ويعرف شاكر بأنه شيخ العربية وحامل لوائها، والخبير بعلوم العرب ومعارفهم، وأحد الكبار في ميدان تحقيق التراث، خاض حياته في معارك فكرية دافع فيها عن اللغة العربية وشعرائها، ودفع ثمن بعض مواقفه أعواما من عمره قضاها خلف قضبان السجن.

ومن المفارقات أن شاكر -الذي ولد لأسرة أزهرية تعود جذورها لصعيد مصر- بدأ حياته مهتما باللغة الإنجليزية ورسب في مادة اللغة العربية في الصف الرابع الابتدائي، إلّا أنه تحوّل إلى العربية بعد ذلك وبات من أبرز روادها.

وحول هذا التحول، يقول أستاذ الأدب العربي في كلية الآداب بجامعة القاهرة، فهر محمود شاكر إن الراحل -كما روى عن نفسه- كان مولعا بالإنجليزية وبعلم الرياضيات القديم، وعندما رسب في الرابعة ابتدائي أعطاه الأستاذ أبو الفضل هارون نسخة من ديوان الشاعر أبو الطيب المتنبي بشرح اليازجي ليقرأ بعض الأبيات حتى يدخل الامتحان في اللغة العربية، فحفظ الديوان.

وظل شاكر حتى نهاية فترة التعليم الثانوي مهتما بالرياضيات والإنجليزية، ولكن اهتمامه زاد باللغة العربية. ومن المفارقات -كما يواصل أستاذ الأدب العربي- أنه عندما أراد أن يدخل الجامعة المصرية كان يريد أن يدرس علم الفلك، ولأن هذا العلم لم يكن متوفرا سأل أستاذه الأديب طه حسين إذا كان بإمكانه الدخول إلى كلية الآداب قسم اللغة العربية.

إعلان

ورفض رئيس الجامعة الطلب، لأن القانون لا يسمح لطالب العلوم الرياضية أن يدخل إلى كلية الآداب، وأصر طه حسين على دخول تلميذه، وإلّا فإنه سيقدم استقالته.

وعن علاقة شاكر بطه حسين، يقول أستاذ الأدب العربي -وهو نجل العلامة الراحل- إن العلاقة بينهما بدأت عندما كان الأديب المصري يتردد على منزل الشيخ محمد شاكر (والد العلامة الراحل)، وبالتالي فقد تعارفا قبل الجامعة.

ويصف أستاذ النحو والعروض في كلية دار العلوم في القاهرة، محمد جمال صقر العلامة الراحل بأنه كان شاعرا وفنانا، وكان الشعر متغلغلا بداخله، في حركته وإحساسه ورد فعله، وكان يحقق الكتب تحقيقا شاعريا.

وبرع العلامة الراحل أيضا في تحقيق كتب التراث، ويقول صقر إنه كان يعيد قراءة الكتب ليقدمها للناس، وكان يحتكم في ذلك إلى تذوقه.

مرحلة السجن

وحسب فهر شاكر، فقد دخل والده السجن مرتين في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، الأولى عام 1959، والثانية في عام 1965، وكانت على خلفية دخوله في خلاف طويل مع لويس عوض، وكان مستشارا ثقافيا لجريدة الأهرام، ومحمد حسنين هيكل الذي كان رئيس تحرير الأهرام وصوت الدولة في تلك الفترة.

وبعدها بدأ الخلاف حول قضية جماعة الإخوان المسلمين والاعتقالات التي حدثت في عهد عبد الناصر، حيث كان العلامة الراحل يرى أن هذه الاعتقالات لم تؤد إلى شيء، كما عارض حينها قرار إعدام سيد قطب.

وعن شخصية شاكر، يقول الداعية الإسلامي محمد العوضي إنه كان واضحا، وينشد هذا الوضوح في الكتابة ويعيب على الذين يتقصدون الغموض في الأسلوب، وأشار إلى ذلك في عدة كتب منها كتابه "أباطيل وأسمار". وكما كان واضحا في الكتابة، كان واضحا في المواقف، فلم يكن يحب المجاملة.

وخاض العلامة الراحل عدة معارك فكرية وأدبية، منها معركته مع دعاة اعتماد العامية وإحلالها محل العربية الفصحى، ويلفت جمال صقر أن الراحل كان يخشى ويحذر من تغييب الفصحى من الساحة، وهو ما يحدث الآن.

إعلان

كما كان للراحل موقف حاد من الاستشراق، ويقول العوضي إنه كان يرى أن الاستشراق هو لافتة ثقافية للاستعمار وأيديولوجية كامنة.

29/1/2025

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات العلامة الراحل اللغة العربیة

إقرأ أيضاً:

في ذكرى مولده.. العلامة أحمد عمر هاشم 84 عام من العطاء

في السادس من فبراير من كل عام، يحتفل العالم الإسلامي بذكرى ميلاد أحد أبرز علماء الأزهر الشريف، الدكتور أحمد عمر هاشم، الذي وُلد في مثل هذا اليوم عام 1941 بقرية بني عامر، مركز الزقازيق، بمحافظة الشرقية.

النشأة والتعليم

نشأ الدكتور أحمد عمر هاشم في عائلة كريمة يعود نسبها الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما.

 تربى في الساحة الهاشمية بقريته، حيث التقى بالعلماء والصالحين، وحضر حلقات العلم والقرآن منذ صغره. التحق بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، وتخرج فيها عام 1961. حصل على الماجستير في الحديث وعلومه عام 1969، ثم نال درجة الدكتوراه في التخصص نفسه.

المسيرة العلمية والعملية

بدأ الدكتور أحمد عمر هاشم مسيرته الأكاديمية كمعيد بقسم الحديث بكلية أصول الدين، وتدرج في المناصب حتى أصبح أستاذًا للحديث وعلومه عام 1983. عُيّن عميدًا لكلية أصول الدين بالزقازيق عام 1987، ثم تولى رئاسة جامعة الأزهر عام 1995. 

شغل أيضًا عضوية مجمع البحوث الإسلامية وعضوية مجلس الشعب المصري.

مؤلفاته وإسهاماته

 

للدكتور أحمد عمر هاشم العديد من المؤلفات في مجال الحديث وعلومه، من أبرزها كتاب "منهاج المسلم" و"المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي". أسهمت هذه الأعمال في إثراء المكتبة الإسلامية وتقديم المعرفة للباحثين والمهتمين.

تكريمات ومواقف مؤثرة

في احتفالية المولد النبوي الشريف عام 2024، قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتقبيل رأس الدكتور أحمد عمر هاشم، في لفتة تعكس التقدير لمكانته العلمية والدينية.

 

يُعد الدكتور أحمد عمر هاشم رمزًا من رموز العلم والدعوة في العالم الإسلامي، وتستمر جهوده وإسهاماته في مجال الحديث وعلومه مصدر إلهام للأجيال القادمة.

مسيرة عطاء مستمرة 

ورغم ظروفه الصحية، يحرص الدكتور أحمد عمر هاشم على الحضور والمشاركة في الفعاليات الإسلامية الهامة، حيث يظهر على كرسي متحرك، مما يعكس التزامه بنشر العلم والمشاركة في الأنشطة الثقافية والدينية.

ومن أواخر تلك المشاركات إحتفالية الإسراء والمعراج التي أقامتها وزارة الأوقاف في مسجد الإمام الحسين وهناك ألقى الدكتور عمر هاشم كلمة مؤثرها اختتمها بدعاء وشعر من تأليفه عن سيدنا محمد والقضية الفلسطينية أبكي الحاضرين وهما متضرعين للدعاء.

مقالات مشابهة

  • في ذكرى مولده.. العلامة أحمد عمر هاشم 84 عام من العطاء
  • هدية من “أم الإمارات” إلى الشعب الفلسطيني .. وصول سفينة المساعدات الإماراتية السادسة لميناء العريش وصلت اليوم سفينة المساعدات الإماراتية السادسة إلى مدينة العريش المصرية تحمل على متنها هدية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك “أم الإمارات”
  • كيف تتعامل الدول العربية مع سياسة ترامب؟ أولوية حتمية .. فيديو
  • مع اقتراب رمضان .. غرامة نصف مليون ريال وسجن للتبرعات خارج القنوات الرسمية
  • عاجل - مع اقتراب رمضان .. غرامة نصف مليون ريال وسجن لجمع التبرعات خارج القنوات الرسمية
  • «المُنير في فن التصوير».. كتاب جديد للدكتور حسام شاكر
  • أستاذ علاقات دولية: مصر تسعى لدعم فلسطين عبر القنوات المفتوحة مع الدول العربية
  • بتواجد 6 لاعبين فقط.. حكيم شاكر يطلق تدريبات منتخب أساطير العراق على ملعب الشعب
  • ما حقيقة المشاهد المنسوبة لـأحمد الشرع داخل سجون العراق؟
  • "أمسية في شعر الفصحى والعامية".. ضمن لقاءات أندية الأدب بثقافة الفيوم