استضافت قاعة "فكر وإبداع"؛ ضمن فعاليات الدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، ندوة لمناقشة رواية "الهامسون" للكاتبة الصحفية هالة البدري، حيث أدارت الندوة الدكتورة رشا صالح، وناقشها كل من: الناقدة الأدبية الدكتورة؛ سناء صليحة، والناقد الدكتور؛ حسام جايل.

وفي بداية الندوة، أشادت الدكتورة رشا صالح؛ بطريقة المؤلفة في سرد أحداث الرواية؛ واستخدام رمزية الوشم التي ترتبط بالوعي الجمعي، كما استعرضت مسيرة الكاتبة الإبداعية والجوائز التي حصلت عليها والدول التي سافرتها؛ وأوضحت أن الحب في نظر الكاتبة حالة خاصة في حياة الإنسان، وأن شخصياتها تتسم بالاستقلالية والبحث عن حرية الإنسان؛ وأشارت إلى أن الكاتبة استخدمت التجريب في مناطق غير مضمونة، وهو ما يعد من أهم العناصر الأساسية التي تميز تجربتها؛ وتستغرق روايتها أزمانًا طويلة؛ وتطرح تساؤلات عن الحياة والموت، كما استخدمت إشارات "الهمس" وكيفية همس الشخصيات في الرواية؛ مؤكدة أن الرواية ممتعة؛ وعادت إلى مراحل مختلفة من التاريخ.

وقالت الدكتورة سناء صليحة: "إن هالة البدري تحتل مساحة كبيرة على الساحة الإبداعية في الوطن العربي، ولاحظت تطورًا واضحًا في أسلوبها ورؤاها وقدرتها على إطلاق العنان لخيالها؛ وتوظف ثقافتها على التأريخ والاهتمام واستشراف المستقبل.

وأضافت: "أظن أنني لا أضيف جديدًا إذا قلت إن الكاتبة "هالة البدري" تحتل مكانة متميزة في المشهد الروائي المصري والعربي؛ فعلى مدار سنوات، عكست أعمالها تطورًا ونضجًا في الرؤى؛ وجرأة في إطلاق العنان لخيالها؛ ولطاقات التجريب الفني من حيث تعدد أساليب السرد والمزج بين الواقع والفانتازيا، وكذلك التنقل السلس بين التأريخ لحدث ما أو تتبع معلومة تستشرف المستقبل".

وأشارت صليحة؛ إلى أن رواية "الهامسون" لا تقتصر على هذه اللمسات، بل تلخص حكاية مصرية تتشابك خطوطها وتلتقي مساراتها مع حكايات وتاريخ صاحبات التاء المربوطة؛ من خلال معاناة تتعرض لها أربعة نساء؛ هن: هنية وعفاف ودميانة وكاميليا، واللاتي يظهرن على أماكن مختلفة في أجسادهن وشم ثم يختفي؛ كما أوضحت أن الكاتبة حرصت على إبراز الهوية الاجتماعية لشخصياتها، فبدا أن سطور "الهامسون" كأنها دراسة حالة تتطابق مع مفهوم عالم الاجتماع الأمريكي "تالكوت بارسونز" للثقافة وتحديدها في رموز تعمل على توجيه الفعل، والعناصر الذاتية والأنماط المؤسسية للأنظمة الاجتماعية.

وقالت صليحة: "إن الانتقال من حكاية إلى أخرى في "الهامسون" يكشف تدريجيًا واقعًا مليئًا بالحكايات الموشومة بالدم، وبوجع وآهات الروح؛ وهذه الحكايات لم نوثقها أو نؤرشفها، فظلت مجرد حكايات شفهية، واستمراريتها مرهونة ببقاء الرواية على قيد الحياة"؛ موضحة أن الكاتبة، في تنقلها بين شخصيات روايتها، وما ترويه من أحداث ببساطة ويسر، تقدم حياة المصريين بتفاصيلها الصغيرة وتربط بين الخاص والعام.

وأوضحت أن اختيار الكاتبة "المتوالية الزمنية" في بداية كل فصل مثل العصر والفجر والظهيرة، يخرج بالشخصيات من الحيز الزماني والمكاني الضيق المحدود، لتصبح الشخصيات والحدث والرواية ككل عابرة تعبر عن حكاية، وكأنها همسات متكررة تتردد في فضاء كون لا نهائي؛ وأشارت إلى أن الكاتبة اختارت كلمة "الهمس" ودلالتها وارتباطها بحالة البوح الكوني التي عاشتها عبر سطورها؛ فالهمس، بما يكتنفه من غموض وصدق مع النفس، يجمع بين حديث النفس والقدرة على التواصل مع عوالم غيبية، والشعور برؤى وأشخاص وأحداث لا علاقة لها بالواقع.

ومن جانبه، أشاد الناقد الدكتور حسام جايل؛ بطريقة السرد الروائي لدى الكاتبة، التي تبرز الهم الإنساني بلغة راقية وبروح طيبة؛ وأشار إلى أن الكاتبة في الرواية تسعى إلى استشراف المستقبل مع المزج بين الماضي والحاضر؛ وأشاد بلغة الرواية البسيطة، التي هي فصحى مطعمة بالعامية، وتحمل عبارات قريبة من القارئ، موضحة بإتقان في الحوار الذي يسير بشكل جيد؛ قال: "نجد في معظم الروايات الأخيرة صوت البطل العليم أو المتكلم، لكن هالة البدري أعادتنا إلى فكرة الحوار، وهو عبارة عن فصول متداخلة ومتسلسلة؛ معظم الأشياء التي توظفها هالة البدري في روايتها تحمل أحداثًا درامية".

وأضاف جايل: " إن الأحلام في الرواية نوع من الهمس، الذي يظهر على شكل وشم، حيث يركز على الحلم واستدعاء الماضي"؛ كما استعرض بعضًا من فصول الرواية، والدلالات الرمزية فيها، وحرص الكاتبة على تقسيم الفصول حسب الوقت، حيث استخدمت توثيقًا صامتًا لأحداث تاريخية، وذكرت كيف تحولت الشخصيات إلى توثيق الذاكرة عبر التاريخ؛ وكيف تؤثر الأنظمة السياسية على الأفراد".

وفي ختام الندوة، قامت الكاتبة هالة البدري؛ بقراءة جزء من روايتها، وتحدثت عن فكرة الرواية وعن عناوينها؛ كما استعرضت بعضًا من فصول الرواية وشخصياتها، والظروف التي كتبت فيها، وبينت سبب استخدام الرموز والدلالات والوشم، بالإضافة إلى تسلسل الأحداث وتتابعها.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: معرض الكتاب هالة البدری أن الکاتبة إلى أن

إقرأ أيضاً:

الكتاب أصل الأشياء

وأنا أشاهد فـيلم (هاري بوتر وحجر الفـيلسوف) الذي جرى عرضه فـي دار الأوبرا السلطانية مسقط، مصحوبًا بعزف موسيقيّ حيّ أدّته أوركسترا الدولة السيمفوني فـي أرمينيا، استحضرت الجزء الأول من رواية (هاري بوتر) للكاتبة البريطانية جوان رولينج، التي بنى عليها الفـيلم أحداثه، وهي من الروايات التي نالت شهرة عالمية كبيرة، إذ بيعت منها ملايين النسخ منذ صدور جزئها الأول فـي منتصف 1997 وترجمت إلى العديد من اللغات،

ويكفـي أن الجزء السادس من الرواية الذي حمل عنوان (هاري بوتر والأمير الهجين) بيعت منه 10 ملايين نسخة يوم صدوره، وكان لا بدّ للسينما العالمية أن تستثمر هذا النجاح، فأنتجت 8 أفلام من أجزائها، كلّها حققّت أرقاما قياسيّة فـي الإيرادات.

روايات أخرى شقّت طريقها إلى السينما، لعلّ من أبرزها رواية (العرّاب) للكاتب الأمريكي ماريو بوزو الصادرة عام 1968م التي أخرجها للسينما المخرج الأمريكي فرانسيس فورد كوبولا، بدءا من جزئها الأول عام 1972م وكان من بطولة مارلون براندو وآل باتشينو، أعقبه بجزأين آخرين، وقد اعتبر نقّاد السينما الجزء الثاني من الفـيلم ثالث أفضل فـيلم فـي تاريخ السينما،

وكانت هوليوود قد اشترت حقوق تحويل الرواية إلى فـيلم قبل انتهاء الكاتب من كتابتها، وحقّق الفـيلم شهرة مدوّيّة حتى عاد فريق العمل، وأنتج الجزء الثالث عام 1990م، وكلّنا نعرف أن الرواية تتحدث عن نفوذ إحدى عائلات المافـيا الإيطالية، وتحكّمها فـي مجريات الأمور، لتشكّل دولة داخل الدولة.

وبعيدا عن (هاري بوتر)، و(العرّاب)، باعتبارهما ظاهرتين فـي تاريخ الأدب العالمي والسينما، لو ألقينا نظرة على أهم الأفلام التي أنتجتها السينما العربية والعالمية لرأينا أنّها استندت إلى روايات عالمية أخرى، كـ(البؤساء)، و(أحدب نوتردام) لفـيكتور هوجو، و(زوربا اليوناني) لكازنتزاكي، و(بائعة الخبز) للفرنسي كزافـييه دومونتبان، وروايات دوستويفسكي وأجاثا كريستي، وتشارلز ديكنز، وماركيز، ومن أسماء الكتّاب العرب الذين تحوّلت أعمالهم إلى أفلام: نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس ويوسف إدريس ويوسف السباعي، والطيّب صالح، رغم أن المخرجين يأخذون من الروايات ما يحتاجون إليه فـي أفلامهم، ويستغنون عن صفحات كثيرة، فلغة السينما التي تقوم على الصورة،

تختلف عن لغة الرواية التي تستند إلى الكلمة المكتوبة، فهناك قواعد فـي الفن السينمائي ينبغي مراعاتها عندما تدخل السينما حرم الرواية، وهذه تعتمد على عوامل عديدة أبرزها رؤى المخرجين، والإنتاجيات المرصودة، لتنفـيذ تلك الأفلام، وكم من مشهد بصري قصير اختصر صفحات عديدة دبّجها الكاتب فـي وصف ذلك المشهد! وهذا موضوع متشعب، «لكن، لولا النجاح الباهر لتلك الروايات،

وقوة حبكتها السردية، والتوقعات العالية لإيرادات شباك التذاكر، هل كانت لتحظى باهتمام المنتجين وتلفت أنظارهم؟»؟ أرقام تلك الإيرادات تجيب عن هذا السؤال، فالسينما صناعة، وأنجح الأفلام وحتى المسلسلات التلفزيونية، والمسرحيات، هي تلك التي قامت على روايات ناجحة، فمنها يستلهم المخرجون رؤاهم،

وبين حين وآخر، يعود المنتجون إلى كتب الروايات، التي تحقّق أرقاما عالية فـي الكتب الأكثر مبيعا، يتصفّحونها، ويفكّرون فـي تحويلها إلى أفلام وكم من رواية عاد القرّاء إليها بعد مشاهدتها فـي السينما! فاستثمر الناشرون نجاحها وأعادوا طباعتها، فاستفادوا من الشهرة التي حقّقتها السينما لتلك الروايات التي تبقى نتاج عبقريات فذّة، وتجارب حياتية كبيرة، ومخيّلة خصبة، ولهذا شقّت طريقها إلى السينما ولولا الجهد الذي بذله كتّابها لتكدّست فـي المكتبات ولم يلتفت إليها أحد.

وإذا كان الفـيلسوف اليوناني أرسطو طاليس يرى بأن الماء هو أصل الأشياء،

فالورق الجيد يقف وراء نجاح أي فـيلم جيد، فهو الأصل، والورق بلغة المشتغلين بالسينما هو النص، والنص نجده فـي بطون الكتب ومن هنا فالكتب أصل الأشياء.

مقالات مشابهة

  • محمد سمير ندا: رواية صلاة القلق رفضت من 6 دور نشر مصرية
  • مفوضية الانتخابات تناقش التحديات التي واجهت ترشح المرأة بانتخابات البلديات
  • سجال ودي مع نقاد رواية “إعدام جوزيف” (1-4)
  • اليوم.. الإعلان عن الرواية الفائزة بجائزة البوكر 2025
  • ليوم.. الإعلان عن الرواية الفائزة بجائزة البوكر 2025
  • الكتاب أصل الأشياء
  • ملتقى سيناء لفنون البادية يواصل فعالياته بلقاء مع شباب المحافظة وإبداع في الورش والعروض|صور
  • الدفاع المدني بغزة يكشف كذب رواية العدو حول جريمته البشعة في رفح
  • مكتبة الإسكندرية تستضيف الكاتبة الأردنية نور العتيبي الثلاثاء المقبل
  • يوسا وأسئلة الرواية