ خطوات مماثلة بما في ذلك قيادتها لتحالفات اقتصادية جديدة ضمن ما سمته جهود دولية مشتركة لمواجهة ” النهج التجاري الأحادي والعدواني المستمر للولايات المتحدة” ناهيك عن شروعها بخطوات أخرى سياسية وأمنية وعسكرية جعلت المواجهة بين البلدين النوويين مفتوحة على كل الاحتمالات.
إجراءات صينية
على خلاف عواصم العالم التي شملتها خطط ترامب الاقتصادية، شرعت الصين من اليوم الأول بإجراءات مضادة رفعت فيها الرسوم الجمركية على السلع والبضائع الأمريكية بنسبة 125% بالتزامن مع وقفها شراء منتجات أمريكية وحظر تصدير بعض المواد الصناعية النادرة إلى الأسواق الأمريكية.
والرد الصيني القوي تمثل بوقف مشتريات الغاز الطبيعي المسال والقمح من الولايات المتحدة وتحولها نحو الخام الكندي بعد أن كانت تشكل قبل إجراءات ترامب الجمركية نحو 5% و17% على التوالي وتبعت ذلك إجراءات مشابهة على السلع الزراعية الأمريكية التي خفضتها بنسبة 90%.
أكثر من ذلك إعلان البنوك الصينية تقليل تعاملاتها بالدولار، والانتقال إلى اليوان الصيني أو الذهب كبديل للدولار، بالتزامن مع اعلان بكين نيتها بيع حصتها من سندات الخزانة الأمريكية التي تتجاوز 750 مليار دولار، ووقف الاستثمارات الجديدة في صناديق الأسهم الخاصة الأمريكية وهي الخطوات التي أشاعت مخاوف واسعة من ارتفاع معدلات التضخم في أمريكا في ظل معضلة ارتفاع الدين المحلي البالغ 34 تريليون دولار.
وبصيغة تحد أكبر، أعادت الصين أول طائرة من أصل 179 طائرة من طراز “بوينغ” كانت قد طلبتها من الشركة الأمريكية في وقت سابق، والتي كانت بمثابة رسالة شديدة اللهجة عن قدرة الصين الاستغناء عن اهم الصناعات الأمريكية.
لم يمض الكثير من الوقت حتى أخذت الردود الصينية طابعا عسكريا بإعلان بكين نجاحها في تصنيع سلاح ثوري جديد، بتمثل بقنبلة هيدروجينية تعمل عمل القنابل النووية، باستخدام اختراع يطلق “كرة النار” التي تبلغ حرارتها ألف درجة مئوية ضمن جهاز يزن 2 كيلوجرام فقط.
زاد من ذلك دعوة بكين الجامعات الحكومية والمحلية إلى الشروع بإجراءات تجنيد للخريجين للالتحاق بالجيش وأداء الخدمة العسكرية، وإعلانها تشكيل قوة ردع عسكرية عملاقة قادرة على مواجهة قوة الردع الأمريكية الأوروبية.
والخطوات التي اتخذتها الصين عبرت عن حجم الاضرار التي تكبدتها من جراء قرارات رفع الرسوم الجمركية والتي تجلت بإعلان العديد من الشركات الصناعية الصينية عطلات اجبارية من دون أجور، وشروع أخرى بإجبار قوتها العاملة على الإجازات الاجبارية ولجأ بعضها إلى إجراءات التسريح للعمال بشكل جماعي بسبب الفوضى الناجمة عن التعريفات فيما اغلق بعضها خطوط الإنتاج مباشرة.
آثار ارتدادية
على خلاف المكاسب التي توقعت إدارة ترامب جنيها من جراء رفع الرسوم الجمركية، جاءت النتائج السريعة مخيبة للآمال بالأضرار التي لحقت بأسواق البورصة الأمريكية والعالمية والتي شهدت تراجعا حادا فاقم المخاوف من ركود اقتصادي عالمي، في ظل التوقعات التي رجحت أن تشهد أسعار السلع ارتفاعات تضخمية كبيرة يصعب على المستهلكين تحملها.
وكان واضحا أن إعلان بكين تقليل تعاملاتها التجارية بالدولار والتحول نحو اليوان الصيني، استهدف قلب موازين القوى الاقتصادية على المستوى العالمي بالنظر إلى تصدير الصين سلعها إلى معظم دول العالم التي ستكون مضطرة إلى توفير عملة اليوان للحصول على السلع المطلوبة، بما قد يؤدي إلى انخفاض الطلب على الدولار وعزوف العديد من الدول عن بناء احتياطاتها من العملة الصعبة بالدولار.
الداخل الأمريكي لم يخف مخاوفه من أن يقود توقف تدفق السلع الصينية إلى الأسواق الأمريكية إلى زيادة كبيرة في التضخم بالتزامن مع مخاوف من أن يؤدي توقف إمدادات المكونات الصينية الصناعية إلى توجيه ضربة قوية للاقتصاد الأمريكي الذي يعتمد على المواد الخام المستوردة من الصين.
والتداعيات التي خلفتها قرارات ترامب برفع الرسوم الجمركية، لم تتوقف عند حدود الصين بل بدت أشبه بكرة نار متكابرة تندفع بقوة نحو قاع الاقتصاد الأمريكي، بعد إعلان دول حليفة مثل كندا ودول الاتحاد الأوروبي وبعض الدول الآسيوية فرض رسوم جمركية مرتفعة على السلع الأمريكية وهي الخطوة التي ينتظر أن تؤدي إلى ضرب قطاعات صناعية أمريكية هامة تعتمد على أسواق هذه الدول بعائد مالي يتجاوز الـ 3 تريليونات دولار سنويا في ظل مخاوف جدية من أن التعريفات الجمركية الجديدة ستضر بالصادرات والوظائف والاستقرار الاجتماعي بصورة عامة.
وبالخطوات التي اتخذتها بكين وعواصم أوروبية عدة، بدا أن إدارة ترامب تلقت هزيمة مبكرة في حربها التجارية خصوصا بعد دعوة الصين دول العالم إلى مواجهة الإجراءات الأمريكية بشكل مشترك، وهو ما تحقق بصورة نسبية، مع رفض العديد من دول العالم الاستجابة لطلب واشنطن إجراء مفاوضات، واتجاهها لفرض تعريفات جمركية على السلع الأمريكية، وهي الخطوة إلى كشفت عن رغبة واسعة بإقصاء الولايات المتحدة من التحكم بالاقتصاد العالمي.
محاولات احتواء
لم تكف إدارة ترامب عن تسويق إنجازات متوقعة من قرارات رفع الرسوم الجمركية للسلع الواردة إلى الأسواق الأمريكية في كونها أداة تفاوضية تُستخدم لإجبار الدول الأخرى على خفض حواجزها التجارية، وباعتبارها أداة لإعادة بناء القاعدة الصناعية الأمريكية وأكثر من ذلك وقف صعود الصين التي صارت على وشك أن تصبح منافسا استراتيجيا قويا.
لكن الموقف اليوم تغير إلى حد ما، في ظل شعور إدارة ترامب بفداحة الخطأ الذي ارتكبته بزيادة الرسوم الجمركية وإعلان الحرب التجارية على الصين من دون خطط بديلة.
ومحاولات احتواء آثار القرارات ظهرت بصوت مرتفع مع إعلان البيت الأبيض تأجيل العمل بالرسوم الجمركية لمدة 90 يوما، ودعوته الصين إلى مفاوضات تجارية جديدة، ناهيك عن تأكيدات مسؤولي الإدارة بأن الحرب التجارية على الصين ستشهد تهدئة خلال الفترة القريبة القادمة.
وقد ظهرت فعلا مؤشرات على أن إدارة ترامب تسعى للتخفيف من حدة حربها التجارية مع بكين وهو الأمر الذي أعلنه ترامب مؤخرا بالقول إن “الرسوم الجمركية على الصين ستنخفض باعتبارها مرتفعة جداً” وهو التصريح الذي جاء استجابة للضغوط الداخلية التي تجلت مؤخرا برفع 12 ولاية أمريكية دعاوى قضائية ضد الرئيس ترامب في محكمة التجارة الدولية الأمريكية، بدعوى أن ليس للرئيس ترامب سلطة فرض رسوم جمركية بشكل تعسفي، وأن الكونجرس وحده هو الذي لديه سلطة تشريع الرسوم.
وتوقعات المحللين الاقتصاديين تذهب إلى أن الرسوم الجمركية الجديدة ستعمل على رفع معدل التضخم في الولايات المتحدة إلى 5% هذا العام بسبب تمرير جزء من التعريفات الجمركية إلى المشترين وبالتالي إرهاق المستهلكين بعد أعوام من تحمل ارتفاع التضخم.
ومن جانب آخر ثمة مواقف أمريكية ودولية بدت رافضة لانخراط واشنطن في حرب باردة جديدة مع الصين وهي الحرب التي بدأ العالم يعيش آثارها ويتوقع ان تتطور بصور سريعة إلى مظاهر حصار اقتصادي قد يؤدي إلى صراع عسكري واسع ومفتوح خصوصا وأن الولايات المتحدة، لا تنوي خوض هذه الحرب واحدها بل تريد جر العالم كله للمشاركة فيها وتحميل كل دول العالم تبعات مواقفها المؤيدة أو المناهضة لطرفي الصراع، في ظل سياسة أمريكية صارمة لا تقبل مبدأ الحياد.
حافة الهاوية
على الرغم من أن واشنطن وبكين بدتا صارمتين وعلى استعداد لتصعيد المواجهة في الحرب التجارية الدائرة اليوم، إلا أن احتمالات أن ترضخ كل دولة لشروط الأخرى تبدو واردة مع اقتراب الحرب بينها من حافة الهاوية، في ظل قناعة الجميع أنه لن يكون هناك منتصر في حرب تجارية ندية بين أقوى اقتصادين في العالم.
وحتى اليوم يبدو العملاق الآسيوي مصرة على مواجهة ما تسميه “الضربات الأمريكية للدول” بل وتؤكد أنها لن تقبل أبداً سياسة القوة أو الهيمنة وستواجه الضغط والابتزاز الأمريكي بإجراءات مضادة حازمة في حين تبدو الإدارة الأمريكية مصرة على المضي بخطتها لتصحيح الفائض التجاري الذي تقول إنه يكبدها خسائر بالمليارات سنويا.
وتدرك الصين أنه لا يزال لدى الإدارة الأمريكية العديد من الأوراق للمناورة ومنها على سبيل المثال ارغام الدول الخليجية إلى وقف عقودها النفطية مع الصين فيما يمكن اعتباره بداية لحصار تجاري تقوده واشنطن على الصين.
من جانب آخر تدرك واشنطن أن إجراءات الصين المضادة قد تعمل على هز مكانة الدولار عالميا خصوصا بعد إعلان البنك المركزي الصيني عن خطة لتسهيل الخدمات المالية عبر الحدود ستساعد في تعزيز الاستخدام الدولي لعملة “اليوان”.
ويعاني الجانبان من مؤشرات مقلقة جراء توقف جزء من تجارة السلع بين البلدين، البالغة قيمتها 582 مليار دولار، بعد أن ألغت الكثير من الشركات الأمريكية طلباتها من الصين التي شهدت حراكا واسعا من الشركات الصناعية في وقف خطوط الإنتاج وتسريح العاملين ومنحهم اجازات مؤقتة.
بالنسبة للولايات المتحدة، فإن حقبة الـ 23 عاما منذ انضمام الصين لمنظمة التجارة العالمية والتي سهلت وصول الأمريكيين إلى السلع الصينية الرخيصة قد انتهت، بعد أن ظلت لأكثر من عقدين جزءاً لا يتجزأ من الاقتصاد الأمريكي الذي يركز على رفاه المستهلكين، بما في ذلك الأجهزة المنزلية والهواتف الذكية والألعاب وقطع الغيار الصناعية والإلكترونيات والآلات الكهربائية والمنسوجات والملابس، وهو أمر سيلقي بآثار كارثية على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي الأمريكي.
وبالنسبة للصين، فالمعروف أن اقتصادها المعتمد على التصدير، يُعد من أكثر الاقتصاديات في العالم حساسيةً بشأن تقلبات التجارة الدولية، ما جعل احتمالات التأثر بالرسوم الجمركية الأمريكية مرتفعة وبصورة مقلقة لدى صناع القرار، خصوصا وأن تصاعد هذه الحرب سيعني إبعاد الصين عن أكبر سوق استهلاكية في العالم.