لعل مشهدية عودة النازحين من الشعب الفلسطيني في قطاع غزة إلى بيوتهم المدمّرة، وافتراشهم للركام ليكون راوياً على وحشية الاحتلال الإسرائيلي من جهة، ومن جهة أخرى على حماقة حماس السياسية والعسكرية التي خاضت بها مقامرة غير محسوبة النتائج بحسابات بالية، جلبت تعقيدات أكبر على القضية الفلسطينية.
دون مواربة، لم يعد كافياً رفع الصوت والاحتجاج والاستنكار، بل تجب محاربة هذه الشوائب التنظيمية التي أنتجتها مشاريع إقليمية منقوصة تريد زعامة الشرق الأوسط، وعدم الانجرار وراء محاولة ابتداع شعبية لها.بل يجب أيضاً الوقوف أمام استمرار ممارسة الاستعلاء السياسي الذي أنتجته رؤى فكرية إخوانية عقيمة، وصد منهجية تزييف الواقع المرير. بل يجب وقف ربط مستقبل الشعوب والمنطقة بحلم أصبح أبعد من أن يتحقق في ظل الظروف الراهنة، خاصة في ظل وجود إدارة الرئيس دونالد ترامب التي تسعى لفرض معادلات سياسية تتجاوز دولاً وشعوباً في المنطقة، بل وفي العالم برمته.
الثابت الوحيد اليوم لتجاوز ما سبق من سوداوية الواقع الذي أنتجه الصراع هو عدم السماح للشعب الفلسطيني، الذي دفع ثمن الصراع الأكبر، بهروب الجناة ومجرمي الحرب من المحاسبة والمحاكمة، تحت وهم النصر الذي لم يتحقق. ثابت أصبح يتلمسه الجميع بأصوات الغزيين أنفسهم التي تصدح نقماً وسخطاً.
فمعضلة غزة أعمق من مجرد نشر مجموعات محدودة من عناصر شرطية لإظهار سيطرة وحكم حماس، التي لا تملك مقومات مد الفلسطينيين في القطاع لتثبيت صمودهم وبقائهم على أرضهم، مما سيضطرهم عاجلاً أم آجلاً إلى أخذ زمام المبادرة قريباً لانتفاضة بوجه الحركة وعناصرها التنظيمية والشرطية والبلدية. انتفاضة لن تُفاجئ أحداً إلا قادة الحركة الذين يعيشون في أبراج عاجية في عواصم إقليمية.
الشعب الفلسطيني لا يريد حماس العاجزة عن تأمين احتياجاته، والتي تعيش حالة إنكار حقيقية لما تعانيه في ظل المستجدات الإقليمية والدولية وانعكاساته على سكان القطاع، ولا يريد الشعب إعادة إنتاج مقاربات سياسية فارغة لا قيمة لها أمام سحق تداعيات الصراع الذي عاث بمصيره ومستقبله.
ولا يريد إتاحة الفرصة مجدداً لبنيامين نتانياهو لاستغلال بقايا حماس لاستمرار الانقسام الفلسطيني، وحرف المشروع الوطني الفلسطيني عن مساقه السياسي.
سيرفض الشعب الفلسطيني في القطاع أن يبقى رهينة ظلم وعبث الحركة، كما سيبدع في الخروج من دوائر تحالفاتها الضيقة. فلا أحد اليوم يمكن له أن يتكهن بالتطورات التي قد تذهب إليها مسارات الأحداث في غزة، فاليقين الراسخ لدينا جميعاً هو أن الواقع لن يعود كسابق عهده، والحاجة إلى استكمال وتعزيز مشهدية العودة من النزوح بمشهديات أخرى، كمشهدية البقاء والصمود، ومشهدية البناء والإعمار لاحقاً، في تجاوز حقيقي لحماس التي لا يريدها الشعب الفلسطيني.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية اتفاق غزة الشعب الفلسطینی لا یرید
إقرأ أيضاً:
حركة فتح: مصر تتعامل مع القضية الفلسطينية بحرص تام والقرار الفلسطيني يجب أن يظل مستقلًا
أكد عبدالفتاح دولة، المتحدث باسم حركة فتح، أن مصر تتعامل مع القضية الفلسطينية بحرص تام ودون أي مصلحة خاصة، إذ تدرك تمامًا أهمية وجود حالة من الوحدة الوطنية الفلسطينية الحقيقية.
وأوضح أن مصر تسعى دائمًا إلى الحفاظ على استقلال القرار الفلسطيني تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية.
الخارجية الفلسطينة تطالب بالتدخل لإجبار إسرائيل على فتح المعابر لدخول المساعدات إلى غزة الرئيس الفلسطيني يسب حركة حماس على الهواء: "سلموا الرهائن وخلصونا" (فيديو)وفي مداخلة مع قناة "إكسترا نيوز"، قال المتحدث باسم حركة فتح: "كان هناك وفد من حركة فتح منذ أيام في مصر الشقيقة التي ما دام رعت عملية الحوار الوطني الفلسطيني، حيث قدمنا مقترحات وأفكار للأشقاء في مصر بهدف البناء عليها، ليتمكنوا من تنظيم حوار وطني شامل ترعاه مصر، مبني على أسس ومرتكزات حقيقية تتوافق مع إنجازات منظمة التحرير الفلسطينية".
وأشار إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أكد هذا الموقف خلال تصريحات له أمس.
وأوضح دولة أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، خصوصًا في قطاع غزة الذي يُعتبر منطقة منكوبة، حيث يسعى الاحتلال إلى اقتلاع الشعب الفلسطيني وتصفية وجوده.
وأضاف أن هذه الحرب تتبع عقلية دموية تهدف إلى القضاء على الشعب الفلسطيني ووقف أي فرصة لإقامة الدولة الفلسطينية.
وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يعبر عن مشروع يهدف إلى إنهاء القضية الفلسطينية، من خلال تصفية الشعب الفلسطيني تحت ذرائع واهية.
وأكد أن ما يحدث في غزة والضفة الغربية والقدس ليس مجرد حرب ضد حركة حماس، بل هو عدوان مستمر ضد الشعب الفلسطيني بأسره.
ولفت إلى أن هذا العدوان مستمر منذ أكثر من عام ونصف، حيث يُقتل الفلسطينيون بشكل جماعي.
وأوضح المتحدث باسم حركة فتح أن من نجوا من القصف والمجازر الإسرائيلية، يواجهون تهديدات أخرى مثل الموت جوعًا أو مرضًا بسبب انقطاع المواد الصحية والطبية والمواد الغذائية، بالإضافة إلى توقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة.