واشنطن – لم يفاجئ قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بعدم المشاركة في أول مناظرة تمهيدية للحزب الجمهوري، والمقررة يوم الأربعاء 23 أغسطس/آب الحالي، في مدينة ميلووكي بولاية ويسكونسن، كثيرًا من متابعي الشأن الأميركي.

وسيترك قرار ترامب المواجهة الأولى للمرشحين الجمهوريين للرئاسة، دون المرشح الأوفر حظًا للفوز ببطاقة الحزب، طبقًا لكل استطلاعات الرأي.

وسوّغ ترامب قراره في منشور على "منصة تروث" بالقول، إن "استطلاع شبكة سي بي إس الجديد، جعلني أتقدم السباق بأرقام أسطورية، يعرف الجمهور من أنا، وكيف كانت فترة رئاستي ناجحة مع تحقيق استقلال الطاقة، وضبط الحدود القوية والجيش، وأكبر تخفيضات ضريبية وتقليل الإجراءات البيروقراطية والتنظيمية على الإطلاق، وعدم وجود تضخم، مع وجود أقوى اقتصاد في التاريخ، وأكثر من ذلك بكثير، لذلك لن أشارك في المناظرة".


إستراتيجية ترامب

وحصل ترامب في استطلاع شبكة سي بي إس، الذي نشرت نتائجه أمس الأحد، على أصوات 62% من الناخبين الجمهوريين، متقدمًا بنسبة 46% من الأصوات على أقرب منافسيه رون ديسانتيس حاكم ولاية فلوريدا، الذي حصل على 16% فقط من الأصوات، في حين حصل بقية المرشحين على نسب ضئيلة.

وتأهل للمشاركة في المناظرة الجمهورية 9 مرشحين، وأشار جميع المرشحين الثمانية الآخرين إلى أنهم سيشاركون في المناظرة.

وأرجع بعض الخبراء إستراتيجية ترامب بالغياب عن المناظرة، إلى رغبته في ترك مساحة أوسع بما يوفر فرصًا أكبر لبقية المرشحين، لاستهداف المرشح رون ديسانتيس، حاكم ولاية فلوريدا، الذي يمثّل أكبر خطر على ترشح ترامب.

وتحدث ترامب علنًا منذ أشهر عن عدم مشاركته في المناظرة الأولى، عندما أشار إلى أنه لا يريد أن يمنح خصومه الذين يتخلفون عنه بنسب ضخمة فرصة الظهور إلى جانبه.


المشاركة الثانية

وقال ترامب في ظهور له على شبكة فوكس الإخبارية الشهر الماضي، "أنت تتقدم المنافسين بفارق 50 أو 60 نقطة، لماذا تشارك في مناظرة؟ هذا في الواقع ليس عدلًا، لماذا تسمح لمرشح يحصل على ما يقرب من الصفر، أو يحصل على واحد، أو اثنين، أو ثلاثة في المئة أن يطرح عليك أسئلة"؟

والجدير بالذكر أن قرار ترامب بالغياب عن المناظرة الأولى لا يمنعه تلقائيًا من المشاركة في المناظرة الثانية، التي ستجري في 27 من الشهر المقبل، في مكتبة رونالد ريغان بولاية كاليفورنيا.

وعلى الرغم من السوابق التاريخية التي دفعت ببعض المرشحين للتقدم في السباقات التمهيدية عقب المناظرة الأولى، فقد ارتفعت نسب اختيار المرشح دونالد ترامب بـ 11 نقطة، عقب مشاركته القوية في المناظرة الأولى لانتخابات 2016.

ومع ذلك لا يؤمن ترامب أن هناك ما يكسبه من وراء المشاركة، في حين أن هناك احتمالات لخسارة كبيرة قد تلحق به إذا وقع في خطأ ما، أو لم يكن أداؤه على المستوى المتوقع.


هدف رئيس

وترامب، كونه رئيسًا ومرشحًا سابقًا، ليس لديه كثير مما يمكن أن يقدمه في مناظرة مع ثمانية مرشحين أخرين، في الوقت الذي سيكون هو الهدف الرئيس لهم، بسبب تقدمه الواسع في الاستطلاعات، إضافة لمشكلاته القانونية الضخمة والمتزايدة في الوقت ذاته، التي دفعت ببعض المرشحين لمطالبته بالانسحاب من السباق الرئاسي بصورة كاملة، خدمة لمصالح الحزب الجمهوري.

وبدلًا من المشاركة في المناظرة، يتوقع على نطاق واسع أن يمنح ترامب مذيع قناة فوكس السابق، تاكر كارلسون، الذي أنتقل لمنصة إكس (تويتر سابقًا)، ويتابعه عليها ما يقرب من 10 ملايين شخص، مقابلة حصرية في الوقت نفسه، ويتوقع أن يشاهدها عدد أكبر من مشاهدي المناظرة التي تنظمها وتبثها شبكة فوكس الإخبارية.

ويعتقد ترامب أنه سيكون جوهر المناظرة الجمهورية الأولى، سواء شارك فيها أو غاب عنها، ويؤمن كذلك أن بإمكانه اختطاف الحدث غيابيًا، خاصة إذا انتهى الأمر بمناظرة حول ترامب، حيث سيعدّ ذلك فوزًا له وترويجًا مجانيًا لترشحه.

قد يكون ترامب محقًا في افتراض أن لديه ما يخسره أكثر مما يكسب من هذه المناظرة، خاصة كونه يثق في التصاق قاعدته الانتخابية به، ولا يؤمن ترامب بأن هدف المناظرات هو تزويد الناخبين بفرصة سانحة للحكم على خياراتهم جنبًا إلى جنب بين المرشحين، والاستماع إليهم وهم يطرحون أسئلة صعبة على بعضهم بعضًا، ومقارنة سياساتهم وأولوياتهم ورؤاهم للقيادة.

وعلى الرغم من عدم تمثيل غياب ترامب أي قلق على ولاء كتلته التصويتية داخل الحزب الجمهوري له، فإن الأمر يختلف عند خوض الانتخابات العامة أمام مرشح ديمقراطي، ويبقى على ترامب أن يقنع فئات متأرجحة؛ مثل: سيدات الضواحي، ممن لا يمكن لترامب الفوز دون الحصول على نسبة كبيرة من أصواتهن، ويعدّ غياب ترامب عن المشاركة في المناظرة فرصة ضائعة لإعادة طرح نفسه مرشحًا جادًا وجذابًا لهذه الفئات المتشككة فيه، خاصة بعد سيل الاتهامات الجنائية الأخيرة التي تلاحقه في المحاكم الأميركية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی المناظرة المشارکة فی

إقرأ أيضاً:

رسوم ترامب الجمركية تهز الدولار.. لماذا تراجع بدلاً من الارتفاع؟

نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية تقريرًا تحدثت فيه عن التأثيرات المحتملة لتباطؤ النمو الاقتصادي الأمريكي على المدى الطويل على العملة مقارنة بالتأثيرات الميكانيكية للتعريفات الجمركية.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه بعد إعلان ترامب يوم الأربعاء عن مجموعة من التعريفات العقابية تحت مسمى "يوم التحرير"، شهدت العقود الآجلة للأسهم تراجعًا، كما تذبذب الدولار الأمريكي مقابل العملات الرئيسية. وهذا التذبذب يعكس الارتباك الذي يسيطر على وول ستريت بشأن كيفية التعامل مع العملة الأمريكية.

أصر معظم المحللين على أن التعريفات الجمركية يجب أن تؤدي إلى ارتفاع الدولار نظرًا لتوقعاتهم بأن تقليص استيراد السلع الأجنبية سيسهم في تقليص العجز التجاري ويقلل من الطلب على العملات الأجنبية. وكان من المتوقع أن يتفوق النمو الاقتصادي الأمريكي على نظيره في منطقة اليورو، وهو ما كان تاريخيًا إيجابيًا للدولار.

لكن ذلك لم يحدث حتى الآن. وقد خسر مؤشر الدولار الأمريكي، الذي يعتمد على سلة من العملات، أكثر من 4 بالمئة هذا العام، وعاد إلى المستويات التي كان عليها في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر، قبل الانتعاش الذي أعقب الانتخابات. وأظهرت بيانات لجنة تداول السلع الآجلة تحولًا في رهانات المضاربين الذين بدأوا المراهنة بشكل كبير ضد الدولار الأمريكي.


هل فقد الدولار بريقه؟
ذكرت الصحيفة أن الدولار الأمريكي انخفض مقابل اليورو مقارنةً بالعام الماضي، وهو أمر نادر الحدوث كلما تفوّق الاقتصاد الأمريكي على اقتصاد منطقة اليورو. وهذا الانعكاس المفاجئ لا يمكن أن يكون ناتجًا عن زيادة التعريفات الجمركية التي قد تزيد من خطر الركود، ذلك أن الدولار عادةً ما يقوى خلال فترات الركود والازدهار على حد سواء، حيث يلجأ إليه المستثمرون كملاذ آمن، مما يخلق ما يُعرف بـ "ابتسامة الدولار".

وبينت الصحيفة سبب الخطأ الذي ارتكبه السوق وهو أن الدولار قد وصل إلى مستويات مرتفعة للغاية بعد تعديل التضخم، مما جعله مهيأً للانخفاض. وكما يقول بعض المستثمرين، فإن الهجوم الاقتصادي الأمريكي ضد الحلفاء يساهم في تآكل وضع الدولار كـ "احتياطي عالمي".

وقالت الصحيفة إن هذا الأمر قد يكون انتصارًا للإدارة. ففي عام 2024، شدد مستشار ترامب الاقتصادي الرئيسي، ستيفن ميران، على ضرورة معالجة العجز التجاري من خلال معاقبة البنوك المركزية الأجنبية وأمناء الخزانة الذين يودعون الأصول في الولايات المتحدة. وهو ما يتماشى مع الرؤية القائلة إن الطلب على الملاذات الآمنة يبالغ في تقدير قيمة الدولار ويضع "عبئًا باهظًا" على الاقتصاد الأمريكي.

لكن هذا الرأي لا يحظى بدعم تجريبي، لأن الزيادة في المشتريات الرسمية من الأصول الأجنبية تميل إلى التزامن مع ضعف الدولار. وقد ظلت احتياطيات الدولار العالمية ثابتة منذ عام 2018، بينما ارتفع الدولار بنسبة 16 بالمئة وفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي. والإجابة الأكثر دقة، التي قد لا تكون في صالح ترامب، هي أن الثقة في الإمكانات الاقتصادية طويلة المدى للولايات المتحدة تتراجع.


النمو مهم
على مدى فترات زمنية طويلة، تصبح عوائد الأسهم محركًا رئيسيًا لأسعار الصرف. وبينما يمكن لمتداولي العملات متابعة الفروق في العوائد على السندات على المدى القصير، فإن الفروق في العوائد على الأسهم بين الأسهم الأمريكية والأوروبية أظهرت ارتباطًا بنسبة 70 بالمئة بحركات الدولار مقابل اليورو على مدار خمس سنوات منذ عام 2001.

وأوضحت الصحيفة أن هذا يشير إلى أن جزءًا كبيرًا من قوة الدولار يعود إلى الاستثمارات التي تتبع النمو النسبي في الإنتاجية الاقتصادية، التي تقودها بشكل رئيسي الأرباح الضخمة التي تحققها شركات وادي السيليكون، مما يحول الولايات المتحدة إلى مصدر ضخم للسلع التكنولوجية، وخاصة الخدمات.

ربما تتوقّع الأسواق الآن تحوّلًا هيكليًا آخر، إذ يعزز الدفع نحو إعادة التسلح الآمال في انتعاش اقتصادي في أوروبا، في الوقت الذي تصبح فيه قصة النمو في الولايات المتحدة مشوهة بسبب السياسات الحمائية والمنافسة المتزايدة من الصين في مجال الذكاء الاصطناعي.

وأكدت الصحيفة أن صعود الصين يبرز أن النموذج المثالي للتجارة الحرة المعروف ليس دقيقًا، وأنه ينبغي على الحكومة الأمريكية أيضًا محاولة دعم الصناعات الأساسية. كما أن التحويل إلى الخارج لخفض التكاليف قد ألحق الضرر بالعمال، وخلق سلاسل توريد هشة، وجعل الشركات أقل إقبالا على الابتكار. ويمكن للعمالقة الصناعيين مثل إنتل وبوينغ أن يشهدوا على ذلك.

وحسب الصحيفة، تكمن المشكلة في أن تعريفات ترامب الجمركية كانت مفاجئة وغير منتظمة، مما قد يؤثر سلبًا على استثمارات الشركات بدلاً من تحفيز الشركات على نقل الإنتاج من خلال نهج مستهدف ومنهجي. وبدلاً من أن تشبه هذه السياسات المعجزات التنموية في آسيا، فإنها أكثر شبهًا بتجارب "استبدال الواردات" الفاشلة في أمريكا اللاتينية.


وأوضحت الصحيفة أن هناك فوائد محتملة لإعادة وظائف التجميع إلى الولايات المتحدة من المكسيك لشركات مثل جنرال موتورز وفورد، ولكن تطبيق ذلك على جميع أجزاء السيارات، بما في ذلك المكونات ذات القيمة المنخفضة مثل الأقمشة وأسلاك السيارات، سيؤدي إلى جعل صناعة السيارات الأمريكية غير فعالة. وهناك أيضًا احتمال للانتقام من شركاء التجارة وفرض رسوم جمركية بنسبة 100 بالمئة على السيارات الكهربائية الصينية، التي ورثتها إدارة بايدن.

وبيّنت الصحيفة أن شركات صناعة السيارات الأمريكية تتفوق في قطاع الشاحنات والسيارات الرياضية متعددة الاستخدامات، حيث يكون المستهلكون الأمريكيون أكثر تميزًا، لكنها تواجه صعوبة في إنتاج سيارات بأسعار أقل من 25.000 دولار، حتى قبل فرض الرسوم الجمركية. كما أن تسلا تظل علامة تجارية فاخرة.

وإذا أصبح السوق الأمريكي معزولًا، فقد لا تقوم الشركات الأجنبية مثل تويوتا وهيونداي، اللتان تهيمنان على النماذج الاقتصادية، بالابتكار في مصانعها الأمريكية كما تفعل في الخارج. وهذا ما حدث في البرازيل والأرجنتين، حيث جعلت محاولاتهما لبناء صناعة سيارات محلية الشركات محمية من المنافسة الخارجية بين الخمسينيات والثمانينيات. وهذا يختلف عن كيفية خلق اليابان وكوريا الجنوبية والصين لصانعي سيارات من الطراز العالمي من خلال الجمع بين الحماية الاقتصادية والانضباط في الأسواق الأجنبية.

وأكدت الصحيفة أن التركيز المفرط على العجز التجاري يغفل حقيقة أن التنافسية والربحية للمنتجات الأمريكية القابلة للتداول لعبت دورًا رئيسيًا في تحديد قيمة الدولار. لكن هذه العوامل أصبحت الآن محل تساؤل.

مقالات مشابهة

  • ما الذي تخشاه واشنطن من “العين الصينية” في “البحر الأحمر”..!
  • لماذا أفرز الرد الإيراني على رسالة ترامب تباينا في طهران؟
  • اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
  • لماذا أحدثت دعوة ترامب نتنياهو بلبلة في إسرائيل؟
  • ما الذي يحاول ترامب تحقيقه من خلال فرض الرسوم الجمركية؟
  • حقيقة مشهد عائلة سيمبسون الذي يتنبأ بموت ترامب
  • ما هو سلاح الردع الذي يُمكن لأوروبا استخدامه في مواجهة رسوم ترامب؟
  • رسوم ترامب الجمركية تهز الدولار.. لماذا تراجع بدلاً من الارتفاع؟
  • من هم الرابحون والخاسرون الحقيقيون من تعريفات "يوم التحرير" التي فرضها دونالد ترامب؟
  • مجلس الشيوخ الأمريكي يدعم كندا بشأن الرسوم الجمركية في رد نادر من قبل الجمهوريين لترامب