لكبيرة التونسي (أبوظبي) 
يزخر «مهرجان الحصن» بالمشاهد الثقافية والاجتماعية الحية، التي حوّلت قلب أبوظبي إلى ساحة نابضة بالحياة، فإلى جانب الأسواق والعناصر التراثية والقصص الملهمة، ضمن تفاعل جماهيري كبير، ترسخ قيم المجتمع في رسالة ناعمة تعزز لُحمة المجتمع وتضيء على الأجداد وعاداتهم الأصيلة. 
استكمالاً لسلسلة المسرحيات التي قدمها خلال السنوات الماضية، يعرض هذا العام «مهرجان الحصن» الذي تنظمه دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، ويتواصل حتى 9 فبراير المقبل، مشاهد جديدة من الحياة اليومية والعادات والتقاليد الأصيلة في المجتمع الإماراتي، من خلال مسرحية «سند السنع» وتدور أحداثها في «فريج» تاريخي بأبوظبي، حول الصبي «سند»، البالغ من العمر 15 عاماً، والذي يُظهر ذكاءه وحبّه للمعرفة عبر مساعدته لجيرانه، مُبرزاً قِيم الترابط المجتمعي في الماضي، حيث يتكئ العمل المسرحي على أهمية تكريس وتعزيز دور الأسرة في المجتمع، وتعزيز القيم والهوية الوطنية والعادات والتقاليد ضمن منظومة تقوم على التسامح وحب الآخر.

ترابط مجتمعي
تشهد مسرحية «سند السنع» من تأليف الكاتبة شيخة الجابري، إقبالاً واسعاً من قبل الزوار، حيث تسلط الضوء على عادات وتقاليد المجتمع من خلال خمسة مشاهد حية، ترافقها العديد من الصور المجتمعية الأخرى التي ترتكز على قيم التضامن والتعاون والترابط الأسري حاملة الكثير من الدلالات. 
وقد تم تأليف المسرحية خصيصاً للمهرجان، لتروي بحس التشويق مشاهد من قصة أبوظبي التاريخية وما تعكسه من قيم التكاتف والترابط المجتمعي التي شكلت أساس الحياة في المدينة منذ بدايتها، إلى جانب شخصيات مثيرة للاهتمام لعبت دوراً أساسيات في حياة «الفريج»، حيث يظهر سند في المشهد، بعد أن احتفلنا العام الماضي بمولده مع أبويه مبارك وقماشة، ليصبح هذه السنة صبياً كامل الحضور بحبه للمعرفة وسرعة بديهته في محاولة لإيجاد حلول ذكية لمجتمعه.

حياة «لوّلين»
ضمن مساحات مفتوحة، يستمتع جمهور المهرجان بمشاهد المسرحية التي تزاوج بين الدعابة والتشويق، وتأخذ الزوار في رحلة معرفية، لتطلعهم على جانب من حياة «لوّلين» وأسلوب معيشتهم وكيف كانوا يستقبلون الأجهزة الجديدة الوافدة عليهم من مختلف أنحاء العالم مثل الراديو والسينما (السيلما)، وكيف كانت الأسرة الممتدة تحتوي الأبناء والأحفاد، وكيف كان المجتمع مترابطاً ومتعاوناً، حيث يعطف الكبير على الصغير، ويحترم الصغير الكبير، وغيرها من العادات السائدة بين جميع أهل «الفريج». 
وهذا العرض المسرحي يستقطب الزوار ويجبرهم على التنقل من مشهد لآخر، ليتعرفوا على عناصر التراث الغنية التي تزخر بها أبوظبي، وفي نفس الوقت يناقش القيم المجتمعية الأصيلة التي تميز بها المجتمع الإماراتي حتى اليوم.

أخبار ذات صلة «اللوفر أبوظبي» يكشف الستار عن معرض «ملوك أفريقيا وملكاتها: أشكال الحكم ورموزه» الهاشمي: نواصل مبادرات تعزيز التماسك الاجتماعي لتحقيق «رؤية القيادة»

مسرح مفتوح
وقالت الكاتبة شيخة الجابري، مؤلفة العرض المسرحي «سند السنع»، إن المسرحية تستكمل عرض الطقوس الخاصة باستقبال المولود التي تم تقديمها العام الماضي، موضحة أن المشاركة في «مهرجان الحصن» فرصة حقيقية لتسليط الضوء على عنصر مهم من عناصر تراث إمارة أبوظبي، خاصة أن المسرحية التي كتبتها تتميز بالواقعية وترصد عادات وتقاليد مجتمعية وصوراً ارتبطت بالذاكرة الشعبية لأهل الفريج. 
وأضافت الجابري «سعيدة بتكليفي بهذا العمل الفني للمرة الثانية، وهذا التشريف وضعني أمام مسؤولية حقيقية، لترجمة العادات والتقاليد والمشاهد المجتمعية التي ارتبطت بالذاكرة الجمعية لأهل الإمارات، لأنقل الفكرة على الأرض، من خلال كتابة نص يستقطب جمهوراً عريضاً يتداخل مع الممثلين في مكان مفتوح ومساحة واسعة بأرض المهرجان.
ولفتت الجابري إلى أنها سبق وكتبت مسرحيات في العديد من المناسبات، لكن الاختبار الحقيقي هو الكتابة لـ«مهرجان الحصن»، موضحة أن «سند السنع»، تنقل قيم السنع وعاداته وتقاليده إلى المجتمع على لسان طفل عمره 15 عاماً، فالسنع لم يأت من فراغ وإنما من رؤية القيادة الرشيدة وحرصها على وجود مجتمع متماسك ينشأ أبناؤه على القيم والتقاليد التي سار عليها الأجداد، ضمن مجتمع منفتح على العالم، يتمتع بصفات التلاحم والتسامح والاستقرار المستدام.

5 مشاهد
أكدت شيخة الجابري أن مسرحية «سند السنع»، تتكون من 5 مشاهد، ويقوم ببطولتها مجموعة من الممثلين وعدد من الأطفال، وهذه المشاهد تتمثل في: المزرعة (العزبة)، والطارش، والفزعة، والسيل، والسينما (السيلما)، وهذه المشاهد تعود لأواخر الستينيات، بداية بمشهد «العزبة» حيث يتعلم «سند» في الصحراء، ليشتد عوده ويتحمل المسؤولية، وفي مشهد «الطارش»، أو مندوب البريد الذي ينقل العلوم والرسائل والوصايا، في وقت كان رجال الفريج يذهبون للعمل في بعض الدول المجاورة، يتم تسليط الضوء على سند وكيفية تعامله مع المندوب في خطاب يتضمن الاحترام والود لكبار السن، وفي مشهد «الفزعة» يظهر بيت خال سند، الذي يقوم بتوسيع بيته بمساعدة أبناء الفريج في توفير مواد البناء له، وهنا يبرز احتواء الخال لسند ومساعدة سند لخاله، الذي له 5 من الأبناء، تأكيداً على أهمية الإنجاب لمساعدة الآباء في مواجهة أعباء الحياة في ذلك الوقت. 

مشهد السينما
في المشهد الثالث «السيل»، تمتزج فيه الكوميديا مع الغوص في الماضي، حيث كانت الأمطار والسيول تجتاح البيوت، وهنا، وفق الجابري، يتم التأكيد على دور الأسرة الممتدة، حيث يهرع الجميع وقت الشدة نحو الدار الكبيرة، حيث يقطن الجد والجدة، ليظهر الجد في المشهد راوياً حكايات البحر وما يصاحبها من مخاطر وصبر، وهنا تبرز قيم التعاضد والتلاحم بين أفراد المجتمع، فيما يُعتبر مشهد السينما (السليما)، كما كان يتم نطقها، فاكهة العرض، حيث تبرز المسرحية تفاعل أهل الفريج مع السينما والإقبال عليها بشغف وحب.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: شيخة الجابري السنع الإمارات السنع الإماراتي أبوظبي التراث التراث الإماراتي مهرجان الحصن قصر الحصن مهرجان قصر الحصن الهوية الوطنية مهرجان الحصن

إقرأ أيضاً:

معرض الكتاب يناقش "ثقافة التطوع وتعزيز القيم الإيجابية".. صور

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استضافت قاعة "ديوان الشعر"، ندوة بعنوان "ثقافة التطوع وتعزيز القيم الإيجابية"،  ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56، أدارتها الدكتورة أسماء فؤاد.
وافتتحت الدكتورة سالي عاشور، أستاذة العلوم السياسية المساعدة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، الندوة، قائلة: إنه منذ عدة أعوام تم مطالبة الدول بتبني استراتيجيات للتطوع، وكان هناك اتجاه في مصر لتبني هذه الاستراتيجية، مشددة على ضرورة تطبيق هذه الفكرة على أساس علمي يكشف ملف التطوع.
وأكدت عاشور أن من أهم ملامح التطوع هو الانتشار السريع للمبادرات المجتمعية الساعية للتعامل مع القضايا والتحديات التي تواجه الأفراد، مشيرة إلى مشكلة غلبة التبرع المادي على التبرع بالوقت.
وأوضحت أن نسبة التطوع في المجتمع المصري بلغت 17% من الشباب فوق 18 عامًا، مؤكدة أن مصر تقترب بهذه النسبة من المؤشرات العالمية في مجال التطوع.
وثمنت الدكتورة سالي عاشور تجربة التطوع في معرض الكتاب، معتبرة إياها تجربة رائدة تثبت مدى حب الشباب للتطوع في هذا الحدث الثقافي المهم، باعتبارهم القوة الضاربة في المجتمع.
وأكدت أن المؤسسات لا بد أن تلعب دورًا مهمًا في استيعاب طاقات الشباب وتشجيعهم على التطوع، وخاصة الإناث، حيث توجد محدودية في نسبة تطوع الإناث.
وقالت إن المجالات الأكثر احتياجًا للتطوع هي البيئة والتعليم ومحو الأمية والصحة، مؤكدة على ضرورة نشر ثقافة التطوع من خلال التعريف عبر وسائل الإعلام، وشرح مفهوم التطوع في الدين وتنمية روح التطوع.
وشددت على ضرورة تمكين المتطوعين غير الرسميين من القيام بشراكات منتجة لتحقيق أهداف التنمية المنشودة والمساعدة في نشر ثقافة التطوع لدى النشء والشباب من خلال المؤسسات التعليمية ودور العبادة.
بدوره، قال الدكتور عبدالله الباطش، مساعد وزير الشباب والرياضة لشؤون مراكز الشباب، إن التطوع يعني تماسك المجتمع، فهو مرتبط ببناء الأفراد والمجتمع المستدام.
وأوضح الباطش أن وزارة الشباب والرياضة وضعت استراتيجية في هذا الملف لتحفيز الشباب على الخدمة التطوعية، وهم الآن يعملون على تعزيز فكرة التطوع خارج مصر.
وأضاف أن الوزارة تقوم بدور مهم في هذا الملف، حيث يوجد العديد من فرق التطوع على مستوى الجمهورية، مؤكدًا أن الوزارة أنشأت أندية للتطوع داخل مراكز الشباب للإسهام في تنمية المجتمع. كما نستهدف إنشاء 1500 نادي للتطوع داخل مراكز الشباب بحلول عام 2027.
وتابع أنه على مدار السنوات الماضية، أطلقت وزارة الشباب والرياضة مبادرة "أنا متطوع" للمشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب، مشيرًا إلى أنه يتم انتقاء الشباب بعناية لإعطائهم فرصة للتعامل مع الجمهور.
وأكد أن الوزارة تشارك أيضًا في كافة الفعاليات التطوعية خارج مصر، وتستقطب متطوعين من جميع الدول لتعليم الشباب اللغة والفنون والتكنولوجيا وثقافة التطوع. كما أشار إلى أن الوزارة قامت في عام 2016 بتصدير متطوعين مصريين للاتحاد الإفريقي ليصبحوا سفراء للتطوع المصري في الاتحاد الإفريقي.
من جانبه، قال الدكتور أيمن عبدالوهاب، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن التطوع هو مرآة لاهتمام المجتمع بالقضايا المختلفة التي تتوافق مع ثقافته. فالتطوع يعد قضية أساسية في البناء على مستوى الأفراد والمجتمع. وشدد عبدالوهاب على أهمية تغذية الجانب الروحي في ملف التطوع، حتى لا يطغى عليه الجانب المادي، مشيرًا إلى أن هناك محددات للتطوع، وأبرزها أن فكرة التطوع تساهم في بناء الإنسان والمجتمع من خلال القيم الثقافية والاجتماعية والدينية التي تدفع إلى التطوع. كما أشار إلى أهمية مراعاة الفروق بين شرائح الشباب من حيث مرجعياتهم وثقافتهم ومستوى معرفتهم ووعيهم، وكذلك تراجع الطبقة الوسطى بسبب الضغوط الاقتصادية، لأن هذه الطبقة هي أساس المتطوعين.
وأوضح أن هناك تحديات تواجه قضية التطوع، ومنها ضعف المؤسسات في إدارة التطوع وتحفيزه، إضافة إلى خلل في خريطة عمل الجمعيات الأهلية في بعض المجالات، مشيرًا إلى الحاجة إلى إعادة توزيع التطوع في العمل الأهلي، وعدم تعزيز فكرة أهمية العمل التنموي، وكذلك عدم ربط المحليات بمنظومة التطوع لتحفيز المواطنين على القيام بأدوار فعالة في المجتمع.
من جانبه، أكد الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن من أهم أسس ثقافة التطوع هو الحافز الديني والإيثاري، الذي يمثل أكبر البواعث في مسألة التطوع، مما يؤدي إلى اتساع في الأفق.
وأضاف أن التطوع من المفاهيم التي تنتشر على أساس مفهوم مادي، مما يصعب استثماره. مؤكدًا أن التطوع هو المسؤول الرئيس عن الحضارة، فصناعة الحضارة هي صناعة الأفراد، والدولة تنشر الوعي ولكن الأفراد هم من يمارسون هذا الوعي.
وأشار الدكتور عمرو الورداني إلى أن الثقافة هي مجموعة من القيم والعادات والتقاليد والمعارف والفنون التي تميز مجموعة من الناس وتعكس هوية الأفراد والمجتمعات. موضحًا أن مفهوم التطوع يقوم على الاختيار والاستطاعة والمطاوع والطواعية والطاعة.
وشدد على أهمية أن تكرس الجمعيات التطوعية ثقافة الكرامة وليس ثقافة الفقر، وأن تهتم بما يخص التطوع الصحي بالمجهود وليس فقط بالأموال.
واستعرض مقاصد التطوع، وهي حفظ النفس، حفظ العقل، حفظ العرض، حفظ الدين، وحفظ المال.
وأكد على ضرورة الاهتمام بالتطوع الصحي النفسي، معربًا عن أمله في أن يكون التطوع النفسي من أولويات التطوع لتحقيق السلام.
 

مقالات مشابهة

  • ميرا الكعبي: «عام المجتمع» مبادرة استراتيجية ترسّخ القيم الوطنية
  • شكشك: ملتزمون بتعزيز آليات الرقابة المجتمعية
  • السجن 3 سنوات لمنى فاروق بتهمة التعدي على القيم الأسرية
  • معرض الكتاب يناقش "ثقافة التطوع وتعزيز القيم الإيجابية"
  • معرض الكتاب يناقش "ثقافة التطوع وتعزيز القيم الإيجابية".. صور
  • ضاحي خلفان: تعزيز الهوية ركيزة تماسك المجتمع
  • معرض القاهرة للكتاب يناقش دور الفن في تجميل المدن وتعزيز الهوية المجتمعية
  • دكتوراه بإعلام الأزهر توصي القائمين على صناعة الإعلان بمراعاة القيم المجتمعية
  • عبدالله بن زايد: عام المجتمع دعوة للجميع لترسيخ القيم