تصاعد الصراع في شرق الكونغو: أزمة تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي

* محمد تورشين

تتسارع وتيرة الأحداث في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث تتواصل المواجهات العسكرية بين الجيش الكونغولي وحركة “23 مارس” (M23)، إلى جانب فصائل مسلحة أخرى تنشط في المنطقة.

تُعد هذه المنطقة، التي تضم أكثر من 120 جماعة مسلحة، واحدة من أكثر المناطق اضطرابًا في إفريقيا، مما يعزز تعقيد المشهد الأمني فيها ويهدد الاستقرار الإقليمي.

شهدت حركة “23 مارس” تجدد نشاطها منذ عام 2021 بعد فترة من الخمود استمرت منذ عام 2013، عندما أجبرتها القوات الحكومية، بدعم أممي، على التراجع بعد سيطرتها المؤقتة على مدينة غوما، عاصمة إقليم شمال كيفو. تُعتبر غوما مدينة استراتيجية غنية بالموارد الطبيعية مثل الذهب والكولتان، وهي معادن حيوية لصناعات التكنولوجيا الحديثة.

تطالب الحركة بالعودة إلى اتفاق مارس 2009، الذي نص على دمج عناصرها في الجيش الكونغولي ومنح حكم ذاتي محدود في المنطقة، وهو ما لم يُنفذ بالكامل.

تتهم الكونغو حكومة رواندا بدعم حركة “23 مارس” لتأمين نفوذها في المنطقة، والاستفادة من الموارد الطبيعية الثمينة. وتعود تدخلات رواندا في الشأن الكونغولي إلى تسعينيات القرن الماضي بعد انتهاء الإبادة الجماعية في رواندا، حيث دعمت كيغالي قوى معارضة للإطاحة بالرئيس موبوتو سيسي سيكو.

تُظهر التقارير أن رواندا تسعى إلى تعزيز مكانتها كقوة مؤثرة في منطقة البحيرات العظمى، ما يؤدي إلى توترات دائمة مع الكونغو.

في ديسمبر 2024، قادت أنغولا مبادرة سلام لحل الأزمة، لكنها باءت بالفشل بسبب التوترات بين الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي ونظيره الرواندي بول كاغامي.

يُتوقع أن يؤدي استمرار الصراع إلى كارثة إنسانية واسعة النطاق، مع نزوح مئات الآلاف من المدنيين وتفاقم الأزمة الإنسانية. كما أن تصاعد النزاع قد يمتد إلى دول الجوار مثل أوغندا وبوروندي، حيث تتداخل الحدود والقوميات العرقية بين هذه الدول.

يتطلب الوضع تحركًا سريعًا من القوى الدولية والإقليمية لإعادة إحياء الحوار بين الأطراف المتنازعة. ومن المهم إشراك جميع الجهات المعنية، بما في ذلك الحكومة المركزية في كينشاسا، وحركة “23 مارس”، والدول الداعمة للأطراف المختلفة.

إن تجاهل الأزمة قد يؤدي إلى تفاقم عدم الاستقرار في منطقة البحيرات العظمى، حيث تتداخل القضايا الأمنية مع الطموحات السياسية والاقتصادية للدول الإقليمية، مما يهدد بتحويل المنطقة إلى ساحة صراع طويلة الأمد.

ختاماً، يظل الوضع في شرق الكونغو تهديدًا كبيرًا للسلم والأمن الإقليميين. وإذا لم يتم تدارك الأزمة من خلال حلول سياسية ودبلوماسية، فإن المنطقة ستواجه تداعيات كارثية تمتد إلى ما هو أبعد من حدود الكونغو الديمقراطية، لتشمل كل دول منطقة البحيرات العظمى.

* باحث وكاتب سوداني متخصص في الشؤون المحلية والقضايا الأفريقية.

الوسومأفريقيا إقليم البحيرات العظمى الكونغو حركة 23 مارس رواندا غوما محمد تورشين

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أفريقيا الكونغو حركة 23 مارس رواندا غوما البحیرات العظمى فی شرق

إقرأ أيضاً:

بين تعقيدات الإيرادات وتراجع الأسعار.. كردستان يدفع ثمن الأزمة قبل أن تبدأ - عاجل

بغداد اليوم - كردستان 

في زاوية كل بيت وبين تفاصيل كل أسرة، هناك من يخشى الغد ومن يترقّب المجهول بصمت، الأزمات الاقتصادية لم تعد أرقامًا في تقارير، بل أصبحت وجعًا يوميًا يعيشه الناس، وتأثيرًا يمسّ حياة الأطفال والعمال والموظفين. 

حين تهتز الموارد ويتراجع الدخل، يصبح الحديث عن الخبز والماء والكهرباء أكثر إلحاحًا من أي شعارات. 

وفي بلدٍ يعاني من أزمات متراكمة يدفع المواطن البسيط الثمن الأكبر، بينما تزداد الفجوة بين الوعود والواقع،هذه ليست مجرد أزمة أموال، بل أزمة ثقة، وأزمة عدالة في توزيع المسؤوليات والفرص، حيث يبقى الأمل معلقًا على قرارات قد تأتي متأخرة، أو لا تأتي أبدًا.

الخبير في الشأن الاقتصادي عثمان كريم يؤكد ،اليوم الثلاثاء (8 نيسان 2025)،أن إقليم كردستان سيكون أكبر المتضررين من أي أزمة مالية يتعرض لها العراق.

وقال كريم لـ "بغداد اليوم" إن "في ظل الخلافات المالية المستمرة بين بغداد وأربيل، ولا تتجدد شهرياً، وفي ظل عدم وجود حل ينهي أزمة تصدير نفط كردستان، فإن الإقليم سيتضرر من أي أزمة مالية في العراق".

وأضاف أنه "نتيجة لعدم التزام حكومة الإقليم بتسليم الإيرادات المالية غير النفطية، وعدم تنفيذ شروط بغداد، فإن الحكومة العراقية وفي حال تعرضت لأزمة مالية جراء انخفاض أسعار النفط، فإنها ستحاول الإيفاء بالتزاماتها أولاً، في صرف رواتب موظفيها ومتقاعديها، ولهذا فالإقليم سيكون هو المتضرر الأكبر".

وفي هذا السياق، ظل ملف العلاقة المالية بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان من أبرز الملفات العالقة، التي لم تجد لها حلاً نهائيًا رغم تعاقب الحكومات. الخلافات حول تصدير النفط، وعدم التزام الإقليم بتسليم الإيرادات غير النفطية، خلقت فجوة في الثقة أثّرت بشكل مباشر على قدرة الطرفين على تجاوز الأزمات المشتركة. 

ومع كل أزمة مالية تلوح في الأفق، يعود هذا الملف إلى الواجهة، ليكشف هشاشة التنسيق المالي والسياسي، ويزيد من معاناة المواطن خصوصًا في الإقليم، الذي يجد نفسه في كل مرة أمام سيناريوهات غير مستقرة تهدد مصدر رزقه وأمنه المعيشي.


مقالات مشابهة

  • العراق على حافة أزمة انتخابية: الصراع بين المالكي والسوداني وحراك التأجيل
  • وزيرا دفاع العراق والسعودية يناقشان الأمن الإقليمي
  • الكونغو الديمقراطية: 292 حالة إصابة مؤكدة بالكوليرا و57 حالة وفاة في مقاطعة تشوبو
  • بين تعقيدات الإيرادات وتراجع الأسعار.. كردستان يدفع ثمن الأزمة قبل أن تبدأ
  • بين تعقيدات الإيرادات وتراجع الأسعار.. كردستان يدفع ثمن الأزمة قبل أن تبدأ - عاجل
  • البحيرات والأنهار جرت بالجزيرة العربية قبل 9 آلاف سنة
  • الحداد يناقش مع سفير قطر سبل دعم الأمن والاستقرار في ليبيا
  • لجنة الاستئناف تكشف آخر تطورات أزمة مباراة القمة
  • تصاعد الصراع العسكري وتحديات إنسانية على خلفية السيطرة على الخرطوم| إليك التفاصيل
  • خبير علاقات دولية: مصر ركيزة الأمن والاستقرار في المنطقة