قلبت شركة "ديب سيك" الصينية للذكاء الاصطناعي سوق التكنولوجيا الأمريكية رأسًا على عقب، حيث تمكن تطبيقها الذي كلف 5.6 مليون دولار من التفوق على العديد من المنتجات الكبرى في وادي السيليكون، والتي تم إنفاق مئات المليارات عليها. 

وقد أدى ذلك إلى تراجع أسهم التكنولوجيا في وول ستريت، مما كبد السوق خسائر تجاوزت تريليونين و2 مليار دولار في يوم واحد، من جهته، أعلن البيت الأبيض أنه يدرس تداعيات هذا التطبيق على الأمن القومي الأمريكي، وأكد أن الرئيس دونالد ترامب يؤمن بضرورة استعادة الولايات المتحدة هيمنتها على قطاع الذكاء الاصطناعي.

آبل تتيح دعم شبكات الأقمار الصناعية T-Mobile وStarlink على iPhone GoDaddy Airo تمكن رواد الأعمال في مصر باستخدام الذكاء الاصطناعي

الدكتور محمد محسن، رئيس وحدة الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني بمركز العرب للأبحاث والدراسات، نوه إلى أن العقوبات الأمريكية لم تضعف قدرات الصين في هذا المجال، بل على العكس، بدأت الصين تكتب سطورًا جديدة في عالم الذكاء الاصطناعي.

ولفت خلال مداخلة مع قناة “المشهد” إلى أن تطبيق "ديب سيك" قد جذب انتباه العالم بشكل كبير، حيث استخدمه العديد من المستخدمين، مما أدى إلى خسائر كبيرة للشركات العالمية بسبب سرعة الأداء التي يتمتع بها. 

وأكد أن أي مستخدم يحتاج إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي لتلبية احتياجاته، وقد كان "بي تي" جيدًا، لكن مع ظهور "ديب سيك" وسرعته، أصبح الأمر مختلفًا،  فالتطبيق سهل الاستخدام، لكن هناك مخاوف أمريكية بشأن أمانه بالنسبة للأمن القومي.

وطالب بالحذر عند استخدام أي تطبيق عبر الإنترنت، ذاكرا أن "ديب سيك" تعرض لهجمات متعددة، وقد حذرت الشركة المستخدمين من ضرورة توخي الحذر عند تسجيل الدخول، يمكننا نصح المشاهدين باستخدام بريد إلكتروني افتراضي لضمان أمانهم أثناء استخدام التطبيق.

أما بالنسبة لفكرة أن الذكاء الاصطناعي يتطلب موارد طاقة هائلة، أفاد أن "ديب سيك" قد أثبت العكس، حيث استخدم أدوات أقل تكلفة لتطوير التطبيق، ما يفتح المجال أمام المبرمجين والشركات العالمية لاستخدام تقنيات بسيطة في إنتاج تطبيقات ضخمة.

فيما يتعلق بالمنافسة، أكد أن البيانات هي وقود الذكاء الاصطناعي؛ إذ أن مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، لديه كمية هائلة من البيانات من منصات مثل فيسبوك وواتساب وإنستغرام، مما يمنحه ميزة كبيرة في تطوير الذكاء الاصطناعي.

أما عن تطبيق "آر 1" الخاص بـ "ديب سيك"، لفت إلى أنه يعد من أعلى مستويات التطبيقات المتاحة حاليًا، حيث يعتمد على تحليل البيانات بشكل لحظي. ورغم أن التطبيق موجود منذ عام 2023، إلا أنه سيستمر في التطور، حيث من المتوقع أن يتم إضافة ميزات جديدة مثل الاعتماد الصوتي.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ديب سيك للذكاء الاصطناعي السيليكون الأمن القومي الأمريكي الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی دیب سیک

إقرأ أيضاً:

"جمعية الذكاء الاصطناعي العُمانية".. بوابة للإبداع والابتكار

عارف بن خميس الفزاري

persware@gmail.com

 

في ظلّ التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم في مجالات التقنية والذّكاء الاصطناعيّ، تبرز الحاجةُ المُلحّة إلى تأطير هذه الطفرات التقنية ضمن مؤسسات وطنية تُعنى بتطويرها وتسخيرها لخدمة المجتمع ومؤسسات القطاعين العام والخاص.

والذّكاء الاصطناعيّ، كما يصفه كلاوس شواب مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي "لن يُغيّر ما نفعله فقط، بل سيُغيّر من نكون" (شواب، 2016)، وهو ما يُعزّز الشعور بالحاجة إلى تبنّي هذا التحول بشكل مؤسسي منظم. ومن هذا المنطلق، تتجلّى أهميةُ إنشاء جمعية وطنية تُعنى بالذّكاء الاصطناعيّ في سلطنة عُمان، بوصفها خطوةً استراتيجية نحو بناء مجتمعٍ معرفيٍّ مستدام، يواكب تطلعات رؤية عُمان 2040، ويُعزّز مكانة سلطنة عُمان إقليميًّا ودوليًّا في مجالات الابتكار والتقنية. ويُشير تقريرٌ صادر عن مؤسسة برايس ووترهاوس كوبرز (PwC) في عام 2017م إلى أنّ الذّكاء الاصطناعيّ سيُسهم في تعزيز الاقتصاد العالمي بنسبة تصل إلى 14% بحلول عام 2030، وهو ما يعادل زيادة تُقدّر بـ15.7 تريليون دولار أمريكي، وذلك نتيجةً للتطور المتسارع واعتماد تقنيات الذّكاء الاصطناعيّ في شتى المجالات. ويُعزى هذا التأثير الاقتصادي إلى عدة عوامل، من أبرزها: مكاسب في الإنتاجية من خلال قيام الشركات بأتمتة العمليات (بما في ذلك استخدام الروبوتات والمركبات ذاتية القيادة)، ومكاسب أخرى في الإنتاجية من خلال تعزيز القوى العاملة الحالية في الشركات عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي (الذكاء المعزز)، إضافة إلى زيادة في الطلب الاستهلاكي نتيجة توافر منتجات وخدمات مُحسّنة وذات جودة أعلى مدعومة بتقنيات الذّكاء الاصطناعيّ، سواءً من حيث التخصيص أو الكفاءة.

إنّ فكرة تأسيس جمعية وطنية في سلطنة عُمان تُعنى بالذّكاء الاصطناعيّ لا تقتصر على كونها إطارًا تنظيميًا، بل تُعد جسرًا نحو المستقبل، يجمع العقول المبدعة ويحتضن الابتكارات ويهيئ بيئة خصبة للإبداع التقني والمعرفي. ومن خلال هذه الجمعية، يمكن للأفراد لا سيما فئة الشباب، تحويل أفكارهم ومبادراتهم إلى مشاريع واقعية قابلة للتطبيق، تُسهم في حل مشكلات المجتمع وتحسين جودة الخدمات وزيادة الإنتاجية في القطاعين العام والخاص. ويمكن للجمعية أن تؤدي دور الحاضنة المجتمعية، من خلال تعزيز الوعي بتقنيات الذّكاء الاصطناعيّ وتقديم الدعم الفني والاستشاري للمؤسسات والأفراد، إلى جانب إرساء مسارات تعليمية وتدريبية متقدمة بالتعاون مع المؤسسات التعليمية والأكاديمية والبحثية. كما يُمكن أن تُسهم في تنمية رأس المال البشري عبر تنظيم الورش والدورات التدريبية والمسابقات والمشاركة في الفعاليات المحلية والإقليمية والدولية. ولا يمكن الحديث عن جمعية الذّكاء الاصطناعيّ دون الإشارة إلى أهمية التكامل بينها وبين الجمعية العُمانية لتقنية المعلومات، إذ يُمكن أن تتعاون الجمعيتان في مجالات عديدة، من أبرزها تطوير الاستراتيجيات الرقمية وتنظيم الفعاليات الوطنية وبناء القدرات وتبادل الخبرات الفنية بما يُسهم في تعزيز البنية الرقمية لسلطنة عُمان وتوحيد الجهود الوطنية في مجال التكنولوجيا والتحول الرقمي. إنّ تكامل الأدوار بين الجمعيتين يُعد ركيزة أساسية لخلق بيئة أكثر انسجامًا وكفاءة وضمانًا لتفادي الازدواجية في المبادرات وتسريع وتيرة التقدم نحو اقتصاد معرفي مستدام.

على المستوى المجتمعي، يُمكن أن تُسهم الجمعية في ترسيخ الثقافة الرقمية لدى المواطنين، ودمج الذكاء الاصطناعي في تفاصيل الحياة اليومية، بدءًا من التعليم والرعاية الصحية وصولًا إلى النقل والخدمات العامة. كما يمكن أن تُوفر للمواطنين فرصة التفاعل المباشر مع التقنية، ليس كمستهلكين فحسب؛ بل كمطورين ومبتكرين وصنّاع للتغيير. أما على الصعيد المؤسسي، فيمكن أن تُتيح الجمعية منصة متخصصة لتقديم الاستشارات للقطاعين العام والخاص في مجالات توظيف الذّكاء الاصطناعيّ، وتساعد المؤسسات على تصميم حلول ذكية تتناسب مع طبيعة أعمالها، بما يُسهم في رفع الكفاءة التشغيلية وتقليل التكاليف وتحسين جودة الخدمات.

تُشير تجارب عدد من الدول إلى أهمية إنشاء جمعيات وطنية تُعنى بالذّكاء الاصطناعيّ، لما لها من دور فاعل في دعم الابتكار وصناعة المستقبل. ففي الكويت، تأسست جمعية الذّكاء الاصطناعيّ للأشياء عام 2021، بهدف نشر ثقافة الذّكاء الاصطناعيّ وتعزيز التمكين الرقمي بما يتماشى مع رؤية الكويت 2035، وذلك من خلال برامج تدريبية وجهود توعوية ومشاريع بحثية. وتركز الجمعية على تطبيقات الذّكاء الاصطناعيّ وإنترنت الأشياء والأمن السيبراني. أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فتُعد جمعية النهوض بالذّكاء الاصطناعيّ (AAAI)، التي تأسست عام 1979 من أبرز الجهات العالمية في هذا المجال. وقد أسهمت في تطوير الأبحاث وبلورة السياسات وتنظيم المؤتمرات والتعامل مع القضايا الأخلاقية والاجتماعية للذّكاء الاصطناعيّ، من خلال مُبادرات متخصصة تجمع الباحثين والممارسين وتقدم دراسات أصبحت مرجعًا لصنّاع القرار. وفي الصين، تم تأسيس الجمعية الصينية للذّكاء الاصطناعيّ (CAAI) عام 1981، كأول جمعية وطنية من نوعها تحت إشراف وزارة العلوم والتكنولوجيا.

وتضطلع الجمعية بدور محوري في دعم البحث العلمي والتعليم وتعزيز الشراكة بين القطاعين الأكاديمي والصناعي. ومن أبرز أنشطتها: تنظيم المؤتمرات، وإصدار المجلات العلمية وتقديم الاستشارات الفنية للقطاع العام، بالإضافة إلى تنظيم المؤتمر السنوي الصيني للذّكاء الاصطناعيّ (CCAI)، الذي يُعد منصةً عالمية تجمع الباحثين والخبراء والمبتكرين من مختلف أنحاء العالم. يهدف المؤتمر إلى عرض أحدث ما توصلت إليه الأبحاث والتقنيات وتشجيع التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والصناعية والحكومية، إلى جانب مناقشة تحديات التقنيات الذكية مثل التعلم العميق والروبوتات وغيرها. ويأتي تنظيم هذا المؤتمر انسجامًا مع استراتيجية الصين الطموحة لتصبح رائدة عالميًا في مجال الذّكاء الاصطناعيّ بحلول عام 2030.

وتُشكل هذه التجارب الدولية نماذج مُلهمة يُمكن الاستفادة منها، حيث إنّ وجود جمعية متخصصة في الذّكاء الاصطناعيّ من شأنه أن يُعزز مكانة سلطنة عُمان في التقارير العالمية المعنية بالجاهزية الرقمية والابتكار والذّكاء الاصطناعيّ، كما يفتح آفاقًا واسعة للتعاون الدولي وتبادل الخبرات، بما يرسّخ حضور سلطنة عُمان كمركز معرفي واعد في المنطقة.

وعليه، فإن إنشاء جمعية تُعنى بالذّكاء الاصطناعيّ يُعد استثمارًا استراتيجيًا لمستقبل سلطنة عُمان، وركيزة أساسية لبناء مجتمع معرفي مبدع ومبتكر ومتفاعل، يستند إلى العلم والمعرفة والتقنيات الحديثة. ومن شأن هذه الجمعية أن تكون جسرًا نحو المستقبل، يربط بين الحاضر وتطلعات الغد، ويوحّد جهود الأفراد والمؤسسات نحو تنمية شاملة ومستدامة، تُسهم في رفع جودة الحياة وتعزيز الاقتصاد الوطني وتمكين الأجيال القادمة من أدوات المستقبل.

مقالات مشابهة

  • الوطنية لحقوق الإنسان تناقش أخلاقيات الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي والبطالة.. هل اقتربت الروبوتات من السيطرة على سوق العمل؟
  • ميتا: إنستغرام يستخدم الذكاء الاصطناعي لمنع القُصّر من الكذب بشأن أعمارهم
  • تحديث المناهج لتسريع تبنّي الذكاء الاصطناعي في التعليم
  • دبي تجمع قادة الابتكار في أسبوع الذكاء الاصطناعي
  • خارطة مجالات التعاون المصري الصيني تشمل الذكاء الاصطناعي والطاقة والصحة
  • الذكاء الاصطناعي يساعد المكفوفين على الحركة
  • جيني: سلاح الاحتلال الجديد في ميدان الذكاء الاصطناعي في غزة
  • الفن التشكيلي في زمن الذكاء الاصطناعي!
  • "جمعية الذكاء الاصطناعي العُمانية".. بوابة للإبداع والابتكار