النائب فرنجية بحث مع وفد مجلس التنفيذيين اللبنانيين أهمية مشاريع التحوّل الرّقمي
تاريخ النشر: 30th, January 2025 GMT
التقى رئيس لجنة تكنولوجيا المعلومات النائب طوني فرنجيه وفداً من "مجلس التنفيذيين اللبنانيين" "LEC" ضمّ رئيس المجلس ربيع الأمين، مستشارة السياسات العامة والشؤون الاستراتيجية كارمن نهرا، رئيسة لجنة المعلوماتية غنوة برادعي، منسقة اللقاء باميلا إبراهيم القصيفي والمستشارة الإعلامية كارول كرم.
في خلال اللقاء، تم تأكيد ضرورة إيلاء مشاريع التحوّل الرّقمي كامل الإهتمام اللازم في لبنان، لا سيما في هذه المرحلة الجديدة التي من المتوقع ان يعود فيها الإنتظام السياسي الى طبيعته بعد إتمام ملف الانتخابات الرئاسية".
تخلل الاجتماع، طرحٌ لإنجاز مشروعي "بطاقة الهوية الالكترونية" و"البطاقة الصحية الالكترونية"، اللذين يمكن أن يساهما في تسهيل الحياة اليومية للمواطن اللبناني.
وتمّ الاتفاق على متابعة سير الملفّين بين "مجلس التنفيذيين اللبنانيين" ولجنة تكنولوجيا المعلومات النيابية بهدف التسريع في وضعهما حيّز التنفيذ، كما تم التأكّيد على الدور الهام الذي قد يؤديه الإغتراب اللبناني على صعيد المضي قدماً بهذين المشروعين، لا سيما أن للمغتربين اللبنانيين دور مُستمر ودائم في إغناء الحياة اللبنانية في مختلف الصعد والمجالات.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
كيف نحمي القائد المنتصر من التحوّل إلى مستبد؟
شهدت شعوب عديدة ولادة أبطال قادوا بلادهم و تميزوا بالشجاعة والإخلاص في الدفاع عن أوطانهم و تحرير شعوبهم. ثم صعد هؤلاء الأبطال إلى السلطة بتأييد جماهيري و رضا شعبي كبير محمولين على رافعة شرعية النصر و شرعية تأييد الجماهيير و شرعية المؤسسات التي انجبتهم. منهم من قاد بلاده بنجاح من مرحلة الانتصار إلى مرحلة بناء المؤسسات ولكن وللأسف انزلق بعضهم تدريجيًا من دور المنقذ نحو الاستبداد.
كيف يحدث هذا التحول؟
قد لا يحدث هذا التحول فجأة، ولا حتى برغبة مسبقة أو تدبير، ولكن رويداً رويداً يحدث بعدة بدايات منها:
1/ السلطة المطلقة والانفراد بالقرار. بافتراض أن “من أنقذ الوطن” هو الأحق بقيادته مادام حياً. هذا الإحساس يفتح الباب أمام فرض السيطرة الكاملة، وتقويض المؤسسات، وتهميش الرأي الآخر.
2/ غياب المؤسسات، لا أقول الديمقراطية و لكن حتى مؤسسات الدولة وهياكلها الطبيعية. بسبب التشويه الذي تحدثه الظروف التي قادت إلى الحرب، قد لا تكون هناك بنية سياسية قوية أو أحزاب ديمقراطية متماسكة أو مؤسسات دولة تمنع التسلط. فيتحول الزعيم إلى المؤسسة الوحيدة، وتُفرغ الدولة من تكامل الصلاحيات وتوزبع الأدوار و التوازنات داخلها، إلى سلطة الرجل الواحد.
3/ الخوف من الانتقام أو الانتكاس .. فبعض الشعوب، أو القادة يبررون استبدادهم بالخوف من عودة العدو أو من قوى داخلية تهدد مشروعهم. وبسبب ذلك يبدأوا في الانفراد بالقرار و بالراي و قمع الرأي الآخر باسم “حماية الوطن”، ويستمر هذا المنهج حتى يتحول إلى قاعدة للحكم.
4/ التأييد الشعبي غير المشروط
.. غالبًا ما تساعد الشعوب – دون قصد و بحسن نية و بمعطيات مبررة لحظياً – في خلق الطاغية. يمنحه شعورًا بأن كل شيء مباح.
أمثلة تاريخية
نابليون بونابرت: بدأ كبطل للثورة الفرنسية، ثم نصّب نفسه إمبراطورًا وأشعل الحروب في أوروبا.
جوزيف ستالين: صعد كمنقذ للثورة البلشفية، وانتهى به المطاف كأحد أكثر الطغاة دموية في التاريخ.
معمر القذافي: قاد انقلابًا ضد الملكية في ليبيا، رافعًا شعارات التحرر، ثم حكم لعقود بقبضة من حديد.
كيف يمكن تجنب هذا المصير؟
يمكن تجنب حدوث مثل هذه النماذج السيئة وذلك ب:
1/ بناء مؤسسات قوية تفصل بين السلطات.
2/ ترسيخ مبدأ تداول السلطة.
3/ نشر ثقافة نصح القائد ونقده ومحاسبته، لا تقديسه.
4/ دور فاعل للمجتمع المدني والإعلام الحر في التعبير عن تطلعات الشعوب.
5/ الالتزام بالقوانين و الدساتير والأعراف التي تقيد الجلوس على كرسي الرئاسة و تحدد شروطه.
هل يمكن أن يتكرر هذا النموذج في السودان؟
الإجابة المختصرة: نعم، يمكن أن يتكرر هذا النموذج في السودان، فقد حدث من قبل ويمكن أن يحدث الآن، وهناك عدة مؤشرات تدعم هذا الاحتمال، سواء من سلوك القائد نفسه، أو طريقة حكمه، أو حتى من دور النخب المحيطة به.
الآن دعونا نحلل ذلك بالتفصيل:
القائد بين البطولة والمستقبل السياسي:
يقف الفريق أول عبد الفتاح البرهان اليوم في موقع رمزي وشعبي بالغ الأهمية، بصفته القائد العام للقوات المسلحة التي مازالت تخوض حربًا مصيرية ضد مليشيا الدعم السريع الإرهابية. وهو كرمز للنجاة الوطنية، وللخلاص، وكقائد للجيش الذي يحقق انتصارات ميدانية واضحة، ويدافع عن وحدة السودان ضد مشروع الغزو الخارجي. هذه النظرة ليست عاطفية ولا تشكل انحيازا، إنما حقيقة واقعية، وتستند إلى نتائج ملموسة على الأرض، حيث استطاع الجيش، بقيادة البرهان، وبدعم شعبي متنوع و غير مسبوق، استعادة أراضٍ كثيرة، وتثبيت الأمن في عدد من المدن و الولايات واستطاع تخليص المواطنين من كابوس الدعم السريع و إعادة الحياة و الأمل لهم.
ومع إن اللحظة تتطلب التكاتف الكامل خلف الجيش وقيادته، فإن تجربة الشعوب تُعلّمنا أن الفترات التي تكثر فيها الشعبوية وتقل فيها المؤسسات، تكون من أخطر الفترات السياسية في تاريخ الدول. فحين يحتكر القائد القرار – حتى لو عن حسن نية – ويغيب دور المؤسسات والرقابة والمشاركة الشعبية، يصبح المستقبل مفتوحًا على احتمالات غير مضمونة، حتى لو كانت النوايا وطنية.
إشكالية غياب المؤسسات
لا تكمن المشكلة في شخص البرهان، بل في غياب هيكل مؤسسي واضح حوله. فالشعب لا يعرف كيف تُتخذ القرارات المصيرية، ولا من يفكر أو يخطط أو يراجع. القيادة تبدو فردية، وإن كانت تحظى بتأييد شعبي واسع، فإن كان استمرار هذا النمط، أثناء الحرب غير محبذ، فإنه بعد انتهائها، قد يتحول إلى شكل من أشكال الحكم الفردي الذي يصعب ضبطه ومساءلته.
جانب آخر يثير القلق المشروع، هو حجم التدخلات الخارجية في الملف السوداني و الأعداد الكبيرة من العملاء المتنفذين، في ظل انتشار السلاح و الجماعات المسلحة والصراع العنيف بين المشروعين الوطني و الخارجي . هناك أطراف دولية وإقليمية تتفاعل وتؤثر، لكن دون شفافية أمام الشعب السوداني.
الضبابية و عدم التأكد في قضايا مهمة مثل من يتفاوض باسم السودان؟ من يملك القرار؟ وما التنازلات التي تُطرح أو تُرفض؟ هذه الأسئلة لا تجد إجابة واضحة، ما يجعل المواطن يشعر بأن مستقبل بلاده يُرسم في غرف مغلقة قد تمثل رأيه و قد لا تمثّله.
ما المطلوب اليوم؟
الحفاظ على هذا الدور البطولي للبرهان، وتحويله إلى مسار لبناء دولة مؤسسية و مستقرة، يتطلب عدة خطوات عاجلة:
– إنشاء مؤسسات سياسية مهنية تُشرك بصورة قوية و واضحة و شفافة في صنع القرار.
– وضع خارطة طريق واضحة لما بعد الحرب، تشمل فترة أجندة الحكومة الانتقالية باشراف الجيش وحكومة تكنوقراط مدنية.
– إشراك الشعب في الحوار حول البدائل المتاحة، وتعزيز الشفافية بشأن كيف يفكر المسؤولون ولماذا .. الخ؟
كيف يمكن ألا نخسر البطل؟
ليس الهدف من إثارة هذا الموضوع التشكيك في نوايا البرهان أو التقليل من أهمية استكمال المشوار، بل العكس: الهدف هو الحفاظ على صورته كبطل قومي، وحمايته من منزلقات السلطة المطلقة، التي وقع فيها كثير من القادة في بلادنا و بلدان أخرى.
– دعونا الآن نسلّط الضوء أيضًا على نماذج لقادة نجحوا في عبور المراحل الانتقالية المعقدة بعد الحروب أو الأزمات، وبنوا دولًا مستقرة دون أن يتحولوا إلى طغاة.
نيلسون مانديلا – خرج مانديلا من السجن ليقود بلاده نحو المصالحة. و الإنجاز الذي جسده، هو أنه لم ينتقم، ولم يحتكر السلطة، بل أسس لنظام ديمقراطي قائم على التعدد والعدالة الانتقالية. و استطاع أن يضع المصلحة الوطنية فوق المكاسب الشخصية، ورفض الترشح لفترة ثانية رغم شعبيته الكبيرة.
جورج واشنطن – والذي قاد حرب الاستقلال وكان زعيمًا عسكريًا محبوبًا. إلا أنه رفض أن يتحول إلى “ملك”، وأسّس نموذجًا مدنيًا للحكم، ثم تنازل طواعية عن السلطة بعد ولايتين. والدرس المستفاد هنا أن المؤسسات أهم من الأفراد.
نختم هذا المقال بخلاصة أن القائد الناجح بعد الحرب هو من ينجح في نقل البلد من حالة الاستثناء إلى حالة دولة مستقرة بمؤسساتها لا يرتبط مصيرها بشخص واحد. وأن القائد البرهان أمامه فرصة حقيقية ليسجل اسمه بأخرف من نور و يعيد كتابة التاريخ.
د. محمد عثمان عوض الله
إنضم لقناة النيلين على واتساب