شبكة اخبار العراق:
2025-04-10@05:12:07 GMT

القراءة بين الإبداع والاستهلاك

تاريخ النشر: 30th, January 2025 GMT

القراءة بين الإبداع والاستهلاك

آخر تحديث: 30 يناير 2025 - 10:45 صأ. د. طلال ناظم الزهيري كثيرًا ما يتم تداول المقولة الشهيرة: “القاهرة تكتب، وبيروت تطبع، وبغداد تقرأ”، المنسوبة غالبًا إلى الشاعر الفلسطيني معين بسيسو، كإشارة منه إلى المشهد الثقافي العربي في منتصف القرن العشرين. حيث تُستخدم هذه العبارة بشكل عام من باب الفخر والتباهي للتعبير عن الدور الريادي للعراق في حب القراءة والإطلاع.

غير أن هذا التصور السائد قد يحمل في طياته إشكالية أعمق، إذ يمكن أن يُنظر له باعتباره إشارة ضمنية إلى محدودية الدور الذي يضطلع به المثقف العراقي في سلسلة الإنتاج الثقافي. القراءة وحدها، مهما كانت كثافتها، إذا لم تتحول إلى إبداع فكري أو إنتاج معرفي، تصبح مجرد استهلاك سلبي للمعرفة. إن اختزال المشهد الثقافي العربي بهذه العبارة يمنح العراق دور المستهلك، مقارنة بدوري الإبداع والصناعة اللذين تمثلهما القاهرة وبيروت. القراءة، بوصفها شرطًا أساسيًا للمعرفة، لا تكتسب قيمتها إلا عندما تتحول إلى كتابة أو إنتاج فكري يُضاف إلى الإرث الثقافي. فالتاريخ لا يخلّد القرّاء، بل يكرّم الكتّاب والمبدعين الذين أسهموا بإنتاجهم الفكري في تشكيل الحضارة الإنسانية. لم يسجل التاريخ شخصية عُرفت فقط بكونها قارئة عظيمة، بل خلد أولئك الذين استطاعوا توظيف قراءاتهم في صياغة أفكار جديدة وإنتاج إبداعي يُسهم في تطور الفكر والمعرفة. من هنا، تبدو الإشكالية في ثقافة القراءة إذا ما بقيت مقتصرة على استهلاك المعرفة دون السعي لتحويلها إلى عملية إنتاجية. فعلى الرغم من انتشار القراءة في أوساط المثقفين العراقيين، كثيرًا ما يلاحظ أن الحوارات الفكرية بينهم ترتكز بشكل كبير على اقتباسات مأخوذة من نصوص العلماء والفلاسفة الغربيين والشرقيين، دون أن تكون هناك محاولات واضحة لتقديم رؤى نقدية أو إضافات جديدة تتجاوز حدود النقل. هذا النمط السائد يُكرّس صورة المثقف العراقي كناقل للمعرفة، بدلًا من كونه منتجًا لها، وهو ما يمثل تحديًا كبيرًا أمام تطور الفكر الثقافي والإبداعي. القراءة، في جوهرها، ليست غاية، بل وسيلة للوصول إلى الإبداع والابتكار. غير أن القراءة التي تبقى حبيسة حدود الاستهلاك تظل فعلًا عقيمًا، لا يؤدي إلى التقدم الفكري. والسؤال المحوري الذي يجب أن نطرحه هنا هو: ما الذي يمنع القارئ من أن يصبح كاتبًا؟ وما العوائق التي تحول دون تحول المثقف العراقي من مستهلك للمعرفة إلى منتج لها؟ قد تتعدد الأسباب بين نظام تعليمي يكرس الحفظ والتلقين على حساب النقد والتحليل، وثقافة مجتمعية تخشى الخروج عن المألوف، وغياب بيئة داعمة للإبداع توفر الحوافز اللازمة للكتابة والابتكار. في المقابل، نجد أن الثقافات الإنتاجية، لا سيما في الغرب، تنظر إلى القراءة كجزء من عملية متكاملة للإبداع. الفلاسفة مثل سارتر وديكارت، والعلماء مثل نيوتن وأينشتاين، لم يكتفوا بقراءة من سبقهم، بل تجاوزوا هذه الحدود وأعادوا تشكيل المعرفة بما أضافوه من أفكار جديدة. أما في المشهد الثقافي العربي عامة والعراقي على وجه الخصوص، غالبًا ما نتوقف عند حدود الإعجاب بالنصوص ونقلها دون أن نجرؤ على نقدها أو تجاوزها. واليوم لم يعد ممكنًا الاستمرار في تكرار هذه العبارة دون مراجعة جادة لدورها وتأثيرها في صياغة التصورات الثقافية. القراءة التي لا تنتج كتابة، والكتابة التي لا تضيف جديدًا، كلاهما يشيران إلى ثقافة استهلاكية لا تسهم في تطور الإنسانية. نحن بحاجة إلى منظومة ثقافية جديدة تُحفّز الإبداع والابتكار، وتكسر قيود النقل والتبعية. العبارة “القاهرة تكتب، وبيروت تطبع، وبغداد تقرأ” قد عكست واقعًا ثقافيًا في فترة معينة، لكنها لم تعد ملائمة لعالمنا اليوم. المطلوب الآن هو بناء نموذج ثقافي جديد يُعيد توزيع الأدوار، بحيث يصبح المثقف العراقي ليس فقط قارئًا، بل أيضًا كاتبًا ومبتكرًا يسهم في صياغة مستقبل الفكر العربي. ففي الوقت الذي نتابع فيه الجهود التي تبذلها العديد من المنظمات المحلية في التشجيع على القراءة وإقامة الفعاليات الداعمة لها، إلا أننا نعتقد ان هذه المبادرات تفتقر إلى التوازن، إذ نادرًا ما نرى فعاليات مناظرة تهدف إلى تعزيز الكتابة والإسهامات الإبداعية. القراءة، رغم دورها الأساسي في بناء الوعي وتنمية المعرفة، تظل مجرد خطوة أولى في سلسلة الإنتاج الثقافي. ولا شك أن غياب التركيز على الكتابة يحرم الأفراد من تطوير قدراتهم الإبداعية وتحفيزهم على المساهمة بأفكارهم وتجاربهم. ان تعزيز الكتابة لا يقل أهمية عن التشجيع على القراءة، بل هو الخطوة الطبيعية التي تكمل هذا الجهد، لأن الإبداع هو ما يُخلّد ويُحدث الفارق في تطور الثقافات والمجتمعات.

المصدر: شبكة اخبار العراق

إقرأ أيضاً:

وكيل وزارة الأوقاف: مسابقة القراءة الحرة تستهدف جميع فئات المجتمع

أكد الدكتور أسامة فخري الجندي، وكيل وزارة الأوقاف، أن وزارة الأوقاف أعلنت إطلاق مسابقة "القراءة الحرة"، والتي تستهدف جميع فئات المجتمع المصري، وليس فقط الأئمة والخطباء، لافتا إلى أن المسابقة تنقسم إلى فرعين: الأول مخصص للأئمة والخطباء والوعاظ وأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم، بينما الفرع الثاني مخصص للمتخصصين وغير المتخصصين مثل الأطباء والمهندسين والمعلمين وغيرهم من فئات المجتمع.

وقال “فخري”، خلال تصريحات تلفزيونية، إن المسابقة تهدف إلى تعزيز الوعي المعرفي والتثقيفي في المجتمع من خلال القراءة الحرة للكتب المعتمدة، مما يعزز صناعة العقل والوعي لدى المشاركين، مضيفا أن المسابقة تتسم بالتنوع في الكتب المختارة لكل فئة، وذلك لضمان وصول المعلومة بشكل سهل وفعال لكل فئة مستهدفة.

وزارة الأوقاف: "صحح مفاهيمك" تستهدف تعديل السلوكيات الخاطئة في المجتمعوزير الأوقاف لوفد كنائسي: مصر ترفض تهجير الفلسطينيين وتدعم صمودهم وثباتهموزير الأوقاف يستقبل وفدًا صينيًا رفيع المستوى لتعزيز التعاون الثقافي والدينيالأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة بعنوان " كلمة أنا نور ونار"

وأشار وكيل وزارة الأوقاف، إلى أن المشاركين في الفرع الأول (الأئمة والخطباء) سيقرأون كتاب "جامع العلوم والحكم" لابن رجب الحنبلي، الذي يتناول الحديث النبوي الشريف ويفصل في فهم الحديث وتفسيره بشكل عميق، بالإضافة إلى كتاب "الفقه الواضح" للدكتور محمد بكر جانبي، الذي يقدم فقهًا حديثًا منسجمًا مع القضايا المعاصرة. 

وتابع وكيل وزارة الأوقاف، "أما بالنسبة للفرع الثاني الذي يشمل الأطباء والمهندسين والمعلمين، فسيتم تخصيص كتاب "الفقه الميسر قسم العبادات" للشيخ محمد سيد طنطاوي، وكتاب "فضائل مصر ومزايا أهلها" للدكتور محمد موسى الشريف، بهدف تعزيز الانتماء للوطن والحث على خدمة المجتمع بكل فئاته".

وأوضح أن المسابقة لا تقتصر على الجانب المعرفي فقط، بل تشمل أيضًا مكافآت مالية تتناسب مع الجهد المبذول من المشاركين، حيث يحصل الفائزون في المسابقة على جوائز مالية مغرية، مثل الجائزة الأولى التي تبلغ 35,000 جنيه للمشاركين الذين يحققون نسبة 75% أو أكثر من درجات الاختبارين التحريري والشفوي، بالإضافة إلى الجائزة الثانية التي تبلغ 20,000 جنيه للفائزين الذين يحققون نسبة 70% أو أكثر. كما ستوزع الوزارة 10 جوائز أخرى قيمتها 10,000 جنيه لكل فائز بنسبة 60% أو أكثر.

وأشار إلى أن الهدف من هذه المسابقة هو ضمان تقديم معرفة دينية صحيحة وفقًا للكتب المعتمدة، بالإضافة إلى تشجيع الأفراد على التفاعل مع القضايا الاجتماعية والثقافية بشكل إيجابي، مضيفا أن هذه المسابقة هي جزء من المبادرات التوعوية التي تطلقها الوزارة لمكافحة السلوكيات السلبية وتعزيز القيم الإسلامية في المجتمع، بما يتماشى مع حملة "صحح مفاهيمك" التي أطلقتها الوزارة سابقًا.

وتابع: "نحن نسعى من خلال هذه المسابقة إلى رفع مستوى الوعي الثقافي والديني في مصر، وتعزيز قيم الانتماء وحب الوطن، مع ضمان أن تكون المعرفة الدينية متوافقة مع تعاليم الإسلام السمحة."

مقالات مشابهة

  • خولة السويدي: المعرض الفني الإماراتي والعربي يضيء على الإبداع المحلي والإقليمي
  • 300 عمل فني تُجسِّد الإبداع الطلابي في معرض "واحة فن 2" بالبريمي
  • 300 عمل فني يجسد الإبداع الطلابي في معرض "واحة فن 2" بالبريمي
  • فتح باب التّسجيل لأعضاء لجان التّقييم والتّحكيم بمسابقة «تحدّي القراءة»
  • الخارجية الصينية: تصريحات نائب الرئيس الأمريكي حول الصين تفتقر للمعرفة والاحترام
  • هل ترك سجود التلاوة يُنقص من ثواب القراءة؟.. اعرف الموقف الشرعي
  • حكم ترديد أدعية من القرآن في السجود.. الإفتاء توضح
  • عدة روايات.. ما قصة المهندس العراقي الذي قتل في أحد السجون؟
  • مكتبة مصر العامة تنظم معرضا لبيع الكتب بأسعار رمزية
  • وكيل وزارة الأوقاف: مسابقة القراءة الحرة تستهدف جميع فئات المجتمع